خربوشة القايد العبدي
المغنية الشعبية المغربية التي عاشت نهاية القرن19 في إقليم عبدة حويدة المعروفة بخربوشة خلفت رصيدا هاما لتراث "العيطة" بمختلف ألوانه. وتوثق ملحمة صمود أسطوري لامرأة عادية تجهر بصوتها شعرا فاضحا لطغيان واستبداد أحد "قياد" عهد "السيبة", الذي نكل بأهلها وقبيلتها. خربوشة لكريدة زروالة زينة الشيخات . شهيدة عبدة ودكالة … مات من قتلها وظلت هي حية باغانيها.
- القايد عيسى بن عمر : يعتبر القائد عيسى بن عمر ، من كبار قواد المغرب، حتى عده أحد الأجانب العارفين بخبايا المخزن، " أكثر القواد الجهويين أهمية في الإمبراطورية الشريفة ".أبصر النور بثمرة، إحدى فخذات قبيلة البحاترة، سنة 1842 ،وعلى الرغم من أن عيسى بن عمر لم يتجاوز في تعليمه الطور الأول من الكتاب، ، فإنه أبان في شبابه عن كثير من المناقب والكفاءات، جعلت شقيقه القائد محمد بن عمر يؤثره عن غيره من بنيه وأهله ، ويعتمده خليفة له، فأظهر تفوقا في كل المهام السياسية والعسكرية، التي أناطه بها، مما أكسبه صيتا حسنا واعتبارا وازنا بدار المخزن، يسرت عليه خلافة أخيه بعد موته سنة1879. وقد تميز القائد عيسى بن عمر عن سلفيه، عمه وأخيه المذكورين، بأنه أدى وظيفة القيادة في ظرف دقيق وخطير من تاريخ المغرب، بفعل التكالب الأجنبي، للنيل من مقدرات المغرب وسيادته، وقد نجح القائد عيسى إلى حد كبير في استثمارها في الارتقاء والتوسع بنفوذه ، ولم يقف تألقه عند هذه الحدود ، بل تعداها لما هو أسمى وأعظم عندما اختاره المولى عبد الحفيظ (1908-1912) وزيرا لخارجية المغرب فور مبايعته سلطانا للجهاد والإنقاذ. وقد لا نبالغ إذا ما أقررنا بأن جانبا غير يسير من تفوق القائد عيسى بن عمر، وصعود نجمه بدار المخزن، وما تبع ذلك من توسع في النفوذ والسطوة، يرجع إلى ما استفاده من ثورة أولاد زيد ، فعوض أن تعصف به وبقيادته، فإنها أربحته مزيدا من النجاح والقوة والتألق والغنى، ومنحته فترة أخرى من القايدية، كانت أطول وأزهى من سابقاتها وقد تمخضت ثورة أولاد زيد عن ظروف صعبة ومعقدة، تشابكت فيها الأسباب العامة بالخاصة، لتفرخ فتنة قبلية هوجاء، استغرقت أكثر من أربعة أشهر. وإذا انتقلنا إلى قبيلة البحاترة، إيالة القائد عيسى بن عمر وفرعها أولاد زيد، لاستقصاء مدى الضرر الجبائي الذي أصاب مقدراتها الاقتصادية، نجد : أ- أن أولاد زيد مثيري ثورة 1895مكانوا بكل القرائن، أكثر سكان إيالة البحاترة تضررا وتذمرا من بطش القواصم الطبيعية، ومن الاعتصار الضريبي المخزني، فقد كانوا أفقر سكان عبدة طرا، فأرضهم صخرية لا تترك إلا بقعا محدودة تصلح للاستزراع ، وحتى نشاط تربية الماشية الذي كانوا يركزون عليه ، كانوا يجدون فيه عنتا ومشقة ومزاحمة، من جراء ضرر تلاحق سنوات الجفاف والجراد ، وتخصيص قسم كبير من المسارح لعذيرات المخزن وهويراته ، التي كانت تنتشر بربعهم، وأكثر من ذلك أن القائد عيسى كان بحكم العرف يحوز لنفسه أفضل المراعي بأولاد زيد وبغيرها من أراضي إيالته، أسوة بباقي قواد عصره، الذين كانوا مثله في إيالاتهم أكبر ملاكي الأراضي الزراعية والماشية؛ ومع تناقص المسارح وازدياد الثقل الجبائي وما ترتب عنه من ضنك في المعيشة ، لم يجد معه قسم من أولاد زيد، سوى الهروب خارج ديارهم عـشـية سـنة 1895، التي تؤرخ لانتفاضتهم، حتى سمي عامها "بعام الهربة"، في حين أعلن الباقي عصيانهم على المخزن وممثله عيسى بن عمر،