فضاءات بئر مقدم

بئر مقدم

فضاء الأخبار والمستجدات

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدية
djamel68
مسجــل منــــذ: 2010-11-19
مجموع النقط: 343.35
إعلانات


لوبيات "تغوّلت" على الدولة وداست على قوانين الجمهورية الجزائرية


عندما قرر رئيس الجمهورية، مضطرا، طرح حزمة الإصلاحات السياسية العام المنصرم، تحت ضغط الشارع مدفوعا بـ"الربيع العربي"، نبّه سياسيون وحقوقيون إلى أن المشكل في الجزائر لا يكمن في النصوص القانونية ولكن في تطبيقها.
فالحكومة ولمواجهة التهاب أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، عمدت إلى تسقيف أسعارها في السوق، القرار كما هو معلوم شمل الكثير من المواد، وكان من بينها مادة السميد، المعروفة بكونها الغذاء الأساسي واليومي للجزائريين، على أن تتكفل الدولة بتأمين تعويض الفارق بين السعر الحقيقي والسعر المحدد.
ولأجل ذلك انعقد مجلس وزاري مشترك وأصدر مرسوما تنفيذيا يحدد سعر القنطار بـ3600 دج بالنسبة للسميد العادي، و4000 دينار بالنسبة للسميد الممتاز، ابتداء من جانفي 2008، وذلك في سياق مساعيها لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، حسبما جاء في بيان الحكومة يومها.
وعلى الرغم من مرور أربع سنوات كاملة على صدور المرسوم، إلا أن سعر مادة السميد لا يزال فوق السقّف المحدد، واللافت أن الأمر لا يتعلق فقط بمنطقة بعينها ولا بتاجر دون غيره، بل إن الظاهرة عامة وشاملة، ولمن يريد التأكد من صحة هذا، ما عليه إلا القيام بجولة لدى تجار الجملة والتجزئة، من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها وعندها سيكتشف الحقيقة بنفسه.
وزارة التجارة باعتبارها الجهة المخولة بمراقبة وضبط الأسعار، اعترفت بأن أسعار السميد بنوعيه العادي والممتاز، تجاوزت السقف المحدد في المرسوم السالف ذكره، وربطت الظاهرة بوعي المواطن باعتباره أيضا مسؤولا عن التبليغ عن التجار المخالفين للقانون.
الوزارة وعلى لسان ناطقها الرسمي، فاروق تيفور، ردت على سؤال لـ"الشروق" حول تجاوز الأسعار للسقف المحدد بالقول: "ما تقولونه صحيح"، وأكدت بالمقابل أن "الأعوان المكلفين بالرقابة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمواد المسقفة أسعارها سيضربون بقوة ضد كل من يُضبط وهو مخالف للقانون"، وللتدليل، أكد المتحدث أن أعوان الرقابة حرروا أمس بالحراش (شرق العاصمة) فقط 14 مخالفة ضد تجار ضبطوا في حالة انتهاك للقانون.
إذن نحن أمام مؤسسة من مؤسسات الدولة تعترف بوجود خرق لقانون سنته الدولة، وأيّا كانت المبررات، فالدولة تملك من القوة والبطش، ما يمكنها من فرض القانون في أي وقت شاءت، وعلى من أرادت بدون محاباة ولا تمييز، وهذا هو منطق الدول التي تحترم نفسها، لأن تطبيق القانون مظهر من مظاهر هيبة الدولة، ولذلك نجد القانون مقدسا في أعراف الشعوب المتقدمة.
ليست وزارة التجارة، هي القطاع الوحيد المقصّر في حق القانون والجمهورية، ولكن وجودها في الجبهة الأمامية في مواجهة الانشغالات المتعلقة باستهلاك الجزائريين، وضعها في فم المدفع.. وللأمانة، لو كانت وزارة مصطفى بن بادة، هي الوحيدة المقصرة لهان الأمر، ولما تدحرجت الجزائر إلى مؤخرة الدول في جميع المستويات، وهي التي تكتنز 200 مليار دولار في البنوك الأجنبية، وتنام على ثروة هائلة تحلم بها دول تفوقنا تقدما بسنوات ضوئية..
وزارة الصناعة والاستثمار والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، سنّت بدورها قوانين تلزم مستوردي السيارات بالانتقال إلى التصنيع والتوقف عن الاستيراد، بعد خمس سنوات من النشاط. هذا البند موثّق في دفتر شروط الامتياز، ومع ذلك لم تحرك الجهات الوصية ساكنا من أجل فرض احترام قوة القانون، فتحولت الحظيرة الوطنية للسيارات إلى مزبلة للخردة من سيارات تفتقد إلى أبسط مقومات السيارة العادية، تسببت في إزهاق أرواح الآلاف من الجزائريين. وعندما تتجاهل وزارة الصحة والسكان، فرض احترام القانون على مستوى قطاعها، وتغض الطرف عن مستوردي الدواء الذين تحولوا إلى أعوان للمخابر الأجنبية في الانتقال إلى الإنتاج بعد انتهاء آجال الاستيراد المحددة في دفتر الشروط.. يتأكد الأمر بما لا يدع مجالا للشك، أن الأزمة التي تعيشها البلاد، في بُعدها المتعلق بعدم احترام القانون، أصبحت بنيوية وهيكلية وجزءا من نسيج الدولة، ما يعني أن علاج هذه الحالة المرضية صار على قدر كبير من الصعوبة.
ويدرك صناع القرار أن بعض النافذين من رجال المال "تغوّلوا" وأصبحوا فوق الدولة، يرفسون القانون، ووضعٌ كهذا يضع الجزائر التي ضحى من أجلها الملايين من الشهداء في خدمة شلّة قليلة، ويقذف بها إلى جحيم الدول التي لا تحترم القوانين التي تسنّها، وعندها تصبح جزء من حظيرة "جمهوريات الموز" الإفريقية.

تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة