الدولة الكذابة
الدولة الكذابة الدولة الكذابة
حقائق التاريخ وملاحظات الحاضر تؤكد جميعها أن كل الدول تكذب بطريقة أو أخرى، ولو على طريقة ذلك الفيلم المصري الذي عنوانه :"أنا أكذب ولكنني أتجمل".
إن الاختلاف والفرق بين الدول هو في تفاوتها في الكذب كما وكيفا وصفة فمنها من تكذب اضطرارا، ومنها من تكذب نفاقا، ومنها من تكذب تملقا، ومنها من تكذب كيدا، ومنها من تكذب جبنا ... ، ولكن الدولة التي ما تزال تكذب وتتحرى الكذب حتى كتبت في التاريخ "الكذابة" هي الدولة الفرنسية، فهي لا تستطيع صبرا على الكذب، لأنه بالنسبة إليها كالهواء بالنسبة للكائنات الحية ... وكم عانت الشعوب جراء كذب فرنسا من آلام، ومحن، ومجازر، وهذا ما جعل الشاعر الكبير مفدي زكريا يصغها بـ "لعنة البشرية" .. لأن بعض الدول تكذب على شعوبها، وبعضها تكذب على مناطق منها، وبعضها تكذب على هيئات أو منظمات، ولكن الدولة التي تكذب على الإنس والجن والتاريخ والجغرافيا هي الدولة الفرنسية... إن جميع الدول الاستعمارية كذبت عندما زعمت انها استعمرت البلدان التي استعمرتها، واستعبدت الشعوب التي استعبدتها لتخرجها من التخلف إلى التقدم، ومن الجهل إلى العلم، ومن "الوحشية" إلى الإنسية، ولكن هذه الدول الاستعمارية خجلت من هذه الكذبة وأقلعت عنها حتى لا تصير أضحوكة العالم، وسخرية الشعوب، ولكن فرنسا تأبى إلا الاستمرار في هذه الكذبة، والإصرار عليها، فـ"رسّمت" هذه الكذبة و"قننتها" بقانون أصدرته في فبراير 2005 ....
أكون كاذبا على قرائي الكراء - عياذا بالله - لو زعمت أنني أستطيع إحصاء أكاذيب الدولة الفرنسية عبر تاريخها، فتلك مهمة أسهل منها وأهون إحصاء حبات الرمل في الصحراء الكبرى، ولكنني أكتفي في هذه المرة بذكر أكذوبتين فرنسيتين تتعلقان بالجزائر، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين للطرد الظاهري لفرنسا من الجزائر، لأن الحقيقة المرة تقول إن التأثير الفرنسي في الجزائر هو الأكبر، وكثيرا من مسئولينا هم أسارى هذا التأثير، ويحملون الجنسية الفرنسية، ويفضلون اللغة الفرنسية، ويمنحون فرنسا الأفضلية في بعض المشروعات الاستراتيجية .. وإنني أكتب هذه الكلمة وأنا أسمع "وزيرنا" للداخلية و"مديرنا" للأمن الوطني وهما "يرطنان" على الشعب الجزائري بلغة عوده... فما أهون الاستقلال ومن جاهدوا في سبيله، واستشهدوا من أجله عند بعض مسئولينا ... من أكاذيب فرنسا المتعلقة بالجزاذر قولها إن الجزائر لم تكن في التاريخ شيئا مذكورا، وأنها لم تكن دولة.
إنني سأصدق هذه الكذبة الفرنسية رائحة ولونا ومذاقا، وأدعو غيري لتصديقها إن ملكت فرنسا الشجاعة الأدبية وأجابت عن بعض الأسئلة، وهي :
إذا لم تكن الجزائر دولة فلمن أرسل ما بين سنتي 1534 و 1830 ملوك فرنسا وقادة ثورتها وامبراطورها نابوليون بونابارت وملكاها الأخيران ستة وتسعين (96) مندوبا ومبعوثا خاصا، منهم جيروم بونابرت شقيق نابوليون وكثير من هؤلاء المبعوثين أعلى من درجة وزير؟
إذا لم تكن الجزائر دولة فعند من اعتمدت فرنسا من عام 1564 إلى سنة 1827 واحدا وستين (61) قنصلا عاما مقيما لدى الجزاذر، كثير منهم يحملون زيادة على ذلك لقبي مستشار الملك، القائم بأعماله لدى داي الجزائر؟
إذا لم تكن الجزائر دولة فمع من عقدت فرنسا عشرات المعاهدات؟
إذا لم تكن الجزائر دولة فممن: طلبت فرنسا حماية ملاحتها في البحر المتوسط؟ وممن استنجدت فرنسا ضد الدول التي احتقرتها وأذلتها كإسبانيا وإنجلترا..؟ وممن اقترضت فرنسا الملايين من الفرنكات الذهبية؟ وماتزال فرنسا مدينة بهذه الملايين - مع أرباحها - لهذه الدولة غير الموجودة..! ووصيتي هي أن لا ينسى شرفاء الجزائر وأبناؤها الأصلاء هذا الدين حتى تشرق الشمس من مغربها، وتبدل الأرض غير الأرض ويبرز الناس للواحد القهار...
وأما أكذوبة الأكاذيب التي انطلت على الأعاجم والأعاريب فهي زعم فرنسا أنها جاءت إلى الجزائر ثأرا لشرفها، وانتقاما لكرامتها، وردا على إهانتها بضرب الداي حسبن بمروحته حسين بمروحته ذلك اللص - بيير ديفال - الذي أرسلته سفيرا لها...
الحقيقة هي كما يقول مفدي زكديا في الإلياذة:
ومروحة الداي لم تك إلا كما يستبيح اللصوص الحراما
وقد علق الداهية كليمنس مترنيخ وزير خارجية النمسا علق على الحملة الفرنسبة على الجزائر قائلا بأنه لا يمكن أن تكون هذه الحملة من أجل لطمة مروحة..
إن أطماع فرنسا في الاستيلاء على الجزائر تعود إلى أبعد من تاريخ اللطمة، ويكفي دليلا على ذلك أن القنصل الفرنسي بيير ديفال نفسه قدم تقريرا من ثلاث أوراق في 28 ديسمبر 1819 أي بعد أربع سنوات من تعيينه قنصلا في الجزائر، وقبل ثماني سنوات من لطمة المروحة إلى وزير الخارجية الفرنسي يصر فيه على إرسال حملة ضد الجزائر. ولهذا اعترف مؤرخ فرنسي معاصر هو شارل روبير آجرون أن فكرة التدخل الفرنسي في الجزائر "التي طالما زعرب عنها خلال قرون إنما عادت إلى الحياة في عام 1827" ومن قبل آجرون يقول أوغسطين برنار أستاذ تاريخ استعمار شمال إفريقيا: "إن احتلال الجزائر هو ثمرة ثلاثة قرون من جهود متواصلة باستمرارية جديرة بالتقدير.
إن أطماع فرنسا الشرهة في الجزائر ترجع إلى سنة 1572.
حيث بعث الملك الفرنسي شارل التاسع رسلة مؤرخة في 11 مايو من تلك السنة إلى فرانسوا دونوي سفير في استامبول يأمره فيها أن يعرض على السلطان العثماني أن يتخلى عن الجزائر بفرنسا مقابل مبلغ مالي سنوي ، ليعيز عليها أخاه دوق أنجو (le duc d'Anjou) ولا يستطيع الفرنسيون التخلص من كذبهم الفطري فيزعمون أن هذا الطلب الملكي كان استجابة لرغبة من "الجزائريين"!!؟ ولن أستغرب أن يقرأ الجزائريون والعالم أجمع بعد أمة في تقرير فرنسي أن تفجير فرنسا قنابلها الذرية في الجزائر كان تلبية كريمة لإلحاح الجزائريين ...
لقد حصحص الحق، وتأكد الناس في المشارق والمغارب أن أطماع فرنسا في الجزائر لا متنهى لصغارها، وطمعها الأكبر "تعجز عن وصفه جميع اللغات، ونستدل على بعضه بهذه النار المتأججة في صدور أكابر الفرنسيين كلما ذكرت الجزائر وشاهدوا الجزائريين الأصلاء .. الشرفاء ...
لقد ظهر مؤخرا كتاب قيم، هو عبارة عن رسالة جامعية، معتمدة على الوثائق الرسمية للدولة الفرنسية نفسها، يؤكد أن فرنسا "الكائدة" لاحتلال الجزائر منذ زمن بعيد - تكذب - كعادتها "عندما قتول إنها جاءت إلى الجزائر ثأرا لكرامتها، وردا لاعتبارها ألا إنها من إفكها لمحجوجة.. واسم هذا الكتاب هو المخطط الفرنسية تجاه الجزائر 1782 - 1830"
واسم صاحبه فريد بنور والملاحظة على هذا الكتاب أن المخططات الفرنسية ضد الجزائر هي - كما رأينا - أقدم من هذا التاريخ ..
إنني أدعو هذا الأستاذ الفاضل أن يصحح ما شاب هذا الكتاب من أخطاء مطبعية وغيرها، وأن يعيد طبعه، وأدعو الذين صيروا مكة المكرمة "حماما" يترددون عليه كل عام لغسل عظامهم أن يوجهوا جزءا من المال الذي استخلفهم فيه الله - عز وجل - لنشر مثل هذه الأعمال وتوزيعها.، وأنصح من يجوز لي أن أنصح لهم من الطلبة والشبان عموما - وأرجو أن يكونوا ممن يحبون الناصحين - بقراءة هذا الكتاب، وأن يتأكدوا في أثناء قراءتهم له أن هناك مخططات أخرى تعد ضد وطنهم، وما عليهم إلا أن يقولوا كما يقول بعض أهلنا في وادي سوف إنهم يكيدون كيدا ونكيد كيدا، رادين على من يظنهم أخطأوا في قراءة الآية الكريمة بأنهم لم يخطئوا ولكنهم هم أيضا يكيدون بعدوهم، وما كيدهم له آلا الاستعداد لأسوإ الاحتمالات....
أدعو الله البر الكريم أن يصب شآبيب رحمته على أولئك الأماجد الذين اتخذهم شهداء في هذه الملحمة الكبرى ضد عدونا الدائم، وأدعو شباننا إلى ينبتهوا إلى السياسة "الصرصورية" التي يحاول فرضها عليم من نعرفهم بسيماهم وفي لحن القول، وهي اتباع "شباب الراي" الذين لا رأي لهم ليخلو وجه الجزائر لمن نعرف...
هوامش:
1- مفدي زكريا : اللهب المقدس ط 1983 ص 165
2- انظر قاذمة بأسماء هؤلاء المبعوثين في مولود قاسم شخصية الجزائر الدولية ج 2 ص 263 - 264
3- انظر قائمة بأسماء هؤلاء القناصل في المرجع نفسه 2 / 262 ...
4- انظر قائمة بتلك المعاهدات في المرجع نفسه
5- انظر نجدات الجزائر لفرنسا في المرجع نفسه
6- شارل روبير آخرون: تاريخ الجزائر المعاصرة ديوان المطبوعات الجامعية ص 13
7- مولود قاسم : شخصية 2/23
8 - المجلة الإفريقية : السنة الخامسة ع 25
حقائق التاريخ وملاحظات الحاضر تؤكد جميعها أن كل الدول تكذب بطريقة أو أخرى، ولو على طريقة ذلك الفيلم المصري الذي عنوانه :"أنا أكذب ولكنني أتجمل".
إن الاختلاف والفرق بين الدول هو في تفاوتها في الكذب كما وكيفا وصفة فمنها من تكذب اضطرارا، ومنها من تكذب نفاقا، ومنها من تكذب تملقا، ومنها من تكذب كيدا، ومنها من تكذب جبنا ... ، ولكن الدولة التي ما تزال تكذب وتتحرى الكذب حتى كتبت في التاريخ "الكذابة" هي الدولة الفرنسية، فهي لا تستطيع صبرا على الكذب، لأنه بالنسبة إليها كالهواء بالنسبة للكائنات الحية ... وكم عانت الشعوب جراء كذب فرنسا من آلام، ومحن، ومجازر، وهذا ما جعل الشاعر الكبير مفدي زكريا يصغها بـ "لعنة البشرية" .. لأن بعض الدول تكذب على شعوبها، وبعضها تكذب على مناطق منها، وبعضها تكذب على هيئات أو منظمات، ولكن الدولة التي تكذب على الإنس والجن والتاريخ والجغرافيا هي الدولة الفرنسية... إن جميع الدول الاستعمارية كذبت عندما زعمت انها استعمرت البلدان التي استعمرتها، واستعبدت الشعوب التي استعبدتها لتخرجها من التخلف إلى التقدم، ومن الجهل إلى العلم، ومن "الوحشية" إلى الإنسية، ولكن هذه الدول الاستعمارية خجلت من هذه الكذبة وأقلعت عنها حتى لا تصير أضحوكة العالم، وسخرية الشعوب، ولكن فرنسا تأبى إلا الاستمرار في هذه الكذبة، والإصرار عليها، فـ"رسّمت" هذه الكذبة و"قننتها" بقانون أصدرته في فبراير 2005 ....
أكون كاذبا على قرائي الكراء - عياذا بالله - لو زعمت أنني أستطيع إحصاء أكاذيب الدولة الفرنسية عبر تاريخها، فتلك مهمة أسهل منها وأهون إحصاء حبات الرمل في الصحراء الكبرى، ولكنني أكتفي في هذه المرة بذكر أكذوبتين فرنسيتين تتعلقان بالجزائر، وذلك بمناسبة الذكرى الخمسين للطرد الظاهري لفرنسا من الجزائر، لأن الحقيقة المرة تقول إن التأثير الفرنسي في الجزائر هو الأكبر، وكثيرا من مسئولينا هم أسارى هذا التأثير، ويحملون الجنسية الفرنسية، ويفضلون اللغة الفرنسية، ويمنحون فرنسا الأفضلية في بعض المشروعات الاستراتيجية .. وإنني أكتب هذه الكلمة وأنا أسمع "وزيرنا" للداخلية و"مديرنا" للأمن الوطني وهما "يرطنان" على الشعب الجزائري بلغة عوده... فما أهون الاستقلال ومن جاهدوا في سبيله، واستشهدوا من أجله عند بعض مسئولينا ... من أكاذيب فرنسا المتعلقة بالجزاذر قولها إن الجزائر لم تكن في التاريخ شيئا مذكورا، وأنها لم تكن دولة.
إنني سأصدق هذه الكذبة الفرنسية رائحة ولونا ومذاقا، وأدعو غيري لتصديقها إن ملكت فرنسا الشجاعة الأدبية وأجابت عن بعض الأسئلة، وهي :
إذا لم تكن الجزائر دولة فلمن أرسل ما بين سنتي 1534 و 1830 ملوك فرنسا وقادة ثورتها وامبراطورها نابوليون بونابارت وملكاها الأخيران ستة وتسعين (96) مندوبا ومبعوثا خاصا، منهم جيروم بونابرت شقيق نابوليون وكثير من هؤلاء المبعوثين أعلى من درجة وزير؟
إذا لم تكن الجزائر دولة فعند من اعتمدت فرنسا من عام 1564 إلى سنة 1827 واحدا وستين (61) قنصلا عاما مقيما لدى الجزاذر، كثير منهم يحملون زيادة على ذلك لقبي مستشار الملك، القائم بأعماله لدى داي الجزائر؟
إذا لم تكن الجزائر دولة فمع من عقدت فرنسا عشرات المعاهدات؟
إذا لم تكن الجزائر دولة فممن: طلبت فرنسا حماية ملاحتها في البحر المتوسط؟ وممن استنجدت فرنسا ضد الدول التي احتقرتها وأذلتها كإسبانيا وإنجلترا..؟ وممن اقترضت فرنسا الملايين من الفرنكات الذهبية؟ وماتزال فرنسا مدينة بهذه الملايين - مع أرباحها - لهذه الدولة غير الموجودة..! ووصيتي هي أن لا ينسى شرفاء الجزائر وأبناؤها الأصلاء هذا الدين حتى تشرق الشمس من مغربها، وتبدل الأرض غير الأرض ويبرز الناس للواحد القهار...
وأما أكذوبة الأكاذيب التي انطلت على الأعاجم والأعاريب فهي زعم فرنسا أنها جاءت إلى الجزائر ثأرا لشرفها، وانتقاما لكرامتها، وردا على إهانتها بضرب الداي حسبن بمروحته حسين بمروحته ذلك اللص - بيير ديفال - الذي أرسلته سفيرا لها...
الحقيقة هي كما يقول مفدي زكديا في الإلياذة:
ومروحة الداي لم تك إلا كما يستبيح اللصوص الحراما
وقد علق الداهية كليمنس مترنيخ وزير خارجية النمسا علق على الحملة الفرنسبة على الجزائر قائلا بأنه لا يمكن أن تكون هذه الحملة من أجل لطمة مروحة..
إن أطماع فرنسا في الاستيلاء على الجزائر تعود إلى أبعد من تاريخ اللطمة، ويكفي دليلا على ذلك أن القنصل الفرنسي بيير ديفال نفسه قدم تقريرا من ثلاث أوراق في 28 ديسمبر 1819 أي بعد أربع سنوات من تعيينه قنصلا في الجزائر، وقبل ثماني سنوات من لطمة المروحة إلى وزير الخارجية الفرنسي يصر فيه على إرسال حملة ضد الجزائر. ولهذا اعترف مؤرخ فرنسي معاصر هو شارل روبير آجرون أن فكرة التدخل الفرنسي في الجزائر "التي طالما زعرب عنها خلال قرون إنما عادت إلى الحياة في عام 1827" ومن قبل آجرون يقول أوغسطين برنار أستاذ تاريخ استعمار شمال إفريقيا: "إن احتلال الجزائر هو ثمرة ثلاثة قرون من جهود متواصلة باستمرارية جديرة بالتقدير.
إن أطماع فرنسا الشرهة في الجزائر ترجع إلى سنة 1572.
حيث بعث الملك الفرنسي شارل التاسع رسلة مؤرخة في 11 مايو من تلك السنة إلى فرانسوا دونوي سفير في استامبول يأمره فيها أن يعرض على السلطان العثماني أن يتخلى عن الجزائر بفرنسا مقابل مبلغ مالي سنوي ، ليعيز عليها أخاه دوق أنجو (le duc d'Anjou) ولا يستطيع الفرنسيون التخلص من كذبهم الفطري فيزعمون أن هذا الطلب الملكي كان استجابة لرغبة من "الجزائريين"!!؟ ولن أستغرب أن يقرأ الجزائريون والعالم أجمع بعد أمة في تقرير فرنسي أن تفجير فرنسا قنابلها الذرية في الجزائر كان تلبية كريمة لإلحاح الجزائريين ...
لقد حصحص الحق، وتأكد الناس في المشارق والمغارب أن أطماع فرنسا في الجزائر لا متنهى لصغارها، وطمعها الأكبر "تعجز عن وصفه جميع اللغات، ونستدل على بعضه بهذه النار المتأججة في صدور أكابر الفرنسيين كلما ذكرت الجزائر وشاهدوا الجزائريين الأصلاء .. الشرفاء ...
لقد ظهر مؤخرا كتاب قيم، هو عبارة عن رسالة جامعية، معتمدة على الوثائق الرسمية للدولة الفرنسية نفسها، يؤكد أن فرنسا "الكائدة" لاحتلال الجزائر منذ زمن بعيد - تكذب - كعادتها "عندما قتول إنها جاءت إلى الجزائر ثأرا لكرامتها، وردا لاعتبارها ألا إنها من إفكها لمحجوجة.. واسم هذا الكتاب هو المخطط الفرنسية تجاه الجزائر 1782 - 1830"
واسم صاحبه فريد بنور والملاحظة على هذا الكتاب أن المخططات الفرنسية ضد الجزائر هي - كما رأينا - أقدم من هذا التاريخ ..
إنني أدعو هذا الأستاذ الفاضل أن يصحح ما شاب هذا الكتاب من أخطاء مطبعية وغيرها، وأن يعيد طبعه، وأدعو الذين صيروا مكة المكرمة "حماما" يترددون عليه كل عام لغسل عظامهم أن يوجهوا جزءا من المال الذي استخلفهم فيه الله - عز وجل - لنشر مثل هذه الأعمال وتوزيعها.، وأنصح من يجوز لي أن أنصح لهم من الطلبة والشبان عموما - وأرجو أن يكونوا ممن يحبون الناصحين - بقراءة هذا الكتاب، وأن يتأكدوا في أثناء قراءتهم له أن هناك مخططات أخرى تعد ضد وطنهم، وما عليهم إلا أن يقولوا كما يقول بعض أهلنا في وادي سوف إنهم يكيدون كيدا ونكيد كيدا، رادين على من يظنهم أخطأوا في قراءة الآية الكريمة بأنهم لم يخطئوا ولكنهم هم أيضا يكيدون بعدوهم، وما كيدهم له آلا الاستعداد لأسوإ الاحتمالات....
أدعو الله البر الكريم أن يصب شآبيب رحمته على أولئك الأماجد الذين اتخذهم شهداء في هذه الملحمة الكبرى ضد عدونا الدائم، وأدعو شباننا إلى ينبتهوا إلى السياسة "الصرصورية" التي يحاول فرضها عليم من نعرفهم بسيماهم وفي لحن القول، وهي اتباع "شباب الراي" الذين لا رأي لهم ليخلو وجه الجزائر لمن نعرف...
هوامش:
1- مفدي زكريا : اللهب المقدس ط 1983 ص 165
2- انظر قاذمة بأسماء هؤلاء المبعوثين في مولود قاسم شخصية الجزائر الدولية ج 2 ص 263 - 264
3- انظر قائمة بأسماء هؤلاء القناصل في المرجع نفسه 2 / 262 ...
4- انظر قائمة بتلك المعاهدات في المرجع نفسه
5- انظر نجدات الجزائر لفرنسا في المرجع نفسه
6- شارل روبير آخرون: تاريخ الجزائر المعاصرة ديوان المطبوعات الجامعية ص 13
7- مولود قاسم : شخصية 2/23
8 - المجلة الإفريقية : السنة الخامسة ع 25