أبو تمام وعروبة اليوم . عبد الله البردوني
" أبو تمام وعروبة اليوم "
للشاعر اليمني "عبد الله البردوني"
معارضة لقصيدة الشاعر العباسي " أبي تمام"
- حبيب بن أوس الطائي –
..............
مـا أصدق السيف إن لم ينضه الكذبُ :
وأكـذب السيف إن لم يصدق الغضبُ
بـيض الـصفائح أهـدى حين تحملها :
أيـد إذا غـلبت يـعلو بـها الـغلبُ
وأقـبح الـنصر نصر الأقوياء بلا :
فهم سوى فهم كم باعوا وكم كسبوا
أدهـى مـن الـجهل علم يطمئن إلى :
أنـصاف ناس طغوا بالعلم واغتصبوا
قـالوا: هـم الـبشر الأرقى وما أكلوا :
شـيئاً كـما أكلوا الإنسان أو شربوا
مـاذا جـرى يـا أبا تمام تسألني؟ :
عفواً سأروي ولا تسأل وما السببُ
يـدمى الـسؤال حـياءً حـين نـسأله :
كـيف احتفت بالعدا حيفا أو النقبُ
مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم ؟ :
كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبوا
الـيوم عـادت عـلوج الروم فاتحة :
ومـوطنُ الـعَرَبِ الـمسلوب والسلبُ
مـاذا فـعلنا ؟ غـضبنا كـالرجال ولم :
نـصدُق وقـد صدق التنجيم والكتب
فـأطفأت شـهب (الـميراج )أنـجمنا :
وشـمسنا وتـحدى نـارها الحطبُ
وقـاتـلت دونـنا الأبـواق صـامدة :
أمـا الـرجال فـماتوا ثَمّ أو هربوا
حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا :
وإن تـصدى لـه الـمستعمر انسحبوا
هـم يـفرشون لـجيش الغزو أعينهم :
ويـدعـون وثـوبـاً قـبل أن يثبوا
الـحاكمون و ( واشـنطن )حـكومتهم :
والـلامعون ومـا شـعّوا ولا غربوا
الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةً :
لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَبُ
لـهم شموخ ( المثنى ) ظـاهراً ولهم :
هـوىً إلـى ( بـابك الخرمي ) ينتسبُ
مـاذا تـرى يـا (أبا تمام) هل كذبت :
أحـسابنا؟ أو تـناسى عـرقه الذهبُ؟
عـروبة الـيوم أخـرى لا يـنم على :
وجـودها اسـم ولا لـون ولا لـقبُ
تـسـعون ألـفاً (لـعمورية) اتقدوا :
ولـلـمنجم قـالـوا: إنـنـا الـشهبُ
قـيل: انتظار قطاف الكرم ما انتظروا :
نـضج الـعناقيد لـكن قـبلها التهبوا
والـيوم تـسعون مـليوناً ومـا بلغوا :
نـضجاً وقـد عصر الزيتون والعنبُ
تـنسى الـرؤوس العوالي نار نخوتها :
إذا امـتـطاها إلـى أسـياده الـذنبُ
(حـبيب) وافـيت من صنعاء يحملني :
نـسر وخـلف ضلوعي يلهث العربُ
مـاذا أحـدث عـن صـنعاء يا أبتي؟ :
مـليحة عـاشقاها: الـسل والـجربُ
مـاتت بصندوق ( وضـاح ) بلا ثمن :
ولـم يمت في حشاها العشق والطربُ
كـانت تـراقب صبح البعث فانبعثت :
فـي الـحلم ثـم ارتمت تغفو وترتقبُ
لـكنها رغـم بـخل الغيث ما برحت :
حبلى وفي بطنها ( قحطان) أو ( كربُ )
وفـي أسـى مـقلتيها يـغتلي ( يمن ) :
ثـان كـحلم الـصبا ينأى ويقتربُ
( حـبيب ) تسأل عن حالي وكيف أنا؟ :
شـبابة فـي شـفاه الـريح تـنتحبُ
كـانت بـلادك (رحلاً)، ظهر (ناجية) :
أمـا بـلادي فـلا ظـهر ولا غـببُ
أرعـيت كـل جـديب لـحم راحـلة :
كـانت رعـته ومـاء الروض ينسكبُ
ورحـت مـن سـفر مضن إلى سفر :
أضـنى لأن طـريق الـراحة التعبُ
لـكن أنـا راحـل فـي غـير ما سفر :
رحلي دمي وطريقي الجمر والحطبُ
إذا امـتـطيت ركـاباً لـلنوى فـأنا :
فـي داخـلي أمتطي ناري وأغتربُ
قـبري ومـأساة مـيلادي عـلى كتفي :
وحـولي الـعدم الـمنفوخ والـصخبُ
( حـبيب ) هـذا صـداك اليوم أنشده :
لـكن لـماذا تـرى وجـهي وتكتئبُ ؟
مـاذا؟ أتعجب من شيبي على صغري؟ :
إنـي ولـدت عجوزاً كيف تعتجبُ ؟
والـيوم أذوي وطـيش الـفن يعزفني :
والأربـعـون عـلى خـدّي تـلتهبُ
كـذا إذا ابـيض إيـناع الـحياة على :
وجـه الأديـب أضـاء الفكر والأدبُ
وأنـت مـن شبت قبل الأربعين على :
نـار الـحماسة تـجلوها وتـنتخبُ
وتـجتدي كـل لـص مـترف هـبة :
وأنـت تـعطيه شـعراً فـوق ما يهبُ
شـرّقت غـرّبت من والٍ إلى ملك :
يـحثك الـفقر أو يـقتادك الـطلبُ
طوفت حتى وصلت (الموصل) انطفأت :
فـيك الأمـاني ولـم يـشبع لها أربُ
لـكـن مـوت الـمجيد الـفذ يـبدأه :
ولادة مـن صـباها تـرضع الـحقبُ
( حـبيب) مـازال فـي عينيك أسئلة :
تـبدو وتـنسى حـكاياها فـتنتقبُ
ومـا تـزال بـحـلقي ألـف مـبكيةٍ :
مـن رهبة البوح تستحيي وتضطربُ
يـكـفيك أن عـدانـا أهـدروا دمـنا :
ونـحن مـن دمـنا نـحسو ونـحتلبُ
سـحائب الـغزو تـشوينا وتـحجبنا :
يـوماً سـتحبل مـن إرعادنا السحبُ
ألا تـرى يـا ( أبـا تـمام) بـارقنا :
(إن الـسماء تـرجى حـين تحتجبُ)
...................
مـن ذا يـلبي؟ أمـا إصـرار معتصم ؟ :
كلا وأخزى من (الأفشين) مـا صلبوا
الأفشين : هو حيدر الأفشين
أحد قادة المعتصم , خان الخليفة , فقتله المعتصم وصلبه
وفيه أنشد أبو تمام رائيته الشهيرة :
الحق أبلج والسيوف عوار : فحذار من أسد العرين حذار