أورتزاغ

أين هي الجماعة ومجلسها من هذه المأساة التي تهم جرءا من ساكنتها؟
حقيقة إنها قصة غريبة عجيبة، لا أول لها ولا آخر، تراجيديا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ومأساة انسانية واجتماعية، تصلح أن تكون موضوع مسلسل درامي مشوق، سينتزع الدموع من متتبعيه، كما تنهمر الآن من عيون شيوخ وعجائز، شباب وأطفال، عاشوا على أرض توارثوها أبا عن جد، لما يزيد عن قرنين، كما حكى لي أحدهم، واستثمروا فيها كلما توفر لهم من مال وجهد، شيدوا البنايات، غرسوا أشجار الزيتون والتين والعنب، حفروا الآبار والعيون، أقاموا الحدائق والضيعات، اختلطت دماؤهم بطينها، قبل أن يفاجؤوا قبل سنوات معدودة بملاك غرباء لتلك الأرض، مسلحين بوثائق التحفيظ العقاري، وبالمال والجاه والنفوذ، زاعمين أن الأرض في ملكية جد لهم ينتسب للبيت الشريف، منحدر من منطقة بعيدة عن دوار اولاد حمو بعشرات الكيلومترات (جماعة سيدي المخفي)، كانت وهبت له منذ حوالي 200 سنة، فأوكل استغلالها لأجداد سكان الدوار مقابل حقوق عينية سنوية، وهو اتفاق طواه النسيان بوفاة مبرميه الأولين، قبل أن يقف أبناء الشريف على الحقيقة، ويقوموا بتحفيظ الدوار بما فيه، ويخيروا أهله بين أمور أحلاها مر، إما الرحيل الحبي من الدوار وترك بيوتهم وأراضيهم وأملاكهم، أو قبول البقاء كمستغلين بالوكالة (عزابة) مقابل دفعهم لمستحقات سنوية عينية أو نقدية، أو المتابعة القضائية بتهمة الترامي على ملك الغير، والمطالبة بالافراغ والتعويض عن الاستغلال لعقود، وقد أفلحوا لحد الآن في إجلاء ثلاث أسر كما حكى لي محمد ش (52 سنة) أحد المهجرين قسرا، الذي يقول أنه ولد بالدوار، ووالده المتوفى قبل 30 سنة، ولد بدوره به وعاش حياته (60 سنة) به، وهو مثله مثل باقي الساكنة (حوالي 300 نسمة) لا يعرفون أي منطقة أخرى قد يكونوا انحدروا منها، محمد هذا يحكي بحسرة كيف أرغم مع أسرته على إفراغ مسكنه المكون من 10 غرف، وألقي به في السجن أزيد من شهر، وبأطفاله في الشارع، وكيف أن العديد من الأسر المتبقية تنتظر المصير نفسه، اللهم من قبل منهم الذل والهوان، والعيش كعبد وخادم للمالك المنبعث كطائر الفينق حسب تعبيره، حقيقة كنت أعتقد أن التهجير محصور في فلسطين المحتلة قبل أن أقف على قصة دوار اولاد حمو بجماعة الوردزاغ.