الدّهر ذو دولٍ . لأبي العتاهية
الدّهر ذو دولٍ
لأبي العتاهية
...................
الدّهر ذو دولٍ والموتُ ذو علل : والمرءُ ذو أملٍ والناس أشباهُ
ولم تزل عبرٌ فيهنّ معتبرٌ : يجري بها قدَرٌ والله أجراهُ
والمُبتلَى فهَو المهجور جانبه : والناس حيث يكون المال والجاهُ
يبكي ويضحك ذو نفسٍ مصرّفة : والله أضحكه والله أبكاهُ
يا بائعَ الدين بالدنيا وباطلها : ترضى بدينك شيئاً ليس يسواهُ
حتى متى أنت في لهوٍ وفي لَعِبٍ : والموت نحوك يهوي فاغراً فاهُ
ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه : رُبّ امرئ حتفه فيما تمنّاهُ
والناس في رقدةٍ عما يُراد بهم : وللحوادث تحريكٌ وإنباهُ
أنصفْ هديت إذا ما كنت منتصفاً : لا ترضَ للناس شيئاً لستَ ترضاهُ
يا رُبّ يوم أتت بشراه مقبلةً : ثم استحالت بصوت النّعي بشراهُ
لا تحقرنّ من المعروف أصغره : أحسنْ فعاقبة الإحسان حُسناهُ
وكلّ أمرٍ له لا بدّ عاقبةٌ : وخير أمرك ما أحمدتَ عُقباهُ
نلهو وللموت في الدنيا وأبعده : وما أمرّ جنى الدّنيا وأحلاهُ
كم نافس المرء في شيء وكابر فيه : الناس ثم مضى عنه وخلاّهُ
بينا الشقيق على إلفٍ يُسَرّ به : إذ صار أغمضه يوماً وسجّاهُ
يبكي عليه قليلاً ثم يُخرجه : فيسكن الأرض منه ثّم ينساهُ
وكلّ ذي أجلٍ يوماً سيبلغه : وكلّ ذي عملٍ يوماً سيلقاهُ