أقول للسيد بنكيران :احذر أن تستفز
العياشي كيمية
أورتزاغ - تاونات
كلما أطلق السيد بنكيران قولة ،أو صرح تصريحا هنا أو هناك ،إلا وتلقفه خصومه بالإستنكار والشجب ،واعتبروا ذلك إما تراجعا عن شعارات انتخابية ،سبق لحزب العدالة والتنمية أن روج لها في الإنتخابات التشريعية الأخيرة ،أو لكونها لا تنسجم وروح الدستور الجديد .
والمتتبع لخرجات المعارضة ،وأقوال بعض السياسيين والمفكرين المحسوبين على التيار العلماني ،أوالعدل والإحسان... يدرك أن هناك خطابا متفقا عليه بين كل أطيافها ،مفاده أن بنكيران مخطئ وإن صدق ،ولا يصلح أن يكون رجل دولة ، وأن البلاد في ظل هذه الحكومة ستعرف انتكاسة كبيرة الله أعلم بخطورتها.
ولتحقيق هذا الهدف ،اتخدوا له سبيلين :
الأول : إرباك الحكومة فعمدوا إلى جر الحكومة إلى معارك كلامية ،لا تسمن ولا تغني من جوع كالحديث عن لوائح المستفيدين من لاكريمات ،وعن الإعلام ومايرتبط بدفتر التحملات ...كما ذهبوا إلى أبعد من ذلك ،عندما بدأو ا ينتقدون وزراء العدالة والتنمية في مشيتهم وكلامهم ....تحت مسمى الشعبوية.
وقد كان الغرض من هذا السبيل هو شغل الحكومة عن دورها الأصيل في تفعيل برنامجها والإستجابة لمتطلبات الحياة اليومية للمواطن المغربي ، من أجل خلق جو من القلق والشك والسخط عنده ،كي لا يفاجئهم حزب العدالة والتنمية ،مرة أخرى، ويكتسح الإنتخابات الجماعية المقبلة .
الثاني :استفزاز رئيس الحكومة في هذا السبيل ،كان التركيز على تفعيل الدستور،وذلك من خلال اتهام بنكيران
بالتفريط في حقه الذي يخوله له الدستور في ممارسة صلاحياته كرئيس حكومة.
وقد لا حظنا جميعا هذا الأمر ،منذ تعيين رئيس الحكومة من قبل جلالة الملك وكيف وكيف لم يعينه بالرباط ...مرورا بتعيين العمال والولاة....،وكان الهدف من كل ذلك ،إحراج بنكيران ،واستفزازه كي يدخل في صدام مع الملك ،فيتحقق هدفهم في إقناع النظام في كون الإسلاميين يشكلون خطرا على الملكية ،ويخلوا لهم المجال للعودة بالمغرب إلى ماقبل 20 فبراير ،الموسوم بالتحكم والفساد والإستبداد. هذه وتلك ،إذن ،فخاخ وحيل ،الغرض منها ،خلق حالة من الشك والريبة لدى التظام اتجاه حزب العدالة والتنمية،وإقناع المواطن بعجز الحكومة عن الإستجابة لمطالبه المشروعة ،مما سيسرع برحيلها، إما بقرار ملكي أو بانتفاضة شعبية لا قدر الله.
جميعنا يتذكر الحملة الشرسة التي قادها حزب الإتحاد الإشتراكي على حزب العدالة والتنمية بعد أحداث 16 ماي الإرهابية ،وكيف ذهب به الأمر إلى المطالبة بحل الحزب تحت مسمى المسؤولية المعنوية عن تلك الإحداث ،واعتبر ذلك تهديدا من الحزب لاستقرار البلاد ،وخطرا على الملكية بالمغرب.
كما نتذكر ،المضايقات التي تعرض لها حزب السيد بنكيران من طرف حزب عالي الهمة وكيف أدخلت قيادات الحزب إلى السجن ،عن طريق فبركة قانونية وإعلامية .
فجردنا لهذه الأحداث يمكننا من معرفة الروح التي تحرك معارضة اليوم ،فليس هدفها هو مصلحة الوطن ،وإنما تنفيذا لأجندة مسبقة مفعمة بروح عدائة ذات بعد ايديولوجي تارة ودفاعا عن مواقع سياسية كانت سبيلا للإغتناء الغير المشروع عن طريق استغلال المواقع السياسية والإستفادة من الريع الإقتصادي ،تارة أخرى.
والحقيقة ،أن حزب العدالة والتنمية ،كما تبين أدبياته السياسية وممارسة مناضليه وتصريحاتهم،حزب كباقي الأحزاب المغربية ،في التزامه ببنود الدستور المغربي ،وفي قبوله العمل في ظل الملكية الدستورية ،والتزامه بالخيار الديموقراطي في تداول السلطة فهو لا يشكل تهديدا للنظام كما يدعون،ولا خطرا على الديموقراطية ،ولن يكون مهددا لاستقرار البلاد ،ولن يزاحم الملك في اختصاصاته التي يكفلها له الدستور وإنما يخافون من ديموقراطية الحزب ،حيث بات يمثل أنموذجا في الديموقراطية الداخلية وأعطى مثالا في تمكين المرأة من حقها في الممارسة السياسية ،ومكن الشباب من الترقي السياسي داخل هياكله...،وهو الحزب الأكثر تنظيما ،والأنظف سلوكا ....كما أن حكومة السيد بنكيرا لن تكون أفسد من حكومات المعارضين اليوم ،المنبطحين الفاسدين بالأمس.
إن المعارضة تدرك أن الحكومة الحالية اجتمعت لها مقومات النجاح أكثر من أي حكومة سابقة ،فهي تضم وزراء من أكفأ وأنظف ما يمكن أن يكون في حكومات أخرى ، لن يكونوا من ناهبي المال العام ،ولن يقبلوا سياسة الريع ،ولن يشرعنوا أسلوب التحكم... كما كان عليه المغرب منذ الإستقلال إلى ما قبل 20 فبراير،وتعمل وفق برنامج واضح ومتفق عليه ،وتملك شجاعة سياسية غير مسبوقة ،في معالجة أخطر الملفات .
إذن ،خصوم السيد بنكيران يدركون أن حكومته تحصد النقط ،وتكتسح قلاع وحصون أحزابهم ،وأن المستقبل لحزب العدالة والتنمية ،وبذلك أصبح ديدنهم فرمله الحكومة كي لا تنجح.
وقد تفطن بنكيران لهذا المخطط الملغوم ،وفي هذا السياق يجب أن تقرأ خرجاته الإعلامية ومقولاته ،التي اعتبرها القاصرون تهريجا ،بينما اعتبرها حكماء السياسة ،حكمة وتبصرا ،وما قوله في كون محاربة الفساد كمطاردة الساحرات ، وأنه مجرد رئيس حكومة وكيف يذكر الملك في كل خطبه...ما هي إلا رسائل مشفرة للمعا رضة ،لسان حالها للمعارضة ،لسان حالها يقول: ( اتهناو راني عقت بيكم ).
يظهر ذلك جليا من خلا ل ملف لاكريمات ،وكيف تحول المطلب بالإعلان عن اللوائح ، إلى الإستنكار والشجب ،واعتبروا عمل السيد رباح مجرد فرقعات اعلامية ،الغرض منه تحقيق انتصارات وهمية ،وعملا لا يخدم البلاد في شيء...هذا مثال لحربائية المعرضة ، ودليل على ضعفها في تمثل دورها الأصيل كعين مراقبة وقوة ضاغطة .
خلاصة :
ندرك من خلال ماسبق أن السيد بنكيران يتكلم عن حكمة وتبصر وبعد نظر ، ويدرك ما تريده المعارضة بشقيها الرسمي وغير الرسمي ،لهذا أقول له : سر على بركة الله ،واحذر أن تستفز فإن إنجازاتك تحرجهم أمام الشعب ،وما يقلقهم ويقض مضجعهم حكمتك ووسطيتك ...التي حتما ستقودك إلى النجاح بحول الله.