لا شيءَ يُعْجبُني . محمود درويش
( لا شيءَ يُعْجبُني )
محمود درويش
...................
يقول مسافرٌ في الباصِ : لا الراديو
ولا صُحُفُ الصباح , ولا القلاعُ على التلال.
أُريد أن أبكي
يقول السائقُ: انتظرِ الوصولَ إلى المحطَّةِ
وابْكِ وحدك ما استطعتَ
تقول سيّدةٌ: أَنا أَيضاً. أنا لا
شيءَ يُعْجبُني. دَلَلْتُ اُبني على قبري
فأعْجَبَهُ ونامَ ولم يُوَدِّعْني
يقول الجامعيُّ: ولا أَنا لا شيءَ يعجبني.
دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن
أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة. هل أنا
حقاً أَنا؟
ويقول جنديٌّ: أَنا أَيضاً. أَنا لا
شيءَ يُعْجبُني .
أُحاصِرُ دائماً شَبَحاً
يُحاصِرُني
يقولُ السائقُ العصبيُّ: ها نحن
اقتربنا من محطتنا الأخيرة
فاستعدوا للنزول.
فيصرخون: نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ
فانطلق!
أمَّا أنا فأقولُ: أنْزِلْني هنا . أنا
مثلهم لا شيء يعجبني
ولكني تعبتُ من السِّفَرْ.