هو المختارُ " صلى الله عليه وسلم " شعر د.عبد الرحمن العشماوي
هو المختارُ " صلى الله عليه وسلم "
شعر د.عبد الرحمن العشماوي
مـن نبـع هديـك تستقـي الأنـوار : وإلـى ضيائـك تنتـمـي الأقـمـار
رب العبـاد حبـاك أعظـم نعـمـة : ديـنـا يـعـزُّ بـعـزَّه الأخـيــار
حُفظت بك الأخـلاق بعـد ضياعهـا : وتسامقـت فـي روضهـا الأشجـار
وبُعثـت للثقلـيـن بعـثـة سـيـدٍ : صدقـتْ بــه وبديـنـه الأخـبـار
أصغت اليـك الجـن وانبهـرت بمـا : تتلـو، وعَـمَّ قلوبـهـا استبـشـار
يا خير من وطيءَ الثـرى وتشرفـت : بمسـيـره الكثـبـان والأحـجــار
يا من تتـوق إلـى محاسـن وجهـه : شمـسٌ ويفْـرَحُ أن يـراه نـهـار
بأبي وأمـي أنـتَ ، حيـن تشرَّفـت: بـك هجـرة وتـشـرَّفَ الأنـصـار
أنْشَـأْتَ مدرسـة النبـوة فاستقـى : مـن علمهـا ويقينـهـا الأبــرار
هـي للعلـوم قديمـهـا وحديثـهـا : ولمنهـج الديـن الحنـيـف مـنـار
لله درك مــرشــدا ومـعـلـمـا : شَرُفَـتْ بــه وبعلـمـه الآثــار
ربَّيْـتَ فيهـا مـن رجالـك ثـلَّـةً : بالحـقِّ طافـوا فـي البـلاد وداروا
قـوم إذا دعـت المطامـع أغلـقـوا : فمها، وإن دعـت المكـارم طـاروا
إن واجهـوا ظلمـاً رمـوه بعدلهـم : وإِذا رأوا ليـل الـضـلال أنــاروا
قـد كنـت قرآنـاً يسيـر أمامـهـم : وبـك اقتـدوا فأضـاءت الأفـكـار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوا : إلا وأفـئـدة الـعـبـاد عَـمَــار
لو أطلـق الكـونُ الفسيـحُ لسانـه : لسـرتْ إليـك بمـدحـه الأشـعـار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبـادِ ، لـردَّدتْ : أصواتُ مَنْ سمعوا: هـو المختـارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنـتَ أفضـلُ مرسـلٍ : وأعزُّ من رسموا الطريـق وسـاروا
ما أنـت إلا الشمـس يمـلأ نورُهـا : آفاقَنـا ، مهـمـا أُثـيـرَ غـبـار
مـا أنـت إلا أحمـد المحمـود فـي : كـل الأمـور ، بـذاك يشهـد غـار
والكعبـة الغـرَّاءُ تشـهـد مثلـمـا : شهـد المقـامُ وركنـهـا والــدَّار
يا خير من صلى وصام وخيـر مـن: قـاد الحجيـج وخيـر مـن يَشْتَـارُ
سقطـت مكانـة شاتـم ، وجـزاؤه: إن لـم يتـب ممـا جـنـاه الـنـار
لكأننـي بخطـاه تـأكـل بعضـهـا : وهنـاً ، وقـد ثَقُلَـتْ بـهـا الأوزار
مـا نـال منـك منافـق أو كـافـر : بـل منـه نالـت ذلــة وصَـغَـار
حلّقت في الأفـق البعيـد، فـلا يـدٌ : وصلـت إليـك ، ولا فـمٌ مـهـذار
وسكنت في الفردوس سُكْنَى من بـه : وبـديـنـه يتـكـفَّـل الـقـهَّـار
أعـلاك ربــك هـمـة ومكـانـة: فلـك السمـو وللحـسـود بـوار
إنــا ليؤلمـنـا تـطـاول كـافـر: مـلأت مشـارب نفـسـه الأقــذار
ويزيـدنـا ألـمـاً تـخـاذل أمــةٍ : يشكـو اندحـار غثائهـا الملـيـار
وقفت على باب الخضـوع، أمامهـا : وهـن القلـوب، وخلفهـا الكـفـار
يـا ليتهـا صانـت محـارم دارهـا : مـن قبـل أن يتحـرك الإعـصـار
يا خير من وطيء الثرى، في عصرنا : جيـش الرذيلـة والهـوى جــرَّار
في عصرنا احتدم المحيط ولـم يـزل : متخبِّطـاً فــي مـوجـه البـحَّـار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوى : ومـن الهـوى تتسـرَّب الأخـطـار
أنت البشيـر لهـم، وأنـت نذيرهـم : نعـم البـشـارةُ مـنـك والإنــذار
لكنهـم بهـوى النفـوس تشـربـوا : فأصابهـم غَبَـشُ الظنـونِ وحـاروا
صبغوا الحضـارةَ بالرذيلـةِ فالْتقـى : بالذئـبِ فيهـا الثَّعْـلـبُ المَـكَّـارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما ( نرويجهـم)؟ : يُصغـي الرُّعـاةُ وتفهـم الأبـقـار
ما بالهـم سكتـوا علـى سفهائهـم : حتـى تمـادى الشـرُّ والأشــرار
عجبـاً لهـذا الحقـد يجـري مثلمـا : يجري صديدٌ في القلـوب وقََـارُ
يا عصرَ إلحاد العقـولِ، لقـد جـرى : بـك فـي طريـق الموبقـاتِ قطـار
قََرُبَت خُطاك مـن النهايـة، فانتبـهْ : فلربَّـمـا تتـحـطَّـم الأســـوار
إنـي أقـول ، وللـدمـوع حكـايـةٌ : عـن مثلهـا تتـحـدَّث الأمـطـار
إنَّــا لنعـلـم أنَّ قَــدْرَ نبـيِّـنـا : أسمـى ، وأنَّ الشانئـيـنَ صِـغَـارُ
لكـنـه ألــم المـحـب يـزيــده : شرفـاً، وفيـه لمـن يُحـب فخـار
يُشقي غُفـاةَ القـومِ مـوتُ قلوبهـم : ويـذوق طعـمَ الـرَّاحَـةِ الأغْـيـارُ