من دروس علم البيان ( الكناية )
الكناية
.........
الكناية :
هي تعبير لا يقصد منه المعنى الحقيقي ، و إنما يقصد به معنى ملازم للمعنى الحقيقي .
أو هي : تعبير استعمل في غير معناه الأصلي( الخيالي) الذي وضع له مع جواز إرادة المعنى الأصلي ( الحقيقي) .
مثل قول من يقول ( أبي نظيف اليد)
فمن الواضح أن المعنى الحقيقي هنا ليس مقصوداً وهو معنى غسل اليد و نظافتها من الأقذار ، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتولد ويظهر في ذهننا
وهو ( العفة أو الأمانة، أو النزاهة أو الترفع أو نقاء الضمير) وما شابه ذلك من المعاني المجردة حسب سياق الحديث ،
وهذه هي الكناية ( معنى ملازم للمعنى الحقيقي ).
مثال: قال تعالى (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ)
(سورة الفرقان: من الآية27) .
لو تأملنا الآية السابقة نجد أن المقصود من هذه الآية ليس المعنى الحقيقي وهو عض اليدين، وإنما يقصد المعنى الخيالي الملازم لذكر هذه العبارة الذي يتوّلد ويظهر في ذهننا من:
( الندم الشديد) حيث إن من ظلم نفسه بكفره بالله ورسوله ولم يستجب لدعوة الإيمان يرى مصيره المرعب يوم القيامة ألا وهو النار فيندم على ما كان منه في الحياة الدنيا في وقت لا ينفع فيه الندم ، فيعض على يديه .
من أمثلة الكناية :
- قال الله تعالى : ( جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم)
كناية عن السخرية والاستهزاء
- وقال أيضا: ( وحملناه على ذات ألواح ودسر )
كناية عن السفينة.
- و قال:( فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها )
كناية على الندم.
-جاءت امرأة فقيرة إلى أمير من الأمراء فقالت: يا أمير المؤمين،إني أشكو إليك قلة الفأر في بيتي.
كناية عن الفقر،لأن الفأر يعيش في الأماكن التي يوجد فيها الطعام.
- قول العرب ( فلان كثير النار أو كثير الرماد )
كناية عن كثرة الضيوف , حيث درجوا في عاداتهم على إشعال النار لجلب الضيوف
- قولهم ( نؤوم الضحى )
كناية عن الترف والرفاهية .
- قولهم ( منازل عشعشت فيها البوم والغربان)
كناية عن الخراب.
أنواع الكناية :
1 – كناية عن صفة :
وهي التي يكنى بالتركيب فيها عن صفة لازمة لمعناه
( كالكرم – العزة – القوة – الكثرة ...)
مثال : قال – تعالى - : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ )
كناية عن صفة البخل وكناية عن صفة التبذير
- فلان ألقى سلاحه ( كناية عن الاستسلام) .
- فلان نقي الثوب ( كناية عن النزاهة والطهارة ) .
2 – كناية عن موصوف :
وهي التي يكنى بالتركيب فيها عن ذات أو موصوف
مثل ( العرب – اللغة – السفينة )
وهي تفهم من العمل أو الصفة أو اللقب الذي انفرد به الموصوف .
مثال: قوله – تعالى – ( فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ ) كناية عن سيدنا يونس – عليه السلام - .
- قال أحمد شوقي :
يا ابنة اليم ما أبوك بخيل : فما باله مولعا بمنعي وحبسي
( ابنة اليم : بنت البحر ) كناية عن السفينة .
3– كناية عن نسبة :
وهي التي يصرح فيها بالصفة ولكنها تنسب إلى شيء متصل بالموصوف .
( كنسبته إلى الفصاحة – البلاغة – الخير)
حيث نأتي فيها بصفة لا تنسب إلى الموصوف مباشرة بل تنسب إلى شيء متصل به ويعود عليه .
مثال : قال الشاعر أبو نواس في مدح والي مصر :
فما جازه جود ولا حل دونه : ولكن يسير الجود حيث يسير
فقد نسب الجود إلى شيء متصل بالممدوح وهو المكان الذي يوجد فيه ذلك الممدوح .
مثال : الفصاحة في بيانه والبلاغة في لسانه
كناية عن نسبة هذا الشخص إلى الفصاحة ؛لأنها في بيانه وإلى البلاغة ؛ لأنها في لسانه .
مثال : ( الفضل يسير حيث سار فلان )
كناية عن نسبة الفضل إليه.
سر جمال الكناية :
الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.
الفرق بين الكناية والاستعارة :
الفرق أن في الاستعارة هناك قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول: رأيت أسداً يحكي بطولاته ،
فـلفظ ( أسد ) هنا استعارة، والقرينة (يحكي) وهذه القرينة مانعة لإرادة المعنى الحقيقي ، فلا يوجد أسد يحكي أو يتكلم ،
بينما في الكناية لا توجد قرينة تمنع وجود المعنى الحقيقي، فحين أقول : (عتريس يده طويلة ) فيجوز إرادة المعنى الحقيقي وهو طول اليد ، كما يجوز إرادة المعنى الخيالي الذي يختفي خلف المعنى الحقيقي و هو أنه لص .