لمحة عن تاريخ تل رفعت وعن ثورتها
لمحة عن تاريخ مدينة تل رفعت وعن أحداث ثورتها ::
في الشمال من سوريا مدينة عريقة عرفت بالقديم بتل أرفاد واليوم تعرف ب تل رفعت - وهي تابعة لمحافظة حلب في وسطها يتربع تل قديم وفي طرفها الغربي تمر سكة قطار أسست أيام العثمانيين .
شيمة أهل هذه المدينة النخوة والإباء والكرم كباقي أهل سوريا .
شاركت هذه المدينة أهل سوريا أفراحهم وأتراحهم منذ أيام الثمانينات وإلى الآن على الرغم من موقعها النائي والبعيد ومن صغر حجمها إلا أنه كان لها شأن عظيم في ثورة حلب .
فلقد كان لها النصيب الأوفى أيام الثمانينات من المعاناة فقد فقدت في تلك الأيام فلذات أكبادها من خيرة شبابها المثقف من طبيب ومهندس ومعلم كانوا شعلة جهاد وكفاح وعانت من الظلم والقهر ما عانته أيام الثمانينات وحتى يومنا هذا .
فقد حرمت من أي منصب سياسي أو غيره حتى أن الضباط سرحوا من رتبة ملازم أول وحتى رتبة عقيد ولم يبقى منهم إلا القليل إما أن يكون ممالئ ومداهن للسلطة أو مهمش ليس له أي اعتبار عسكري , بالرغم من أن القرى التي حولها والتي لا تدانيها بالعلم والأخلاق حظيت بأعلى المناصب .
عاشت هذه المدينة في هذا الظلم قرابة الأربعين عاما وهو ما عاشه أهل سوريا كلهم وخيم الخوف على قلوب من شهد تلك الأحداث أيام الثمانينات إلى أن جاءت ساعة الصفر ,هذه الساعة التي هبّ فيها أهل سوريا لمقارعة الظلم والفساد والتي كانت شرارتها أهل درعا في أقصى الجنوب بتاريخ
15-3-2011
.
فهبّ أهل مدينة تل رفعت في أقصى الشمال لنصرة إخوتهم في أقصى الجنوب وذلك بتاريخ 29-4-2011 بمظاهرة صغيرة طالب أهلها فيها بالحرية والكرامة وفك الحصار عن أهلنا في درعا .
كل من شارك في هذه المظاهرة كانوا شبابا أما الآباء والأجداد فقد كانوا يعرفون أجرام هذا النظام وظلمه لأنهم شهدوا أحداث الثمانينات فكانوا يمنعون أبنائهم من الخروج في المظاهرات خوفا عليهم من بطش النظام .
كان شباب هذه المدينة ينزلون إلى حلب قبل هذا التاريخ علّها تنتفض نصرة لأهل درعا كما انتفضت أيام الثمانينات ولكن الزمان قد تغير فقرروا الخروج بمدينتهم الهادئة الطيبة النائية وكان لهم النصيب الأوفى أيضا من القمع والظلم لخروجهم بمظاهرات مناوئة للنظام وعاشت هذه المدينة ما عاشه أهل سوريا في كافة المناطق والمدن التي خرجت بمظاهرات مناوئة للنظام من مداهمات واعتقالات وتعذيب في السجون .
كنا في البداية نفر إلى الكروم والأراضي المحيطة بمدينتنا هربا من الأمن ولكننا بعد ذلك قررنا مواجهة الأمن ولكن بماذا نواجهه فلم يكن معنا سوى الحجارة ولكننا واجهناهم ودحرناهم أكثر من مرة إلى مخفر المدينة وكانت التعزيزات تأتينا من مدينة حلب لقمعنا ولكننا مضينا بالمظاهرات ولم نأبه لا لاعتقال ولا لتعذيب ولا لمضايقات كانت تفرض على المدينة بحكم أننا نزاول عملنا في مدينة حلب فكانوا ينصبون الحواجز على طريقنا إلى حلب وينزلون من له اسم عندهم بأنه مشارك بالمظاهرات .
وبالرغم من هذا التضييق تابعنا المظاهرات وارتدينا أقنعة في أثناء المظاهرات حتى لا يتعرف علينا الفسافيس ومنا من ترك عمله في مدينة حلب وتفرغ للثورة والمظاهرات وبقي الوضع على ما هو عليه مظاهرات ومداهمات ومواجهات بالحجارة واعتقالات قرابة الخمسة الأشهر دون سقوط شهداء إلى أن جاء ذلك اليوم العصيب والحزين والذي سقط فيه الشهيد أحمد حومد في ثاني أيام عيد الفطر الموافق ل 2-9-2011
في ذلك اليوم اقتحم الأمن المدينة وجرت اشتباكات بين أهل المدينة التي لم يكن معها سوى الحجارة وبين الأمن الذي كان يواجه الأهالي بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي سقط على إثرها شهيد وأكثر من سبعين جريح بدأت هذه الاشتباكات من الساعة الرابعة عصرا في البداية دحرناهم حتى المخفر واستسلموا وقالوا نريد أن نغادر المدينة فأعطيناهم الأمان حتى يغادروا ولكنهم خدعونا بهذا الاستسلام فهم كانوا ينتظرون الدعم وما إن أتاهم الدعم حتى بدؤوا بإطلاق الرصاص علينا كالمطر ولم تهدأ الحال حتى الساعة الحادية عشر ليلا عندها لزم الأهالي بيوتهم من كثرة التعب ودخلت الشبيحة المدينة وعاثوا فيها فسادا فقد قاموا بسرقة المحال التجارية وحرقها وحرقوا الآليات المتواجدة على الطريق العام وخرجوا منها في نفس الليلة كل ذلك كان سببه مدير الناحية الذي طلب الدعم وقال إن الأهالي يريدون اقتحام المخفر وحصل ما حصل.
حاول الأمن أخذ جثمان الشهيد ولكن الأهالي منعوهم من ذلك واخفوا الشهيد وحاولوا بأن يفاوضوا أهل الشهيد بأن يقولوا بأن العصابات الإرهابية هم من قتلوا الشهيد مقابل أموال ومناصب لأخوة الشهيد لكنهم رفضوا هذه العروض ونامت المدينة يومها في ظلام دامس وحزن شديد فهي أول مرة يسقط عندها شهيد .
وفي اليوم التالي كان يومها يوم جمعة شيع أهل المدينة الشهيد بعد صلاة الجمعة شارك فيها أهل المدينة كلهم فكانت أكبر جنازة تشهدها المدينة ظهرت فيها المدينة كلها يد واحدة وهي بالفعل كذلك وبالمصائب تزداد الألفة والمحبة وبقيت المدينة ثلاثة أيام تعيش في حزن وهدوء وسكون وكأن الأشباح تسكنها وخاصة في الليل فتجد المدينة مظلمة ولا تجد أحدا في الشارع , كان معهم الحق في ذلك لأنهم لم يعتادوا بعد على ذلك وكانوا يرون على شاشات التلفاز تشيع الشهداء في مناطق أخرى من سوريا .
وبعد مرور الثلاثة الأيام بدأت الحياة تعود طبيعية رويدا رويدا وعاد الأهالي إلى المظاهرات بل ازدادوا إصرارا وتصميما بعد سقوط شهيدهم وفاء له ولكل شهداء سوريا .
تبدل مدير الناحية وجاء آخر لكنه كان على عكس سابقه كان من مدينه اسمها جيرود تقع في الشرق من العاصمة دمشق كان يرافق المظاهرة وبعد مرور ساعة على المظاهرة يطلب من الأهالي أن يفضوا المظاهرة عشنا معه فترة من الزمن إلى أن جاء ضابط علوي برتبة رائد ومعه كتيبة يريد أن ينهي زمن المظاهرات في تل رفعت جاءه مدير الناحية وقال له إن دخلت المدينة فلن تخرج منها وأنصحك أن تتركهم وأنا انهي المظاهرة فأبى وشاءت التقادير الإلهية أن يمر القطار من المدينة فانقسمت كتيبته قسمين وكان هو مع القسم الذي يقع من طرف الأهالي فاعتقلوه وعناصره الأربعين وجاءت التعزيزات من مدينة حلب لإنقاذه وبعد مفاوضات طويلة قرر الأهالي تسليمه حقنا للدماء مقابل انسحابهم وعدم دخولهم المدينة وقاموا بإعطاب الروسيات التي كانت معهم وكان هناك حافلتين للأمن قاموا بإعطابهم أيضا ومن بعد هذه الحادثة لم يتجرأ النظام على إرسال قواته لقمع المظاهرات وعاشت المدينة في أمن وأمان مع وجود بعض العناصر في المخفر لا يتعرضون لنا ولا نتعرض لهم إلى أن جاء ذلك اليوم الذي حرر الأهالي مدينتهم من آخر عنصر أمن فلم يعد هناك لا ناحية ولا أمانة سجل مدني ولا شعبة تجنيد .
شكل الأهالي حواجز حول مدينتهم تحسبا لأي خطر قد يداهم المدينة وانقسمت على شكل مجموعات ما يعرف باسم الجيش الحر منهم عناصر انشقوا عن الجيش النظامي ومنهم متطوعين لحماية المدينة من غدر الغادرين وهم في عمل مستمر استعدادا لأيام مقبلة لا يعرفون ما سيجري بها فكانوا على عمل مستمر بتصنيع العبوات الناسفة والقاظانات يلغمون بها حول المدينة تحسبا لاقتحام الجيش لها وبقي الوضع على ما هو عليه إلى أن جاء ذلك اليوم المشئوم الموافق ل 9-4-2011
وكان في ذلك اليوم أن اقتحم الجيش الريف الشمالي كله لمدينة حلب بأعداد ضخمة من الآليات من دبابات وبيكابات مثبت عليها رشاشات وكاسحات ألغام وتركسات وعناصر من الجيش قدرت بخمسة آلاف عنصر يرافقها الطيران المروحي هذه الأعداد الضخمة كانت خصيصا لمدينة تل رفعت لأنهم وصلتهم معلومات بأن أهل المدينة قد لغموا كل شيء أن حتى التل وذلك بواسطة الفسافيس الذين ينقلون الأخبار أول بأول , كانت هذه أكبر حملة يشنها النظام على مدينة بهذا الصغر , كان سيط هذه المدينة قد ملأ الآفاق وحق لها ذلك فقد كانت نواة الثورة في حلب وريفها
علم أهل المدينة بأن الجيش سيقتحم المدينة قبل أيام فنزح أهل المدينة عن بكرة أبيهم منهم من نزح إلى القرى المجاورة ومنهم من نزح إلى مدينة حلب ومنهم من نزح إلى تركيا ولم يتبقى فيها سوى الجيش الحر لعلهم يستطيعون صدهم ولكن الأعداد التي رأوها لا يستطيعون مواجهتهم ولو لساعة وذلك لأسباب منها قلة السلاح والذخيرة فهم ليس معهم سوى سلاحهم الخفيف روسيات والألغام وعندما رأوا الطيران داعما للجيش قرروا الانسحاب حقنا لدمائهم وتخفيف الخراب عن البلد فلم يجدوا أحدا سوى مجموعة من الشباب وعددهم أربعة عشر شاب قتلهم جميعا منهم سبعة احرقهم هؤلاء السبعة كلهم أولاد عم , أربعة منهم إخوة , وثلاثة إخوة كانت مصيبة كبيرة قد وقعت على هذه العائلة جبر الله مصابهم وأعانهم الله .
أحرق الجيش بدخوله المدينة الكثير من البيوت والمحال التجارية قدرت خسارة المدينة بنحو ملياري ليرة سورية والحمد لله كانت الخسارة في الأرواح قليلة نوعا ما .
وبعد الاقتحام عاد الجيش إلى ثكناته العسكرية وبدأ الأهالي بالعودة تدريجيا إلى مدينتهم الطيبة وبدؤوا يصلحون ما أفسد الجيش .
في البداية دخل الإحباط إلى قلوبهم من دخول الجيش إلى مدينتهم ولكن إيمانهم بالله وثقتهم به أعادت الأمل والتفاؤل إليهم وعادوا إلى ما كانوا عليه قبل دخول الجيش من مظاهرات وتجهيزات واستعداد أكبر وأرادوا أن يضبطوا الأمن في المدينة أكثر فأسسوا اللجنة الشرعية في مدينة تل رفعت لحل أي مشكلة تعترض أهل المدينة فكانوا يأتونها من القرى المجاورة أيضا لحل مشاكلهم .
تطورت اللجنة الشرعية وتحولت إلى هيئة علماء المسلمين لحلب وريفها تدعمها اللجنة الضابطة وعناصرها من الجيش الحر, هذه اللجنة الشرعية تقضي في كافة الأمور التي تعرض عليها من أمور دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية .
ازدادت قوة الجيش الحر فدخل مدينة حلب ليحررها من براثن النظام ولا يزال يخوض هذه المعارك , هذا الجيش الحر كان عبارة عن كتائب من كافة مدن وقرى الريف التي كانت تدافع عن مدنهم وقراهم .
كانت كتائب مدينتنا تدعم كافة مدن وقرى الريف إذا ما حاول الجيش اقتحامها , فقد حاول الجيش اقتحام عندان فكانت كتائبنا يدا بيد مع كتائب عندان وشاركت كتائبنا أيضا في تحرير مدينة إعزاز الواقعة شمال مدينتنا من براثن النظام وكان ذلك بتحرير مبنى الأمن العسكري آخر معقل للنظام في مدينة إعزاز17-7-2012 سميت مدينة إعزاز بمقبرة الدبابات لكثرة الدبابات التي دمرت فيها .
استولت الكتائب على دبابتين بقيت في مدينة إعزاز وخاض جيشنا الحر معاركه في حلب واستولى أيضا على دبابتين جاء بهما إلى مدينتنا كما خاضت كتائب الريف معارك على استراد حلب تركيا حيث كان يتواجد حاجز للنظام مدعم بالدبابات والآليات الثقيلة واستطاع تحطيم الحاجز واغتنام العديد من الآليات والدبابات.
شاركت هذه الدبابات التي اغتنمها الجيش الحر في معارك لتحرير مطار منّغ
تطورت الأمور أكثر من ذلك فلم يعد بمقدور النظام إرسال مثل تلك الحملة التي شنها على الريف أول مرة فبدأ بقصف الريف كله من مطار منّغ العسكري ومن مدرسة المشاة بحلب ومن جمعية الزهراء.
في البداية هبنا الأمر فنزحنا إلى تركيا و حلب , ولكننا بعد ذلك تأقلمنا مع الأمر وعشنا تحت القصف المدفعي والصاروخي في مدينتنا ولا زلنا نعيش ازداد التضييق على النظام فبدأ يستخدم الطيران الحربي ولما ننتهي بعد ولا ندري ما الله فاعل بنا ولكن ثقتنا بالله كبيرة وسيأتي يوم نرى النصر فيه إن شاء الله
في الشمال من سوريا مدينة عريقة عرفت بالقديم بتل أرفاد واليوم تعرف ب تل رفعت - وهي تابعة لمحافظة حلب في وسطها يتربع تل قديم وفي طرفها الغربي تمر سكة قطار أسست أيام العثمانيين .
شيمة أهل هذه المدينة النخوة والإباء والكرم كباقي أهل سوريا .
شاركت هذه المدينة أهل سوريا أفراحهم وأتراحهم منذ أيام الثمانينات وإلى الآن على الرغم من موقعها النائي والبعيد ومن صغر حجمها إلا أنه كان لها شأن عظيم في ثورة حلب .
فلقد كان لها النصيب الأوفى أيام الثمانينات من المعاناة فقد فقدت في تلك الأيام فلذات أكبادها من خيرة شبابها المثقف من طبيب ومهندس ومعلم كانوا شعلة جهاد وكفاح وعانت من الظلم والقهر ما عانته أيام الثمانينات وحتى يومنا هذا .
فقد حرمت من أي منصب سياسي أو غيره حتى أن الضباط سرحوا من رتبة ملازم أول وحتى رتبة عقيد ولم يبقى منهم إلا القليل إما أن يكون ممالئ ومداهن للسلطة أو مهمش ليس له أي اعتبار عسكري , بالرغم من أن القرى التي حولها والتي لا تدانيها بالعلم والأخلاق حظيت بأعلى المناصب .
عاشت هذه المدينة في هذا الظلم قرابة الأربعين عاما وهو ما عاشه أهل سوريا كلهم وخيم الخوف على قلوب من شهد تلك الأحداث أيام الثمانينات إلى أن جاءت ساعة الصفر ,هذه الساعة التي هبّ فيها أهل سوريا لمقارعة الظلم والفساد والتي كانت شرارتها أهل درعا في أقصى الجنوب بتاريخ
15-3-2011
.
فهبّ أهل مدينة تل رفعت في أقصى الشمال لنصرة إخوتهم في أقصى الجنوب وذلك بتاريخ 29-4-2011 بمظاهرة صغيرة طالب أهلها فيها بالحرية والكرامة وفك الحصار عن أهلنا في درعا .
كل من شارك في هذه المظاهرة كانوا شبابا أما الآباء والأجداد فقد كانوا يعرفون أجرام هذا النظام وظلمه لأنهم شهدوا أحداث الثمانينات فكانوا يمنعون أبنائهم من الخروج في المظاهرات خوفا عليهم من بطش النظام .
كان شباب هذه المدينة ينزلون إلى حلب قبل هذا التاريخ علّها تنتفض نصرة لأهل درعا كما انتفضت أيام الثمانينات ولكن الزمان قد تغير فقرروا الخروج بمدينتهم الهادئة الطيبة النائية وكان لهم النصيب الأوفى أيضا من القمع والظلم لخروجهم بمظاهرات مناوئة للنظام وعاشت هذه المدينة ما عاشه أهل سوريا في كافة المناطق والمدن التي خرجت بمظاهرات مناوئة للنظام من مداهمات واعتقالات وتعذيب في السجون .
كنا في البداية نفر إلى الكروم والأراضي المحيطة بمدينتنا هربا من الأمن ولكننا بعد ذلك قررنا مواجهة الأمن ولكن بماذا نواجهه فلم يكن معنا سوى الحجارة ولكننا واجهناهم ودحرناهم أكثر من مرة إلى مخفر المدينة وكانت التعزيزات تأتينا من مدينة حلب لقمعنا ولكننا مضينا بالمظاهرات ولم نأبه لا لاعتقال ولا لتعذيب ولا لمضايقات كانت تفرض على المدينة بحكم أننا نزاول عملنا في مدينة حلب فكانوا ينصبون الحواجز على طريقنا إلى حلب وينزلون من له اسم عندهم بأنه مشارك بالمظاهرات .
وبالرغم من هذا التضييق تابعنا المظاهرات وارتدينا أقنعة في أثناء المظاهرات حتى لا يتعرف علينا الفسافيس ومنا من ترك عمله في مدينة حلب وتفرغ للثورة والمظاهرات وبقي الوضع على ما هو عليه مظاهرات ومداهمات ومواجهات بالحجارة واعتقالات قرابة الخمسة الأشهر دون سقوط شهداء إلى أن جاء ذلك اليوم العصيب والحزين والذي سقط فيه الشهيد أحمد حومد في ثاني أيام عيد الفطر الموافق ل 2-9-2011
في ذلك اليوم اقتحم الأمن المدينة وجرت اشتباكات بين أهل المدينة التي لم يكن معها سوى الحجارة وبين الأمن الذي كان يواجه الأهالي بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي سقط على إثرها شهيد وأكثر من سبعين جريح بدأت هذه الاشتباكات من الساعة الرابعة عصرا في البداية دحرناهم حتى المخفر واستسلموا وقالوا نريد أن نغادر المدينة فأعطيناهم الأمان حتى يغادروا ولكنهم خدعونا بهذا الاستسلام فهم كانوا ينتظرون الدعم وما إن أتاهم الدعم حتى بدؤوا بإطلاق الرصاص علينا كالمطر ولم تهدأ الحال حتى الساعة الحادية عشر ليلا عندها لزم الأهالي بيوتهم من كثرة التعب ودخلت الشبيحة المدينة وعاثوا فيها فسادا فقد قاموا بسرقة المحال التجارية وحرقها وحرقوا الآليات المتواجدة على الطريق العام وخرجوا منها في نفس الليلة كل ذلك كان سببه مدير الناحية الذي طلب الدعم وقال إن الأهالي يريدون اقتحام المخفر وحصل ما حصل.
حاول الأمن أخذ جثمان الشهيد ولكن الأهالي منعوهم من ذلك واخفوا الشهيد وحاولوا بأن يفاوضوا أهل الشهيد بأن يقولوا بأن العصابات الإرهابية هم من قتلوا الشهيد مقابل أموال ومناصب لأخوة الشهيد لكنهم رفضوا هذه العروض ونامت المدينة يومها في ظلام دامس وحزن شديد فهي أول مرة يسقط عندها شهيد .
وفي اليوم التالي كان يومها يوم جمعة شيع أهل المدينة الشهيد بعد صلاة الجمعة شارك فيها أهل المدينة كلهم فكانت أكبر جنازة تشهدها المدينة ظهرت فيها المدينة كلها يد واحدة وهي بالفعل كذلك وبالمصائب تزداد الألفة والمحبة وبقيت المدينة ثلاثة أيام تعيش في حزن وهدوء وسكون وكأن الأشباح تسكنها وخاصة في الليل فتجد المدينة مظلمة ولا تجد أحدا في الشارع , كان معهم الحق في ذلك لأنهم لم يعتادوا بعد على ذلك وكانوا يرون على شاشات التلفاز تشيع الشهداء في مناطق أخرى من سوريا .
وبعد مرور الثلاثة الأيام بدأت الحياة تعود طبيعية رويدا رويدا وعاد الأهالي إلى المظاهرات بل ازدادوا إصرارا وتصميما بعد سقوط شهيدهم وفاء له ولكل شهداء سوريا .
تبدل مدير الناحية وجاء آخر لكنه كان على عكس سابقه كان من مدينه اسمها جيرود تقع في الشرق من العاصمة دمشق كان يرافق المظاهرة وبعد مرور ساعة على المظاهرة يطلب من الأهالي أن يفضوا المظاهرة عشنا معه فترة من الزمن إلى أن جاء ضابط علوي برتبة رائد ومعه كتيبة يريد أن ينهي زمن المظاهرات في تل رفعت جاءه مدير الناحية وقال له إن دخلت المدينة فلن تخرج منها وأنصحك أن تتركهم وأنا انهي المظاهرة فأبى وشاءت التقادير الإلهية أن يمر القطار من المدينة فانقسمت كتيبته قسمين وكان هو مع القسم الذي يقع من طرف الأهالي فاعتقلوه وعناصره الأربعين وجاءت التعزيزات من مدينة حلب لإنقاذه وبعد مفاوضات طويلة قرر الأهالي تسليمه حقنا للدماء مقابل انسحابهم وعدم دخولهم المدينة وقاموا بإعطاب الروسيات التي كانت معهم وكان هناك حافلتين للأمن قاموا بإعطابهم أيضا ومن بعد هذه الحادثة لم يتجرأ النظام على إرسال قواته لقمع المظاهرات وعاشت المدينة في أمن وأمان مع وجود بعض العناصر في المخفر لا يتعرضون لنا ولا نتعرض لهم إلى أن جاء ذلك اليوم الذي حرر الأهالي مدينتهم من آخر عنصر أمن فلم يعد هناك لا ناحية ولا أمانة سجل مدني ولا شعبة تجنيد .
شكل الأهالي حواجز حول مدينتهم تحسبا لأي خطر قد يداهم المدينة وانقسمت على شكل مجموعات ما يعرف باسم الجيش الحر منهم عناصر انشقوا عن الجيش النظامي ومنهم متطوعين لحماية المدينة من غدر الغادرين وهم في عمل مستمر استعدادا لأيام مقبلة لا يعرفون ما سيجري بها فكانوا على عمل مستمر بتصنيع العبوات الناسفة والقاظانات يلغمون بها حول المدينة تحسبا لاقتحام الجيش لها وبقي الوضع على ما هو عليه إلى أن جاء ذلك اليوم المشئوم الموافق ل 9-4-2011
وكان في ذلك اليوم أن اقتحم الجيش الريف الشمالي كله لمدينة حلب بأعداد ضخمة من الآليات من دبابات وبيكابات مثبت عليها رشاشات وكاسحات ألغام وتركسات وعناصر من الجيش قدرت بخمسة آلاف عنصر يرافقها الطيران المروحي هذه الأعداد الضخمة كانت خصيصا لمدينة تل رفعت لأنهم وصلتهم معلومات بأن أهل المدينة قد لغموا كل شيء أن حتى التل وذلك بواسطة الفسافيس الذين ينقلون الأخبار أول بأول , كانت هذه أكبر حملة يشنها النظام على مدينة بهذا الصغر , كان سيط هذه المدينة قد ملأ الآفاق وحق لها ذلك فقد كانت نواة الثورة في حلب وريفها
علم أهل المدينة بأن الجيش سيقتحم المدينة قبل أيام فنزح أهل المدينة عن بكرة أبيهم منهم من نزح إلى القرى المجاورة ومنهم من نزح إلى مدينة حلب ومنهم من نزح إلى تركيا ولم يتبقى فيها سوى الجيش الحر لعلهم يستطيعون صدهم ولكن الأعداد التي رأوها لا يستطيعون مواجهتهم ولو لساعة وذلك لأسباب منها قلة السلاح والذخيرة فهم ليس معهم سوى سلاحهم الخفيف روسيات والألغام وعندما رأوا الطيران داعما للجيش قرروا الانسحاب حقنا لدمائهم وتخفيف الخراب عن البلد فلم يجدوا أحدا سوى مجموعة من الشباب وعددهم أربعة عشر شاب قتلهم جميعا منهم سبعة احرقهم هؤلاء السبعة كلهم أولاد عم , أربعة منهم إخوة , وثلاثة إخوة كانت مصيبة كبيرة قد وقعت على هذه العائلة جبر الله مصابهم وأعانهم الله .
أحرق الجيش بدخوله المدينة الكثير من البيوت والمحال التجارية قدرت خسارة المدينة بنحو ملياري ليرة سورية والحمد لله كانت الخسارة في الأرواح قليلة نوعا ما .
وبعد الاقتحام عاد الجيش إلى ثكناته العسكرية وبدأ الأهالي بالعودة تدريجيا إلى مدينتهم الطيبة وبدؤوا يصلحون ما أفسد الجيش .
في البداية دخل الإحباط إلى قلوبهم من دخول الجيش إلى مدينتهم ولكن إيمانهم بالله وثقتهم به أعادت الأمل والتفاؤل إليهم وعادوا إلى ما كانوا عليه قبل دخول الجيش من مظاهرات وتجهيزات واستعداد أكبر وأرادوا أن يضبطوا الأمن في المدينة أكثر فأسسوا اللجنة الشرعية في مدينة تل رفعت لحل أي مشكلة تعترض أهل المدينة فكانوا يأتونها من القرى المجاورة أيضا لحل مشاكلهم .
تطورت اللجنة الشرعية وتحولت إلى هيئة علماء المسلمين لحلب وريفها تدعمها اللجنة الضابطة وعناصرها من الجيش الحر, هذه اللجنة الشرعية تقضي في كافة الأمور التي تعرض عليها من أمور دينية وسياسية واجتماعية واقتصادية .
ازدادت قوة الجيش الحر فدخل مدينة حلب ليحررها من براثن النظام ولا يزال يخوض هذه المعارك , هذا الجيش الحر كان عبارة عن كتائب من كافة مدن وقرى الريف التي كانت تدافع عن مدنهم وقراهم .
كانت كتائب مدينتنا تدعم كافة مدن وقرى الريف إذا ما حاول الجيش اقتحامها , فقد حاول الجيش اقتحام عندان فكانت كتائبنا يدا بيد مع كتائب عندان وشاركت كتائبنا أيضا في تحرير مدينة إعزاز الواقعة شمال مدينتنا من براثن النظام وكان ذلك بتحرير مبنى الأمن العسكري آخر معقل للنظام في مدينة إعزاز17-7-2012 سميت مدينة إعزاز بمقبرة الدبابات لكثرة الدبابات التي دمرت فيها .
استولت الكتائب على دبابتين بقيت في مدينة إعزاز وخاض جيشنا الحر معاركه في حلب واستولى أيضا على دبابتين جاء بهما إلى مدينتنا كما خاضت كتائب الريف معارك على استراد حلب تركيا حيث كان يتواجد حاجز للنظام مدعم بالدبابات والآليات الثقيلة واستطاع تحطيم الحاجز واغتنام العديد من الآليات والدبابات.
شاركت هذه الدبابات التي اغتنمها الجيش الحر في معارك لتحرير مطار منّغ
تطورت الأمور أكثر من ذلك فلم يعد بمقدور النظام إرسال مثل تلك الحملة التي شنها على الريف أول مرة فبدأ بقصف الريف كله من مطار منّغ العسكري ومن مدرسة المشاة بحلب ومن جمعية الزهراء.
في البداية هبنا الأمر فنزحنا إلى تركيا و حلب , ولكننا بعد ذلك تأقلمنا مع الأمر وعشنا تحت القصف المدفعي والصاروخي في مدينتنا ولا زلنا نعيش ازداد التضييق على النظام فبدأ يستخدم الطيران الحربي ولما ننتهي بعد ولا ندري ما الله فاعل بنا ولكن ثقتنا بالله كبيرة وسيأتي يوم نرى النصر فيه إن شاء الله