واحر قلباه للمتنبي
واحر قلباه
لأبي الطيب المتنبي
في مدح سيف الدولة الحمداني
واستدرار عطفه
............
واحـر قلــــباه ممــن قلبــه شبــم * ومن بجسمـي وحـالي عنده سقـم
مـــا لـي أكتم حبا قد برى جسدي * وتدعي حب سيف الدولة الأمم
إن كــــان يجمعــنا حب لغرتــه * فليت أنا بقدر الحــــب نقتســـم
قد زرته و سيوف الهند مغمـــدة * وقد نظرت إليه و السيـوف دم
فكان أحسن خلــــق الله كلهـــم * وكـان أحسن ما في الأحسن الشيم
فوت العــدو الذي يممـــته ظفر * في طــيه أسف في طـــيه نعــــم
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت * لك المهابــــــة ما لا تصنع البهم
ألزمت نفسك شيــــئا ليس يلزمها *أن لا يواريـهم بحر و لا علم
أكلــما رمت جــيشا فانثنى هربا * تصرفت بك في آثاره الهمــم
عليك هــــزمهم في كل معتـرك * و ما عليــك بهم عار إذا انهزموا
أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر* تصافحت فيه بيض الهند و اللمم
يا أعدل الناس إلا في معــاملتي * فيك الخصام و أنت الخصم والحكم
أعيذها نظـــرات منك صائبة * أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع أخي الدنيا بناظـــره *إذا استـــوت عنده الأنوار و الظلم
سيعلـم الجمع ممن ضم مجلسنا * بأننــي خير من تسعى به قـــــدم
أنا الذي نظر العمى إلى أدبــي * و أسمعـت كلماتي من به صمــم
الخيل والليل والبيــداء تعرفنــــي * والسيف والرمح والقرطاس و القلم
أنام ملء جفوني عن شواردها * ويسهر الخلق جراها و يختصم
و جـــاهل مده في جهله ضحكي * حتى أتتــــه يــد فراســة و فم
إذا رأيـــت نيوب الليــث بارزة * فلا تظنـــن أن الليــث يبتســم
و مهجـة مهجتي من هم صاحبها * أدركتـــه بجواد ظهره حـــرم
رجلاه في الركض رجل و اليدان يد * وفعلـــه ما تريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفليـــن به * حتى ضربت و موج الموت يلتطم
صحبـت في الفلوات الوحش منفردا *حتى تعجـــب مني الغور و الأكــم
يــــا من يعز عليـــنا أن نفارقهـــم * وجداننـا كل شيء بعدكم عــدم
مــا كان أخلقــنا منكم بتكـــرمة * لـو أن أمــركم من أمرنـا أمــم
إن كــان سركـم ما قال حاسدنا * فما لجـــرح إذا أرضاكـــم ألــم
و بينــنا لو رعيتم ذاك معرفــة * عن المعـارف في أهل النهـى ذمم