السيرة النبوية 1
من الحوادث المهمة في التاريخ التي وقعت عام مولده حوالي 570م قدوم أبرهة الأشرم ملك اليمن إلى مكة لهدم الكعبة ، وكما تذكر لنا المصادر التاريخية فإن أبرهة بن الصباح الأشرم بنى كنيسة عظيمة بصنعاء يقال لها القليس لم ير مثلها في زمانها بناها بالرخام والخشب المذهب وقصد بذلك أن يصرف حجاج العرب إليها ويبطل الكعبة فلما تحدث العرب بذلك غضب رجل من النساءة من بني فقيم بن عدي ابن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر . والنساءة أنهم كانوا ينسؤون الشهور على العرب في الجاهلية أي يحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون الشهر من الأشهر الحلل ، قال تعالى ،، إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ماحرم الله فيحلوا ماحرم الله ،، قال بن هشام ليواطؤا أي ليوافقوا وكان أول من نسأ الشهور على العرب حذيفة بن عبد الله بن فقيم . وخرج الرجل الغاضب كما أسلفنا سابقا واسمه الكناني حتى أتى القليس وتغوط فيها ليلا ثم خرج ولحق بأرضه فلما أخبر أبرهة بذلك غضب غضبا شديدا وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه وسمي هذا العام بعام الفيل فلما وصل إلى الطائف بعد أن هزم من تعرض له من العرب بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود إلى مكة فساق أموال أهلها وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم وأحضرها إلى أبرهة وأرسل أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له سل عن سيد هذا البلد وشريفهم فقيل له عبد المطلب ثم انطلق عبد المطلب مع رسول أبرهة إليه وقالوا لأبرهة هذا سيد قريش فأذن له ولما رآه أبرهة أجله وأكرمه ثم قال له ماحاجتك؟ فذكر عبد المطلب أباعره التي أخذت له فقال أبرهة ،، قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتك ،أتكلمني عن بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لاتكلمني فيه .قال له عبد المطلب أنا رب الابل وإن للبيت ربا سيمنعه فرد أبرهة الابل على عبد المطلب فانصرف هذا الأخير إلى قريش فأخبرهم بالخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز بالجبال والشعاب تخوفا عليهم من الجيش ثم قام عبد المطلب فأقفل باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون لله ويستنصرونه على أبرهة وجيشه .فلما تهيأ أبرهة للدخول إلى الكعبة وهيأ فيله العظيم وكان يدعى محمود فكانوا كلما وجهوا الفيل إلى الكعبة برك ولم يبرح مكانه وإذا وجهوه إلى سائر الجهات قام يهرول وكان عدد الفيلة في هذه الموقعة ثلاثة عشر فيلا وبينما هم كذلك أرسل الله عليهم طيرا أبابيل من البحر والأبابيل تعني جماعات وهذه الطيور من طائر الخطاف مع كل طائر ثلاثة أحجار واحد في منقاره واثنان في رجليه فقذفتهم بها وهي مثل الحمص والعدس لاتصيب أحد منهم إلا هلك ثم أرسل الله سيلا فألقاهم في البحر والذي سلم منهم ولى هاربا مع أبرهة إلى اليمن لكن بجراح خطيرة ونزيف حاد كما حدث لأبرهة حيث بدأت أعضائه تتساقط وماكاد يصل إلى صنعاء حتى انصدع صدره عن قلبه ومات من فوره وملك مكانه ابنه يكسوم سنة