بكَيتُ عِلى سِربِ القَطا
بكَيتُ عِلى سِربِ القَطا
مجنون ليلى
......
بكَيتُ عِلى سِربِ القَطا إِذ مَرَرنَ بي : فَقُلتُ وَمِثلي بِالبُكاءِ جَديرُ
أَسِربَ القَطا هَل مِن مُعيرٍ جَناحَهُ : لَعَلّي إِلى مَن قَد هَوَيتُ أَطيرُ
فَجاوَبنَني مِن فَوقِ غُصنِ أَراكَةٍ : أَلا كُلُّنا يا مُستَعيرُ مُعيرُ
وَأَيُّ قَطاةٍ لَم تُعِركَ جَناحَها : فَعاشَت بِضُرٍّ وَالجَناحُ كَسيرُ
وَإِلّا فَمَن هَذا يُؤَدّي رِسالَةً : فَأَشكُرَهُ إِنَّ المُحِبَّ شَكورُ
إِلى اللَهِ أَشكو صَبوَتي بَعدَ كُربَتي : وَنيرانُ شَوقي ما بِهِنَّ فُتورُ
فَإِنّي لَقاسي القَلبِ إِن كُنتَ صابِرا : غَداةَ غَدٍ فيمَن يَسيرُ تَسيرُ
فَإِن لَم أَمُت غَمّاً وَهَمّاً وَكُربَة : يُعاوِدُني بَعدَ الزَفيرِ زَفيرُ
إِذا جَلَسوا في مَجلِسٍ نَدَروا دَمي: فَكَيفَ تُراها عِندَ ذاكَ تُجيرُ
وَدونَ دَمي هَزُّ الرِماحِ كَأَنَّها : تَوَقَّدُ جَمرٍ ثاقِبٍ وَسَعيرُ
وَزُرقُ مَقيلِ المَوتِ تَحتَ ظُباتِها : وَنَبلٌ وَسُمرٌ ما لَهُنَّ مُجيرُ
إِذا غُمِزَت أَصلابُهُنَّ تَرَنَّمَت : مُعَطَّفَةٌ لَيسَت بِهِنَّ كُسورُ
قَطَعنَ الحَصى وَالرَملَ حَتّى تَفَلَّقَت : قَلائِدُ في أَعناقِها وَضُفورُ
وَقالَت أَخافُ المَوتَ إِن يَشحَطِ النَوى: فَيا كَبِداً مِن خَوفِ ذاكَ تَغورُ
سَلوا أُمَّ عَمروٍ هَل يُنَوَّلُ عاشِقٌ : أَخو سَقَمٍ أَم هَل يُفَكُّ أَسيرُ
أَلا قُل لِلَيلى هَل تُراها مُجيرَتي : فَإِنّي لَها فيما لَدَيَّ مُجيرُ
أَظَلُّ بِحُزنٍ إِن تَغَنَّت حَمامَة : مِنَ الوُرقِ مِطرابُ العَشِيِّ بَكورُ
بَكَت حينَ دَرَّ الشَوقُ لي وَتَرَنَّمَت: فَلا صَحَلٌ تُربي بِهِ وَصَفيرُ
لَها رُفقَةٌ يُسعِدنَها فَكَأَنَّما: تَعاطَينَ كَأساً بَينَهُنَّ تَدورُ
بِجِزعٍ مِنَ الوادي فَضاءٍ مَسيلُه: وَأَعلاهُ أَثلٌ ناعِمٌ وَسَديرُ
بِهِ بَقَرٌ لا يَبرَحُ الدَهرَ ساكِنا: وَآخَرُ وَحشِيُّ السِخالِ يَثورُ