أولاد برحيل (البلدية)

شكلت أولاد برحيل حالة خاصة من حيث العمل السياسي بها، فالانتخابات هنا لها نمط خاص يعرفه الكبير والصغير وهو النجاح لمن يدفع، ولكن الذي يستغرب له كل ذي لب أن الرئيس الحالي الذي يتهمه كثير من الناس بالفساد لم ينجح للمرة الأولى فقط، بل هو نفسه الذي نجح من قبل وهم نفس الناس الذين يشتكون الآن، وهم انفسهم الذين سوف ينتخبونه السنة المقبلة، إنه تناقض صارخ في صفوف البرحيليين، إذ كيف يجاهدون لأجل إنجاح الرئيس الذي يصفونه بابن البلد والأولى بصوته من غيره، وفي نفس الوقت يرفعون شعارات التنديد بسلوكاته اليوم ويرجون انتقام الله منه.
إن غياب الوعي في صفوف الناس يجعل التناقض في سلوكاتهم أمرا طبيعيا، ولعل الذي لايعرفه كثير منهم أن المتحكم في العملية كلها هي السلطة نفسها وعلى رأسها "المقدمين" الذين يستغلون المشاكل الاجتماعية للضعفاء لأجل استغلالهم ايام الانتخابات بكل احترافية، بحيث يخصصون لأنفسهم أرقام هواتف خاصة بتلك الأيام كي يبعدوا عن أنفسهم الشبهات، ولاشك أن للباشوية مباركة لهذا العمل كي يتحقق المخطط الذي يتم رسمه من الآن. إن بلدية أولاد برحيل حالة استثنائية في هذا الباب، ولن ينجح في أي انتخابات إلا الحزب الذي سيتعاطف معه المدعوون "بالمقدمين"..
إن التزوير هنا محترف وفي غاية الدقة، ولقد افلحت السلطة حينما عينت عددا كبير من المقدمين بهذه البلدية الصغيرة، فأعينهم على كل كبيرة وصغيرة، ولقد تدخلوا في جزئيات حياة الناس، واطلعوا عن كثب عن كل مشاكلهم، بل وصارت بيدهم زمام أمور كثير من الأسر، فكان من الطبيعي ان تكون كلمتهم مسموعة، وخصوصا من لدن أناس يخشونهم أكثر من خشيتهم لرؤسائهم، فقبح الله الفقر الذي يجعل ضمائر الناس بيد أناس طبع الله على قلوبهم وأصبحوا لا يرون سوى ما يملأ جيوبهم سواء كان حلالا أم حراما.