موجبات الثبات على طريق نصرة دين الله
بقلم: د. الشيخ محمد عبد الباسط محمد مصطفى
- منزلة الدعوة إلى نُصرة دين الله
الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة منزلة عالية، ومن خصال المؤمنين الصادقين العاملين المخلصين الذين اختارهم الله لهذه المهمة العظيمة، ولقد أمرنا بها فقال: ?وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104)? (آل عمران)، ولقد استجاب هؤلاء الدعاة إلى نداء الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن ؟، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (رواه مسلم).
فالدعوة إلى نُصرة دين الله فريضة شرعية، وحاجة إنسانية، كما أنها شرف وقيمة وعزة ونعمة ورزق ساقه الله إلى من يحب ويشاء من عباده المؤمنين، فلا ينبغي أن نخجل أو نتوارى من أننا دعاة لنصرة دين الله عز وجل بل يجب أن نعتز بذلك، ولكن لهذه الدعوة طريق له طبيعته الخاصة، ويتطلب الثبات في السير فيه حتى تتحقق المقاصد والغايات، وهذا ما سوف نتناوله في هذه الدراسة.
- طبيعة طريق الدعوة إلى نصرة دين الله
يقول الفقهاء والدعاة بأن هذا الطريق مليء بالعقبات والصعاب وليس مفروشًا بالحرير، أو مزروعًا بالورود، أو ممهدًا بالبُسط، أو موقوفًا بزمن معين، بل هو ممتد إلى يوم قيام الساعة، فالمسلم يدعو إلى نصرة دين الله حتى يأتيه اليقين.
ولقد صور القرآن الكريم طبيعة هذا الطريق فقال الله: ?لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)? (آل عمران)، وقوله عز شأنه: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)? (البقرة)، ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طريق نصرة دين الله مليء بالابتلاءات والاختبارات، وكلما زاد الإيمان والرضا في هذا الطريق، زاد الابتلاء، ودليل ذلك إجابته صلى الله عليه وسلم عندما سئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاءً؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء ثم الأمثل" (متفق عليه)، وأمرنا صلى الله عليه وسلم بالصبر والرضا عند الابتلاء فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"، وهذه الابتلاءات والامتحانات في طريق نصرة دين الله توجب الثبات والصبر حتى النصر أو الشهادة، وهذا ما سوف نتناوله في الفقرة التالية.
- الثبات ضرورة شرعية لنصرة دين الله
بعد الثبات بأن يظل المسلم الذي بايع الله، عز وجل، عاملاً مجاهدًا في سبيل نصرة دينه، وغايته جعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين يصدون عن دين الله السفلى مهما بعدت المدد، وتطاولت الأعوام حتى يلقى الله سبحانه وتعالى وهو على هذا الطريق غير مبدل ولا مفرط، ولقد وصف القرآن الكريم هؤلاء، فقال الله تبارك وتعالى: ?مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)? (الأحزاب)، ولقد أمر الله سبحانه وتعالى المجاهدين في طريق نصرة دينه بالذكر والدعاء والثبات، فقال لهم الله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)? (الأنفال)، فأساس الفلاح لنصرة دين الله الثبات.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم والرسول صلى الله عليه ينشدون وهم يحفرون الخندق "والله لولا الله ما اهتدينا، ولا تصدقنا، ولا صلينا، فأنزل سكينة علينا، وثبت الأرض إن لاقينا إن الأُولى قد بغوا علينا، وإذا أردوا فتنة أبينا، أبينا، أبينا"، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع صوته في كلمة أبينا الثانية والثالثة، (رواه البخاري).
ولقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي تُوجب الثبات والصبر على الابتلاءات منها قولـه صلى الله عليه وسلم: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهو على ذلك" (رواه الحاكم)، فمن يثبت ويصبر في مواجهة المثبطين والمخذلين والقاعدين سوف ينتصر عليهم ويكون من الفالحين.
وكان الثبات عند المحن عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم من أهم تميزهم، وتفوقهم، ونصرتهم على أعدائهم، وهذا ما خلده التاريخ الإسلامي عنهم.
فيجب على المسلم السائر في طريق نصرة دين الله أن يثبت على البيعة التي بايع الله سبحانه وتعالى عليها صابرًا على الابتلاءات والمحن والتحديات التي تقابله في هذا الطريق، وطالبًا من الله أن يثبته على هذا الطريق حتى يأتيه اليقين، وأصل ذلك ما ورد في القرآن الكريم من آيات منها قول الله عز وجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)? (الأنفال)، وعندما تخلص النوايا وتصدق العزائم، يتولى الله سبحانه وتعالى بقدرته وبجنده مسألة التثبيت والنصر، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في سورة الأنفال في غزوة بدر حيث يقول القوى العزيز سبحانه وتعالى: ?إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)? (الأنفال)، فمن مقومات التثبيت في هذه الآية:
* طمأنة المجاهدين بأن الله معهم.
* دخول الرعب والخوف في قلوب الذين كفروا.
* التوجيه الإلهي بطريقة القتال.
وهذا الثبات له مقومات أساسية: معنوية وعتادية نتناولهما في الفقرة التالية إن شاء الله تعالى.
- مقومات الثبات في طريق نصرة دين الله
للثبات مقومات أساسية يجب أن تتوافر عند من يسيرون في طريق نصرة دين الله، نستنبطها من الكتاب والسنة ومن سير المجاهدين في سبيل الله، منها على سبيل المثال ما يلي:
أولاً: قوة الإيمان بأن الثبات من عند الله سبحانه وتعالى مهما كان الاستعداد بالعتاد وبالقوة البشرية، وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ?إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)? (الأنفال)، وقوله عز شأنه لرسوله: ?وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74)? (الإسراء)، فالقوة الإيمانية بأن الله سبحانه وتعالى مع عباده المجاهدين الصادقين والموفين بالعهد، وأنه لن يخذلهم، أو يخزيهم مهما كانت الابتلاءات تعتبر من الدوافع والحوافز القوية للثبات.
ثانيًا: صدق الإخلاص لله تعالى، ولدعوته، فهو الغاية التي نجاهد من أجلها، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ?قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)? (الزمر)، وهذا هو الحافز الذاتي للمضي قدمًا في هذا الطريق ثابتين على المبدأ الذي يقول: (الله غايتنا... والقرآن دستورنا... والرسول قدوتنا... والجهاد سبيلنا... والموت في سبيل الله أسمى أمانينا)، ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الفئة التي صدقت ما عاهدته عليه فقال: ?مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)? (الأحزاب)، وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" (رواه مسلم).
وشتان بين من يخلص عمله لله ولا يشرك به أحدًا ويريد أن يلقى الله على ذلك، وبين من يعمل لإرضاء عبد من عباد الله، أو يرضى نفسه الأمارة بالسوء، أو يتفاخر ويتظاهر ليُقال عنه أنه زعيم أو وطني، أو عنده انتماء لحزبه ونحو ذلك.
ثالثًا: تزكية النفوس وتطهيرها من الذنوب والمعاصي من موجبات الثبات على نصرة دين الله، فإذا صلحت النفس واستقامت، صلح العمل، ولقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك فقال: ?فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا? (الكهف: من الآية110)، فالذين يرتكبون الذنوب والمعاصي لا يهديهم الله ولا يثبتهم ولهم الخزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فاستقامة النفس على شرع الله من مقومات الثبات والصبر والنصر، ومن وصايا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة: "قل آمنت بالله ثم استقم".
رابعًا: الالتزام بتطبيق شرع الله وتجنب محارمه، أي أداء الأعمال الصالحة فعلاً وعملاً، واليقين التام بأن هذا هو الطريق لنصرة دين الله عز وجل، ونستنبط من ذلك قوله سبحانه وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)? (محمد) وقولـه تعالى: ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)? (الأنعام).
خامسًا: دوام المرابطة في سبيل نصرة دين الله وحماية ثغوره، وهذا من الواجبات للمحافظة على النصر حتى في حالات الهدنة، فيجب على المسلم أن يكون دائمًا على استعداد وتأهب وحذر، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)? (آل عمران)، وقوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعًا (71)? (النساء)، وقوله سبحانه وتعالى: ?وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ? (النساء: من الآية102).
ولقد حث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على دوام المرابطة وبيان عِظم ثوابها فقال: "رباط في سبيل الله أفضل من ألف يوم فيما سواه، فليرابط امرؤ كيف شاء، هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم فاشهد" (رواه أحمد)، وقال- صلى الله عليه وسلم- "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" (رواه الترمذي).
ويُستنبط من ذلك أن المرابط في سبيل الله لا يجب أن يترك الثغرة القائم على حراستها، وأن يكون يقظًا حذرًا ولا يأمن مكر العدو ولا خيانته ولا هدنته، كما يجب عليه المحافظة على التربية الروحية والبدنية والعتادية، ويكون على أهبة الاستعداد للذود عن دين الله وصد المعتدين المتربصين بالإسلام وبالمسلمين شرًّا.
سادسًا: المداومة على ذكر الله فإنها من موجبات الثبات، وأصل ذلك ما ورد في قول الله تبارك وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)? (الأنفال)، حيث إن الثبات يحتاج إلى قوة معنوية كبيرة من غذائها ذكر الله سبحانه وتعالى وعدم الغفلة، ويكون الذكر بالقلب، وكذلك بتذكر وعد الله بنصرة عباده المؤمنين وأن الله سبحانه وتعالى منفذ وعده، وتذكر أن جزاء ذلك الجنة وهي سلعة الله الغالية، ولقد أكد على ذلك الرسول- صلى الله عليه وسلم- في قوله: "يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" (رواه البخاري ومسلم).
ويجب أن يكون في برنامج المسلم اليومي وردًا يذكر فيه الله سبحانه وتعالى ويتدبر معاني الآيات التي ورد فيها النصر والصبر والمرابطة وما في حكم ذلك حتى يلقى الله سبحانه وتعالى على ما هو عليه، ولقد كان صلاح الدين الأيوبي يمر على المجاهدين المرابطين ويجدهم في ذكر الله فقال: "من هنا يأتي النصر".
سابعًا: الدعاء بالثبات حتى النصر أو الشهادة، ومن الإعجاز القرآني أن آيات الجهاد جاءت مقترنة دائمًا بالاستغاثة والتضرع والفرار إلى الله سبحانه وتعالى، فعلى سبيل المثال ورد في القرآن من دعاء المرابطين: ?قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ? (البقرة: من الآية 250)، ?وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)? (آل عمران).
ومن المأثور من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وقت المحن والشدائد وجهاد الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا ما يلي:
* "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين... أنت رب المستضعفين، وأنت ربي... إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو مَلَّكته أمري؟! اللهم إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليَّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك" (متفق عليه).
* "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أَمَتِكْ وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدلٌِِ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وجلاء همنا وغمنا" (رواه أحمد وابن حبان).
* "اللهم اكفنيهم بما شئت، وكيف شئت، إنك على ما تشاء قدير" (رواه أبو داود).
* "الله الله ربي لا أشرك به شيئًا" (رواه أبو داود).
* "اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم" (رواه البخاري ومسلم).
* "اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم" (رواه أبو داود والنسائي).
* "اللهم أنت ربنا وربهم، وقلوبهم بيدك، وإنما تغلبهم أنت" (رواه ابن السني).
* "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" (رواه الترمذي).
ثامناً: الاستغفار عن التقصير في نصرة دين الله، من يتدبر سورة النصر يجد الله سبحانه وتعالى قد أمر رسوله- صلى الله عليه وسلم- بالاستغفار بعد النصر وفتح مكة فقال الله عز وجل: ?إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)? (النصر)، ولقد علَّق صاحب الظلال على هذه السورة في مسألة وجوب التسبيح والحمد والاستغفار والتوبة في مجال النصر فقال: (التسبيح والحمد على ما أولاهم من منة بأن جعلهم أمناء على دعوته حراسًا لدينه، وعلى ما أولى البشرية كلها من رحمة بنصره لدينه، وفتحه على رسوله ودخول الناس أفواجًا في هذا الخير الفائض العميم، بعد العمى والضلال والخسران.
والاستغفار لملابسات نفسية كثيرة دقيقة لطيفة المدخل: الاستغفار من الزهو الذي قد يساور القلب أو يندس إليه من سكرة النصر بعد طول الكفاح، وفرحة الظفر بعد طول العناء، وهو مدخل يصعب توقيه في القلب البشري، فمن هذا يكون الاستغفار.
والاستغفار مما قد يكون ساور القلب أو تدسس إليه في فترة الكفاح الطويل والعناء القاسي، والشدة الطاغية والكرب الغامر، من ضيق بالشدة، واستبطاء لوعد الله بالنصر، وزلزلة كالتي قال عنها في موضع آخر: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)? (البقرة)، فمن هذا يكون الاستغفار.
والاستغفار من التقصير في حمد الله وشكره، فجهد الإنسان مهما كان ضعيفًا محمود، وآلاء الله دائمة الفيض والهملان. ?وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا? (النحل: من الآية 18)، فمن هذا التقصير يكون الاستغفار.
وهناك لطيفة أخرى للاستغفار لحظة الانتصار، ففيه إيحاء للنفس وإشعار في لحظة الزهو والفخر بأنها في موقف التقصير والعجز، فأولى أن تطلب العفو من ربها، وهذا يصد قوى الشعور بالزهو والغرور.
ثم إن ذلك الشعور بالنقص والعجز والتقصير والاتجاه إلى الله طلبًا للعفو والسماحة والمغفرة يضمن كذلك عدم الطغيان على المقهورين المغلوبين، ليرقب المنتصر الله فيهم، فهو الذي سلطه عليهم، وهو العاجز القاصر المقصر، وإنها سلطة الله عليهم تحقيقًا لأمر يريده هو، والنصر نصره، والفتح فتحه، والدين دينه، وإلى الله تصير الأمور.
ومن هذا نستنبط أن من موجبات ومقومات الثبات على طريق دعوة الله هي دوام التسبيح والحمد والاستغفار والتوبة.
- وصايا للمرابطين على ثغور نصرة دين الله
يستنبط من سير الذين سبقونا بالإيمان ولقوا الله سبحانه وتعالى ثابتين غير مبدلين ولا مفرطين بعض الوصايا التي تعين من زالوا عن طريق نُصرة دين الله، منها:
* استمرارية العمل لنصرة دين الله في كل الأحوال، في الرخاء والشدة، وفي الانفراج والتضييق، لأن دعوة الله مستمرة وماضية إلى يوم أن نلقى الله سبحانه وتعالى.
* مضاعفة الجهد والتضحية والعمل وقت الشدة والمحن والأزمات وعدم التباطؤ والتقصير وقت الانفراج حتى لا تعطى الفرصة لأعداء الدين بالتنامي والقوة.
* تجنب التفاؤل المفرط وقت الانفراج، ويجب التوازن بين الأمور كلها، فالوسطية والاعتدال من موجبات الفلاح والثبات.
* تجنب اليأس والقنوط من نصر الله، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
* التوازن بين العاطفة والموضوعية، وبين الحماس والتؤدة، فلكل مسألة من مسائل الدعوة لنصرة دين الله ما يناسبها من السياسات والخطط والبرامج واختيار الأساليب والسبل والأدوات المشروعة، أي الجمع والتفاعل والتوازن بين موضوعية الشيوخ وحماس الشباب فهذا مما يحقق الغايات المشروعة.
* التوازن بين الحذر والحركة، فالخوف الشديد يعوق العمل لنصرة دين الله، والحركة بدون ضوابط مناسبة يعطل العمل وكلاهما منوط بالضوابط الشرعية للدعوة إلى نصرة دين الله.
* الثبات والمرابطة مع عباد الله الصالحين الصابرين الداعين إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ممن قال الله فيهم: ?وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)? (الكهف).
* المداومة على التربية الروحية مهما كانت المشاغل الأخرى فهي قوام الصبر والمصابرة والمرابطة والثبات على طريق نصرة دين الحق، وهذا سبيل الفلاح، مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)? (آل عمران).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
- منزلة الدعوة إلى نُصرة دين الله
الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة منزلة عالية، ومن خصال المؤمنين الصادقين العاملين المخلصين الذين اختارهم الله لهذه المهمة العظيمة، ولقد أمرنا بها فقال: ?وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104)? (آل عمران)، ولقد استجاب هؤلاء الدعاة إلى نداء الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" (رواه الترمذي وقال: حسن صحيح)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قلنا: لمن ؟، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (رواه مسلم).
فالدعوة إلى نُصرة دين الله فريضة شرعية، وحاجة إنسانية، كما أنها شرف وقيمة وعزة ونعمة ورزق ساقه الله إلى من يحب ويشاء من عباده المؤمنين، فلا ينبغي أن نخجل أو نتوارى من أننا دعاة لنصرة دين الله عز وجل بل يجب أن نعتز بذلك، ولكن لهذه الدعوة طريق له طبيعته الخاصة، ويتطلب الثبات في السير فيه حتى تتحقق المقاصد والغايات، وهذا ما سوف نتناوله في هذه الدراسة.
- طبيعة طريق الدعوة إلى نصرة دين الله
يقول الفقهاء والدعاة بأن هذا الطريق مليء بالعقبات والصعاب وليس مفروشًا بالحرير، أو مزروعًا بالورود، أو ممهدًا بالبُسط، أو موقوفًا بزمن معين، بل هو ممتد إلى يوم قيام الساعة، فالمسلم يدعو إلى نصرة دين الله حتى يأتيه اليقين.
ولقد صور القرآن الكريم طبيعة هذا الطريق فقال الله: ?لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)? (آل عمران)، وقوله عز شأنه: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)? (البقرة)، ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طريق نصرة دين الله مليء بالابتلاءات والاختبارات، وكلما زاد الإيمان والرضا في هذا الطريق، زاد الابتلاء، ودليل ذلك إجابته صلى الله عليه وسلم عندما سئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بلاءً؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "الأنبياء ثم الأمثل" (متفق عليه)، وأمرنا صلى الله عليه وسلم بالصبر والرضا عند الابتلاء فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"، وهذه الابتلاءات والامتحانات في طريق نصرة دين الله توجب الثبات والصبر حتى النصر أو الشهادة، وهذا ما سوف نتناوله في الفقرة التالية.
- الثبات ضرورة شرعية لنصرة دين الله
بعد الثبات بأن يظل المسلم الذي بايع الله، عز وجل، عاملاً مجاهدًا في سبيل نصرة دينه، وغايته جعل كلمة الله هي العليا وكلمة الذين يصدون عن دين الله السفلى مهما بعدت المدد، وتطاولت الأعوام حتى يلقى الله سبحانه وتعالى وهو على هذا الطريق غير مبدل ولا مفرط، ولقد وصف القرآن الكريم هؤلاء، فقال الله تبارك وتعالى: ?مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)? (الأحزاب)، ولقد أمر الله سبحانه وتعالى المجاهدين في طريق نصرة دينه بالذكر والدعاء والثبات، فقال لهم الله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)? (الأنفال)، فأساس الفلاح لنصرة دين الله الثبات.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم والرسول صلى الله عليه ينشدون وهم يحفرون الخندق "والله لولا الله ما اهتدينا، ولا تصدقنا، ولا صلينا، فأنزل سكينة علينا، وثبت الأرض إن لاقينا إن الأُولى قد بغوا علينا، وإذا أردوا فتنة أبينا، أبينا، أبينا"، وكان صلى الله عليه وسلم يرفع صوته في كلمة أبينا الثانية والثالثة، (رواه البخاري).
ولقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث النبوية التي تُوجب الثبات والصبر على الابتلاءات منها قولـه صلى الله عليه وسلم: "لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهو على ذلك" (رواه الحاكم)، فمن يثبت ويصبر في مواجهة المثبطين والمخذلين والقاعدين سوف ينتصر عليهم ويكون من الفالحين.
وكان الثبات عند المحن عند صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن سار على نهجهم من أهم تميزهم، وتفوقهم، ونصرتهم على أعدائهم، وهذا ما خلده التاريخ الإسلامي عنهم.
فيجب على المسلم السائر في طريق نصرة دين الله أن يثبت على البيعة التي بايع الله سبحانه وتعالى عليها صابرًا على الابتلاءات والمحن والتحديات التي تقابله في هذا الطريق، وطالبًا من الله أن يثبته على هذا الطريق حتى يأتيه اليقين، وأصل ذلك ما ورد في القرآن الكريم من آيات منها قول الله عز وجل: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)? (الأنفال)، وعندما تخلص النوايا وتصدق العزائم، يتولى الله سبحانه وتعالى بقدرته وبجنده مسألة التثبيت والنصر، وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في سورة الأنفال في غزوة بدر حيث يقول القوى العزيز سبحانه وتعالى: ?إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)? (الأنفال)، فمن مقومات التثبيت في هذه الآية:
* طمأنة المجاهدين بأن الله معهم.
* دخول الرعب والخوف في قلوب الذين كفروا.
* التوجيه الإلهي بطريقة القتال.
وهذا الثبات له مقومات أساسية: معنوية وعتادية نتناولهما في الفقرة التالية إن شاء الله تعالى.
- مقومات الثبات في طريق نصرة دين الله
للثبات مقومات أساسية يجب أن تتوافر عند من يسيرون في طريق نصرة دين الله، نستنبطها من الكتاب والسنة ومن سير المجاهدين في سبيل الله، منها على سبيل المثال ما يلي:
أولاً: قوة الإيمان بأن الثبات من عند الله سبحانه وتعالى مهما كان الاستعداد بالعتاد وبالقوة البشرية، وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ?إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)? (الأنفال)، وقوله عز شأنه لرسوله: ?وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً (74)? (الإسراء)، فالقوة الإيمانية بأن الله سبحانه وتعالى مع عباده المجاهدين الصادقين والموفين بالعهد، وأنه لن يخذلهم، أو يخزيهم مهما كانت الابتلاءات تعتبر من الدوافع والحوافز القوية للثبات.
ثانيًا: صدق الإخلاص لله تعالى، ولدعوته، فهو الغاية التي نجاهد من أجلها، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ?قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (11)? (الزمر)، وهذا هو الحافز الذاتي للمضي قدمًا في هذا الطريق ثابتين على المبدأ الذي يقول: (الله غايتنا... والقرآن دستورنا... والرسول قدوتنا... والجهاد سبيلنا... والموت في سبيل الله أسمى أمانينا)، ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على الفئة التي صدقت ما عاهدته عليه فقال: ?مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23)? (الأحزاب)، وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم" (رواه مسلم).
وشتان بين من يخلص عمله لله ولا يشرك به أحدًا ويريد أن يلقى الله على ذلك، وبين من يعمل لإرضاء عبد من عباد الله، أو يرضى نفسه الأمارة بالسوء، أو يتفاخر ويتظاهر ليُقال عنه أنه زعيم أو وطني، أو عنده انتماء لحزبه ونحو ذلك.
ثالثًا: تزكية النفوس وتطهيرها من الذنوب والمعاصي من موجبات الثبات على نصرة دين الله، فإذا صلحت النفس واستقامت، صلح العمل، ولقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك فقال: ?فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا? (الكهف: من الآية110)، فالذين يرتكبون الذنوب والمعاصي لا يهديهم الله ولا يثبتهم ولهم الخزي في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فاستقامة النفس على شرع الله من مقومات الثبات والصبر والنصر، ومن وصايا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة: "قل آمنت بالله ثم استقم".
رابعًا: الالتزام بتطبيق شرع الله وتجنب محارمه، أي أداء الأعمال الصالحة فعلاً وعملاً، واليقين التام بأن هذا هو الطريق لنصرة دين الله عز وجل، ونستنبط من ذلك قوله سبحانه وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8)? (محمد) وقولـه تعالى: ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)? (الأنعام).
خامسًا: دوام المرابطة في سبيل نصرة دين الله وحماية ثغوره، وهذا من الواجبات للمحافظة على النصر حتى في حالات الهدنة، فيجب على المسلم أن يكون دائمًا على استعداد وتأهب وحذر، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)? (آل عمران)، وقوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعًا (71)? (النساء)، وقوله سبحانه وتعالى: ?وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ? (النساء: من الآية102).
ولقد حث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على دوام المرابطة وبيان عِظم ثوابها فقال: "رباط في سبيل الله أفضل من ألف يوم فيما سواه، فليرابط امرؤ كيف شاء، هل بلغت؟ قالوا: نعم، قال: اللهم فاشهد" (رواه أحمد)، وقال- صلى الله عليه وسلم- "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله" (رواه الترمذي).
ويُستنبط من ذلك أن المرابط في سبيل الله لا يجب أن يترك الثغرة القائم على حراستها، وأن يكون يقظًا حذرًا ولا يأمن مكر العدو ولا خيانته ولا هدنته، كما يجب عليه المحافظة على التربية الروحية والبدنية والعتادية، ويكون على أهبة الاستعداد للذود عن دين الله وصد المعتدين المتربصين بالإسلام وبالمسلمين شرًّا.
سادسًا: المداومة على ذكر الله فإنها من موجبات الثبات، وأصل ذلك ما ورد في قول الله تبارك وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)? (الأنفال)، حيث إن الثبات يحتاج إلى قوة معنوية كبيرة من غذائها ذكر الله سبحانه وتعالى وعدم الغفلة، ويكون الذكر بالقلب، وكذلك بتذكر وعد الله بنصرة عباده المؤمنين وأن الله سبحانه وتعالى منفذ وعده، وتذكر أن جزاء ذلك الجنة وهي سلعة الله الغالية، ولقد أكد على ذلك الرسول- صلى الله عليه وسلم- في قوله: "يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموه فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف" (رواه البخاري ومسلم).
ويجب أن يكون في برنامج المسلم اليومي وردًا يذكر فيه الله سبحانه وتعالى ويتدبر معاني الآيات التي ورد فيها النصر والصبر والمرابطة وما في حكم ذلك حتى يلقى الله سبحانه وتعالى على ما هو عليه، ولقد كان صلاح الدين الأيوبي يمر على المجاهدين المرابطين ويجدهم في ذكر الله فقال: "من هنا يأتي النصر".
سابعًا: الدعاء بالثبات حتى النصر أو الشهادة، ومن الإعجاز القرآني أن آيات الجهاد جاءت مقترنة دائمًا بالاستغاثة والتضرع والفرار إلى الله سبحانه وتعالى، فعلى سبيل المثال ورد في القرآن من دعاء المرابطين: ?قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ? (البقرة: من الآية 250)، ?وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)? (آل عمران).
ومن المأثور من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وقت المحن والشدائد وجهاد الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا ما يلي:
* "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين... أنت رب المستضعفين، وأنت ربي... إلى من تكلني؟! إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو مَلَّكته أمري؟! اللهم إن لم يكن بك عليَّ غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل عليَّ سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك" (متفق عليه).
* "اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أَمَتِكْ وفي قبضتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدلٌِِ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في مكنون الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وجلاء همنا وغمنا" (رواه أحمد وابن حبان).
* "اللهم اكفنيهم بما شئت، وكيف شئت، إنك على ما تشاء قدير" (رواه أبو داود).
* "الله الله ربي لا أشرك به شيئًا" (رواه أبو داود).
* "اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم" (رواه البخاري ومسلم).
* "اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم" (رواه أبو داود والنسائي).
* "اللهم أنت ربنا وربهم، وقلوبهم بيدك، وإنما تغلبهم أنت" (رواه ابن السني).
* "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث" (رواه الترمذي).
ثامناً: الاستغفار عن التقصير في نصرة دين الله، من يتدبر سورة النصر يجد الله سبحانه وتعالى قد أمر رسوله- صلى الله عليه وسلم- بالاستغفار بعد النصر وفتح مكة فقال الله عز وجل: ?إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)? (النصر)، ولقد علَّق صاحب الظلال على هذه السورة في مسألة وجوب التسبيح والحمد والاستغفار والتوبة في مجال النصر فقال: (التسبيح والحمد على ما أولاهم من منة بأن جعلهم أمناء على دعوته حراسًا لدينه، وعلى ما أولى البشرية كلها من رحمة بنصره لدينه، وفتحه على رسوله ودخول الناس أفواجًا في هذا الخير الفائض العميم، بعد العمى والضلال والخسران.
والاستغفار لملابسات نفسية كثيرة دقيقة لطيفة المدخل: الاستغفار من الزهو الذي قد يساور القلب أو يندس إليه من سكرة النصر بعد طول الكفاح، وفرحة الظفر بعد طول العناء، وهو مدخل يصعب توقيه في القلب البشري، فمن هذا يكون الاستغفار.
والاستغفار مما قد يكون ساور القلب أو تدسس إليه في فترة الكفاح الطويل والعناء القاسي، والشدة الطاغية والكرب الغامر، من ضيق بالشدة، واستبطاء لوعد الله بالنصر، وزلزلة كالتي قال عنها في موضع آخر: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)? (البقرة)، فمن هذا يكون الاستغفار.
والاستغفار من التقصير في حمد الله وشكره، فجهد الإنسان مهما كان ضعيفًا محمود، وآلاء الله دائمة الفيض والهملان. ?وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا? (النحل: من الآية 18)، فمن هذا التقصير يكون الاستغفار.
وهناك لطيفة أخرى للاستغفار لحظة الانتصار، ففيه إيحاء للنفس وإشعار في لحظة الزهو والفخر بأنها في موقف التقصير والعجز، فأولى أن تطلب العفو من ربها، وهذا يصد قوى الشعور بالزهو والغرور.
ثم إن ذلك الشعور بالنقص والعجز والتقصير والاتجاه إلى الله طلبًا للعفو والسماحة والمغفرة يضمن كذلك عدم الطغيان على المقهورين المغلوبين، ليرقب المنتصر الله فيهم، فهو الذي سلطه عليهم، وهو العاجز القاصر المقصر، وإنها سلطة الله عليهم تحقيقًا لأمر يريده هو، والنصر نصره، والفتح فتحه، والدين دينه، وإلى الله تصير الأمور.
ومن هذا نستنبط أن من موجبات ومقومات الثبات على طريق دعوة الله هي دوام التسبيح والحمد والاستغفار والتوبة.
- وصايا للمرابطين على ثغور نصرة دين الله
يستنبط من سير الذين سبقونا بالإيمان ولقوا الله سبحانه وتعالى ثابتين غير مبدلين ولا مفرطين بعض الوصايا التي تعين من زالوا عن طريق نُصرة دين الله، منها:
* استمرارية العمل لنصرة دين الله في كل الأحوال، في الرخاء والشدة، وفي الانفراج والتضييق، لأن دعوة الله مستمرة وماضية إلى يوم أن نلقى الله سبحانه وتعالى.
* مضاعفة الجهد والتضحية والعمل وقت الشدة والمحن والأزمات وعدم التباطؤ والتقصير وقت الانفراج حتى لا تعطى الفرصة لأعداء الدين بالتنامي والقوة.
* تجنب التفاؤل المفرط وقت الانفراج، ويجب التوازن بين الأمور كلها، فالوسطية والاعتدال من موجبات الفلاح والثبات.
* تجنب اليأس والقنوط من نصر الله، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
* التوازن بين العاطفة والموضوعية، وبين الحماس والتؤدة، فلكل مسألة من مسائل الدعوة لنصرة دين الله ما يناسبها من السياسات والخطط والبرامج واختيار الأساليب والسبل والأدوات المشروعة، أي الجمع والتفاعل والتوازن بين موضوعية الشيوخ وحماس الشباب فهذا مما يحقق الغايات المشروعة.
* التوازن بين الحذر والحركة، فالخوف الشديد يعوق العمل لنصرة دين الله، والحركة بدون ضوابط مناسبة يعطل العمل وكلاهما منوط بالضوابط الشرعية للدعوة إلى نصرة دين الله.
* الثبات والمرابطة مع عباد الله الصالحين الصابرين الداعين إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ممن قال الله فيهم: ?وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28)? (الكهف).
* المداومة على التربية الروحية مهما كانت المشاغل الأخرى فهي قوام الصبر والمصابرة والمرابطة والثبات على طريق نصرة دين الحق، وهذا سبيل الفلاح، مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)? (آل عمران).
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.