الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في ذمة الله عن عمر يناهز 83 سنة
وفي بالمستشفى العسكري بعد أزمة قلبية
حداد.. و"جنازة رئاسية" للشاذلي بن جديد
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 21:00)
تصوير: (ح/م)
مسيرة مميزة ورصيد حافل لموقّع شهادة ميلاد التعددية والديمقراطية
توفي أمس، رئيس الجمهورية الأسبق، الشاذلي بن جديد، بمستشفى عين النعجة العسكري، عن عُمر يُناهز الـ83 سنة، بعد صراع مع المرض، بعدما أدخله قبل أيام في غيبوبة عميقة، إثر أزمة قلبية مفاجئة، استدعت نقله على جناح السرعة إلى المستشفى حيث وُضع تحت العناية المركزة.
وأعلن بيان لرئاسة الجزائرية الحداد لمدة ثمانية أيام على روح الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد عبر كامل التراب الوطني وأضاف "من أجل السماح للمواطنين والأجهزة المشتركة للدولة بإلقاء النظرة الأخيرة على روح الفقيد تقرر تسجية جثمانه بقصر الشعب بالعاصمة الجزائر الأحد".
كما قررت رئيس الجمهورية إقامة جنازة رسمية للرئيس السابق يوم الاثنين على أن يوارى الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة.
ونـُقل مساء أمس، جثمان الراحل من المستشفى العسكري، إلى بيته العائلي ببوارسو في الجزائر العاصمة، حيث توافد مسؤولون ومجاهدون ودبلوماسيون وسفراء أجانب، إلى جانب أصدقاء الفقيد ومواطنون بسطاء، على بيت الرئيس الأسبق لتقديم العزاء ومواساة أفراد عائلته الصغيرة .
وتقرّر إعلان الحداد، فيما ستشيّع مراسيم جنازة ثالث رئيس للجزائر، بمقبرة العالية، في جنازة رئاسية، سيحضرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكبار المسؤولين في الدولة، وكذا شخصيات وطنية رافقت الراحل بن جديد وعملت معه سواء كمسؤول عسكري أو رئيس للدولة .
ويُرتقب السماح للمواطنين بإلقاء النظرة الأخيرة على ثالث رئيس للجزائر المستقلة، بقصر الشعب، حيث سيتلقى أيضا التحية العسكرية، قبل إتمام مراسيم التشييع.
كما يُنتظر حضور مراسيم التشييع، رؤساء دول وحكومات أجنبية، وشخصيات دولية ثقيلة، كانت لها علاقات صداقة واحترام وتواصل مع الفقيد بن جديد، الذي يشهد له محيطه أنه نجح في ربط شبكة علاقات دولية متميزة.
ويشاء القضاء والقدر، أن تتزامن وفاة الرئيس بن جديد، مع الذكرى الـ 24 لأحداث الخامس أكتوبر 88، وقبل بضعة أيام من عرض مذكرات بن جديد، الذي فضل إرجاء نشرها إلى الذكرى الـ 58 للثورة التحريرية، المصادف للفاتح نوفمبر القادم. كما تشاء مشيئة الله، أن ينتقل الرئيس بن جديد إلى جوار ربّه، بعد سبعة أشهر عن وفاة الرئيس السابق للجزائر، الراحل أحمد بن بلة، الذي حظي بجنازة رئاسية، كـُتب للشاذلي أن يحضرها بمربّع الشهداء.
وفاة الرئيس بن جديد، جاءت "مباغتة" حتى وإن أشارت بعض المعلومات أنه كان يقاوم أمراض البروستات والكلى، إلاّ أنه ظهر في صحة جيّدة، عند حضوره جنازة بن بلة، بعدما لم يفوّت حضوره بروتوكولات تخليد احتفالات عيدي الثورة والاستقلال، إلى جانب بوتفليقة وكافي وبن بلة، في تقليد جديد، اعتبره المتابعون ردّ اعتبار من بوتفليقة لسابقيه من الرؤساء.
بن جديد الذي خلف هواري بومدين، زميله في مجلس الثورة، خلال الفترة الممتدة ما بين 1979 و1992، تولى حقيبة وزير الدفاع من نوفمبر 1978 إلى فيفري 1979، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، خلفا للرئيس الراحل هواري بومدين.. ولد الراحل الشاذلي بن جديد في الفاتح جويلية 1929 بقرية السباع ببلدية بوثلجة التابعة لولاية الطارف، انخرط سنة 1954 في جبهة التحرير الوطني قبل أن يلتحق سنة بعد ذلك بجيش التحرير الوطني بالولاية الثانية بمنطقة قسنطينة.
في 1956 أصبح الراحل قائدا في ناحيته، وبعدها نائب قائد منطقة سنة 1957 وقائد منطقة برتبة نقيب سنة 1958، كما انتقل لفترة وجيزة إلى القيادة العملياتية لمنطقة الشمال سنة 1961، ليعين عاما بعد ذلك قائدا للناحية العسكرية الخامسة في قسنطينة برتبة رائد. وفي سنة 1963 أوكلت لبن جديد مهمة الإشراف على انسحاب القوات الفرنسية من تلك المنطقة قبل أن يتولى قيادة الناحية العسكرية الثانية بمنطقة وهران في 4 جوان 1964.
الرئيس الراحل كان عضوا في مجلس الثورة في 19 جوان 1965 بعد الإطاحة بالرئيس الراحل أحمد بن بلة، في ما سمّي بـ"التصحيح الثوري"، كما تولى في فيفري 1968 الإشراف عن انسحاب القوات الفرنسية من منطقة وهران، سيما عملية الجلاء من مرسى الكبير لتتم ترقيته سنة بعد ذلك إلى رتبة عقيد، قبل أن يكلفه مجلس الثورة سنة 1978 خلال فترة مرض الراحل هواري بومدين بتولي تنسيق شؤون الدفاع الوطني.
تم تعيينه في جانفي 1979 أمينا عاما لجبهة التحرير الوطني، بعد المؤتمر الرابع، ثم مرشحا للانتخابات الرئاسية ليتم انتخابه رئيسا للجمهورية في 7 فيفري 1979 مع توليه منصب وزير الدفاع الوطني إلى غاية جويلية 1990، وهو التاريخ الذي تولى فيه هذا المنصب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي العميد خالد نزار.
حصل بن جديد، على تجديد الثقة في منصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني في ديسمبر 1983، ليتم اختياره كمرشح لرئاسة الجمهورية من قبل المؤتمر الخامس للأفلان لعهدة ثانية، وأعيد انتخابه كرئيس للجمهورية مرتين متتاليتين سنتي 1984 و1988 وسمّي بن جديد بمهندس إنشاء اتحاد المغرب العربي، بعد لقاء جرى في زرالدة سنة 1989 بين قادة بلدان المغرب العربي.
غداة أحداث أكتوبر 1988 أعلن الراحل الشاذلي عن إصلاحات سياسية بينها مراجعة الدستور الذي كرس التعددية الحزبية ابتداء من فيفري 1989، في ظل إخضاع جبهة التحرير إلى "تصحيح" أفضى إلى إنهاء مهام الفقيد شريف مساعدية، واستخلافه بالراحل بعبد الحميد مهري.
وفي جوان 1991 أعلن حالة الطوارئ في كامل التراب الوطني، وقرر تأجيل الانتخابات التشريعية ليوم 27 جوان من نفس السنة، إلى 26 ديسمبر، وفي 4 جانفي 1992 وقـّع قرار حلّ المجلس الشعبي الوطني الذي كان يرأسه أنذاك عبد العزيز بلخادم.
رحيل الرئيس بن جديد، يأتي في ظرف دولي وإقليمي ووطني حسّاس ومميّز، من بين مؤشراته الحراك الحاصل بشأن "الإصلاحات السياسية" في البلاد والتحضير لتعديل الدستور، بعدما حـُسب للشاذلي توقيع شهادة ميلاد التعددية فسمّاه البعض بـ"أبو الديمقراطية"، بعدما عدّل دستور 1989 وباشر إصلاحات أعقبت "ثورة" أكتوبر 88، قبل أن يرمي المنشفة ويُغادر قصر المرادية، في 11 جانفي 1992، مباشرة عقب توقيف المسار الانتخابي.
الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في ذمة الله عن عمر يناهز 83 سنةالشروق أونلاين
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 18:55)
توفي بعد ظهر السبت الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد بمستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة عن عمر يناهز الـ 83 سنة بعد صراع طويل مع المرض حسب مصادر مقربة من العائلة.
وواجه الشاذلي بن جديد متاعب صحية تتعلق بأمراض الكلى والبروستات حيث تم نقله منذ أسبوع إلى المستشفى العسكري بعين النعجة إثر تدهور مفاجىء لصحته.
وتشاء الأقدار أن يتقاطع دخول ثالث رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، في غيبوبة وُصفت بالعميقة، مع الذكرى الـ24 لأحداث الخامس أكتوبر 1988، وقبل شهر تقريبا من اصدار مذكرات بن جديد الذي فضل الإفراج عنها في الفاتح نوفمبر المقبل المصادف للذكرى الـ 58 لعيد الثورة التحريرية.
تولى العقيد بن جديد، حقيبة وزير الدفاع من نوفمبر 1978 إلى غاية فيفري 1979، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، خلفا للرئيس هواري بومدين
ولد في بلدة السبعة بولاية الطارف حاليا في 14 ابريل 1929، وفي شبابه اشتغل في شركة "طابا كوب" المتخصصة في صناعة التبغ، قبل أن يلتحق بداية العام 1955 بالثورة التحريرية مباشرة ولم يكن قبلها يوما جنديا في الجيش الفرنسي بأية صفة كانت.
وخلال مشاركته في الثورة التحريرية المباركة تم تعيين الرجل مسؤول ناحية بالقاعدة الشرقية، ثم نائبا لمنطقة العمليات الشمالية، ومباشرة بعد إعلان استقلال البلاد في جويلية 1962 كان أول ضابط بالقاعدة الشرقية يدخل إلى التراب الوطني للقيام بتحضير دخول جيش الحدود، ليتم بعد ذلك تعيينه قائدا للناحية العسكرية السادسة، قبل أن تتحول إلى الناحية العسكرية الخامسة ومقرها قسنطينة حاليا، أين أشرف مباشرة على إجلاء الجيش الفرنسي من مناطق الشمال القسنطيني. وفي العام 1964 تم تعيين الشاذلي بن جديد قائدا للناحية العسكرية الثانية بوهران، أين أشرف وبشكل فاعل في انقلاب 19 جوان 1965، ثم أشرف مباشرة على إجهاض انقلاب العقيد الطاهر الزبيري سنة 1967، وفي سنة 1968 قام بالإشراف مباشرة على إجلاء القوات الفرنسية من قاعدة مرسى الكبير البحرية.
الشاذلي فتح ذراعيه لأكبر علماء المسلمين واحتضن ميلاد فلسطين
الرئيس "المظلوم" يرحل في ذكرى أكتوبر مخلّفا وراءه رصيدا شعبيا كبيرا!قادة بن عمار
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:58)
تصوير: (ح/م)
سيتذكر الجزائريون عن الشاذلي بن جديد، أنه الرئيس الإنسان الذي تسلّم مقاليد السلطة، ليضعها "عارية تماما أمام الشعب"، بعيدا عن النظرة الأبوية، رهينة صورة الزعيم "الموسطاش" أو الأب الذي لا يجوز الخروج عن طاعته، مثلما كانت مرحلة سلفه الزعيم هواري بومدين.
الشاذلي لم يخرج من عباءة بومدين، وحرص تماما على أن لا يبقى أسيرا لجلبابه، فعمل كل ما بوسعه من أجل مضاعفة رصيده الشعبي، وذلك من خلال جملة من المواقف العروبية والقومية التي ساهمت في نشر الدعاية لزعامته "حتى وإن لم يخطط لها أو لم يكن حريصا عليها بالشكل التام والمقصود، مثلما يقول عدد من المقربين منه"..
وفي هذا الصدد، لا يزال عدد كبير من الجزائريين والعرب، يذكرون ياسر عرفات وهو يقف رافعا صوته معلنا قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، حينها، كان الواقفون في الصفوف الأمامية، قامات سياسية وأدبية وإنسانية رفيعة، أبرزهم محمود درويش، وخلف الكواليس جلس الرئيس الشاذلي الذي احتضن الفكرة في الوقت الذي كانت فيه عدة عواصم عربية تتسابق للتفاوض والتصالح مع الكيان الصهيوني سرا وعلانية.
مرحلة الشاذلي اتّسمت أيضا بعقد سلسلة من ملتقيات الفكر الإسلامي التي جعلت أبرز الدعاة يتجولون بين مدن الجزائر شرقا وغربا، دون حواجز ولا موانع، وحينها وبعد اندلاع أحداث أكتوبر، قيل ضمن ما قيل أن المؤامرة بدأت ضدّ نظام الشاذلي الذي فتح ذراعيه للفكر الإسلامي، باعثا البعد القومي العروبي مرة أخرى في الأمة، وذلك في حد ذاته كان أمرا مقلقا لفرنسا وحزبها في الجزائر!
لم يعرف الجزائريون تفاصيل حياة رئيس من رؤسائهم مثلما عرفوا أدق التفاصيل عن الشاذلي، أفراد عائلته، حبّه لرياضة التنس والسباحة، ميله لأرستقراطية سياسية من نوع خاص لم تتصادم مع بساطته في التعامل مع الناس. كان يريد عدالة اجتماعية غير تلك التي يستعملها البعض للتعمية على حقوق الناس في الديمقراطية والحرية وفسح المجال للتغيير.. لتأتي حرب الخليج، والعدوان الدولي على العراق، بمثابة شهادة "حسن أداءٍ سياسي" بالنسبة للجزائر، والشاذلي بن جديد تحديدا، فالرجل رفض الانضمام لما سمّي آنذاك بالتحالف الدولي، واصطف مع "محور الممانعة"، وهنا يورد أحد المقربين منه أن ذلك كان سببا في منع نزول طائرة الرئيس الشاذلي في أكثر من مطار عربي ودولي وقتها، قبل أن يتم فرض الحصار غير المعلن على الجزائر التي دفعت ثمنا باهظا لمواقفها، ويُحسب للشاذلي اليوم أنه كان الرئيس الذي عرف "الربيع العربي" حتى ولو في عزّ "خريف الغضب" ذات أكتوبر 88، وهي المرحلة السياسية الخطيرة التي أكدت الظلم الشديد الذي تعرض له الشاذلي من طرف الذين وقف إلى جانبهم في سبيل فتح التعددية السياسية، على غرار رموز الفيس المحظور، الذين جعلوا من الشاذلي خصما أساسيا حين كتبوا على لافتاتهم "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس".. ومن المفارقات أن الرئيس استقال، أو دُفع للاستقالة، رافضا وقف المسار الانتخابي في حينها، ثم رحل في ذكرى أحداث الخامس أكتوبر، بعد 24 سنة، مضت وكأنها وقعت بالأمس فقط!
************
بكى في حضرة الرئيس بن جديدالشيخ الغزالي: الشاذلي فارس من فرسان الإسلامناصر
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:59)
الإمام الراحل الشيخ محمد الغزالي تصوير: (ح/م)
قال إنه كان ينوي استرجاع ملتقيات الفكر الإسلامي بكل علماء المسلمين فرض فيلم الرسالة على دور السينما وجعل الجامعة الإسلامية حقيقة
يسقط اسم الراحل الشاذلي بن جديد من قائمة أسماء الزعماء العرب، الذين سجنوا وعذبوا وأغلقوا الأبواب في وجه العلماء، وحتى الصحوة الإسلامية في الجزائر بدأت في عهده، بعد رحيل هواري بومدين في 27 ديسمبر عام 1978، وبمجرد أن أمسك بمقاليد الحكم في التاسع من فيفري 1979، حتى أحس كل الإسلاميين بالاطمئنان. وبدأ ضيوف الجزائر من كبار العلماء يدخلونها تباعا ويحاضرون فيها، وحتى عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران، وكان الكثير من المسلمين مستبشرين بها، وقف الشاذلي بن جديد إلى جانبها وأرسل المرحوم الشيخ أحمد حماني إلى طهران، حيث التقى بالإمام آية الله الخميني، وطمأنه بأن الجزائر ستكون مع أي نهضة إسلامية، قبل أن تتغير الأمور بعد ذلك، وتأخذ منحنيات أخرى.
ولكن العلاقة الأكثر بروزا هي علاقة الشاذلي بن جديد بالشيخ المرحوم، محمد الغزالي، الذي عاش في قسنطينة قرابة الست سنوات مديرا شرفيا ومدرسا في معهد الشريعة، وكان كلما يلتقي بالشاذلي بن جديد يثني عليه، وأغضب مرة في محاضرة في الجامعة الاسلامية الأمير عبد القادر أحد الطلبة الذي ثار في وجهه، وقال له بغضب .. "إنك تتحدث كثيرا عن الشاذلي وكأنه صحابي جليل"، ونقل التلفزيون الجزائري عام 1984 صورة الشيخ الغزالي وهو يذرف الدموع في حضرة الرئيس الجزائري الأسبق، وهو الذي من النادر أن يذرف الدموع، ورد ذلك إلى تأثره بشهامة وأخلاق الشاذلي بن جديد، وسماه مرة بفارس الإسلام، وهي التسمية التي أغضبت بعض الإسلاميين في الجزائر وفي مصر، وكان للشاذلي بن جديد الفضل الأكبر في إتمام بناء الجامعة الإسلامية التي تم تسليمها في وقتها .
كما ظل يصر على أنها أزهر الجزائر والمغرب العربي، وأرسل إعلانا للبحث عن كبار العلماء للتدريس فيها في كبريات المجلات العربية، مثل المستقبل والوطن العربي وكل العرب، وتشرفت الجامعة بمرور الكثير من كبار العلماء ومنهم القرضاوي والبوطي.
وعندما سأله الشيخ الغزالي مرة عن سبب اختفاء ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تقام في العهد البومدييني، أخطره بأنه قرر إرجاعها، ولكن بشكل فكري أقوى وتجمع كل العلماء دون إقصاء، ولكن الفتنة التي هزت العالم الإسلامي في الكثير من الدول، وانسحاب الشاذلي أو سحب البساط من تحت أقدامه بخرت المشروع نهائيا، وعلى مدار 12 سنة و11 شهرا ويومين، قاد فيهما الشاذلي بن جديد الجزائر، لم يُتهم أبدا بمعاداته لعلماء الإسلام، فأدى الحج ونقلت الصحف ومنها المجاهد والشعب سفريته إلى البقاع المقدسة، ورفع من كوطة الجزائريين في الحج والتي لم تعرف بعده صعودا مهما.
كما منح بعد التغييرات السياسية عقب أحداث أكتوبر 1988 الضوء الأخضر للكثير من الأحزاب الإسلامية، وفي عالم الفن قام الشاذلي بن جديد بتوجيه دعوة للمغني الإنجليزي الشهير الذي اعتنق الإسلام، كات ستيفنس، الذي أمضى قرابة الشهر من مدينة جزائرية إلى أخرى يحاضر ويقدم تجاربه، وعندما تم توزيع فيلم الرسالة عالميا في أواخر السبيعنات من القرن الماضي، أمر الشاذلي بشراء الفيلم وتوزيعه على كل دور السنما، وتغيّر حالة قاعات السينما في كل مدن الوطن، التي عرضت الفيلم لمدة أسبوع كامل، وفتحت أبواب السينما للعائلات وبلغ سعر التذاكرة 5 دينار فقط، ومن أشهر خطب الشاذلي بن جديد، أنه عندما فتح قانون الأسرة للمناقشة قال إن القرآن الكريم هو مصدر القانون الأول، وعندما اندلع اجتياح إسرائيل للبنان في صائفة 1982 قال إن نقمة العرب في بترولهم، ولا يمكن أن تقوم لهم قائمة إلا بالوحدة التي فرضها علينا الإسلام.
.
زهور ونيسي: الشاذلي كان يحترم المثقفين
قالت وزير التربية في عهد الراحل بن جديد، زهور ونيسي، إن التاريخ سيسجل أن الرئيس الشاذلي، كان السباق في تكليف أول امرأة بحقيبة وزارية. وأضافت: "كان شجاعا في تجاوز الذهنيات التي كانت سائدة في المجتمع العام 1982، كان حريصا على نجاح المرأة في الحكومة، كما كان حريصا على إنجاح المرأة في هذا المنصب".
وقالت إن "معاملته لي قائمة على التفاهم والاحترام، وهو ما ساعدني على العمل معه بكل راحة واطمئنان. قدم ما يثبت أنه يحترم المثقفين، متواضع للمتعلمين، رجل مجاهد، عمل في فترة صعبة، عمل بوطنية كبيرة وإخلاص، ويعتبر أحد أفاضل الأسرة الثورية".
.
لمين بشيشي: فضل الشاذلي عليّ كبير
صرّح الوزير الاسبق، لمين بشيشي: "لا أنكر فضل الرئيس الشاذلي عليّ، فهو الذي أمضى تعييني على رأس الإذاعة الجزائرية، كما أنه هو الذي أمضى تعييني أمينا عاما لوزارة الاتصال عام 1982". مضيفا: "من الناحية المذهبية والفكرية لم يؤت نصيبا كبيرا من العلم، لكنه كان رجلا مهنيا، وشجاعا في ميدان السلاح. فرحمة الله عليه".
.
رضا مالك تحت الصدمة
عبر عضو المجلس الاعلى للدولة سابقا، ورئيس الحكومة السابق، رضا مالك، عن صدمته لوفاة الرئيس الأسبق، الشاذلي بن جديد، وقال: "بصراحة أنا مصدوم، بالأمس فقدنا رئيسا سابقا.. واليوم رئيسا آخر".
////////////////////////////////////////////////////////////
محي الدين عميمور متحدثا عن الرئيس الراحل:
"الشاذلي ظُلم كثيرا رغم أنه كان من أهم الزعماء العرب في الثمانينيات!"
قادة بن عمار
لا توجد كلمات دلالية لهذا المقال
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:58)
الوزير السابق محي الدين عميمور تصوير: (ح/م)
يفضّل الوزير السابق محي الدين عميمور، أن يتحدّث عن الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، باعتباره "مجاهدا ألقت به الظروف في موقع المسؤولية دون سابق استعداد، أو بمحض الصدفة"، مستعملا في هذا الصدد التعبير الشعبي المتداول بين الناس، بالقول أنه كان "رجلا فحلا".. حيث يقول عميمور في اتصال بالشروق: "لقد بذل الشاذلي جهدا كبيرا عند توليته منصب رئيس الجمهورية، وتمكن في ظرف سنوات قليلة، أن يتحول من رجل عسكري إلى واحد من بين أكثر الرؤساء أهمية في المنطقة العربية في ذلك الوقت"..
ويقول عميمور أن "الرئيس السابق ورغم تعرضه لظلم شديد، كان يحترم جميع من يحترم نفسه"، كما نجح في ملء الفراغ الذي تركه الزعيم هواري بومدين، رغم تشكيك العديد من الدوائر في امكانية حدوث ذلك".. وبخصوص الأشياء التي يمكن للجزائريين أن يذكروها عن عهد الشاذلي بن جديد، يقول عميمور: "لقد كان رجلا وطنيا خالصا، أحيا الانتماء العربي والإسلامي للبلاد، كما يُحسب له أيضا كونه أول من استعمل تعبير الأمازيغية بديلا عن البربرية".. ويضيف عميمور : "كذلك يعدّ الشاذلي الرئيس الذي بدأت في عهده الديمقراطية بشكلها الأول، قبل أن يتم اجهاض التجربة، لأسباب ومبررات عدة لا مجال لذكرها الآن، كما يعرف الجميع تفاصيلها".
ويروي عميمور واحدة من المواقف التي يسجلها لبن جديد خلال فترة توليه الرئاسة، وتتعلق باجتماعه مع رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف، حيث ينقل عميمور بثقة بالغة: "يمكنني القول أن الشاذلي كان أهم من بريجنيف خلال هذا الاجتماع وأفق تفكيره أوسع.. فهو أول من حذّر روسيا من تحول أفغانستان إلى فيتنام موسكو.. ناهيك عن أن مواقفه الدولية معروفة بانحيازها للمصلحة القومية، حيث وقف ضد ضرب العراق"..
ومما يرويه عميمور أيضا عن فترة عمله مع الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، تفاصيل لقائه الشهير مع التلفزة الفرنسية، والتي أعادت بعض القنوات بث أجزاء منه يوم أمس، حيث قال عميمور: "لقد كان الهدف من اللقاء تقديم الشاذلي للأوساط الفرنسية، وأيضا للعالم، والقول أن هذا الرئيس الذي يرث السلطة دون سابق إنذار سينجح في ترويضها، وهو ما تم فعلا رغم كل الانتقادات التي تم توجيهها فيما بعد لنا بسبب هذا اللقاء، والذي تحول -بحسب عميمور- إلى وثيقة تاريخية عن أداء الشاذلي خلال بداية عهده بكرسي الحكم".
/**************
الشاذلي فتح ذراعيه لأكبر علماء المسلمين واحتضن ميلاد فلسطينالرئيس "المظلوم" يرحل في ذكرى أكتوبر مخلّفا وراءه رصيدا شعبيا كبيرا!قادة بن عمار
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:58)
تصوير: (ح/م)
سيتذكر الجزائريون عن الشاذلي بن جديد، أنه الرئيس الإنسان الذي تسلّم مقاليد السلطة، ليضعها "عارية تماما أمام الشعب"، بعيدا عن النظرة الأبوية، رهينة صورة الزعيم "الموسطاش" أو الأب الذي لا يجوز الخروج عن طاعته، مثلما كانت مرحلة سلفه الزعيم هواري بومدين. الشاذلي لم يخرج من عباءة بومدين، وحرص تماما على أن لا يبقى أسيرا لجلبابه، فعمل كل ما بوسعه من أجل مضاعفة رصيده الشعبي، وذلك من خلال جملة من المواقف العروبية والقومية التي ساهمت في نشر الدعاية لزعامته "حتى وإن لم يخطط لها أو لم يكن حريصا عليها بالشكل التام والمقصود، مثلما يقول عدد من المقربين منه"..وفي هذا الصدد، لا يزال عدد كبير من الجزائريين والعرب، يذكرون ياسر عرفات وهو يقف رافعا صوته معلنا قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، حينها، كان الواقفون في الصفوف الأمامية، قامات سياسية وأدبية وإنسانية رفيعة، أبرزهم محمود درويش، وخلف الكواليس جلس الرئيس الشاذلي الذي احتضن الفكرة في الوقت الذي كانت فيه عدة عواصم عربية تتسابق للتفاوض والتصالح مع الكيان الصهيوني سرا وعلانية.مرحلة الشاذلي اتّسمت أيضا بعقد سلسلة من ملتقيات الفكر الإسلامي التي جعلت أبرز الدعاة يتجولون بين مدن الجزائر شرقا وغربا، دون حواجز ولا موانع، وحينها وبعد اندلاع أحداث أكتوبر، قيل ضمن ما قيل أن المؤامرة بدأت ضدّ نظام الشاذلي الذي فتح ذراعيه للفكر الإسلامي، باعثا البعد القومي العروبي مرة أخرى في الأمة، وذلك في حد ذاته كان أمرا مقلقا لفرنسا وحزبها في الجزائر! لم يعرف الجزائريون تفاصيل حياة رئيس من رؤسائهم مثلما عرفوا أدق التفاصيل عن الشاذلي، أفراد عائلته، حبّه لرياضة التنس والسباحة، ميله لأرستقراطية سياسية من نوع خاص لم تتصادم مع بساطته في التعامل مع الناس. كان يريد عدالة اجتماعية غير تلك التي يستعملها البعض للتعمية على حقوق الناس في الديمقراطية والحرية وفسح المجال للتغيير.. لتأتي حرب الخليج، والعدوان الدولي على العراق، بمثابة شهادة "حسن أداءٍ سياسي" بالنسبة للجزائر، والشاذلي بن جديد تحديدا، فالرجل رفض الانضمام لما سمّي آنذاك بالتحالف الدولي، واصطف مع "محور الممانعة"، وهنا يورد أحد المقربين منه أن ذلك كان سببا في منع نزول طائرة الرئيس الشاذلي في أكثر من مطار عربي ودولي وقتها، قبل أن يتم فرض الحصار غير المعلن على الجزائر التي دفعت ثمنا باهظا لمواقفها، ويُحسب للشاذلي اليوم أنه كان الرئيس الذي عرف "الربيع العربي" حتى ولو في عزّ "خريف الغضب" ذات أكتوبر 88، وهي المرحلة السياسية الخطيرة التي أكدت الظلم الشديد الذي تعرض له الشاذلي من طرف الذين وقف إلى جانبهم في سبيل فتح التعددية السياسية، على غرار رموز الفيس المحظور، الذين جعلوا من الشاذلي خصما أساسيا حين كتبوا على لافتاتهم "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس".. ومن المفارقات أن الرئيس استقال، أو دُفع للاستقالة، رافضا وقف المسار الانتخابي في حينها، ثم رحل في ذكرى أحداث الخامس أكتوبر، بعد 24 سنة، مضت وكأنها وقعت بالأمس فقط!
*****
حرص على إعلان الدولة الفلسطينية في الجزائرالشاذلي.. حمامة سلام ومرسي البراغماتية في الدبلوماسيةمحمد مسلم
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:59) تصوير: (ح/م)
يحسب للرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، دوره في تحرير الدبلوماسية الجزائرية من قبضة "الزواج الكاثوليكي"، الذي فرضه الراحل هواري بومدين، على علاقات الجزائر الخارجية، والتي لم تخرج عن محور الجزائر ـ موسكو، غير أن هذا الانفتاح لم يحل دون تمسكها (الجزائر) بالقضايا المصيرية للأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين. تؤكد الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية في الفترة الممتدة بين نهاية السبعينات ومطلع التسعينيات، أن الرئيس، الشاذلي بن جديد، كان بحق حمامة سلام، بفضل جهوده الكبيرة في إخماد بؤر النزاع والتوترات ونصرة المظلوم في العالم والمنطقة العربية على وجه التحديد .ويذكر التأريخ، أن الجزائر في عهد الشاذلي، كانت الوحيدة من بين 23 دولة عربية في ذلك الوقت، التي كان لها شرف وشجاعة احتضان اجتماع إعلان استقلال دولة فلسطين، وكان ذلك بتاريخ 15 نوفمبر 1988، بقصر الأمم بنادي الصنوبر، في الوقت الذي مالت فيه الكثير من الدول العربية نحو إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الدولة العبرية.ويتحدث أحد المصادر أن الرئيس الشاذلي، "حرص شخصيا على إقامة حفل إعلان الدولة الفلسطينية من الجزائر، وجنّد كل المتطلبات السياسية واللوجيستية، إيمانا منه بمركزية هذه القضية وثقلها لدى الشعوب العربية والإسلامية"، بالرغم من خطورة ما قد يترتب على عمل من هذا القبيل، في وقت زال فيه نظام القطبين.ويقول المختصون في الشؤون الدبلوماسية، إن القضية الوحيدة التي تبناها الشاذلي بن جديد كما ورثها عن سلفه، الراحل هواري بومدين، هي القضية الفلسطينية، مجسدا بذلك العبارة الشهيرة "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، أما ماعدا ذلك، فقد طرأ عليه تغيير جذري، فرضه التوجه البراغماتي للدولة الجزائرية. وجاء هذا التوجه، تتويجا لخرجته الدبلوماسية التي قادته إلى عدد من الدول العربية، فيما عرف بجبهة الصمود والتصدي، وهي عبارة عن حلف بادرت به مجموعه من الدول العربية لعزل مصر ومحاصرتها، على خلفية إبرامها اتفاقية كامب دايفد للسلام مع الكيان الصهيوني، وضمت كل من الجزائر والعراق وسوريا وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية.دبلوماسية الشاذلي التي قادها إثنان من ألمع ما خرّجته المدرسة الجزائرية، وهما محمد الصديق بن يحيى، وأحمد طالب الإبراهيمي، نجحت أيضا في رفع العقبات أمام بروز اتحاد مغرب عربي ظل معطلا، فيما عرف باتفاق زرالدة (غرب العاصمة)، الذي ضم زعماء الدول الخمس، وتكلل بفتح الحدود البرية مع "الشقيقة اللدودة" المغرب، قبل أن تغلق مجددا في منتصف التسعينيات، من طرف المملكة المغربية، في قرار أحادي الجانب، على خلفية حادثة الاعتداء الإرهابي على فندق بمراكش.المتتبع لمسيرة خليفة هواري بومدين، يتحتم عليه الإشارة إلى الجهود التي بذلها من أجل الحيلولة دون وقوع حرب الخليج الثانية، التي انتهت بتدمير العراق وغرس قواعد عسكرية جديدة في دول الخليج، ويذكر هنا أحد الإعلاميين الذين رافقوا الشاذلي في رحلته هذه، أنه قام بجولة زار فيها كل من وإيران والأردن وسوريا ومصر، من أجل إقناع مسؤولي هذه الدول بألا تتخذ أراضيهم نقاط انطلاق للقوات العسكرية الأمريكية وحلفائها، في ضرب العراق، كما زار العراق وحث رئيسها الراحل، صدام حسين، للانسحاب من الكويت لتجنيب بلاده الدمار، غير أن الرهانات كانت أكبر من طموحه، والمؤامرة مدبرة بإحكام من أجل إحكام السيطرة على نفط ومقدرات منطقة الخليج العربي. أما خارج المنطقة العربية، فقد أرسى الرئيس الأسبق، سياسة الانفتاح على الجميع، فكانت خرجته الثانية نحو إفريقيا، حيث زار العديد من الدول، في محاولة لعزل المملكة المغربية وحشد التأييد لصالح القضية الصحراوية، تلتها جولة أخرى نحو أوربا، وكانت المحطة الأولى بلجيكا، باعتبارها قلب القارة العجوز، والتي تحولت لاحقا إلى عاصمة الاتحاد الأوربي، ثم إيطاليا، كما ألغى التقليد الذي أرساه الراحل هواري بومدين، وأقدم على زيارة فرنسا، التي تبقى عدوة للجزائر في نظر الضمير الجمعي للجزائريين، بسبب جرائمها الاستعمارية.
حداد.. و"جنازة رئاسية" للشاذلي بن جديد
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 21:00)
تصوير: (ح/م)
مسيرة مميزة ورصيد حافل لموقّع شهادة ميلاد التعددية والديمقراطية
توفي أمس، رئيس الجمهورية الأسبق، الشاذلي بن جديد، بمستشفى عين النعجة العسكري، عن عُمر يُناهز الـ83 سنة، بعد صراع مع المرض، بعدما أدخله قبل أيام في غيبوبة عميقة، إثر أزمة قلبية مفاجئة، استدعت نقله على جناح السرعة إلى المستشفى حيث وُضع تحت العناية المركزة.
وأعلن بيان لرئاسة الجزائرية الحداد لمدة ثمانية أيام على روح الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد عبر كامل التراب الوطني وأضاف "من أجل السماح للمواطنين والأجهزة المشتركة للدولة بإلقاء النظرة الأخيرة على روح الفقيد تقرر تسجية جثمانه بقصر الشعب بالعاصمة الجزائر الأحد".
كما قررت رئيس الجمهورية إقامة جنازة رسمية للرئيس السابق يوم الاثنين على أن يوارى الثرى بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة.
ونـُقل مساء أمس، جثمان الراحل من المستشفى العسكري، إلى بيته العائلي ببوارسو في الجزائر العاصمة، حيث توافد مسؤولون ومجاهدون ودبلوماسيون وسفراء أجانب، إلى جانب أصدقاء الفقيد ومواطنون بسطاء، على بيت الرئيس الأسبق لتقديم العزاء ومواساة أفراد عائلته الصغيرة .
وتقرّر إعلان الحداد، فيما ستشيّع مراسيم جنازة ثالث رئيس للجزائر، بمقبرة العالية، في جنازة رئاسية، سيحضرها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وكبار المسؤولين في الدولة، وكذا شخصيات وطنية رافقت الراحل بن جديد وعملت معه سواء كمسؤول عسكري أو رئيس للدولة .
ويُرتقب السماح للمواطنين بإلقاء النظرة الأخيرة على ثالث رئيس للجزائر المستقلة، بقصر الشعب، حيث سيتلقى أيضا التحية العسكرية، قبل إتمام مراسيم التشييع.
كما يُنتظر حضور مراسيم التشييع، رؤساء دول وحكومات أجنبية، وشخصيات دولية ثقيلة، كانت لها علاقات صداقة واحترام وتواصل مع الفقيد بن جديد، الذي يشهد له محيطه أنه نجح في ربط شبكة علاقات دولية متميزة.
ويشاء القضاء والقدر، أن تتزامن وفاة الرئيس بن جديد، مع الذكرى الـ 24 لأحداث الخامس أكتوبر 88، وقبل بضعة أيام من عرض مذكرات بن جديد، الذي فضل إرجاء نشرها إلى الذكرى الـ 58 للثورة التحريرية، المصادف للفاتح نوفمبر القادم. كما تشاء مشيئة الله، أن ينتقل الرئيس بن جديد إلى جوار ربّه، بعد سبعة أشهر عن وفاة الرئيس السابق للجزائر، الراحل أحمد بن بلة، الذي حظي بجنازة رئاسية، كـُتب للشاذلي أن يحضرها بمربّع الشهداء.
وفاة الرئيس بن جديد، جاءت "مباغتة" حتى وإن أشارت بعض المعلومات أنه كان يقاوم أمراض البروستات والكلى، إلاّ أنه ظهر في صحة جيّدة، عند حضوره جنازة بن بلة، بعدما لم يفوّت حضوره بروتوكولات تخليد احتفالات عيدي الثورة والاستقلال، إلى جانب بوتفليقة وكافي وبن بلة، في تقليد جديد، اعتبره المتابعون ردّ اعتبار من بوتفليقة لسابقيه من الرؤساء.
بن جديد الذي خلف هواري بومدين، زميله في مجلس الثورة، خلال الفترة الممتدة ما بين 1979 و1992، تولى حقيبة وزير الدفاع من نوفمبر 1978 إلى فيفري 1979، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، خلفا للرئيس الراحل هواري بومدين.. ولد الراحل الشاذلي بن جديد في الفاتح جويلية 1929 بقرية السباع ببلدية بوثلجة التابعة لولاية الطارف، انخرط سنة 1954 في جبهة التحرير الوطني قبل أن يلتحق سنة بعد ذلك بجيش التحرير الوطني بالولاية الثانية بمنطقة قسنطينة.
في 1956 أصبح الراحل قائدا في ناحيته، وبعدها نائب قائد منطقة سنة 1957 وقائد منطقة برتبة نقيب سنة 1958، كما انتقل لفترة وجيزة إلى القيادة العملياتية لمنطقة الشمال سنة 1961، ليعين عاما بعد ذلك قائدا للناحية العسكرية الخامسة في قسنطينة برتبة رائد. وفي سنة 1963 أوكلت لبن جديد مهمة الإشراف على انسحاب القوات الفرنسية من تلك المنطقة قبل أن يتولى قيادة الناحية العسكرية الثانية بمنطقة وهران في 4 جوان 1964.
الرئيس الراحل كان عضوا في مجلس الثورة في 19 جوان 1965 بعد الإطاحة بالرئيس الراحل أحمد بن بلة، في ما سمّي بـ"التصحيح الثوري"، كما تولى في فيفري 1968 الإشراف عن انسحاب القوات الفرنسية من منطقة وهران، سيما عملية الجلاء من مرسى الكبير لتتم ترقيته سنة بعد ذلك إلى رتبة عقيد، قبل أن يكلفه مجلس الثورة سنة 1978 خلال فترة مرض الراحل هواري بومدين بتولي تنسيق شؤون الدفاع الوطني.
تم تعيينه في جانفي 1979 أمينا عاما لجبهة التحرير الوطني، بعد المؤتمر الرابع، ثم مرشحا للانتخابات الرئاسية ليتم انتخابه رئيسا للجمهورية في 7 فيفري 1979 مع توليه منصب وزير الدفاع الوطني إلى غاية جويلية 1990، وهو التاريخ الذي تولى فيه هذا المنصب رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي العميد خالد نزار.
حصل بن جديد، على تجديد الثقة في منصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني في ديسمبر 1983، ليتم اختياره كمرشح لرئاسة الجمهورية من قبل المؤتمر الخامس للأفلان لعهدة ثانية، وأعيد انتخابه كرئيس للجمهورية مرتين متتاليتين سنتي 1984 و1988 وسمّي بن جديد بمهندس إنشاء اتحاد المغرب العربي، بعد لقاء جرى في زرالدة سنة 1989 بين قادة بلدان المغرب العربي.
غداة أحداث أكتوبر 1988 أعلن الراحل الشاذلي عن إصلاحات سياسية بينها مراجعة الدستور الذي كرس التعددية الحزبية ابتداء من فيفري 1989، في ظل إخضاع جبهة التحرير إلى "تصحيح" أفضى إلى إنهاء مهام الفقيد شريف مساعدية، واستخلافه بالراحل بعبد الحميد مهري.
وفي جوان 1991 أعلن حالة الطوارئ في كامل التراب الوطني، وقرر تأجيل الانتخابات التشريعية ليوم 27 جوان من نفس السنة، إلى 26 ديسمبر، وفي 4 جانفي 1992 وقـّع قرار حلّ المجلس الشعبي الوطني الذي كان يرأسه أنذاك عبد العزيز بلخادم.
رحيل الرئيس بن جديد، يأتي في ظرف دولي وإقليمي ووطني حسّاس ومميّز، من بين مؤشراته الحراك الحاصل بشأن "الإصلاحات السياسية" في البلاد والتحضير لتعديل الدستور، بعدما حـُسب للشاذلي توقيع شهادة ميلاد التعددية فسمّاه البعض بـ"أبو الديمقراطية"، بعدما عدّل دستور 1989 وباشر إصلاحات أعقبت "ثورة" أكتوبر 88، قبل أن يرمي المنشفة ويُغادر قصر المرادية، في 11 جانفي 1992، مباشرة عقب توقيف المسار الانتخابي.
الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد في ذمة الله عن عمر يناهز 83 سنةالشروق أونلاين
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 18:55)
توفي بعد ظهر السبت الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد بمستشفى عين النعجة العسكري بالعاصمة عن عمر يناهز الـ 83 سنة بعد صراع طويل مع المرض حسب مصادر مقربة من العائلة.
وواجه الشاذلي بن جديد متاعب صحية تتعلق بأمراض الكلى والبروستات حيث تم نقله منذ أسبوع إلى المستشفى العسكري بعين النعجة إثر تدهور مفاجىء لصحته.
وتشاء الأقدار أن يتقاطع دخول ثالث رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة، في غيبوبة وُصفت بالعميقة، مع الذكرى الـ24 لأحداث الخامس أكتوبر 1988، وقبل شهر تقريبا من اصدار مذكرات بن جديد الذي فضل الإفراج عنها في الفاتح نوفمبر المقبل المصادف للذكرى الـ 58 لعيد الثورة التحريرية.
تولى العقيد بن جديد، حقيبة وزير الدفاع من نوفمبر 1978 إلى غاية فيفري 1979، قبل أن يصبح رئيسا للجمهورية، خلفا للرئيس هواري بومدين
ولد في بلدة السبعة بولاية الطارف حاليا في 14 ابريل 1929، وفي شبابه اشتغل في شركة "طابا كوب" المتخصصة في صناعة التبغ، قبل أن يلتحق بداية العام 1955 بالثورة التحريرية مباشرة ولم يكن قبلها يوما جنديا في الجيش الفرنسي بأية صفة كانت.
وخلال مشاركته في الثورة التحريرية المباركة تم تعيين الرجل مسؤول ناحية بالقاعدة الشرقية، ثم نائبا لمنطقة العمليات الشمالية، ومباشرة بعد إعلان استقلال البلاد في جويلية 1962 كان أول ضابط بالقاعدة الشرقية يدخل إلى التراب الوطني للقيام بتحضير دخول جيش الحدود، ليتم بعد ذلك تعيينه قائدا للناحية العسكرية السادسة، قبل أن تتحول إلى الناحية العسكرية الخامسة ومقرها قسنطينة حاليا، أين أشرف مباشرة على إجلاء الجيش الفرنسي من مناطق الشمال القسنطيني. وفي العام 1964 تم تعيين الشاذلي بن جديد قائدا للناحية العسكرية الثانية بوهران، أين أشرف وبشكل فاعل في انقلاب 19 جوان 1965، ثم أشرف مباشرة على إجهاض انقلاب العقيد الطاهر الزبيري سنة 1967، وفي سنة 1968 قام بالإشراف مباشرة على إجلاء القوات الفرنسية من قاعدة مرسى الكبير البحرية.
الشاذلي فتح ذراعيه لأكبر علماء المسلمين واحتضن ميلاد فلسطين
الرئيس "المظلوم" يرحل في ذكرى أكتوبر مخلّفا وراءه رصيدا شعبيا كبيرا!قادة بن عمار
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:58)
تصوير: (ح/م)
سيتذكر الجزائريون عن الشاذلي بن جديد، أنه الرئيس الإنسان الذي تسلّم مقاليد السلطة، ليضعها "عارية تماما أمام الشعب"، بعيدا عن النظرة الأبوية، رهينة صورة الزعيم "الموسطاش" أو الأب الذي لا يجوز الخروج عن طاعته، مثلما كانت مرحلة سلفه الزعيم هواري بومدين.
الشاذلي لم يخرج من عباءة بومدين، وحرص تماما على أن لا يبقى أسيرا لجلبابه، فعمل كل ما بوسعه من أجل مضاعفة رصيده الشعبي، وذلك من خلال جملة من المواقف العروبية والقومية التي ساهمت في نشر الدعاية لزعامته "حتى وإن لم يخطط لها أو لم يكن حريصا عليها بالشكل التام والمقصود، مثلما يقول عدد من المقربين منه"..
وفي هذا الصدد، لا يزال عدد كبير من الجزائريين والعرب، يذكرون ياسر عرفات وهو يقف رافعا صوته معلنا قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، حينها، كان الواقفون في الصفوف الأمامية، قامات سياسية وأدبية وإنسانية رفيعة، أبرزهم محمود درويش، وخلف الكواليس جلس الرئيس الشاذلي الذي احتضن الفكرة في الوقت الذي كانت فيه عدة عواصم عربية تتسابق للتفاوض والتصالح مع الكيان الصهيوني سرا وعلانية.
مرحلة الشاذلي اتّسمت أيضا بعقد سلسلة من ملتقيات الفكر الإسلامي التي جعلت أبرز الدعاة يتجولون بين مدن الجزائر شرقا وغربا، دون حواجز ولا موانع، وحينها وبعد اندلاع أحداث أكتوبر، قيل ضمن ما قيل أن المؤامرة بدأت ضدّ نظام الشاذلي الذي فتح ذراعيه للفكر الإسلامي، باعثا البعد القومي العروبي مرة أخرى في الأمة، وذلك في حد ذاته كان أمرا مقلقا لفرنسا وحزبها في الجزائر!
لم يعرف الجزائريون تفاصيل حياة رئيس من رؤسائهم مثلما عرفوا أدق التفاصيل عن الشاذلي، أفراد عائلته، حبّه لرياضة التنس والسباحة، ميله لأرستقراطية سياسية من نوع خاص لم تتصادم مع بساطته في التعامل مع الناس. كان يريد عدالة اجتماعية غير تلك التي يستعملها البعض للتعمية على حقوق الناس في الديمقراطية والحرية وفسح المجال للتغيير.. لتأتي حرب الخليج، والعدوان الدولي على العراق، بمثابة شهادة "حسن أداءٍ سياسي" بالنسبة للجزائر، والشاذلي بن جديد تحديدا، فالرجل رفض الانضمام لما سمّي آنذاك بالتحالف الدولي، واصطف مع "محور الممانعة"، وهنا يورد أحد المقربين منه أن ذلك كان سببا في منع نزول طائرة الرئيس الشاذلي في أكثر من مطار عربي ودولي وقتها، قبل أن يتم فرض الحصار غير المعلن على الجزائر التي دفعت ثمنا باهظا لمواقفها، ويُحسب للشاذلي اليوم أنه كان الرئيس الذي عرف "الربيع العربي" حتى ولو في عزّ "خريف الغضب" ذات أكتوبر 88، وهي المرحلة السياسية الخطيرة التي أكدت الظلم الشديد الذي تعرض له الشاذلي من طرف الذين وقف إلى جانبهم في سبيل فتح التعددية السياسية، على غرار رموز الفيس المحظور، الذين جعلوا من الشاذلي خصما أساسيا حين كتبوا على لافتاتهم "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس".. ومن المفارقات أن الرئيس استقال، أو دُفع للاستقالة، رافضا وقف المسار الانتخابي في حينها، ثم رحل في ذكرى أحداث الخامس أكتوبر، بعد 24 سنة، مضت وكأنها وقعت بالأمس فقط!
************
بكى في حضرة الرئيس بن جديدالشيخ الغزالي: الشاذلي فارس من فرسان الإسلامناصر
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:59)
الإمام الراحل الشيخ محمد الغزالي تصوير: (ح/م)
قال إنه كان ينوي استرجاع ملتقيات الفكر الإسلامي بكل علماء المسلمين فرض فيلم الرسالة على دور السينما وجعل الجامعة الإسلامية حقيقة
يسقط اسم الراحل الشاذلي بن جديد من قائمة أسماء الزعماء العرب، الذين سجنوا وعذبوا وأغلقوا الأبواب في وجه العلماء، وحتى الصحوة الإسلامية في الجزائر بدأت في عهده، بعد رحيل هواري بومدين في 27 ديسمبر عام 1978، وبمجرد أن أمسك بمقاليد الحكم في التاسع من فيفري 1979، حتى أحس كل الإسلاميين بالاطمئنان. وبدأ ضيوف الجزائر من كبار العلماء يدخلونها تباعا ويحاضرون فيها، وحتى عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران، وكان الكثير من المسلمين مستبشرين بها، وقف الشاذلي بن جديد إلى جانبها وأرسل المرحوم الشيخ أحمد حماني إلى طهران، حيث التقى بالإمام آية الله الخميني، وطمأنه بأن الجزائر ستكون مع أي نهضة إسلامية، قبل أن تتغير الأمور بعد ذلك، وتأخذ منحنيات أخرى.
ولكن العلاقة الأكثر بروزا هي علاقة الشاذلي بن جديد بالشيخ المرحوم، محمد الغزالي، الذي عاش في قسنطينة قرابة الست سنوات مديرا شرفيا ومدرسا في معهد الشريعة، وكان كلما يلتقي بالشاذلي بن جديد يثني عليه، وأغضب مرة في محاضرة في الجامعة الاسلامية الأمير عبد القادر أحد الطلبة الذي ثار في وجهه، وقال له بغضب .. "إنك تتحدث كثيرا عن الشاذلي وكأنه صحابي جليل"، ونقل التلفزيون الجزائري عام 1984 صورة الشيخ الغزالي وهو يذرف الدموع في حضرة الرئيس الجزائري الأسبق، وهو الذي من النادر أن يذرف الدموع، ورد ذلك إلى تأثره بشهامة وأخلاق الشاذلي بن جديد، وسماه مرة بفارس الإسلام، وهي التسمية التي أغضبت بعض الإسلاميين في الجزائر وفي مصر، وكان للشاذلي بن جديد الفضل الأكبر في إتمام بناء الجامعة الإسلامية التي تم تسليمها في وقتها .
كما ظل يصر على أنها أزهر الجزائر والمغرب العربي، وأرسل إعلانا للبحث عن كبار العلماء للتدريس فيها في كبريات المجلات العربية، مثل المستقبل والوطن العربي وكل العرب، وتشرفت الجامعة بمرور الكثير من كبار العلماء ومنهم القرضاوي والبوطي.
وعندما سأله الشيخ الغزالي مرة عن سبب اختفاء ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تقام في العهد البومدييني، أخطره بأنه قرر إرجاعها، ولكن بشكل فكري أقوى وتجمع كل العلماء دون إقصاء، ولكن الفتنة التي هزت العالم الإسلامي في الكثير من الدول، وانسحاب الشاذلي أو سحب البساط من تحت أقدامه بخرت المشروع نهائيا، وعلى مدار 12 سنة و11 شهرا ويومين، قاد فيهما الشاذلي بن جديد الجزائر، لم يُتهم أبدا بمعاداته لعلماء الإسلام، فأدى الحج ونقلت الصحف ومنها المجاهد والشعب سفريته إلى البقاع المقدسة، ورفع من كوطة الجزائريين في الحج والتي لم تعرف بعده صعودا مهما.
كما منح بعد التغييرات السياسية عقب أحداث أكتوبر 1988 الضوء الأخضر للكثير من الأحزاب الإسلامية، وفي عالم الفن قام الشاذلي بن جديد بتوجيه دعوة للمغني الإنجليزي الشهير الذي اعتنق الإسلام، كات ستيفنس، الذي أمضى قرابة الشهر من مدينة جزائرية إلى أخرى يحاضر ويقدم تجاربه، وعندما تم توزيع فيلم الرسالة عالميا في أواخر السبيعنات من القرن الماضي، أمر الشاذلي بشراء الفيلم وتوزيعه على كل دور السنما، وتغيّر حالة قاعات السينما في كل مدن الوطن، التي عرضت الفيلم لمدة أسبوع كامل، وفتحت أبواب السينما للعائلات وبلغ سعر التذاكرة 5 دينار فقط، ومن أشهر خطب الشاذلي بن جديد، أنه عندما فتح قانون الأسرة للمناقشة قال إن القرآن الكريم هو مصدر القانون الأول، وعندما اندلع اجتياح إسرائيل للبنان في صائفة 1982 قال إن نقمة العرب في بترولهم، ولا يمكن أن تقوم لهم قائمة إلا بالوحدة التي فرضها علينا الإسلام.
.
زهور ونيسي: الشاذلي كان يحترم المثقفين
قالت وزير التربية في عهد الراحل بن جديد، زهور ونيسي، إن التاريخ سيسجل أن الرئيس الشاذلي، كان السباق في تكليف أول امرأة بحقيبة وزارية. وأضافت: "كان شجاعا في تجاوز الذهنيات التي كانت سائدة في المجتمع العام 1982، كان حريصا على نجاح المرأة في الحكومة، كما كان حريصا على إنجاح المرأة في هذا المنصب".
وقالت إن "معاملته لي قائمة على التفاهم والاحترام، وهو ما ساعدني على العمل معه بكل راحة واطمئنان. قدم ما يثبت أنه يحترم المثقفين، متواضع للمتعلمين، رجل مجاهد، عمل في فترة صعبة، عمل بوطنية كبيرة وإخلاص، ويعتبر أحد أفاضل الأسرة الثورية".
.
لمين بشيشي: فضل الشاذلي عليّ كبير
صرّح الوزير الاسبق، لمين بشيشي: "لا أنكر فضل الرئيس الشاذلي عليّ، فهو الذي أمضى تعييني على رأس الإذاعة الجزائرية، كما أنه هو الذي أمضى تعييني أمينا عاما لوزارة الاتصال عام 1982". مضيفا: "من الناحية المذهبية والفكرية لم يؤت نصيبا كبيرا من العلم، لكنه كان رجلا مهنيا، وشجاعا في ميدان السلاح. فرحمة الله عليه".
.
رضا مالك تحت الصدمة
عبر عضو المجلس الاعلى للدولة سابقا، ورئيس الحكومة السابق، رضا مالك، عن صدمته لوفاة الرئيس الأسبق، الشاذلي بن جديد، وقال: "بصراحة أنا مصدوم، بالأمس فقدنا رئيسا سابقا.. واليوم رئيسا آخر".
////////////////////////////////////////////////////////////
محي الدين عميمور متحدثا عن الرئيس الراحل:
"الشاذلي ظُلم كثيرا رغم أنه كان من أهم الزعماء العرب في الثمانينيات!"
قادة بن عمار
لا توجد كلمات دلالية لهذا المقال
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:58)
الوزير السابق محي الدين عميمور تصوير: (ح/م)
يفضّل الوزير السابق محي الدين عميمور، أن يتحدّث عن الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، باعتباره "مجاهدا ألقت به الظروف في موقع المسؤولية دون سابق استعداد، أو بمحض الصدفة"، مستعملا في هذا الصدد التعبير الشعبي المتداول بين الناس، بالقول أنه كان "رجلا فحلا".. حيث يقول عميمور في اتصال بالشروق: "لقد بذل الشاذلي جهدا كبيرا عند توليته منصب رئيس الجمهورية، وتمكن في ظرف سنوات قليلة، أن يتحول من رجل عسكري إلى واحد من بين أكثر الرؤساء أهمية في المنطقة العربية في ذلك الوقت"..
ويقول عميمور أن "الرئيس السابق ورغم تعرضه لظلم شديد، كان يحترم جميع من يحترم نفسه"، كما نجح في ملء الفراغ الذي تركه الزعيم هواري بومدين، رغم تشكيك العديد من الدوائر في امكانية حدوث ذلك".. وبخصوص الأشياء التي يمكن للجزائريين أن يذكروها عن عهد الشاذلي بن جديد، يقول عميمور: "لقد كان رجلا وطنيا خالصا، أحيا الانتماء العربي والإسلامي للبلاد، كما يُحسب له أيضا كونه أول من استعمل تعبير الأمازيغية بديلا عن البربرية".. ويضيف عميمور : "كذلك يعدّ الشاذلي الرئيس الذي بدأت في عهده الديمقراطية بشكلها الأول، قبل أن يتم اجهاض التجربة، لأسباب ومبررات عدة لا مجال لذكرها الآن، كما يعرف الجميع تفاصيلها".
ويروي عميمور واحدة من المواقف التي يسجلها لبن جديد خلال فترة توليه الرئاسة، وتتعلق باجتماعه مع رئيس الاتحاد السوفياتي ليونيد بريجنيف، حيث ينقل عميمور بثقة بالغة: "يمكنني القول أن الشاذلي كان أهم من بريجنيف خلال هذا الاجتماع وأفق تفكيره أوسع.. فهو أول من حذّر روسيا من تحول أفغانستان إلى فيتنام موسكو.. ناهيك عن أن مواقفه الدولية معروفة بانحيازها للمصلحة القومية، حيث وقف ضد ضرب العراق"..
ومما يرويه عميمور أيضا عن فترة عمله مع الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، تفاصيل لقائه الشهير مع التلفزة الفرنسية، والتي أعادت بعض القنوات بث أجزاء منه يوم أمس، حيث قال عميمور: "لقد كان الهدف من اللقاء تقديم الشاذلي للأوساط الفرنسية، وأيضا للعالم، والقول أن هذا الرئيس الذي يرث السلطة دون سابق إنذار سينجح في ترويضها، وهو ما تم فعلا رغم كل الانتقادات التي تم توجيهها فيما بعد لنا بسبب هذا اللقاء، والذي تحول -بحسب عميمور- إلى وثيقة تاريخية عن أداء الشاذلي خلال بداية عهده بكرسي الحكم".
/**************
الشاذلي فتح ذراعيه لأكبر علماء المسلمين واحتضن ميلاد فلسطينالرئيس "المظلوم" يرحل في ذكرى أكتوبر مخلّفا وراءه رصيدا شعبيا كبيرا!قادة بن عمار
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:58)
تصوير: (ح/م)
سيتذكر الجزائريون عن الشاذلي بن جديد، أنه الرئيس الإنسان الذي تسلّم مقاليد السلطة، ليضعها "عارية تماما أمام الشعب"، بعيدا عن النظرة الأبوية، رهينة صورة الزعيم "الموسطاش" أو الأب الذي لا يجوز الخروج عن طاعته، مثلما كانت مرحلة سلفه الزعيم هواري بومدين. الشاذلي لم يخرج من عباءة بومدين، وحرص تماما على أن لا يبقى أسيرا لجلبابه، فعمل كل ما بوسعه من أجل مضاعفة رصيده الشعبي، وذلك من خلال جملة من المواقف العروبية والقومية التي ساهمت في نشر الدعاية لزعامته "حتى وإن لم يخطط لها أو لم يكن حريصا عليها بالشكل التام والمقصود، مثلما يقول عدد من المقربين منه"..وفي هذا الصدد، لا يزال عدد كبير من الجزائريين والعرب، يذكرون ياسر عرفات وهو يقف رافعا صوته معلنا قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، حينها، كان الواقفون في الصفوف الأمامية، قامات سياسية وأدبية وإنسانية رفيعة، أبرزهم محمود درويش، وخلف الكواليس جلس الرئيس الشاذلي الذي احتضن الفكرة في الوقت الذي كانت فيه عدة عواصم عربية تتسابق للتفاوض والتصالح مع الكيان الصهيوني سرا وعلانية.مرحلة الشاذلي اتّسمت أيضا بعقد سلسلة من ملتقيات الفكر الإسلامي التي جعلت أبرز الدعاة يتجولون بين مدن الجزائر شرقا وغربا، دون حواجز ولا موانع، وحينها وبعد اندلاع أحداث أكتوبر، قيل ضمن ما قيل أن المؤامرة بدأت ضدّ نظام الشاذلي الذي فتح ذراعيه للفكر الإسلامي، باعثا البعد القومي العروبي مرة أخرى في الأمة، وذلك في حد ذاته كان أمرا مقلقا لفرنسا وحزبها في الجزائر! لم يعرف الجزائريون تفاصيل حياة رئيس من رؤسائهم مثلما عرفوا أدق التفاصيل عن الشاذلي، أفراد عائلته، حبّه لرياضة التنس والسباحة، ميله لأرستقراطية سياسية من نوع خاص لم تتصادم مع بساطته في التعامل مع الناس. كان يريد عدالة اجتماعية غير تلك التي يستعملها البعض للتعمية على حقوق الناس في الديمقراطية والحرية وفسح المجال للتغيير.. لتأتي حرب الخليج، والعدوان الدولي على العراق، بمثابة شهادة "حسن أداءٍ سياسي" بالنسبة للجزائر، والشاذلي بن جديد تحديدا، فالرجل رفض الانضمام لما سمّي آنذاك بالتحالف الدولي، واصطف مع "محور الممانعة"، وهنا يورد أحد المقربين منه أن ذلك كان سببا في منع نزول طائرة الرئيس الشاذلي في أكثر من مطار عربي ودولي وقتها، قبل أن يتم فرض الحصار غير المعلن على الجزائر التي دفعت ثمنا باهظا لمواقفها، ويُحسب للشاذلي اليوم أنه كان الرئيس الذي عرف "الربيع العربي" حتى ولو في عزّ "خريف الغضب" ذات أكتوبر 88، وهي المرحلة السياسية الخطيرة التي أكدت الظلم الشديد الذي تعرض له الشاذلي من طرف الذين وقف إلى جانبهم في سبيل فتح التعددية السياسية، على غرار رموز الفيس المحظور، الذين جعلوا من الشاذلي خصما أساسيا حين كتبوا على لافتاتهم "لا دراسة ولا تدريس حتى يسقط الرئيس".. ومن المفارقات أن الرئيس استقال، أو دُفع للاستقالة، رافضا وقف المسار الانتخابي في حينها، ثم رحل في ذكرى أحداث الخامس أكتوبر، بعد 24 سنة، مضت وكأنها وقعت بالأمس فقط!
*****
حرص على إعلان الدولة الفلسطينية في الجزائرالشاذلي.. حمامة سلام ومرسي البراغماتية في الدبلوماسيةمحمد مسلم
2012/10/06 (آخر تحديث: 2012/10/06 على 20:59) تصوير: (ح/م)
يحسب للرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، دوره في تحرير الدبلوماسية الجزائرية من قبضة "الزواج الكاثوليكي"، الذي فرضه الراحل هواري بومدين، على علاقات الجزائر الخارجية، والتي لم تخرج عن محور الجزائر ـ موسكو، غير أن هذا الانفتاح لم يحل دون تمسكها (الجزائر) بالقضايا المصيرية للأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين. تؤكد الإنجازات التي حققتها الدبلوماسية الجزائرية في الفترة الممتدة بين نهاية السبعينات ومطلع التسعينيات، أن الرئيس، الشاذلي بن جديد، كان بحق حمامة سلام، بفضل جهوده الكبيرة في إخماد بؤر النزاع والتوترات ونصرة المظلوم في العالم والمنطقة العربية على وجه التحديد .ويذكر التأريخ، أن الجزائر في عهد الشاذلي، كانت الوحيدة من بين 23 دولة عربية في ذلك الوقت، التي كان لها شرف وشجاعة احتضان اجتماع إعلان استقلال دولة فلسطين، وكان ذلك بتاريخ 15 نوفمبر 1988، بقصر الأمم بنادي الصنوبر، في الوقت الذي مالت فيه الكثير من الدول العربية نحو إقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الدولة العبرية.ويتحدث أحد المصادر أن الرئيس الشاذلي، "حرص شخصيا على إقامة حفل إعلان الدولة الفلسطينية من الجزائر، وجنّد كل المتطلبات السياسية واللوجيستية، إيمانا منه بمركزية هذه القضية وثقلها لدى الشعوب العربية والإسلامية"، بالرغم من خطورة ما قد يترتب على عمل من هذا القبيل، في وقت زال فيه نظام القطبين.ويقول المختصون في الشؤون الدبلوماسية، إن القضية الوحيدة التي تبناها الشاذلي بن جديد كما ورثها عن سلفه، الراحل هواري بومدين، هي القضية الفلسطينية، مجسدا بذلك العبارة الشهيرة "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"، أما ماعدا ذلك، فقد طرأ عليه تغيير جذري، فرضه التوجه البراغماتي للدولة الجزائرية. وجاء هذا التوجه، تتويجا لخرجته الدبلوماسية التي قادته إلى عدد من الدول العربية، فيما عرف بجبهة الصمود والتصدي، وهي عبارة عن حلف بادرت به مجموعه من الدول العربية لعزل مصر ومحاصرتها، على خلفية إبرامها اتفاقية كامب دايفد للسلام مع الكيان الصهيوني، وضمت كل من الجزائر والعراق وسوريا وليبيا ومنظمة التحرير الفلسطينية.دبلوماسية الشاذلي التي قادها إثنان من ألمع ما خرّجته المدرسة الجزائرية، وهما محمد الصديق بن يحيى، وأحمد طالب الإبراهيمي، نجحت أيضا في رفع العقبات أمام بروز اتحاد مغرب عربي ظل معطلا، فيما عرف باتفاق زرالدة (غرب العاصمة)، الذي ضم زعماء الدول الخمس، وتكلل بفتح الحدود البرية مع "الشقيقة اللدودة" المغرب، قبل أن تغلق مجددا في منتصف التسعينيات، من طرف المملكة المغربية، في قرار أحادي الجانب، على خلفية حادثة الاعتداء الإرهابي على فندق بمراكش.المتتبع لمسيرة خليفة هواري بومدين، يتحتم عليه الإشارة إلى الجهود التي بذلها من أجل الحيلولة دون وقوع حرب الخليج الثانية، التي انتهت بتدمير العراق وغرس قواعد عسكرية جديدة في دول الخليج، ويذكر هنا أحد الإعلاميين الذين رافقوا الشاذلي في رحلته هذه، أنه قام بجولة زار فيها كل من وإيران والأردن وسوريا ومصر، من أجل إقناع مسؤولي هذه الدول بألا تتخذ أراضيهم نقاط انطلاق للقوات العسكرية الأمريكية وحلفائها، في ضرب العراق، كما زار العراق وحث رئيسها الراحل، صدام حسين، للانسحاب من الكويت لتجنيب بلاده الدمار، غير أن الرهانات كانت أكبر من طموحه، والمؤامرة مدبرة بإحكام من أجل إحكام السيطرة على نفط ومقدرات منطقة الخليج العربي. أما خارج المنطقة العربية، فقد أرسى الرئيس الأسبق، سياسة الانفتاح على الجميع، فكانت خرجته الثانية نحو إفريقيا، حيث زار العديد من الدول، في محاولة لعزل المملكة المغربية وحشد التأييد لصالح القضية الصحراوية، تلتها جولة أخرى نحو أوربا، وكانت المحطة الأولى بلجيكا، باعتبارها قلب القارة العجوز، والتي تحولت لاحقا إلى عاصمة الاتحاد الأوربي، ثم إيطاليا، كما ألغى التقليد الذي أرساه الراحل هواري بومدين، وأقدم على زيارة فرنسا، التي تبقى عدوة للجزائر في نظر الضمير الجمعي للجزائريين، بسبب جرائمها الاستعمارية.