طفل الاحتياجات الخاصة.. خطوات للنجاح المدرسي
أطفالنا هم قرة العيون وبهجة النفوس، نسعى جميعًا ونتعب حتى نراهم ناجحين في حياتهم، ونواجه صعوبات كثيرة للوصول إلى ذلك، وتزداد التحديات والصعوبات إذا كان الطفل حالة خاصة، فمنذ أن يعلم الوالدان بأن طفلهما حالة خاصة يبدءون في مواجهة الأعباء النفسية والمادية والاجتماعية، وعندما يصل الطفل إلى سن دخول المدرسة تبدأ الأم في التساؤل: كيف يصبح طفلي كبقية الأطفال يذهب إلى مدرسته ويقوم بأداء الواجب؟! وكيف يصبح ناجحًا في حياته؟ وكيف تنجح الأسرة في المهمة التي اختارها الله سبحانه وتعالى لتؤديها من بين أسر كثيرة، وما ذلك إلا اصطفاء وحب منه سبحانه وتعالى.
في البداية، نحب أن نطرح عليكم بعض النماذج لأمهات نتشرف بوجودهن كنماذج يُحتذى بهنَّ عانين كثيرًا، ولكنهن زرعن فحصدن علهن يكنَّ دافعًا للكثيرات.
تتحدث إلينا منال إسماعيل (أم لمريم وأحمد توأم خاص) قائلة: "القصة بدأت عندما رزقني الله طفلين توأم بعد ثمانية عشرة عامًا بلا إنجاب، وفي ظل فرحة الجميع اكتشفت أن هناك مشكلة والطفلان عندهما سنتان ونصف السنة، واكتشفت أنهما يعانيان من تأخر لغوي شديد، وكانت أهم معضلة أن زوجي لم يكن يصدق أن هناك مشكلةً، بل يرى أن الطفلين طبيعيان جدًّا، وأن بمرور الزمن سيكونان طبيعيين وبدأ يعارض فكرة العلاج وجلسات التخاطب، إلا أنني لم أستسلم وبدأت أحاول إقناعه أن نذهب معًا لإحدى الطبيبات، فقد يكون الكلام منطقيِّا وبالتدريج بدأ يسمح بجلسات التخاطب، ولكن ليس عن اقتناع كنت دائمًا ألجأ إلى الله وأحمِّس نفسي وأصبر إلى أن بدأت آثار الجلسات تظهر على الطفلين، وهنا بدأ زوجي يلاحظ وبدأ يتبنَّى الفكرة.
الإحباط
مشكلة أخرى تعرَّضت لها منال وتقول: "أنا لا أنفي أنني كثير ما مررت بحالات من الإحباط الشديد، وخصوصًا أن التقدم كان يأتي ببطء شديد، كما أنني كنت أرى الأطفال الطبيعيين فأتمنى أن أستيقظ يومًا لأجد طفلَيَّ أصبحا منهم.
ولكني كنت لا أترك الإحباط يقتلني، فكنت أقول لنفسي إن الله الذي وهبني إياهما بعد ثمانية عشرة عامًا من الدعاء لن يسيئني فيهما، فلا بد أن أقوم بما عليَّ تجاههما والنتائج يحكم بها ربي، وبالفعل كنت أزداد قوة وإصرارًا ويذهب الإحباط بعيدًا.
وتقول: "إن مَن حولي من الأهل ومدرسات التخاطب والطبيب المعالج كان لهم دور أساسيّ في دعمي نفسيًّا واجتماعيًّا، فتشجيعهم كان كثيرًا ما يقويني على تلك المهمة وبالفعل دخل الأطفال إحدى الحضانات وبدأ التطور يزيد بفضل الله، وبدءوا يتحدثون ببعض الكلمات بعد أن كانوا لا يتحدثون إلا بالإشارات، وبدءوا يلعبون مع ناس لا يعرفونهم، أنا الآن أرى تقدمًا كبيرًا بفضل الله ثم الصبر والعزيمة القوية ووضع خطة للتعامل إزاء حل المشكلة.
غياب المعلومات
وتتحدث إلينا "ن م" (طبيبة) قائلة: رُزقت طفلة تعاني من التوحد وكانت الصدمة في البداية شديدة، إلا أنني سألت نفسي كيف سأتعامل مع ابنتي، وأنا ليست لديَّ المعلومات الكافية لعلاجها؟ وكانت البداية، بدأت أدرس وأتعلم عن هؤلاء الأطفال، فوجدت أن هناك حالات كثيرة تم التوصل معها لنتائج ممتازة، فقررت أن تكون ابنتي واحدةً منهم، وبدأت أتعمق في دراساتي وأخذت الدبلومة ثم الماجيستير والدكتوراه.
وأخذت في التطبيق لما أتعلمه وبدأت أمارس مع ابنتي العديد من المهارات، وبالفعل بدأت علامات نجاحي معها تظهر.. ابنتي الآن تبلغ من العمر ثلاثة عشرة عامًا عندما تتعامل معها لا تجد اختلافًا كبيرًا بينها وبين صديقاتها من نفس العمر.
وعندما تذوقت طعم النجاح مع ابنتي قررت أن أنقل هذه الفرحة لبيوت كثيرة وكانت الجمعية التي قمت بإنشائها بالتعاون مع أطباء وإخصائيين تقوم على دعم الأسر التي لديها هذه الحالات بالتوعية ودعم الأطفال نفسهم عن طريق توفير إخصائيين للتخاطب، أيضًا فتحنا باب التطوع ونقوم الآن بتدريب من يريد أن يشارك في علاج هؤلاء الأطفال.
وتضيف كنت أظن أن ابنتي هذه محنة، فإذا بها منحة وهدية، فمنذ أن جاءت وأنا من نجاح إلى نجاح، أنا الآن صاحبة إحدى الجمعيات المهمة، وأخذت العديد من الدراسات وسافرت للعديد من البلاد وأقدم لها الشكر فهي التي جعلها الله صاحبة الفضل فيما أنا فيه الآن، وتدعو الجميع أن يحوِّلوا الليمون المُر إلى عصير حلو وأن يحوِّلوا المحنة لمنحة.
وكي نعرف ما الخطوات العملية للوصول للنجاح مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تحدثنا مجموعة من المتخصصين في هذا المجال:
تقول د. نهلة نور الدين (طبيبة نفسية لذوي الاحتياجات الخاصة): إنني أؤيد بشدة العلاج الجمعي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وذلك عن طريق دمجهم في المدارس مع الأطفال الطبيعيين؛ حيث إن ذلك يكسبهم المهارات والسلوكيات التي من شأنها أن تطور الطفل وتساهم في علاجه.
وتضيف: إن من العوامل المهمة لدعم الطفل نفسيًّا أن يكون هناك قبول اجتماعي من المحيطين به مثل الأقارب والجيران، هذا القبول الاجتماعي يساعد الطفل على التكيُّف مع الآخرين، وبالتالي للصحة النفسية.
وتؤكد أن على الأم أن تعطي الطفل قدرًا عاليًا من الحنان والاحتواء، أيضًا الصبر على الطفل وتحمُّل تصرفاته وعدم مقابلة تلك التصرفات بعصبية.
وتضيف: إن عليها أن تراعي مظاهر الاهتمام والرعاية للطفل مثل الاهتمام بنظافته والخروج معه والجلوس معه لفترات مناسبة، وتؤكد أن أطفال التوحُّد يكونون حساسين جدًّا، وقدرتهم على التعبير عن المشاعر تكون قليلة، فعلى الأم أن تجلس معه لفترات كافية لتعلم ماذا يريد.
أنواع الإعاقات
وتقول د. نرفانا جمال الدين "رئيس قسم التخاطب جامعة عين شمس": إن أنواع الإعاقات كثيرة، منها التأخر الذهني والضعف السمعي والتوحد والشلل الدماغي، وكل إعاقة لها طريقة علاج خاصة بها وعلى الأسرة أن تتثقف في الحالة التي يعاني منها طفلها.
وتشير إلى أنَّ نسبة الذكاء الطبيعية هي من 90 إلى 110، وإذا أردنا أن نلحق الطفل بإحدى المدارس فلا بد ألا تقل نسبة ذكاء هذا الطفل عن 70.
أما إذا قلَّت عن 70 فنستطيع أن نلحقه بإحدى المراكز المختصة بذلك أو نعطيه جلسات التخاطب اللازمة، حتى يصل ذكاؤه إلى70، ثم بعد ذلك ندخله المدرسة، وذلك حتى لا يشتِّت بقية زملائه وحتى لا يصاب هو بالإحباط.
ويجب لإلحاق الطفل أن يستطيع التحدث مع الآخرين بنسبة معقولة تمكنه من التعبير عما يريد، فإذا كان ذكاء الطفل 70 ، لكنه لا يتحدث فهذه مشكلة أيضًا، فكيف سيتعامل مع المدرس والأصدقاء.
وتضيف أنه يجب أن يعرض الطفل على طبيب مختص لفحص الحالة قبل الدخول للمدرسة؛ ليحدد هل يدخل أم ينتظر لفترة؟ فالأمر غير مطلق، ولكن كل حالة ولها ظروفها ولها برنامج علاجي خاص بها.
وتحدِّد دور الأم عندما يدخل طفلها الخاص المدرسة في:
1- المتابعة المستمرة للطفل عن طريق التواصل مع مدرسيه وأصدقائه في الفصل، ومعرفة مستواه الأكاديمي ومدى التحسن فيه.
2- عمل برنامج مكمِّل للمدرسة، وذلك إما بحضور إخصائيين للمنزل أو الذهاب لإحدى المراكز المتخصصة بالحالة ويتم فيه إعطاء التأهيل اللازم.
3- الاستعانة بإخصائي داخل الفصل إذا كان الطفل يواجه صعوبةً في الفصل يقوم الإخصائي بمتابعة الطالب ومعاونته في تنفيذ ما يطلبه المدرس داخل الحصة.
4- أن تتعاون الأم مع المدرسين وتخبرهم بدقة عن حالة الطفل في المنزل.
وتطالب المجتمع بضرورة تغيير ثقافة التعامل مع هذه الشريحة، وأن يفتح الباب للتعامل معها والسماح لها بأخذ حقوقها كاملة، ولا بد أن ينصهر هؤلاء الأطفال في المجتمع ويمارسوا حياتهم كأي إنسان؛ فيذهبوا إلى مدارسهم ويكون لهم أصدقاء يتقبلوهم ويشاركوا في الفصل ويقبلهم المدرسون ويصبروا عليهم ويحترموهم، فإذا تم ذلك سيحيا هؤلاء الأطفال حياة طبيعية، وإن لم يتم فسيظلون في عالمهم ويفوتهم قطار الحياة.
وتستكمل: إنها ترحب بإنشاء المدارس الفكرية، ولكن كخطوة أولى يتم بعدها دمجهم في المدارس العادية إذا سمحت الحالة بذلك.
دور الأسرة
وتختم كلامها بنصائح للأسرة عمومًا والأم خصوصًا، قائلة:
1- لا بد من إيمان قوي بأن الله تعالى سيجعله طفلاً طبيعيًّا أو قريبًا من الطبيعي.. هذا الإيمان يحتِّم على الأم والأسرة أن يبذلوا أقصى مجهود لديهم في زرع القيم والسلوكيات والمهارات التي يحتاجها ليكون طبيعيًّا.
2- لا تخجلوا منه.. اخرجوا معه.. قدموه للناس.. اصطحبوه للزيارات العائلية.. قدموا له في المدارس.
3- عدم الاستعجال.. فبعض الأسر تريد أن يتعلم الطفل كل المهارات في وقت واحد هذا الاستعجال لا يزيد الطفل تقدمًا، ولكنه يؤثر بالسلب عليه وعلى ثقته بنفسه، فعلينا التأني، وخصوصًا إذا كان سنُّ الطفل وصلت سنَّ المدرسة.
4- استغلال فترة ما قبل المدرسة، فكلما كان الطفل صغيرًا كلما كان كالإسفنجة يمتص الكثير، فعلينا البدء معه مبكرًا في هذه الفترة وعدم التأجيل.
5- التدخل المبكر لعلاج أية مشكلة تواجه الطفل حتى لا يزداد الأمر تعقيدًا.
مهمة الإخصائي المساعد "الشادو تيتشر"
وتقول د. ناهد عبد الخالق، دكتوراه في الأوتيزم ورئيس إحدى الجمعيات لتدريب ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة: إن الأطفال إذا دخلوا المدرسة نوعان: النوع الأول لديه اكتفاء ذاتي، فيستطيع أن يسمع وينفِّذ ما يطلبه المدرس وأن يخرج أدواته ويكتب بالقلم، أما النوع الثاني فيجد صعوبةً في ذلك، في هذه الحالة يفضل أن يكون معه اختصاصي مساعد أو ما يسمّى بـ"الشادو تيتشر" يقوم هذا الإخصائي بمساعدة الطفل والمدرس لإنجاح العملية التعليمية، فيقوم:
الطفل ذو الاحتياجات يحتاج لتعامل خاص من الوالدين والمعلمين
1- بتنبيه الطفل في أذنيه حتى لا تتعطل الحصة أو يلاحظ أحد زملائه فيقوم بتنبيهه بما يطلبة المدرس مثل (أحمد طلع الكراسة- افتح الصفحة- اكتب ما على السبورة).
2- ملاحظة تصرفات وأفعال وردود أفعال الطفل ووضع خطة لتحسينها وإبلاغ الأم بها لتَعاوُنها فيها.
3- عقد جلسات لمدرسي الطفل وتبادل الآراء حول حالة الطفل وعرض خطة العمل معه، وأن تشرح للمدرسين احتياجات الطفل وكيفية التعامل معه.
4- توجيه الطفل أثناء أداء أنشطة المدرسة مثل التلوين والرسم واستخدام المقص والألعاب الرياضية.
5- تعزيز الطفل كلما قام بأداء ما يطلبة المدرس أو ما يطلبه هو منه بإعطائه جائزة يحبها.
6- تحفيز الطفل أنه إذا قام بأداء ما يطلب منه سيأخذ جائزة يحبها وتخبره بها أو تريه إياها.
7- التحدث مع زملاء الطفل في الفصل عن طريقة التعامل معه والأشياء التي لا يفضل أن يقوموا بها معه بشكل غير مباشر؛ حتى لا يفهموا أنه حالة خاصة.
8- التأكد من أن الطفل دخل المرحلة الدراسية المناسبة لحالته، فأحيانًا يدخل الطفل الصف الخامس، ولكنّ المفروض أن يدخل الفصل الثالث فنجده متعثرًا في دراسته هنا، إما أن يُنقل الطفل وإما نقوم بعمل جلسات خاصة في المنزل يقوم بها أحد الإخصائيين أو "شادوا تيتشر" المدرسة يقوم فيها بالمراجعة على ما تم أخذه في المدرسة.
فجَّروا طاقاتهم وإمكانياتهم
وتقول نادية محمد علي، رئيس مجلس إدارة جمعية أطفال للوجود: إن التعليم القائم على التلقين فقط أو تطوير الجانب العقلي فقط هذا يلغي شخصية الطفل ويقتل بداخله بقية الجوانب ويجعله عرضةً للنسيان السريع.
وتؤكد أن الست سنوات الأولى من عمر الطفل هي سنوات البناء فلا بد من أن نركِّز فيها على النمو "العقلي والنفسي والحركي" وعن كيفية الاعتناء بهذه الجوانب لتفجير طاقات وإمكانيات الطفل تقول:
- لا بد أن يكون المكان الذي يتعلم فيه الطفل واسعًا؛ ليتيح إمكانية التحرك، فمثلاً يُراعى عند توزيع الأطفال في الفصول أن يكون لكل طفل مساحة ثلاثة أمتار ليتحرك فيها.
- توفير أدوات تعليمية والتي توجد الآن بكثرة في العديد من المكتبات ومعارض الكتاب والتي تنمِّي عند الطفل التفكير والابتكار ومتعة التعليم.
- لا بد أن يستخدم الطفل الحواس الخمس عندما يتعلم وليس حاسة واحدة، والقرآن يخبرنا أن الإنسان لن يسأل عن حاسة واحدة ولكن ?إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)? (الإسراء: من الآية 36) فاستخدام أكثر من حاسة يثبت بها المعلومة أو المهارة ويساعد على الفهم ويجعله الشخصية مبتكرة.
- أن نراعي عند وضع المنهج الذي سندرسة للطفل أن يتناسب مع إمكانياته، فلا نضع له منهجًا للقراءة والكتابة وهو ليس لديه تآزر بصري، ولكن نؤسس قبل أن نعطي المنهج الدراسي.
- كوني مع طفلك أول يوم له في المدرسة لمدة ساعتين؛ حتى يطمئن للمكان ويحبه، ثم اتركيه ساعتين وعودي إليه، ثم تدرجي في تركه من ساعتين إلى ثلاث ثم أربع، إلى أن يتعود على المكان ويظل بمفرده فيه فالانفصال المفاجئ، يصيب الطفل بصدمة قوية.
- قومي بتهيئة طفلك مسبقًا للحياة المدرسية؛ وذلك عن طريق نظرية "منتسوري" التي تدعو الأم بألا تجعل الطفل يتعلق بها تعلقًا زائدًا، فلا تحمله طيلة الوقت أو تقوم هي فقط بكافة شئونه، لكن دعيه يخدم نفسه في بعض المواقف، مثلاً عوِّديه أن يأكل بنفسه ويغسل طبقه ويضع اللعب في مكانها بعد الانتهاء من اللعب، هذا يجعله يثق بنفسه، مقدرًا لذاته، يتقبل ترك أمه لبعض الوقت ناجحًا في المهام التي تُسند إليه.
- لا بد من احترام الطفل وأخذ رأيه، ولا داعي لاستعجاله بالقهر والقوة لتنفيذ الأنشطة أو الواجبات، فلا نقل للطفل قم بهذا الفعل الآن وإلا ضربناك، ولكنْ ضع نشاطين، كلاهما يؤدي إلى تعلم نفس المهارة أو القيمة وخيره بينهما، فإعطاء الطفل الحرية والمساحة مهم جدًّا في التعليم وإلا فالأوامر تجعله كالحجر الأصم والتخيير يجعله صاحب قرار.
- أيضًا يُمنع أن يدرس للطفل أي مدرس لا يقدِّر قيمة هذا الطفل وحالته حتى لا يؤذيه وهو يظن أنه يعلِّمه.
تعليم الطفل احترام الضوابط
تؤكد ضرورة تعليم الطفل ضوابط الفصل والحصص ومساعدته في تطبيقها والصبر عليه حتى يعتادها
ساعدي طفلك على التركيز:
وتقدم للأم نصائح رائعة وبسيطة ونتائجها ممتازة ليحافظ الطفل على تركيزه واستيعابه:
- احرصي على أن ينام طفلك مبكرًا ليستيقظ مبكرًا؛ لأن عدم ترتيب مواعيد نومه واستيقاظه تجعله متقلب المزاج متوترًا.
- لا بد أن يكون الطعام صحيًّا خاليًا تمامًا من المواد الحافظة؛ لأن هذه المواد تشتِّت انتباهه.
- تجنبي جلوس الطفل لفترة طويلة أمام التليفزيون والكمبيوتر؛ حيث إن كل ساعة يقضيها الطفل أمامهما ينقص انتباهه بنسبة 10%.
- 4- أيضًا يكمن الخطر في أنه ليس هناك توازن بين أن يسمع وينظر وبين أن يشارك بنفسه هذا يجعله متلقيًا طوال الوقت ويقتل فيه الإبداع وإنجاز الأشياء بنفسه.
- تابعي طفلك فيما يشاهده على التليفزيون والكمبيوتر، وتجنبي الكارتون، فهو أسوأ شيء لطفلك، فالحركة السريعة فيه تصيب الطفل بالإجهاد البصري.
- ابعدي طفلك قدر المستطاع عن الموبايل والغسالة والثلاجة والأدوات الكهربائية الأخرى؛ حيث إنه يأخذ منها طاقه سلبية كثيرة هذه الطاقة تصيبه بالفرط الحركي.
- لا تعطيه أنشطةً أكبر من سنِّه؛ حتى لا يرميها ويشعر بالفشل، ولكن تدرجي معه في الأنشطة من المحسوس للمجرد، مثلاً علميه معنى الكوب والزجاجة والماء، ثم علميه معنى العطش.
وفّري لطفلك الهدوء والاستقرار الأسري، فالخلافات والمشاكل لا تكون أمامه.
كلمات للمعلم
وتؤكد أهمية دور المعلم بأن يتقبل الطفل، ويصبر عليه، ولا يتعصب عليه، وألا يشعره بالفشل، فإذا قام الطفل بتركيب اثنين من خمسة مكعبات عليه أن يمدحه ويساعده في الثلاثة المتبقية وإن لم يستطع يخبره أننا سنكمل غدًا على النجاح الذي بدأناه.
الصعوبات التي يواجهها الطفل لها حل
يقول د. حسن صلاح، اختصاصي نفسي، إن هناك صعوبات يواجهها الطفل في المدرسة ويقدم لنا حلولاً لها.
المعاملة السيئة:
مثل أن يقوم أحد زملائه بضربه أو أخذ مكانه أو إحدى أدواته، وهنا يجب أن نجهز الطفل مسبقًا لمثل هذه الاحتمالات عن طريق زرع قدر من الدفاع عن النفس عند الطفل؛ كأن يقول: "لا أو ده غلط" أو يرفع يده ويخبر المدرس أو صد الضربات الموجهة إليه، ويراعى هنا دعم السلوك الإيجابي عند الطفل، وذلك بألا نقول له من يضربك اضربه، ولكن نقول من يضربك دافع عن نفسك، وأيضًا لا نقل له الكذب حرام بل نقل الصدق حلال.
الإساءة الجنسية:
أيضًا قد يتعرض الطفل للإساءة الجنسية، وهذه من أخطر وأبشع الإساءات التي يواجهها الطفل، ويمكن الوقاية منها في أن تعوِّد الأم طفلها على أن جسدك يخصك أنت فقط، لا يجوز لأحد أن يلمسه، وإن فعل ذلك أحد عليك أن ترفض وتقاوم أيضًا، تعود طفلها أنه هو أيضًا لا يلمس جسد غيره؛ حتى إذا طلب منه هو ذلك.
كما يُؤكَد أن على الأم أن تعلم طفلها أن يساعد نفسه بمفرده عند الدخول للحمام ولا يجعل أحدًا يساعده.
- أن تقوم إدارة المدرسة بفصل الطفل لعدم تقدمه مثلاً في الدراسة، وهنا يجب على الأم أن يكون عندها مبدأ الحقوقية، وتدافع عن حق طفلها في التعليم، وتتفاوض مع المدرسة إلى أن يعود الطفل لمدرسته، ثم تقوم بالبحث عن المشكلة وحلها عن طريق عمل اختبارات الذكاء ومعالجة الجزء الناقص عند الطفل بجلسات العلاج عند مختص، أيضًا الاهتمام بأن يكون هناك خطة للأم في تطوير قدرات طفلها بمساعدة مختص.
اتهام الطفل بالغباء:
ويضيف: علينا توعية الأم والمدرسة بأن الذكاء ليس أكاديميًّا فقط، ولكن هناك ذكاء موسيقي وحركي واجتماعي ومكاني وفراغي ولغوي ومنطقي رياضي، وغيرها من أنواع الذكاء، وأن ليس هناك غباء، لكنْ علينا اكتشاف الذكاء الذي يأخذ فيه الطفل درجة عالية ونعمل عليه ثم نعمل على تنمية بقية أنواع الذكاء الضعيفة.
تجنب زملائه التعامل معه:
ويوضح أنها من أهم المشكلات التي تواجه الطفل في المدرسة وتحرمه من حقه الاجتماعي وعن الحل يقول: على إدارة المدرسة أن تقوم بعمل ورش عمل للطلبة العاديين، وتقوم بطرح سؤال عليهم، وهو: تخيل لو كنت طفلاً معاقًا أو لديك احتياجات خاصة ماذا تنتظر من الآخرين؟ ونتركهم وقتًا كافيًا؛ ليتناقشوا في الموضوع سنجد أنهم يقولون كلامًا ايجابيًّا هنا نقول لهم: إذًا هذا واجبكم نحو هؤلاء الأطفال.
أيضًا يقترح عمل اجتماع لأولياء الأمور، يتم فيه توعيتهم بأهمية احتكاك أبنائهم الطبيعيين بهؤلاء الأطفال، هذه الأهمية تكون للطرفين؛ فالطفل الخاص سيتعلم مهارات والطفل الطبيعي سيتعلم أخلاقًا وقيمًا.
العبء المادي:
وتقول فاطمة محيي الدين "إخصائية حالات خاصة": إن هناك عبئًا ماديًا كبيرًا تواجهه الأسرة التي لديها طفل ذو احتياج خاص؛ وذلك لأن وزارة التعليم لا تدعم هؤلاء الأطفال ماديًّا، كما أن نسبة 90% من المدرسين في المدارس العادية لا يعلمون عن الحالات الخاصة شيئًا، ومن هنا ينشأ التعامل غير السليم مع الطفل داخل الفصل.
وتؤكد شيماء محيي الدين "إخصائية تنمية قدرات" أن نجاحها مع الأطفال يعتمد على أن تجعلهم يحبونها وفي نفس الوقت يحترمونها، وتؤكد أنه إذ لم يحبك الطفل فلن يستجيب لتوجيهاتك، وإذا لم يحترمك سيملي عليك توجيهاته هو، فلا بد من الاثنين معًا.
وختامًا.. هؤلاء الأطفال منحة من الله وهدية إذا تمت العناية الخاصة بهم، ومحنة شديدة إذا تمَّ إهمالهم، ونؤكد أن المسئولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع والدولة.. ففي النهاية كل ذلك يصب في المصلحة العامة للجميع.
تقييم:
0
0
في البداية، نحب أن نطرح عليكم بعض النماذج لأمهات نتشرف بوجودهن كنماذج يُحتذى بهنَّ عانين كثيرًا، ولكنهن زرعن فحصدن علهن يكنَّ دافعًا للكثيرات.
تتحدث إلينا منال إسماعيل (أم لمريم وأحمد توأم خاص) قائلة: "القصة بدأت عندما رزقني الله طفلين توأم بعد ثمانية عشرة عامًا بلا إنجاب، وفي ظل فرحة الجميع اكتشفت أن هناك مشكلة والطفلان عندهما سنتان ونصف السنة، واكتشفت أنهما يعانيان من تأخر لغوي شديد، وكانت أهم معضلة أن زوجي لم يكن يصدق أن هناك مشكلةً، بل يرى أن الطفلين طبيعيان جدًّا، وأن بمرور الزمن سيكونان طبيعيين وبدأ يعارض فكرة العلاج وجلسات التخاطب، إلا أنني لم أستسلم وبدأت أحاول إقناعه أن نذهب معًا لإحدى الطبيبات، فقد يكون الكلام منطقيِّا وبالتدريج بدأ يسمح بجلسات التخاطب، ولكن ليس عن اقتناع كنت دائمًا ألجأ إلى الله وأحمِّس نفسي وأصبر إلى أن بدأت آثار الجلسات تظهر على الطفلين، وهنا بدأ زوجي يلاحظ وبدأ يتبنَّى الفكرة.
الإحباط
مشكلة أخرى تعرَّضت لها منال وتقول: "أنا لا أنفي أنني كثير ما مررت بحالات من الإحباط الشديد، وخصوصًا أن التقدم كان يأتي ببطء شديد، كما أنني كنت أرى الأطفال الطبيعيين فأتمنى أن أستيقظ يومًا لأجد طفلَيَّ أصبحا منهم.
ولكني كنت لا أترك الإحباط يقتلني، فكنت أقول لنفسي إن الله الذي وهبني إياهما بعد ثمانية عشرة عامًا من الدعاء لن يسيئني فيهما، فلا بد أن أقوم بما عليَّ تجاههما والنتائج يحكم بها ربي، وبالفعل كنت أزداد قوة وإصرارًا ويذهب الإحباط بعيدًا.
وتقول: "إن مَن حولي من الأهل ومدرسات التخاطب والطبيب المعالج كان لهم دور أساسيّ في دعمي نفسيًّا واجتماعيًّا، فتشجيعهم كان كثيرًا ما يقويني على تلك المهمة وبالفعل دخل الأطفال إحدى الحضانات وبدأ التطور يزيد بفضل الله، وبدءوا يتحدثون ببعض الكلمات بعد أن كانوا لا يتحدثون إلا بالإشارات، وبدءوا يلعبون مع ناس لا يعرفونهم، أنا الآن أرى تقدمًا كبيرًا بفضل الله ثم الصبر والعزيمة القوية ووضع خطة للتعامل إزاء حل المشكلة.
غياب المعلومات
وتتحدث إلينا "ن م" (طبيبة) قائلة: رُزقت طفلة تعاني من التوحد وكانت الصدمة في البداية شديدة، إلا أنني سألت نفسي كيف سأتعامل مع ابنتي، وأنا ليست لديَّ المعلومات الكافية لعلاجها؟ وكانت البداية، بدأت أدرس وأتعلم عن هؤلاء الأطفال، فوجدت أن هناك حالات كثيرة تم التوصل معها لنتائج ممتازة، فقررت أن تكون ابنتي واحدةً منهم، وبدأت أتعمق في دراساتي وأخذت الدبلومة ثم الماجيستير والدكتوراه.
وأخذت في التطبيق لما أتعلمه وبدأت أمارس مع ابنتي العديد من المهارات، وبالفعل بدأت علامات نجاحي معها تظهر.. ابنتي الآن تبلغ من العمر ثلاثة عشرة عامًا عندما تتعامل معها لا تجد اختلافًا كبيرًا بينها وبين صديقاتها من نفس العمر.
وعندما تذوقت طعم النجاح مع ابنتي قررت أن أنقل هذه الفرحة لبيوت كثيرة وكانت الجمعية التي قمت بإنشائها بالتعاون مع أطباء وإخصائيين تقوم على دعم الأسر التي لديها هذه الحالات بالتوعية ودعم الأطفال نفسهم عن طريق توفير إخصائيين للتخاطب، أيضًا فتحنا باب التطوع ونقوم الآن بتدريب من يريد أن يشارك في علاج هؤلاء الأطفال.
وتضيف كنت أظن أن ابنتي هذه محنة، فإذا بها منحة وهدية، فمنذ أن جاءت وأنا من نجاح إلى نجاح، أنا الآن صاحبة إحدى الجمعيات المهمة، وأخذت العديد من الدراسات وسافرت للعديد من البلاد وأقدم لها الشكر فهي التي جعلها الله صاحبة الفضل فيما أنا فيه الآن، وتدعو الجميع أن يحوِّلوا الليمون المُر إلى عصير حلو وأن يحوِّلوا المحنة لمنحة.
وكي نعرف ما الخطوات العملية للوصول للنجاح مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة تحدثنا مجموعة من المتخصصين في هذا المجال:
تقول د. نهلة نور الدين (طبيبة نفسية لذوي الاحتياجات الخاصة): إنني أؤيد بشدة العلاج الجمعي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة؛ وذلك عن طريق دمجهم في المدارس مع الأطفال الطبيعيين؛ حيث إن ذلك يكسبهم المهارات والسلوكيات التي من شأنها أن تطور الطفل وتساهم في علاجه.
وتضيف: إن من العوامل المهمة لدعم الطفل نفسيًّا أن يكون هناك قبول اجتماعي من المحيطين به مثل الأقارب والجيران، هذا القبول الاجتماعي يساعد الطفل على التكيُّف مع الآخرين، وبالتالي للصحة النفسية.
وتؤكد أن على الأم أن تعطي الطفل قدرًا عاليًا من الحنان والاحتواء، أيضًا الصبر على الطفل وتحمُّل تصرفاته وعدم مقابلة تلك التصرفات بعصبية.
وتضيف: إن عليها أن تراعي مظاهر الاهتمام والرعاية للطفل مثل الاهتمام بنظافته والخروج معه والجلوس معه لفترات مناسبة، وتؤكد أن أطفال التوحُّد يكونون حساسين جدًّا، وقدرتهم على التعبير عن المشاعر تكون قليلة، فعلى الأم أن تجلس معه لفترات كافية لتعلم ماذا يريد.
أنواع الإعاقات
وتقول د. نرفانا جمال الدين "رئيس قسم التخاطب جامعة عين شمس": إن أنواع الإعاقات كثيرة، منها التأخر الذهني والضعف السمعي والتوحد والشلل الدماغي، وكل إعاقة لها طريقة علاج خاصة بها وعلى الأسرة أن تتثقف في الحالة التي يعاني منها طفلها.
وتشير إلى أنَّ نسبة الذكاء الطبيعية هي من 90 إلى 110، وإذا أردنا أن نلحق الطفل بإحدى المدارس فلا بد ألا تقل نسبة ذكاء هذا الطفل عن 70.
أما إذا قلَّت عن 70 فنستطيع أن نلحقه بإحدى المراكز المختصة بذلك أو نعطيه جلسات التخاطب اللازمة، حتى يصل ذكاؤه إلى70، ثم بعد ذلك ندخله المدرسة، وذلك حتى لا يشتِّت بقية زملائه وحتى لا يصاب هو بالإحباط.
ويجب لإلحاق الطفل أن يستطيع التحدث مع الآخرين بنسبة معقولة تمكنه من التعبير عما يريد، فإذا كان ذكاء الطفل 70 ، لكنه لا يتحدث فهذه مشكلة أيضًا، فكيف سيتعامل مع المدرس والأصدقاء.
وتضيف أنه يجب أن يعرض الطفل على طبيب مختص لفحص الحالة قبل الدخول للمدرسة؛ ليحدد هل يدخل أم ينتظر لفترة؟ فالأمر غير مطلق، ولكن كل حالة ولها ظروفها ولها برنامج علاجي خاص بها.
وتحدِّد دور الأم عندما يدخل طفلها الخاص المدرسة في:
1- المتابعة المستمرة للطفل عن طريق التواصل مع مدرسيه وأصدقائه في الفصل، ومعرفة مستواه الأكاديمي ومدى التحسن فيه.
2- عمل برنامج مكمِّل للمدرسة، وذلك إما بحضور إخصائيين للمنزل أو الذهاب لإحدى المراكز المتخصصة بالحالة ويتم فيه إعطاء التأهيل اللازم.
3- الاستعانة بإخصائي داخل الفصل إذا كان الطفل يواجه صعوبةً في الفصل يقوم الإخصائي بمتابعة الطالب ومعاونته في تنفيذ ما يطلبه المدرس داخل الحصة.
4- أن تتعاون الأم مع المدرسين وتخبرهم بدقة عن حالة الطفل في المنزل.
وتطالب المجتمع بضرورة تغيير ثقافة التعامل مع هذه الشريحة، وأن يفتح الباب للتعامل معها والسماح لها بأخذ حقوقها كاملة، ولا بد أن ينصهر هؤلاء الأطفال في المجتمع ويمارسوا حياتهم كأي إنسان؛ فيذهبوا إلى مدارسهم ويكون لهم أصدقاء يتقبلوهم ويشاركوا في الفصل ويقبلهم المدرسون ويصبروا عليهم ويحترموهم، فإذا تم ذلك سيحيا هؤلاء الأطفال حياة طبيعية، وإن لم يتم فسيظلون في عالمهم ويفوتهم قطار الحياة.
وتستكمل: إنها ترحب بإنشاء المدارس الفكرية، ولكن كخطوة أولى يتم بعدها دمجهم في المدارس العادية إذا سمحت الحالة بذلك.
دور الأسرة
وتختم كلامها بنصائح للأسرة عمومًا والأم خصوصًا، قائلة:
1- لا بد من إيمان قوي بأن الله تعالى سيجعله طفلاً طبيعيًّا أو قريبًا من الطبيعي.. هذا الإيمان يحتِّم على الأم والأسرة أن يبذلوا أقصى مجهود لديهم في زرع القيم والسلوكيات والمهارات التي يحتاجها ليكون طبيعيًّا.
2- لا تخجلوا منه.. اخرجوا معه.. قدموه للناس.. اصطحبوه للزيارات العائلية.. قدموا له في المدارس.
3- عدم الاستعجال.. فبعض الأسر تريد أن يتعلم الطفل كل المهارات في وقت واحد هذا الاستعجال لا يزيد الطفل تقدمًا، ولكنه يؤثر بالسلب عليه وعلى ثقته بنفسه، فعلينا التأني، وخصوصًا إذا كان سنُّ الطفل وصلت سنَّ المدرسة.
4- استغلال فترة ما قبل المدرسة، فكلما كان الطفل صغيرًا كلما كان كالإسفنجة يمتص الكثير، فعلينا البدء معه مبكرًا في هذه الفترة وعدم التأجيل.
5- التدخل المبكر لعلاج أية مشكلة تواجه الطفل حتى لا يزداد الأمر تعقيدًا.
مهمة الإخصائي المساعد "الشادو تيتشر"
وتقول د. ناهد عبد الخالق، دكتوراه في الأوتيزم ورئيس إحدى الجمعيات لتدريب ودعم ذوي الاحتياجات الخاصة: إن الأطفال إذا دخلوا المدرسة نوعان: النوع الأول لديه اكتفاء ذاتي، فيستطيع أن يسمع وينفِّذ ما يطلبه المدرس وأن يخرج أدواته ويكتب بالقلم، أما النوع الثاني فيجد صعوبةً في ذلك، في هذه الحالة يفضل أن يكون معه اختصاصي مساعد أو ما يسمّى بـ"الشادو تيتشر" يقوم هذا الإخصائي بمساعدة الطفل والمدرس لإنجاح العملية التعليمية، فيقوم:
الطفل ذو الاحتياجات يحتاج لتعامل خاص من الوالدين والمعلمين
1- بتنبيه الطفل في أذنيه حتى لا تتعطل الحصة أو يلاحظ أحد زملائه فيقوم بتنبيهه بما يطلبة المدرس مثل (أحمد طلع الكراسة- افتح الصفحة- اكتب ما على السبورة).
2- ملاحظة تصرفات وأفعال وردود أفعال الطفل ووضع خطة لتحسينها وإبلاغ الأم بها لتَعاوُنها فيها.
3- عقد جلسات لمدرسي الطفل وتبادل الآراء حول حالة الطفل وعرض خطة العمل معه، وأن تشرح للمدرسين احتياجات الطفل وكيفية التعامل معه.
4- توجيه الطفل أثناء أداء أنشطة المدرسة مثل التلوين والرسم واستخدام المقص والألعاب الرياضية.
5- تعزيز الطفل كلما قام بأداء ما يطلبة المدرس أو ما يطلبه هو منه بإعطائه جائزة يحبها.
6- تحفيز الطفل أنه إذا قام بأداء ما يطلب منه سيأخذ جائزة يحبها وتخبره بها أو تريه إياها.
7- التحدث مع زملاء الطفل في الفصل عن طريقة التعامل معه والأشياء التي لا يفضل أن يقوموا بها معه بشكل غير مباشر؛ حتى لا يفهموا أنه حالة خاصة.
8- التأكد من أن الطفل دخل المرحلة الدراسية المناسبة لحالته، فأحيانًا يدخل الطفل الصف الخامس، ولكنّ المفروض أن يدخل الفصل الثالث فنجده متعثرًا في دراسته هنا، إما أن يُنقل الطفل وإما نقوم بعمل جلسات خاصة في المنزل يقوم بها أحد الإخصائيين أو "شادوا تيتشر" المدرسة يقوم فيها بالمراجعة على ما تم أخذه في المدرسة.
فجَّروا طاقاتهم وإمكانياتهم
وتقول نادية محمد علي، رئيس مجلس إدارة جمعية أطفال للوجود: إن التعليم القائم على التلقين فقط أو تطوير الجانب العقلي فقط هذا يلغي شخصية الطفل ويقتل بداخله بقية الجوانب ويجعله عرضةً للنسيان السريع.
وتؤكد أن الست سنوات الأولى من عمر الطفل هي سنوات البناء فلا بد من أن نركِّز فيها على النمو "العقلي والنفسي والحركي" وعن كيفية الاعتناء بهذه الجوانب لتفجير طاقات وإمكانيات الطفل تقول:
- لا بد أن يكون المكان الذي يتعلم فيه الطفل واسعًا؛ ليتيح إمكانية التحرك، فمثلاً يُراعى عند توزيع الأطفال في الفصول أن يكون لكل طفل مساحة ثلاثة أمتار ليتحرك فيها.
- توفير أدوات تعليمية والتي توجد الآن بكثرة في العديد من المكتبات ومعارض الكتاب والتي تنمِّي عند الطفل التفكير والابتكار ومتعة التعليم.
- لا بد أن يستخدم الطفل الحواس الخمس عندما يتعلم وليس حاسة واحدة، والقرآن يخبرنا أن الإنسان لن يسأل عن حاسة واحدة ولكن ?إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)? (الإسراء: من الآية 36) فاستخدام أكثر من حاسة يثبت بها المعلومة أو المهارة ويساعد على الفهم ويجعله الشخصية مبتكرة.
- أن نراعي عند وضع المنهج الذي سندرسة للطفل أن يتناسب مع إمكانياته، فلا نضع له منهجًا للقراءة والكتابة وهو ليس لديه تآزر بصري، ولكن نؤسس قبل أن نعطي المنهج الدراسي.
- كوني مع طفلك أول يوم له في المدرسة لمدة ساعتين؛ حتى يطمئن للمكان ويحبه، ثم اتركيه ساعتين وعودي إليه، ثم تدرجي في تركه من ساعتين إلى ثلاث ثم أربع، إلى أن يتعود على المكان ويظل بمفرده فيه فالانفصال المفاجئ، يصيب الطفل بصدمة قوية.
- قومي بتهيئة طفلك مسبقًا للحياة المدرسية؛ وذلك عن طريق نظرية "منتسوري" التي تدعو الأم بألا تجعل الطفل يتعلق بها تعلقًا زائدًا، فلا تحمله طيلة الوقت أو تقوم هي فقط بكافة شئونه، لكن دعيه يخدم نفسه في بعض المواقف، مثلاً عوِّديه أن يأكل بنفسه ويغسل طبقه ويضع اللعب في مكانها بعد الانتهاء من اللعب، هذا يجعله يثق بنفسه، مقدرًا لذاته، يتقبل ترك أمه لبعض الوقت ناجحًا في المهام التي تُسند إليه.
- لا بد من احترام الطفل وأخذ رأيه، ولا داعي لاستعجاله بالقهر والقوة لتنفيذ الأنشطة أو الواجبات، فلا نقل للطفل قم بهذا الفعل الآن وإلا ضربناك، ولكنْ ضع نشاطين، كلاهما يؤدي إلى تعلم نفس المهارة أو القيمة وخيره بينهما، فإعطاء الطفل الحرية والمساحة مهم جدًّا في التعليم وإلا فالأوامر تجعله كالحجر الأصم والتخيير يجعله صاحب قرار.
- أيضًا يُمنع أن يدرس للطفل أي مدرس لا يقدِّر قيمة هذا الطفل وحالته حتى لا يؤذيه وهو يظن أنه يعلِّمه.
تعليم الطفل احترام الضوابط
تؤكد ضرورة تعليم الطفل ضوابط الفصل والحصص ومساعدته في تطبيقها والصبر عليه حتى يعتادها
ساعدي طفلك على التركيز:
وتقدم للأم نصائح رائعة وبسيطة ونتائجها ممتازة ليحافظ الطفل على تركيزه واستيعابه:
- احرصي على أن ينام طفلك مبكرًا ليستيقظ مبكرًا؛ لأن عدم ترتيب مواعيد نومه واستيقاظه تجعله متقلب المزاج متوترًا.
- لا بد أن يكون الطعام صحيًّا خاليًا تمامًا من المواد الحافظة؛ لأن هذه المواد تشتِّت انتباهه.
- تجنبي جلوس الطفل لفترة طويلة أمام التليفزيون والكمبيوتر؛ حيث إن كل ساعة يقضيها الطفل أمامهما ينقص انتباهه بنسبة 10%.
- 4- أيضًا يكمن الخطر في أنه ليس هناك توازن بين أن يسمع وينظر وبين أن يشارك بنفسه هذا يجعله متلقيًا طوال الوقت ويقتل فيه الإبداع وإنجاز الأشياء بنفسه.
- تابعي طفلك فيما يشاهده على التليفزيون والكمبيوتر، وتجنبي الكارتون، فهو أسوأ شيء لطفلك، فالحركة السريعة فيه تصيب الطفل بالإجهاد البصري.
- ابعدي طفلك قدر المستطاع عن الموبايل والغسالة والثلاجة والأدوات الكهربائية الأخرى؛ حيث إنه يأخذ منها طاقه سلبية كثيرة هذه الطاقة تصيبه بالفرط الحركي.
- لا تعطيه أنشطةً أكبر من سنِّه؛ حتى لا يرميها ويشعر بالفشل، ولكن تدرجي معه في الأنشطة من المحسوس للمجرد، مثلاً علميه معنى الكوب والزجاجة والماء، ثم علميه معنى العطش.
وفّري لطفلك الهدوء والاستقرار الأسري، فالخلافات والمشاكل لا تكون أمامه.
كلمات للمعلم
وتؤكد أهمية دور المعلم بأن يتقبل الطفل، ويصبر عليه، ولا يتعصب عليه، وألا يشعره بالفشل، فإذا قام الطفل بتركيب اثنين من خمسة مكعبات عليه أن يمدحه ويساعده في الثلاثة المتبقية وإن لم يستطع يخبره أننا سنكمل غدًا على النجاح الذي بدأناه.
الصعوبات التي يواجهها الطفل لها حل
يقول د. حسن صلاح، اختصاصي نفسي، إن هناك صعوبات يواجهها الطفل في المدرسة ويقدم لنا حلولاً لها.
المعاملة السيئة:
مثل أن يقوم أحد زملائه بضربه أو أخذ مكانه أو إحدى أدواته، وهنا يجب أن نجهز الطفل مسبقًا لمثل هذه الاحتمالات عن طريق زرع قدر من الدفاع عن النفس عند الطفل؛ كأن يقول: "لا أو ده غلط" أو يرفع يده ويخبر المدرس أو صد الضربات الموجهة إليه، ويراعى هنا دعم السلوك الإيجابي عند الطفل، وذلك بألا نقول له من يضربك اضربه، ولكن نقول من يضربك دافع عن نفسك، وأيضًا لا نقل له الكذب حرام بل نقل الصدق حلال.
الإساءة الجنسية:
أيضًا قد يتعرض الطفل للإساءة الجنسية، وهذه من أخطر وأبشع الإساءات التي يواجهها الطفل، ويمكن الوقاية منها في أن تعوِّد الأم طفلها على أن جسدك يخصك أنت فقط، لا يجوز لأحد أن يلمسه، وإن فعل ذلك أحد عليك أن ترفض وتقاوم أيضًا، تعود طفلها أنه هو أيضًا لا يلمس جسد غيره؛ حتى إذا طلب منه هو ذلك.
كما يُؤكَد أن على الأم أن تعلم طفلها أن يساعد نفسه بمفرده عند الدخول للحمام ولا يجعل أحدًا يساعده.
- أن تقوم إدارة المدرسة بفصل الطفل لعدم تقدمه مثلاً في الدراسة، وهنا يجب على الأم أن يكون عندها مبدأ الحقوقية، وتدافع عن حق طفلها في التعليم، وتتفاوض مع المدرسة إلى أن يعود الطفل لمدرسته، ثم تقوم بالبحث عن المشكلة وحلها عن طريق عمل اختبارات الذكاء ومعالجة الجزء الناقص عند الطفل بجلسات العلاج عند مختص، أيضًا الاهتمام بأن يكون هناك خطة للأم في تطوير قدرات طفلها بمساعدة مختص.
اتهام الطفل بالغباء:
ويضيف: علينا توعية الأم والمدرسة بأن الذكاء ليس أكاديميًّا فقط، ولكن هناك ذكاء موسيقي وحركي واجتماعي ومكاني وفراغي ولغوي ومنطقي رياضي، وغيرها من أنواع الذكاء، وأن ليس هناك غباء، لكنْ علينا اكتشاف الذكاء الذي يأخذ فيه الطفل درجة عالية ونعمل عليه ثم نعمل على تنمية بقية أنواع الذكاء الضعيفة.
تجنب زملائه التعامل معه:
ويوضح أنها من أهم المشكلات التي تواجه الطفل في المدرسة وتحرمه من حقه الاجتماعي وعن الحل يقول: على إدارة المدرسة أن تقوم بعمل ورش عمل للطلبة العاديين، وتقوم بطرح سؤال عليهم، وهو: تخيل لو كنت طفلاً معاقًا أو لديك احتياجات خاصة ماذا تنتظر من الآخرين؟ ونتركهم وقتًا كافيًا؛ ليتناقشوا في الموضوع سنجد أنهم يقولون كلامًا ايجابيًّا هنا نقول لهم: إذًا هذا واجبكم نحو هؤلاء الأطفال.
أيضًا يقترح عمل اجتماع لأولياء الأمور، يتم فيه توعيتهم بأهمية احتكاك أبنائهم الطبيعيين بهؤلاء الأطفال، هذه الأهمية تكون للطرفين؛ فالطفل الخاص سيتعلم مهارات والطفل الطبيعي سيتعلم أخلاقًا وقيمًا.
العبء المادي:
وتقول فاطمة محيي الدين "إخصائية حالات خاصة": إن هناك عبئًا ماديًا كبيرًا تواجهه الأسرة التي لديها طفل ذو احتياج خاص؛ وذلك لأن وزارة التعليم لا تدعم هؤلاء الأطفال ماديًّا، كما أن نسبة 90% من المدرسين في المدارس العادية لا يعلمون عن الحالات الخاصة شيئًا، ومن هنا ينشأ التعامل غير السليم مع الطفل داخل الفصل.
وتؤكد شيماء محيي الدين "إخصائية تنمية قدرات" أن نجاحها مع الأطفال يعتمد على أن تجعلهم يحبونها وفي نفس الوقت يحترمونها، وتؤكد أنه إذ لم يحبك الطفل فلن يستجيب لتوجيهاتك، وإذا لم يحترمك سيملي عليك توجيهاته هو، فلا بد من الاثنين معًا.
وختامًا.. هؤلاء الأطفال منحة من الله وهدية إذا تمت العناية الخاصة بهم، ومحنة شديدة إذا تمَّ إهمالهم، ونؤكد أن المسئولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع والدولة.. ففي النهاية كل ذلك يصب في المصلحة العامة للجميع.
تقييم:
0
0