تعددت الأسباب وتقدم تحالف جبريل
يتصاعد الجدل بليبيا حول المفاجأة التي فجرها تحالف القوى الوطنية برئاسة محمود جبريل بعد تصدره -وفق نتائج جزئية- نتائج المؤتمر الوطني العام (البرلمان) وبفارق كبير عن حزب العدالة والبناء المنبثق عن الإخوان المسلمين.
وتتكرر أسئلة كثيرة حول هذا الصعود في "بلد المليون حافظ للقرآن الكريم"، رغم فتوى صادرة عن مفتي الديار الليبية الصادق الغرياني "ببطلان انتخاب حزب ليبرالي كافر"، كما يقول مراقبون، وبعد وصول الإسلاميين إلى مقاعد السلطة في تونس ومصر.
ويفسر الأمين العام لتحالف القوى الوطنية فيصل الكريكشي هذا التقدم بأنه راجع "لبرامج التحالف المتعلقة بخدمة المواطن العادي وتحقيق التنمية والرفاهية"، وهو مع ذلك لا ينكر الدور الذي لعبه رئيس التحالف محمود جبريل في استقطاب أصوات الناخبين.
ويرد الكريكشي على من يقولون إن التحالف عمد إلى تضليل الناخب باستخدام صور جبريل في الدعاية الانتخابية في كافة المناطق، بقوله إن ذلك كان لإبراز أن الرجل من قيادات التحالف، وأضاف أن مرشحي التحالف لم يسع لاستخدام الشعارات الدينية في حملته "لمعرفتهم بوعي الشعب الليبي، وتمييزه بين من يملك البرامج ومن يستخدم الدين".
قطف تضحيات
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، شن رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان هجوما لاذعا على جبريل، واتهمه بأنه قطف ثمار تضحيات الثوار حينما تولى المكتب التنفيذي بداية الثورة.
واعتبر أن وضع صورته في الدعاية الانتخابية بكافة المدن وإخفاء أسماء المترشحين حمل نوعا من التضليل، لأن الناس كانوا يصوتون له بحكم شهرته وليس لقائمته.
وذكر أن جبريل لم يقدم نفسه على أنه ليبيرالي، وإنما تحدث عن الإسلام والمرجعية الإسلامية، ولكن بعد تقدمه صارت وسائل الإعلام تتحدث عنه بأنه ذو توجه ليبرالي، معتبرا أن ذلك مدخل قانوني للطعن في النتائج.
محمد صوان: دفعنا ثمن تصرفات قام بها البعض مثل هدم الأضرحة (الجزيرة نت)
ومع اتهامه لجبريل بالتضليل، لم يستبعد رئيس العدالة والبناء عوامل أخرى ساهمت في فوزه، منها ما قامت به "مجموعات إسلامية متشددة" من نبش للقبور وهدم للأضرحة.
وفي تقدير رئيس تجمع "ليبيا الديمقراطية" يونس فنوش، فإن شخصية جبريل لعبت دورا كبيرا في اختيار الناخبين لقوائم التحالف وليست برامجه.
وقال للجزيرة نت إن أغلب المواطنين لم يكونوا يعرفون شيئا عن التحالف، وكانوا يعبرون عن رغبتهم في التصويت لجبريل.
عدم رضا
ويعتقد فنوش أن عاملاً آخر لعب دورا مهماً في هذا التوجه، هو "عدم رضا أغلبية ساحقة من الناخبين عن القوى المحسوبة على التيارات الإسلامية، بسبب ما يعتبرونه سلوكيات مرفوضة لهذه الجماعات، لا سيما ما ورد من جماعة أنصار الشريعة، التي أثبتت من خلال مظاهراتها المسلحة ببنغازي أنها غير ديمقراطية وتسعى لفرض آرائها بالقوة".
ويرى أن العامل الأكثر حسماً هو أن "الليبيين ينهجون في تدينهم نهجاً وسطيا معتدلا، ينبذ تماماً التطرف والغلو".
ويتفق مع الآراء السابقة المحلل السياسي أحمد الأطرش، وعضو المؤتمر الوطني المنتخب حسن الأمين، لكن الأخير يقول إن تحالف جبريل "صناعة إعلامية".
أصوات النساء
ويدعم الأطرش رأيه بقوله إن ما سماها كاريزما شخصية جبريل وتنظيم التحالف أثناء الحملات الانتخابية، والتلميح بقفل محلات تزيين النساء وقاعات الأفراح وفرض الحجاب، قادت الناخبين إلى الاقتراع للتحالف الوطني، معبرا عن الاعتقاد بأن معظم أصوات النساء التي بلغت عند التسجيل 47% ذهبت للتحالف، وهذا ما ساعده في الفوز.
أما الحقوقية أميرة الجريبي فقالت -في حديث للجزيرة نت- إن "إخوان ليبيا فشلوا في استيعاب شرائح المرأة والشباب واعتمدوا على نظرية الند بالند"، معتبرة أن "الوسيلة الأساسية التي اعتمدوا عليها هي الأموال، عكس التحالف الذي استوعب الجميع"، ودعت إلى مناظرات علنية وكشف مصادر التمويل.