الشاذلي بن جديد مكّن بن بلة من أداء مناسك الحج
الشاذلي بن جديد مكّن بن بلة من أداء مناسك الحجكل رؤساء الجزائر حجوا إلا بومدين الذي توفي في سن الـ 46ناصر
2012/10/20
تصوير: (ح/م)
بلغ تعداد حجاج بيت الله الحرام الجزائريين هذا العام 36 ألف حاجا، وهو رقم استقر منذ قرابة الخمس سنوات، وكان الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بعد أن أدى الفريضة رفقة حرمه في موسم الحج عام 1984 ونقل التلفزيون الجزائري تواجده في البقاع المقدسة وتأثره بالأجواء الإيمانية هو من قرّر رفع حصة الجزائر التي كانت في زمن بومدين دون العشرة آلاف، وهذا تزامنا مع البحبوحة المالية التي كانت تعيشها الجزائر والتي رفعت من عدد المستطيعين للحج سبيلا، حيث تضاعف الطلب وشغف الجزائريين لأداء مناسك الحج، وتمكن الرئيس الراحل من رفع حصة الجزائر إلى 25 الف حاج، وفي زمن الشاذلي في بداية ثمانينات القرن الماضي بدأ العمل بالقرعة في كل بلدية لأجل تعيين حجاج بيت الله الحرام وفي زمنه أيضا سنّ الجوازات الخاصة الممنوحة للوزارات والولايات، وكانت حصة الجزائر محترمة مقارنة بعدد سكان الجزائر في زمن الراحل بن جديد حيث بلغ التعداد السكاني أقل من 22 مليون نسمة.
هذه هي نظرة بومدين لحج المسؤولين؟
وإذا كان الشاذلي بن جديد كما قال شقيقه السيد خليفة في حوار خاص بالشروق تي في أن شقيقه أدى فريضة الحج مرة واحدة عندما كان رئيسا ولم يُعد الكرّة بعد انسحابه من الحكم لمدة عشرين عاما قبل رحيله منذ أيام، فإن الرئيس الثاني في تاريخ الجزائر المستقلة الراحل بومدين لم يتمكن من زيارة بيت الله الحرام، لأنه توفي في عنفوان الشباب وهو في سن 46 سنة فقط، وكنا قد سألنا في مناسبة سابقة السيد محيي الدين عميمور أحد المقربين من الراحل عن هذه القضية فعاد بنا إلى عام 1978 عندما كان رفقة الراحل في المملكة العربية السعودية رفقة وفد رفيع المستوى، وكان مدير التشريفات آنذاك رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش فتقدم الأخير رفقة محيي الدين عميمور من الرئيس الراحل واقترحوا عليه الاستفادة من التواجد على تخوم الأراضي المقدسة لأجل أداء مناسك الحج، خاصة أن السلطات السعودية قدمت لهم آنذاك تسهيلات ولم يكن يفصل مساحة مكان إقامة بومدين والوفد المرافق له إلا 80 كلم عن أرض الوحي، ولكن جواب بومدين هزّ الوفد ومقترحي أداء العمرة، عندما زجر الجميع وقال لهم أن الذي يفكر في أداء مناسك العمرة أو الحج عليه بالاعتماد على نفسه وليس على أموال الدولة الجزائرية.
وعندما نعلم أيضا أن علاقة الراحل بومدين مع ملوك السعودية شابها على الدوام التوتر يمكننا فهم رد الراحل الذي لم يكن مستعدا لتقبل هدية من الملك أو من الأمير، وكان يرى أن الحج يتم بمال الحاج الخاص، ويروي السيد محمد الصالح شيروف الذي مازال على قيد الحياة وهو رفيق بومدين في سفرية القاهرة نحو الأزهر الشريف مشيا على الأقدام عبر تونس وصحراء ليبيا ومصر أن الرئيس وكان طفلا صغيرا قال له لو طال بي العمر سأحج مشيا على الأقدام .. ولكن؟
أما الرئيس الراحل أحمد بن بلة فقد روى بنفسه سفريته الأولى والأخيرة لأداء مناسك الحج والتي اتبعها بعد ذلك بعدة عمرات، عندما منحه الشاذلي بن جديد عام 1982 حريته كاملة فكان أول اختيار له هو أداء مناسك الحج، ومن البقاع المقدسة طار إلى منفاه الاختياري في سويسرا
وساعد كل رؤساء الجزائر من دون استثناء الكثير من رجالات الجزائر لأداء مناسك الحج، فكان بومدين يرسل معلميه ومنهم الشيخ الطيب الذي درّسه في جامع الكتانية بقسنطينة لأداء مناسك الحج، كما ساعد الرئيس بوتفليقة العديد من الفنانين والفنانات ولاعبي الكرة ومنهم فريق جبهة التحرير الوطني وحتى الزهوانية لأداء مناسك الحج، ومنهم من سار بعد ذلك على الطريق السوي، وحتى اليمين زروال ادى مناسك الحج ولكن بعد خروجه الاختياري من الحكم، كما أدى الفريضة رئيس المجلس الاعلى للدولة السيد علي كافي والرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، الذي بلغ تعداد الحجاج في عهدته 36 ألف حاج يضافون إلى رقم ربع مليون أدوا مناسك العمرة خلال العام الحالي 2012.
.
بن باديس استقدم مصحفا من الحج عام 1913 وتسلمه بوتفليقة عام 1999
كانت أول سفرية عملية للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة بعد أن قاد الجزائر عام 1999 هي قسنطينة، حيث كان ضمن مستقبليه شقيق الشيخ بن باديس الأستاذ عبد الحق بن باديس البالغ من العمر حاليا أزيد عن 92 سنة، والذي سلم للرئيس مصحفا غاليا كان آخر ما تبقى من ذكريات الحج من شقيقه العلامة عبد الحميد بن باديس الذي أدى الفريضة عام 1913 أي أن المصحف بقي في بيت العائلة مدة 86 عاما، وأدى بن باديس الذي مات صغيرا الحج وعمره 24 عاما ومع ذلك مكث عدة أشهر في الحجاز وألقى درسا في الحرم الشريف أبان فيه عن مواهبه الفكرية، وعرّج في سفريته على مدينة حلوان في مصر للقاء أستاذه الأول حمدان لونيس، والمصحف الذي استقدمه من الحجاز هو الذي جعله يباشر وهو في سن الرابعة والعشرين تفسير القرآن الكريم الذي ختمه تفسيرا راقيا في مدة جاوزت العشرين عاما.
وكل رجالات جمعية العلماء المسلمين أدوا الفريضة وكان الحج بالنسبة إليهم جميعا أداء الفريضة الدينية ونهل العلم والمشاركة أيضا في التعليم في قلب بلاد الحرمين كما فعل البشير الإبراهيمي ومبارك الميلي، وهناك من بقي في الحجاز وتواصل النهل والسفر إلى الحجاز إلى غاية الشيخ أبي بكر الجزائري الذي برغم ثقل السنوات مازال لحد الآن أحد أكبر علماء الأمة المحترمين والمسموع كلامه ونصيحته من جميع المسلمين، وأيضا الفضيل الورتلاني الذي حوّل حجه إلى سفرية علم وتعارف مع الكثير من علماء العالم الاسلامي، أما السفرية الأكثر إثارة فهي بالتأكيد حجة الأمير عبد القادر التي كانت من مدينته معسكر إلى المدينة المنورة مشيا على الأقدام ودامت بين الذهاب والإياب والإقامة في البقاع المقدسة قرابة الستة أشهر كاملة محفوفة بالتحدي وأيضا بالإيمان والبطولة، في زمن كانت الباخرة هي الوسيلة الوحيدة لأداء الفريضة وكان زمن البقاء في البقاع المقدسة لا يقل عن الشهرين في العهد الاستعماري، وسفرية حج الامير عبد القادر حدثت في عام 1829، ولأن الأمير عبدالقادر حفظ القرآن الكريم وعمره سبع سنوات، فإنه ختمه قراءة في ذهابه مرة وفي إقامته بالحجاز مرة، ومرة ثالثة في سفرية العودة مشيا على الاقدام أيضا، وعاد للحج بعد استلامه وإقامته في الشام في آخر عمره.
ويشاع أن الجزائريين هم من سنّوا لقب الحاج لكل من يؤدي الفريضة، وفي ألقاب الجزائريين وحتى في أسمائهم الكثير من كلمة الحاج، وحتى في العهد العثماني كان يُطلق على البايات والدايات بمجرد زيارتهم للبقاع المقدسة إسم الحاج هنا في الجزائر وليس في تركيا، مثل الحاج أحمد باي، وبقي الحج فريضة يعشقها الجزائريون وهي أمنية الجميع من دون استثناء، فالمطرب العنقى حاج والفر?اني حاج وال?روابي حاج وأحمد وهبي حاج ورشيد مخلوفي حاج ورابح سعدان حاج، وحتى اللاعب بلومي الذي كان مطاردا من الأنتربول بسبب متابعته من القضاء المصري على خلفية اعتداء على طبيب مصري عام 1989 بالقاهرة بمجرد أن سقطت الأحكام عنه حتى سافر لأداء فريضة الحج، وحج مبرور لمن هم في البقاع المقدسة والاستطاعة المادية والصحية لمن مازالوا في الانتظار.
2012/10/20
تصوير: (ح/م)
بلغ تعداد حجاج بيت الله الحرام الجزائريين هذا العام 36 ألف حاجا، وهو رقم استقر منذ قرابة الخمس سنوات، وكان الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد بعد أن أدى الفريضة رفقة حرمه في موسم الحج عام 1984 ونقل التلفزيون الجزائري تواجده في البقاع المقدسة وتأثره بالأجواء الإيمانية هو من قرّر رفع حصة الجزائر التي كانت في زمن بومدين دون العشرة آلاف، وهذا تزامنا مع البحبوحة المالية التي كانت تعيشها الجزائر والتي رفعت من عدد المستطيعين للحج سبيلا، حيث تضاعف الطلب وشغف الجزائريين لأداء مناسك الحج، وتمكن الرئيس الراحل من رفع حصة الجزائر إلى 25 الف حاج، وفي زمن الشاذلي في بداية ثمانينات القرن الماضي بدأ العمل بالقرعة في كل بلدية لأجل تعيين حجاج بيت الله الحرام وفي زمنه أيضا سنّ الجوازات الخاصة الممنوحة للوزارات والولايات، وكانت حصة الجزائر محترمة مقارنة بعدد سكان الجزائر في زمن الراحل بن جديد حيث بلغ التعداد السكاني أقل من 22 مليون نسمة.
هذه هي نظرة بومدين لحج المسؤولين؟
وإذا كان الشاذلي بن جديد كما قال شقيقه السيد خليفة في حوار خاص بالشروق تي في أن شقيقه أدى فريضة الحج مرة واحدة عندما كان رئيسا ولم يُعد الكرّة بعد انسحابه من الحكم لمدة عشرين عاما قبل رحيله منذ أيام، فإن الرئيس الثاني في تاريخ الجزائر المستقلة الراحل بومدين لم يتمكن من زيارة بيت الله الحرام، لأنه توفي في عنفوان الشباب وهو في سن 46 سنة فقط، وكنا قد سألنا في مناسبة سابقة السيد محيي الدين عميمور أحد المقربين من الراحل عن هذه القضية فعاد بنا إلى عام 1978 عندما كان رفقة الراحل في المملكة العربية السعودية رفقة وفد رفيع المستوى، وكان مدير التشريفات آنذاك رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش فتقدم الأخير رفقة محيي الدين عميمور من الرئيس الراحل واقترحوا عليه الاستفادة من التواجد على تخوم الأراضي المقدسة لأجل أداء مناسك الحج، خاصة أن السلطات السعودية قدمت لهم آنذاك تسهيلات ولم يكن يفصل مساحة مكان إقامة بومدين والوفد المرافق له إلا 80 كلم عن أرض الوحي، ولكن جواب بومدين هزّ الوفد ومقترحي أداء العمرة، عندما زجر الجميع وقال لهم أن الذي يفكر في أداء مناسك العمرة أو الحج عليه بالاعتماد على نفسه وليس على أموال الدولة الجزائرية.
وعندما نعلم أيضا أن علاقة الراحل بومدين مع ملوك السعودية شابها على الدوام التوتر يمكننا فهم رد الراحل الذي لم يكن مستعدا لتقبل هدية من الملك أو من الأمير، وكان يرى أن الحج يتم بمال الحاج الخاص، ويروي السيد محمد الصالح شيروف الذي مازال على قيد الحياة وهو رفيق بومدين في سفرية القاهرة نحو الأزهر الشريف مشيا على الأقدام عبر تونس وصحراء ليبيا ومصر أن الرئيس وكان طفلا صغيرا قال له لو طال بي العمر سأحج مشيا على الأقدام .. ولكن؟
أما الرئيس الراحل أحمد بن بلة فقد روى بنفسه سفريته الأولى والأخيرة لأداء مناسك الحج والتي اتبعها بعد ذلك بعدة عمرات، عندما منحه الشاذلي بن جديد عام 1982 حريته كاملة فكان أول اختيار له هو أداء مناسك الحج، ومن البقاع المقدسة طار إلى منفاه الاختياري في سويسرا
وساعد كل رؤساء الجزائر من دون استثناء الكثير من رجالات الجزائر لأداء مناسك الحج، فكان بومدين يرسل معلميه ومنهم الشيخ الطيب الذي درّسه في جامع الكتانية بقسنطينة لأداء مناسك الحج، كما ساعد الرئيس بوتفليقة العديد من الفنانين والفنانات ولاعبي الكرة ومنهم فريق جبهة التحرير الوطني وحتى الزهوانية لأداء مناسك الحج، ومنهم من سار بعد ذلك على الطريق السوي، وحتى اليمين زروال ادى مناسك الحج ولكن بعد خروجه الاختياري من الحكم، كما أدى الفريضة رئيس المجلس الاعلى للدولة السيد علي كافي والرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، الذي بلغ تعداد الحجاج في عهدته 36 ألف حاج يضافون إلى رقم ربع مليون أدوا مناسك العمرة خلال العام الحالي 2012.
.
بن باديس استقدم مصحفا من الحج عام 1913 وتسلمه بوتفليقة عام 1999
كانت أول سفرية عملية للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة بعد أن قاد الجزائر عام 1999 هي قسنطينة، حيث كان ضمن مستقبليه شقيق الشيخ بن باديس الأستاذ عبد الحق بن باديس البالغ من العمر حاليا أزيد عن 92 سنة، والذي سلم للرئيس مصحفا غاليا كان آخر ما تبقى من ذكريات الحج من شقيقه العلامة عبد الحميد بن باديس الذي أدى الفريضة عام 1913 أي أن المصحف بقي في بيت العائلة مدة 86 عاما، وأدى بن باديس الذي مات صغيرا الحج وعمره 24 عاما ومع ذلك مكث عدة أشهر في الحجاز وألقى درسا في الحرم الشريف أبان فيه عن مواهبه الفكرية، وعرّج في سفريته على مدينة حلوان في مصر للقاء أستاذه الأول حمدان لونيس، والمصحف الذي استقدمه من الحجاز هو الذي جعله يباشر وهو في سن الرابعة والعشرين تفسير القرآن الكريم الذي ختمه تفسيرا راقيا في مدة جاوزت العشرين عاما.
وكل رجالات جمعية العلماء المسلمين أدوا الفريضة وكان الحج بالنسبة إليهم جميعا أداء الفريضة الدينية ونهل العلم والمشاركة أيضا في التعليم في قلب بلاد الحرمين كما فعل البشير الإبراهيمي ومبارك الميلي، وهناك من بقي في الحجاز وتواصل النهل والسفر إلى الحجاز إلى غاية الشيخ أبي بكر الجزائري الذي برغم ثقل السنوات مازال لحد الآن أحد أكبر علماء الأمة المحترمين والمسموع كلامه ونصيحته من جميع المسلمين، وأيضا الفضيل الورتلاني الذي حوّل حجه إلى سفرية علم وتعارف مع الكثير من علماء العالم الاسلامي، أما السفرية الأكثر إثارة فهي بالتأكيد حجة الأمير عبد القادر التي كانت من مدينته معسكر إلى المدينة المنورة مشيا على الأقدام ودامت بين الذهاب والإياب والإقامة في البقاع المقدسة قرابة الستة أشهر كاملة محفوفة بالتحدي وأيضا بالإيمان والبطولة، في زمن كانت الباخرة هي الوسيلة الوحيدة لأداء الفريضة وكان زمن البقاء في البقاع المقدسة لا يقل عن الشهرين في العهد الاستعماري، وسفرية حج الامير عبد القادر حدثت في عام 1829، ولأن الأمير عبدالقادر حفظ القرآن الكريم وعمره سبع سنوات، فإنه ختمه قراءة في ذهابه مرة وفي إقامته بالحجاز مرة، ومرة ثالثة في سفرية العودة مشيا على الاقدام أيضا، وعاد للحج بعد استلامه وإقامته في الشام في آخر عمره.
ويشاع أن الجزائريين هم من سنّوا لقب الحاج لكل من يؤدي الفريضة، وفي ألقاب الجزائريين وحتى في أسمائهم الكثير من كلمة الحاج، وحتى في العهد العثماني كان يُطلق على البايات والدايات بمجرد زيارتهم للبقاع المقدسة إسم الحاج هنا في الجزائر وليس في تركيا، مثل الحاج أحمد باي، وبقي الحج فريضة يعشقها الجزائريون وهي أمنية الجميع من دون استثناء، فالمطرب العنقى حاج والفر?اني حاج وال?روابي حاج وأحمد وهبي حاج ورشيد مخلوفي حاج ورابح سعدان حاج، وحتى اللاعب بلومي الذي كان مطاردا من الأنتربول بسبب متابعته من القضاء المصري على خلفية اعتداء على طبيب مصري عام 1989 بالقاهرة بمجرد أن سقطت الأحكام عنه حتى سافر لأداء فريضة الحج، وحج مبرور لمن هم في البقاع المقدسة والاستطاعة المادية والصحية لمن مازالوا في الانتظار.