( أم معبد )
( أم معبد )
عاتكة بنت خالد الخزامية
.........
عاتكة بنت خالد الخزامية نموذج للمرأة المبدعة التي تفوقت في البلاغة وأبدعت في الوصف- وهي المرأة البدوية البسيطة - وجعلت من كلماتها التي قالتها منذ أكثر من1400 عاما, وثيقة تاريخية يستند إليها في وصف الرسول الكريم( صلى الله عليه وسلم).
تكنى ( بأم معبد), ارتبط اسمها بأعظم حدث في تاريخ الدعوة, وهو الهجرة من مكة إلي المدينة,
فقد كانت - رضي الله عنها - امرأة عفيفة, جلدة قوية, لها خيمة على الطريق بين مكة والمدينة, فكانت تسقي وتطعم من يمرعليها, فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هجرته ومعه أبو بكر, ومولى أبو بكر عامر بن فهيرة, ودليلهما عبد الله بن الأريقط, فطلبوا منها لحما وتمرا ليشتروه منها فلم يجدوا شيئا بسبب القحط, فنظررسول الله - صلي الله عليه وسلم- إلى شاه في جانب من الخيمة فقال لها : ما هذه الشاة يا أم معبد؟..
قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم..
قال: هل بها من لبن ؟..
قالت: هي أجهد من ذلك..
قال: أتأذنين لي أن أحلبها..
قالت: نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فاحلبها.
فمسح رسول الله بيده الكريمة علي ضرة الشاة ودعا لها في شاتها فحلب منها لبنا كثيرا, ثم سقى أم معبد حتي ارتوت وسقى أصحابه حتى ارتوا, وشرب رسول الله( صلى الله عليه وسلم) آخرهم, ثم حلبها مرة ثانية حتى ملأ الإناء و تركه عندها وبايعها وارتحلوا.
وعندما جاء زوجها أبو معبد يسوق غنما عجافا, فلما رأى أبو معبد اللبن تعجب وسألها من أين لك بهذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب ولا حلوب في البيت ؟
قالت: لا والله إلا أنه مر علينا رجل مبارك من حاله كذا وكذا,
قال: صفيه لي يا أم معبد,
قالت: ( رأيت رجلا ظاهر الوضاءة, أبلج الوجه حسن الخلق, لم تعبه نجلة, ولم تزر به صعلة( صغر الرأس), وسيم قسيم وفي عينيه دعج ( شده سواد العين), إن صمت فعليه الوقار, وإن تكلم سما وعلاه البهاء, أجمل الناس وأبهاهم من بعيد, وأحسنهم وأجملهم من قريب, حلو المنطق, فصل لا نزر ولاهذر, كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن, ربعة لا بائن من طول, ولا تقتحمه عين من قصر, غصن بين غصنين, فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا, له رفقاء يحفون به, إن قال أنصتوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره.
فقال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة, ولقد هممت أن أصحبه, ولفعلت إن وجدت إلى ذلك سبيلا.
لقد أسرها سيدنا محمد( صلى الله عليه وسلم) بما رأت من بركته فحدقت فيه, ولاحظت كل فعله لتستوعب الصورة العظيمة في مخيلتها, وبالرغم من أنها امرأة بدوية لا تقرأ ولا تكتب فقد وصفته وصفا دقيقا أصبح وثيقة من الوثائق التاريخية التي نعتمد عليها في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم
وقد ذهبت أم معبد وزوجها إلى المدينة وأعلنا إسلامهما.
روت أم معبد حديث أن الرسول كان يدعو:
اللهم طهر قلبي من النفاق, وعملي من الرياء, وعيني من الخيانة, فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.