المنشطات.. الإغراء القديم والدائم
المنشطات.. الإغراء القديم والدائم
الرغبة في تحقيق المجد قد تدفع نحو الاعتماد على المنشطات (الفرنسية)
في مملكة الرياضة الأولمبية، يصر كثيرون على أن الفائز بالسباق هو تعبير عن أفضل البشر، وذلك ترجمة لمقولة "العقل السليم في الجسم السليم" ولكن هذه المقولة كثيرا ما جانبت الصواب. والحقيقة أن الرياضيين سعوا إلى تحقيق المجد في الدورات ببذل كل ما بوسعهم، حتى وإن اعتمد بعضهم على وسائل غير مشروعة مثل تعاطي المنشطات.
ودون اللجوء إلى الكرياتين، أدرك الرياضيون القدماء أن النظام الغذائي الغني باللحوم يضاعف من البناء العضلي والقوة، وقال أستاذ علم الأثريات القديمة بجامعة فورتسبورغ الألمانية أولريش سين "كانت هناك أساطير حول رياضيين ربما يأكلون بقرة كاملة".
وبعد 2800 عام من أول دورة ألعاب قديمة تعرفنا عليها، ما زالت الأمور كما هي في جوهرها، وما زالت إغراءات المجد والشهرة هائلة للكثيرين.
وفي ظل الفوارق الكبيرة التي يصنعها المجتمع بين الفائز والخاسر، صار الهدف لدى كل رياضي تحقيق الفوز بأي تكلفة، ولكن الرياضة تصر دائما على المنافسة الشريفة. وأصبح هذا الصراع بين الجبهتين أطول سباق على مدار التاريخ، فهو سباق بلا نهاية.
وظهرت أول حالة موثقة للمنشطات عام 1886 عندما توفي دراج بريطاني في سباق باريس بوردو بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المنشطات.
وجاءت وفاة دراج بريطاني آخر هو تومي سيمبسون خلال مشاركته في سباق فرنسا الدولي (تور دو فرانس) الذي بثه التلفزيون، عام 1967، ليدفع اللجنة الأولمبية الدولية إلى إدراك ضرورة اتخاذ إجراءات إزاء هذه المشكلة.
تطوير متواز
وكان أولمبياد 1968 بالمكسيك هو أول دورة أولمبية تشهد تنفيذ اختبارات للكشف عن المنشطات، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ الحرب بشأن المنشطات حيث اختار البعض العمل على تحديث وتطوير هذه الطرق والمواد المنشطة والمحفزة للأداء، في حين يعمل آخرون على تطوير أنظمة الكشف عنها تمهيدا لإنزال العقاب.
المنشطات قضت على تاريخ العداءة الأميركية ماريون جونز (الفرنسية)
وفجّر العداء الكندي بن جونسون أكبر فضيحة منشطات بتاريخ الدورات الأولمبية خلال أولمبياد سول عام 1988 حيث جاءت نتيجة اختبار الكشف عن المنشطات الذي خضع له إيجابية، وكشفت تعاطيه مادة ستانوزولول التي استخدمت قديما.
ويمكن مقارنة الفارق بين الأداء والأمان الناجم عن استخدام مادة ستانوزولول وما ينتج عن المواد المنشطة المستخدمة حاليا، بالفارق بين عربة تجرها الخيول وسيارة بورش.
وشهدت مسيرة المنشطات ثورة بالسنوات الأخيرة مع ظهور عقار إرثروبوايتين (إيبو) ومشتقاته العديدة المتزايدة، واستخدام هرمون النمو البشري (إتش جي إتش) وفكرة "التنشيط الجيني".
وقبل سنوات قليلة، بزغ نجم جديد على هذه الساحة وهو عقار تيتراهيدروجيسترينون (تي إتش جي) البنائي الذي أهلك نجوم ألعاب القوى الأميركيين حيث أشعل قضية معمل "بالكو" التي قضت على تاريخ العداءة الأميركية الشهيرة ماريون جونز التي تم تجريدها من الميداليات التي أحرزتها بأولمبياد سيدني عام 2000 بسبب المواد المنشطة التي تناولتها خلال هذه الدورة الأولمبية.
وتعرضت جونز لحالة من التهميش من قبل المجتمع في فترة ما بعد تجريدها من هذه الميداليات، وصارت تحاول تقليص المدة التي ستقضيها في السجن بالقدر المستطاع.
والآن، تغيرت حياة جونز حيث وقع عليها اختيار وزارة الخارجية الأميركية للسفر حول العالم والتأكيد على الصبية والشبان بأن يفكروا مرتين قبل استخدام مثل هذه الأشياء، وذلك في إطار برنامج خاص لمكافحة المنشطات، يحمل عنوان "احصل على راحة".
ورغم ذلك، لا تحصل المنشطات على أي راحة أو هدنة. حيث تنطلق بنفس سرعة انطلاق الرياضة، وربما أسرع أحيانا.
أولمبياد لندن سيعرف زيادة بـ25% في اختبارات الكشف عن المنشطات (الأوروبية)
تزايد الاختبارات
ويتزايد عدد اختبارات الكشف عن المنشطات بالدورات الأولمبية من دورة لأخرى. ومن المقرر أن يشهد أولمبياد لندن 2012 حوالي 6250 اختبارا على مستوى المنافسات الأولمبية والأولمبياد الخاص بزيادة 25% عما سجل بأولمبياد بكين 2008.
وتتضمن هذه الأعداد الاختبارات التي تجرى خارج نطاق الدورة الأولمبية، خاصة بالمعسكرات التدريبية التي تسبق الدورة.
ورغم ذلك، يظل السؤال: هل تتعلق هذه القضية بكمية الاختبارات أم أن هذا الرقم يخفي قصورا بالجودة ويخفي ثقوبا سوداء بنظام الكشف عن المنشطات؟
والحقيقة أن هذا صراع ليس له نهاية، كما وصفه جيوفري غولدسبينك من المستشفى الملكي بلندن قبل سنوات.
ويرى رئيس الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) الأسترالي جون فاهي أن القضاء على المنشطات هدف له قيمة عظيمة، رغم إقراره بأن تحقيقه أمر مختلف تماما. وأكد فاهي "لا أعرف متى سنحقق هذا الهدف لأن التطلع للمال والشهرة جزء من الطبيعة البشرية".
ويخشى مساعده الأول النيوزيلندي ديفيد هاومان، خبير المنشطات الذي يشرف على العمل اليومي في "وادا" من تحول الرياضة الاحترافية إلى ملعب إجرامي. وقال هاومان "العالم السري الإجرامي يتسلل بقوة إلى الرياضة. وبهذا الشكل، سيهدد هؤلاء مستقبل الرياضة الحديثة ما لم يسيطروا على أنفسهم".
وأضاف "نفس الناس الذي يدفعون بالعقاقير المنشطة إلى عالم الرياضة ويقودون الرياضيين إلى الخداع هم من يشاركون بالمراهنات غير المشروعة. إن هذا في جوهره نوع من غسل الأموال والرشوة والفساد المرتبط بالتلاعب في النتائج".
الرغبة في تحقيق المجد قد تدفع نحو الاعتماد على المنشطات (الفرنسية)
في مملكة الرياضة الأولمبية، يصر كثيرون على أن الفائز بالسباق هو تعبير عن أفضل البشر، وذلك ترجمة لمقولة "العقل السليم في الجسم السليم" ولكن هذه المقولة كثيرا ما جانبت الصواب. والحقيقة أن الرياضيين سعوا إلى تحقيق المجد في الدورات ببذل كل ما بوسعهم، حتى وإن اعتمد بعضهم على وسائل غير مشروعة مثل تعاطي المنشطات.
ودون اللجوء إلى الكرياتين، أدرك الرياضيون القدماء أن النظام الغذائي الغني باللحوم يضاعف من البناء العضلي والقوة، وقال أستاذ علم الأثريات القديمة بجامعة فورتسبورغ الألمانية أولريش سين "كانت هناك أساطير حول رياضيين ربما يأكلون بقرة كاملة".
وبعد 2800 عام من أول دورة ألعاب قديمة تعرفنا عليها، ما زالت الأمور كما هي في جوهرها، وما زالت إغراءات المجد والشهرة هائلة للكثيرين.
وفي ظل الفوارق الكبيرة التي يصنعها المجتمع بين الفائز والخاسر، صار الهدف لدى كل رياضي تحقيق الفوز بأي تكلفة، ولكن الرياضة تصر دائما على المنافسة الشريفة. وأصبح هذا الصراع بين الجبهتين أطول سباق على مدار التاريخ، فهو سباق بلا نهاية.
وظهرت أول حالة موثقة للمنشطات عام 1886 عندما توفي دراج بريطاني في سباق باريس بوردو بسبب تعاطيه جرعة زائدة من المنشطات.
وجاءت وفاة دراج بريطاني آخر هو تومي سيمبسون خلال مشاركته في سباق فرنسا الدولي (تور دو فرانس) الذي بثه التلفزيون، عام 1967، ليدفع اللجنة الأولمبية الدولية إلى إدراك ضرورة اتخاذ إجراءات إزاء هذه المشكلة.
تطوير متواز
وكان أولمبياد 1968 بالمكسيك هو أول دورة أولمبية تشهد تنفيذ اختبارات للكشف عن المنشطات، ومنذ ذلك الحين لم تهدأ الحرب بشأن المنشطات حيث اختار البعض العمل على تحديث وتطوير هذه الطرق والمواد المنشطة والمحفزة للأداء، في حين يعمل آخرون على تطوير أنظمة الكشف عنها تمهيدا لإنزال العقاب.
المنشطات قضت على تاريخ العداءة الأميركية ماريون جونز (الفرنسية)
وفجّر العداء الكندي بن جونسون أكبر فضيحة منشطات بتاريخ الدورات الأولمبية خلال أولمبياد سول عام 1988 حيث جاءت نتيجة اختبار الكشف عن المنشطات الذي خضع له إيجابية، وكشفت تعاطيه مادة ستانوزولول التي استخدمت قديما.
ويمكن مقارنة الفارق بين الأداء والأمان الناجم عن استخدام مادة ستانوزولول وما ينتج عن المواد المنشطة المستخدمة حاليا، بالفارق بين عربة تجرها الخيول وسيارة بورش.
وشهدت مسيرة المنشطات ثورة بالسنوات الأخيرة مع ظهور عقار إرثروبوايتين (إيبو) ومشتقاته العديدة المتزايدة، واستخدام هرمون النمو البشري (إتش جي إتش) وفكرة "التنشيط الجيني".
وقبل سنوات قليلة، بزغ نجم جديد على هذه الساحة وهو عقار تيتراهيدروجيسترينون (تي إتش جي) البنائي الذي أهلك نجوم ألعاب القوى الأميركيين حيث أشعل قضية معمل "بالكو" التي قضت على تاريخ العداءة الأميركية الشهيرة ماريون جونز التي تم تجريدها من الميداليات التي أحرزتها بأولمبياد سيدني عام 2000 بسبب المواد المنشطة التي تناولتها خلال هذه الدورة الأولمبية.
وتعرضت جونز لحالة من التهميش من قبل المجتمع في فترة ما بعد تجريدها من هذه الميداليات، وصارت تحاول تقليص المدة التي ستقضيها في السجن بالقدر المستطاع.
والآن، تغيرت حياة جونز حيث وقع عليها اختيار وزارة الخارجية الأميركية للسفر حول العالم والتأكيد على الصبية والشبان بأن يفكروا مرتين قبل استخدام مثل هذه الأشياء، وذلك في إطار برنامج خاص لمكافحة المنشطات، يحمل عنوان "احصل على راحة".
ورغم ذلك، لا تحصل المنشطات على أي راحة أو هدنة. حيث تنطلق بنفس سرعة انطلاق الرياضة، وربما أسرع أحيانا.
أولمبياد لندن سيعرف زيادة بـ25% في اختبارات الكشف عن المنشطات (الأوروبية)
تزايد الاختبارات
ويتزايد عدد اختبارات الكشف عن المنشطات بالدورات الأولمبية من دورة لأخرى. ومن المقرر أن يشهد أولمبياد لندن 2012 حوالي 6250 اختبارا على مستوى المنافسات الأولمبية والأولمبياد الخاص بزيادة 25% عما سجل بأولمبياد بكين 2008.
وتتضمن هذه الأعداد الاختبارات التي تجرى خارج نطاق الدورة الأولمبية، خاصة بالمعسكرات التدريبية التي تسبق الدورة.
ورغم ذلك، يظل السؤال: هل تتعلق هذه القضية بكمية الاختبارات أم أن هذا الرقم يخفي قصورا بالجودة ويخفي ثقوبا سوداء بنظام الكشف عن المنشطات؟
والحقيقة أن هذا صراع ليس له نهاية، كما وصفه جيوفري غولدسبينك من المستشفى الملكي بلندن قبل سنوات.
ويرى رئيس الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا) الأسترالي جون فاهي أن القضاء على المنشطات هدف له قيمة عظيمة، رغم إقراره بأن تحقيقه أمر مختلف تماما. وأكد فاهي "لا أعرف متى سنحقق هذا الهدف لأن التطلع للمال والشهرة جزء من الطبيعة البشرية".
ويخشى مساعده الأول النيوزيلندي ديفيد هاومان، خبير المنشطات الذي يشرف على العمل اليومي في "وادا" من تحول الرياضة الاحترافية إلى ملعب إجرامي. وقال هاومان "العالم السري الإجرامي يتسلل بقوة إلى الرياضة. وبهذا الشكل، سيهدد هؤلاء مستقبل الرياضة الحديثة ما لم يسيطروا على أنفسهم".
وأضاف "نفس الناس الذي يدفعون بالعقاقير المنشطة إلى عالم الرياضة ويقودون الرياضيين إلى الخداع هم من يشاركون بالمراهنات غير المشروعة. إن هذا في جوهره نوع من غسل الأموال والرشوة والفساد المرتبط بالتلاعب في النتائج".