شاهدنا دماء الضحايا تختلط بطعام الإفطار
لم يكن الضباط والجنود المصريون، الذين راحوا ضحايا الهجوم الإرهابى فى رفح يتصورون أن الإجرام يمكن أن يبلغ مداه إلى درجة، أن يقتلوا وقت تناولهم طعام الإفطار فى دقائق معدودة، وبدم بارد من قبل مجرمين، لم يحترموا حرمة الشهر الفضيل، وقيمة الإنسان المصرى، الذى كان دوماً سنداً لقضايا أمته العربية.
«المصرى اليوم» توجهت مساء الأحد، إلى مدينة رفح الحدودية، تبلغ المسافة من القاهرة إلى رفح حوالى 500 كيلو متر وهو طريق طويل للغاية، لم نجد أى مشكلات فى الطريق من القاهرة حتى الإسماعيلية، السيارة محملة بعدد من الركاب كلهم من أبناء العريش حتى نقطة الوصول لنستقل سيارة أخرى من هناك إلى رفح، كان بها راكب واحد فقط وهو فلسطينى من قطاع غزة اسمه أكرم كرارة، تملكه الرعب والخوف طوال الطريق وظل يردد «يارب استر» الشرطة ستقبض علىّ فى أى كمين لأنها بالتأكيد تتهم الفلسطينيين بارتكاب تلك المجزرة.
فور وصولنا إلى منطقة القنطرة غرب، وهى الفاصلة بين ضفتى قناة السويس، بدأت معالم ومؤشرات القلق تظهر فى الأفق، لكى نعبر للجهة الشرقية للقناة، لابد من عبور كوبرى السلام عند مدخل الكوبرى من جهة الإسماعيلية وجدنا الطريق مغلقاً بحواجز حديدية ومدرعات الجيش، اقتربت السيارة من هذا الكمين فأشار ضابط قوات مسلحة برتبة رائد إلى السائق بالتوقف، أمر كل الركاب بمغادرة السيارة لتفتيشها والاطلاع على هوية كل منهم لم يكن فى الكمين أى سيارات شرطة فقط تواجد رجال بزى مدنى، سائق السيارة من أبناء سيناء اقترب منهم وتحدث معهم خلال الدقائق التى قامت فيها قوات الجيش بتفتيش السيارة، سألوا الفلسطينى «رايح فين؟ وجاى منين» أجابهم بأنه فى طريقه إلى قطاع غزة بعدما أنهى رحلة علاج بمستشفى معهد ناصر بالقاهرة.
فتحوا الطريق وسمحوا لنا بالمرور، تنفس الجميع الصعداء، قال السائق إن من يجلسون فى الكمين بزى مدنى يعرفهم جيداً وهم ضابط بجهاز المخابرات العسكرية، وضابطان من جهاز الأمن الوطنى، عند مخرج الكوبرى من جهة الضفة الشرقية للقناة وجدنا كميناً آخر فى الجهة المؤدية لسيناء يقف به جنديان من القوات المسلحة، فيما يقف فى جهة الخروج من المحافظة عدد كبير من الضباط ومدرعات الجيش وسيارة إطفاء وأخرى للإسعاف، يتم تفتيش الخارجين بشكل دقيق.
أخبرنا السائق فى حدود الرابعة فجراً أننا فى «كمين الميدان» القريب من العريش، وبه تفتيش صارم بمجرد الوصول إلى المدينة بدا الحذر والترقب على الأهالى سيدات ورجالاً مستيقظين فجراً، نخيل مشتعل على جانبى الطريق بجواره لجان شعبية للتفتيش.
توجهنا إلى مستشفى العريش العام، حيث توجد حراسات أمنية مشددة توجهنا إلى مكتب مدير المستشفى الدكتور سامى أنور الذى قال لنا المستشفى استقبل 7 من ضحايا الحادث، وناشدت كل المساجد عبر مكبرات الصوت والمواطنين أبناء العريش للتبرع بالدم، وخلال ساعة تلقينا 400 كيس دم وهو عدد ضخم يفوق ما نحتاجه، ويثبت مدى شهامة أبناء العريش.
45 كيلومتراً قطعناها للوصول إلى رفح، فى الطريق كانت توجد القوات الدولية التابعة للأمم المتحدة، وآثار لأشجار محترقة عند مدخل المدينة كان هناك كمين يتمركز فى بداية الطريق الذى يربط معبرى رفح وكرم أبوسالم، توجهنا يميناً إلى «طريق الحرية» الذى يربط المعبر الأخير وجبل الحلال، فى بداية هذا الطريق كان كمين «الحرية» الذى تعرض للاعتداء الغاشم حيث وقف عدد من الجنود وقد خيم عليهم الحزن الشديد.
عيسى محمد، أحد السكان بجوار الكمين، قال بعد أن بدأت تناول الإفطار سمعت أصوات فرامل سيارتين توقفتا فجأة، و«تويوتا كروز» وفجأة دوت أصوات رصاص كثيف تجاه الجنود الذين تجمعوا لتناول طعام الإفطار، وقتلوهم واستولوا على سلاحهم، وجاء ملثم بملابس سوداء صور الجثث ثم هرب