بالأخلاق نحيا
الحمد لله الذي بعث لنا رسولاً ليتمم لنا مكارم الأخلاق ومحاسن السلوك والآداب.
وجعل له القرآن خُلقًا، ومنحه أجمل وأعظم الصفات والأخلاقيات.. ?وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)? (القلم).
عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يُدخل الناس الجنة؟ فقال: "تقوى الله وحسن الخلق".. وسُئل عن أكثر ما يدخل الناس النار قال: "الفم والفرج" (رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح).
تعاطَف
تعاطف مع الآخرين دائمًا، واسع إلى مساعدتهم؛ فإن ذلك يلقي ترحيبًا منهم ويأسر قلوبهم.
وأفضل الخلق ما بين الورى رجلٌ تُقضى على يديه الحوائج
ابتسم
ابتسم دائمًا واستقبل غيرك بصدر رحب.
إن الابتسامة كانت من أهم أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، فهي إشارة من الإنسان ووسيلة مختصرة؛ لكسب القلوب وهداية الناس والوصول إلى قلوبهم، وهي أداة تقريب واقتراب وتودد وحب.
هي تعبير صادق وشعور جميل، هي دليل انشراح صدر وتواضع، هي عنوان المسلم، ويكفي أن نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان بسَّامًا... حيث رُوي عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: "ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسّم في وجهي"(1)، وعن عبد الله بن الحارث بن جزاء رضي الله عنه أنه قال: "ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"(2).
من فوائد الابتسامة:
1- باب من أبواب الخير والصدقة "وتبسمك في وجه أخيك لك صدقة"(3).
2- يكسب المرء بها الناس.
3- فيها ترويح للنفس وإذهاب للغم والهم.
4- فيها دلالة على صفاء النفس وحسن الخلق.
5- فيها تحصيل للأجر باعتبار الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق النبيل.
حَسِّن تعاملاتك
كنْ أكثر ليونة ورقّة في تعاملاتك حتى لا يتذمر منك غيرك.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج بن قيس: "إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة"(4).
احرص على السلام
احرص على إلقاء السلام على من تعرف ومن لا تعرف، فهذا دليل من دلائل الإيمان وسلامة القلب الذي تحمله بين جنباتك.. وعنوان للتواضع.
ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإفشاء السلام، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف"(5).
كُن مؤدبًا ولطيفًا
كن مؤدبًا إذا طرقت أبواب الناس، فلا تسرع الطرق، واجعل بين الطرقة والأخرى وقتًا يسيرًا، ولا تزد عن ثلاث طرقات.. ?وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ? (النور: من الآية 28).. كذلك الحال إذا هاتفت غيرك في الهاتف؛ فلا تتصل في أوقات غير مناسبة، ولا تطل في الاتصال ما دام أن المستقبل لمكالمتك لم يرد عليها، فلربما يكون الوقت وقت راحة أو نوم أو مرض أو وقت استقبال ضيف، وكن لطيفًا ومؤدبًا وكيسًا فطنًا.
سارع
سارع بالسؤال عن المريض وزيارته والاتصال به بالهاتف، واعلم أن الأيام دول بين الناس.. فاليوم أنت معافًى، وغدًا تكون مريضًا، واليوم أنت مريض، وغدًا تكون معافًى وهكذا.
فإن الحال لا يدوم..
كما أن زيارة المريض والسؤال عنه عمل إنساني من الدرجة الأولى، قبل أن يكون عملاً من أعمال صميم خلق المسلم تجاه أخيه المسلم.
وقد جاء في فضل زيارة المريض أن زائر المريض يفوز بثمار الجنة حتى يرجع من زيارته.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع"، قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال: "جناها" (رواه مسلم).
وروى علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما من مسلم يعود مسلمًا غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له رفيق في الجنة" (رواه الترمذي).
كما أنه من الود والأدب أيضًا أن يسأل المسلم أهل المريض عن حاله، فقد ورد أن الناس قد سألوا عليًّا لما خرج من عند رسول الله في مرضه وأجابهم علي بقوله: "يصبح بحمد الله بارئًا".
ثم انظر أخي كم هناك من المسلمين في حال تقصير شديد تجاه بعضهم البعض حال المرض، ربما تمر الأيام والشهور ولا يجد المريض أحدًا يسأل عنه ولو حتى باتصال هاتفي.
سبحان الله.. ألم يعلم هؤلاء أن الأيام قُلّب وتتداول بين الناس، فالمريض غدًا سيعافى، والمعافى غدًا سيمرض.. ولكن من يفهم ذلك؟.
إنها قسوة القلوب امتلكت أصحابها فعميت أبصارهم وذهبت أخلاقهم.. وللأسف قد نجد ذلك في بعض أوساط الذين يعتبرون أنفسهم من العارفين والزاهدين.
تعلَّم أدب الاختلاف
إذا حدث واختلفت مع غيرك، فكن ذا معرفة جيدة بآداب الاختلاف في الرأي، وضع نُصب عينيك دائمًا أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
كن خير أمين
لا تفش سر أصدقائك ومن ائتمنوك وكن خير أمين.
إن حفظ الأسرار شيء فطري، ترشد إليه الطبيعة البشرية، فكل إنسان يجب أن يحفظ من الأسرار الكثير سواء أكانت خيرًا لما ورد في الأثر: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"، أو شرًّا كما ورد في الخبر "الإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس".
ويعتبر حفظ الأسرار فضيلةً من فضائل الأخلاق سواء في القديم أو الحديث، ثم عندما جاء الإسلام الذي قامت تعاليمه على الالتزام بالقيم وإحياء ما اندثر منها؛ جعل هذا دينًا وعقيدة وأسلوب حياة.
إياك ونكران الجميل
لا تنس الإحسان إلى من أخذوا بيدك في بداية حياتك، وعرَّفوك بربك وبحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم.. وكن لهم خير شاكر دائمًا ومُحبًّا.. وإياك ونكران الجميل لمن أحسن إليك وقدّم يديه إليك.. فذلك ليس من شيم الرجال ولا من أخلاق المؤمنين.
لا تصاحب إلا مؤمنًا
صاحِب وزامل دائمًا من هم أعلى منك فهمًا وفقهًا للدين؛ ولكن باعتدال ووسطية ورفق ولين، واحرص ألا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي.
احرص على طيب الكلام
اجعل كلامك شهدًا عسلاً طيبًا، فالكلمة الطيبة صدقة، تنشرح لها الصدور، وتمتص بها متاعب القلوب.
تواضَعْ
كن عاقلاً ومهذبًا ومتواضعًا عندما تتحدث مع والديك أو من هم قائمون على تربيتك من أرباب التربية، من شيوخ ومربين وأساتذة مصلحين.
واعلم أنه إذا كان لكل داء دواء يعالج به، فإن الحماقة أتعبت من يريد أن يداويها.
--------------
الهوامش:
(1) رواه البخاري.
(2) رواه الترمذي.
(3) رواه الترمذي.
(4) رواه البخاري ومسلم.
(5) رواه البخاري
بقلم: الشيخ محمد عبد الباسط محمد مصطفى