كُن بكَّاءً من خشية الله
سبحان الذي تتجلى عظمته.. في الحديث القدسي الشريف؛ حيث يقول سبحانه وتعالى: "يا ابن آدم، جعلتك في بطن أمك، وغشيت وجهك بغشاء، لئلا تنفر من الرحم، وجعلت وجهك إلى ظهر أمك لئلا تؤذيك رائحة الطعام، وجعلت لك متكأً عن يمينك ومتكأً عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فالكبد.. وأما الذي عن شمالك فالطحال..وعلَّمتك القيام والقعود في بطن أمك.. فهل يقدر على ذلك غيري؟! فلما أن تمَّت مدتك.. وأوحيت إلى الملك بالأرحام أن يخرجك فأخرجك على ريشة من جناحه، لا لك سن تقطع.. ولا يد تبطش.. ولا قدم تسعى.. فانبعث لك عرقان رقيقان في صدر أمك يجريان لبنًا خالصًا.. حارًّا في الشتاء وباردًا في الصيف، وألقيت محبتك في قلب أبويك، فلا يشبعان حتى تشبع.. ولا يرقدان حتى ترقد..فلما قوي ظهرك واشتد أزرك، بارزتني بالمعاصي في خلواتك..ولم تستح مني.. مع هذا إن دعوتني أجبتك، وإن سألتني أعطيتك.. وإن تبت إليّ قبلتك".
سبحانه ما أعظمه..
فيا أخانا الحبيب.. هل بكيت خشيةً من الله سبحانه وتعالى؟.. هل رأيت كثير ذنوبك؛ فسكبت الدمع ندمًا وتندمًا وحياءً من الله؟، هل نظرت إلى تقصيرك في الصلوات الخمس فحزنت لذلك وسكبت دموع الأسف والحياء من الله؟، هل تأملت عناية الله ورحمته بك وحفظه لك وإمهاله لك في الوقت الذي أنت عنه مُعرض فحزنت لحالك هذا وذرفت دموعًا من خشيته؟، هل تأملت عذاب الله يوم لا ينفع مال ولا بنون؛ فحسبت لذلك حسابًا وأعددت لذلك عُدة وسكبت دمعًا من خشية الله وخوفًا من عذابه وعقابه؟، هل نظرت إلى كتاب الله الكريم فوجدت نفسك هاجرًا له؛ فحزنت وبكيت على تقصيرك خشية من ربك؟، هل نظرت إلى حقوق العباد عليك فوجدت تقصيرًا، فأخذك الهم والحزن فسكبت الدمع؛ برهانًا لله على أسفك وندمك على تقصيرك في حقوقهم؟، هل فكَّرت في دعوة لله وشرف العمل لها، فوجدت نفسك مقصرًا غيرُ إيجابيّ؛ فحزنت لذلك وذرفت الدمع حزنًا وخشية من الله؟، هل سمعت آيات العذاب تُقرأ أمامك وعلى مسامعك فخررت مغشيًا عليك دامعًا من خشية الله تعالى؟، هل سمعت آيات النعيم والجنان والقرب من الرحمن؛ فتأثرت وراحت نفسك تسرح في نعيم جنات الله، وزاد شوقك وتأججت رغبتك، فذرفت دموعًا صادقات من خشية الله؛ طمعًا في جنته ورضوانه؟
بكاء النبي وخشيته ومتابعة الصحابة له
روى أبو هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم" رواه أحمد والترمذي.
عن أنس رضي الله عنه قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء، فخطب فقال: "عُرضت عليّ الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" قال: "فما أتى على أصحاب رسول الله يومٌ أشد منه"، قال: فغطوا رؤوسهم ولهم خنين" متفق عليه، أي بكوا بكاءً شديدًا.
وكم بكى النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا وسالت دموعه كثيرًا، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال عبد الله بن الشخّير رضي الله عنه: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلِّي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء" رواه أحمد والترمذي.
ولما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال: "تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون" متفق عليه.
وبكى لما قرأ ابن مسعود عليه سورة النساء.
وبكى لما جلس بجوار قبر إحدى بناته.
وكان يبكي في صلاة الليل.
- قال بعض السلف: ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا (زاد المعاد).
- كان عثمان بن عفان- رضي الله عنه- إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته من البكاء.
- كان علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- يقبض على لحيته ويبكي بكاء الخاشع الحزين.
- كان عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- يطفئ المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عيناه.
- بكى ثابت البناني حتى كاد بصره أن يذهب، فقيل له: نعالجك على أن لا تبكي، فقال: لا خير في عين لا تبكي.
بكى الباكون للرحمن ليلاً وباتوا دمعهم ما يسأمونا
بقاع الأرض من شوقي إليهم تحنُّ متى عليها يسجدونا
* قيل لعطاء السلمي: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي.
* كان عبد الواحد بن زيد يقول لعتبة: أرفق بنفسك؛ فيبكي ويقول: إنما أبكي على تقصيري.
صفات البكاء الحق
1- هو بكاء الضعف والخوف، ضعف وخوف من الله لا من غيره.
2- هو بكاء القلب والعين معًا لا بكاء العين فقط.
3- هو بكاء التصحيح للنفس والأخذ بها إلى الأهداف السامية والنبيلة.
4- هو بكاء يزيد معه وبه إيمان المسلم ويكون من خشية الله.
5- هو بكاء يُقرِّب العبد من السماء ويجعله يحلِّق فيها.
6- هو بكاء الصدق مع الله والإخلاص لله لا اصطناع فيه ولا رياء.
7- هو بكاء البيعة معه تتجدد مع الله ومع الرسول ومع القرآن.
8- هو البكاء الذي يُعيِّش صاحبه في آفاق الجنان فيزداد الشوق إليها والحنين ويصوّر النيران أمامه فتحدث الرعشة في الجسد والارتجاف.
دعاء
اللهم ارزقنا دمعات صادقات من خشيتك تمحو بها ذنوبنا، وترحم بها ضعفنا، وتجبر بها كسرنا، وتحقق بها أسمى أمانينا، اللهم ارزقنا دمعات صادقات ننل بها حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، اللهم ارزقنا دمعات صادقات تجلي بها قسوة قلوبنا ومرض نفوسنا وخراب ضمائرنا، اللهم ارزقنا دمعات صادقات تكون لنا شاهدات يا ربنا يا عظيم المكرمات
بقلم: الشيخ محمد عبد الباسط محمد مصطفى
سبحانه ما أعظمه..
فيا أخانا الحبيب.. هل بكيت خشيةً من الله سبحانه وتعالى؟.. هل رأيت كثير ذنوبك؛ فسكبت الدمع ندمًا وتندمًا وحياءً من الله؟، هل نظرت إلى تقصيرك في الصلوات الخمس فحزنت لذلك وسكبت دموع الأسف والحياء من الله؟، هل تأملت عناية الله ورحمته بك وحفظه لك وإمهاله لك في الوقت الذي أنت عنه مُعرض فحزنت لحالك هذا وذرفت دموعًا من خشيته؟، هل تأملت عذاب الله يوم لا ينفع مال ولا بنون؛ فحسبت لذلك حسابًا وأعددت لذلك عُدة وسكبت دمعًا من خشية الله وخوفًا من عذابه وعقابه؟، هل نظرت إلى كتاب الله الكريم فوجدت نفسك هاجرًا له؛ فحزنت وبكيت على تقصيرك خشية من ربك؟، هل نظرت إلى حقوق العباد عليك فوجدت تقصيرًا، فأخذك الهم والحزن فسكبت الدمع؛ برهانًا لله على أسفك وندمك على تقصيرك في حقوقهم؟، هل فكَّرت في دعوة لله وشرف العمل لها، فوجدت نفسك مقصرًا غيرُ إيجابيّ؛ فحزنت لذلك وذرفت الدمع حزنًا وخشية من الله؟، هل سمعت آيات العذاب تُقرأ أمامك وعلى مسامعك فخررت مغشيًا عليك دامعًا من خشية الله تعالى؟، هل سمعت آيات النعيم والجنان والقرب من الرحمن؛ فتأثرت وراحت نفسك تسرح في نعيم جنات الله، وزاد شوقك وتأججت رغبتك، فذرفت دموعًا صادقات من خشية الله؛ طمعًا في جنته ورضوانه؟
بكاء النبي وخشيته ومتابعة الصحابة له
روى أبو هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم" رواه أحمد والترمذي.
عن أنس رضي الله عنه قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء، فخطب فقال: "عُرضت عليّ الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" قال: "فما أتى على أصحاب رسول الله يومٌ أشد منه"، قال: فغطوا رؤوسهم ولهم خنين" متفق عليه، أي بكوا بكاءً شديدًا.
وكم بكى النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا وسالت دموعه كثيرًا، وهو المغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قال عبد الله بن الشخّير رضي الله عنه: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلِّي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء" رواه أحمد والترمذي.
ولما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال: "تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون" متفق عليه.
وبكى لما قرأ ابن مسعود عليه سورة النساء.
وبكى لما جلس بجوار قبر إحدى بناته.
وكان يبكي في صلاة الليل.
- قال بعض السلف: ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا (زاد المعاد).
- كان عثمان بن عفان- رضي الله عنه- إذا وقف على قبر يبكي حتى تخضل لحيته من البكاء.
- كان علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- يقبض على لحيته ويبكي بكاء الخاشع الحزين.
- كان عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- يطفئ المصباح بالليل ثم يبكي حتى تلتصق عيناه.
- بكى ثابت البناني حتى كاد بصره أن يذهب، فقيل له: نعالجك على أن لا تبكي، فقال: لا خير في عين لا تبكي.
بكى الباكون للرحمن ليلاً وباتوا دمعهم ما يسأمونا
بقاع الأرض من شوقي إليهم تحنُّ متى عليها يسجدونا
* قيل لعطاء السلمي: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أبكي حتى لا أقدر أن أبكي.
* كان عبد الواحد بن زيد يقول لعتبة: أرفق بنفسك؛ فيبكي ويقول: إنما أبكي على تقصيري.
صفات البكاء الحق
1- هو بكاء الضعف والخوف، ضعف وخوف من الله لا من غيره.
2- هو بكاء القلب والعين معًا لا بكاء العين فقط.
3- هو بكاء التصحيح للنفس والأخذ بها إلى الأهداف السامية والنبيلة.
4- هو بكاء يزيد معه وبه إيمان المسلم ويكون من خشية الله.
5- هو بكاء يُقرِّب العبد من السماء ويجعله يحلِّق فيها.
6- هو بكاء الصدق مع الله والإخلاص لله لا اصطناع فيه ولا رياء.
7- هو بكاء البيعة معه تتجدد مع الله ومع الرسول ومع القرآن.
8- هو البكاء الذي يُعيِّش صاحبه في آفاق الجنان فيزداد الشوق إليها والحنين ويصوّر النيران أمامه فتحدث الرعشة في الجسد والارتجاف.
دعاء
اللهم ارزقنا دمعات صادقات من خشيتك تمحو بها ذنوبنا، وترحم بها ضعفنا، وتجبر بها كسرنا، وتحقق بها أسمى أمانينا، اللهم ارزقنا دمعات صادقات ننل بها حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك، اللهم ارزقنا دمعات صادقات تجلي بها قسوة قلوبنا ومرض نفوسنا وخراب ضمائرنا، اللهم ارزقنا دمعات صادقات تكون لنا شاهدات يا ربنا يا عظيم المكرمات
بقلم: الشيخ محمد عبد الباسط محمد مصطفى