الأصحاب خمسة
( الأصحاب خمسة )
لــ شيخ الأدباء : علي الطنطاوي - رحمه الله -
...................
الأصحاب خمسة :
1- صاحب كالهواء لا يُستغنى عنه ..
2- وصاحب كالغذاء لا عيش إلاّ به ، ولكن ربما ساء طعمه ، أو صعب هضمه ..
3- وصاحب كالدواء مرٌّ كريه ، ولكن لابدَّ منه أحياناً ..
4- وصاحب كالصهباء - من أسماء الخمر - تلذّ شاربها ، ولكنها تودي بصحته وشرفه ..
5- وصاحب كالبلاء .. !
أما الذي هو كالهواء .. فهو الذي يفيدك في دينك ، وينفعك في دنياك ، وتلذّك عِشرته ، وتمتّعك صحبته ..
وأما الذي هو كالغذاء .. فهو الذي يفيدك في الدنيا والدين ، لكنه يُزعجك أحياناً بغلظته وثقل دمه وجفاء طبعه ..
وأما الذي هو كالدواء .. فهو الذي تضطّرك الحاجة إليه ، وينالك النفع منه ، ولا يرضيك دينه ولا تسلِّيك عِشرته ..
وأما الذي هو كالصهباء .. فهو الذي يبلِّغك لذّتك ويُنيلُـك رغبتك ولكن يُفسد خُلقك ، ويَهلك آخرتك ..
وأما الذي هو كالبلاء .. فهو الذي لا ينفعك في دنيا ولا دين ، ولا يمتّعك بعِشرة ولا حديث ،
ولكن لا بدَّ لك مِن صُحبته ..!! وعليك أن تجعل الدين مقياساً ، ورضا الله ميزاناً ..
فمن كان يفيدك في دينك فاستمسك به ، إلاّ أن يكون مـمّن لا تقدر على عِشرته ..
ومن كان يضرُّك فاطرحه واهجره ، إلاّ أن تكون مضطَّراً إلى صُحبته ، فتكون هذه الصحبة ضرورة ،
والضرورات تبيح المحظورات ، بشرط أن لا تُجاوز في هذه الصحبة حدَّ الضرورة ..
وأما الذي لا يضرُّك في دينك ، ولا ينفعك في دنياك ، ولكنه ظريف ممتع ، اقتصرتَ منه على الاستمتاع بظُرفه ،
على ألاّ تمنعُك هذه الصحبة من الواجب ، ولا تمشي بك إلى عَبث أو إثم !
وما كان وراء ذلك فهو الذي قيل في مثله :
إذا كنتَ لا عِلمٌ لديكَ تُفيدنا ...
ولا أنتَ ذو دِينٍ فنرجوكَ للدِّين
ولا أنتَ مِـمَّن يُرتجى لِمَلَمَّةٍ
عَمِلنا مِثالاً مِثل شَخصكَ مِن طِين !!