هل سمعتم بمستوصف قروي غير شرعي؟
المستوصف الصحي الغير الشرعي وقد أصبح بناية مهجورة
لاتكاد تكلم رئيس جماعة قروية بإقليم تاونات عن جماعته، وعن ضعف وتيرة تنميتها، وحجم الخصاص المهول في بنيتها، وقلة المشاريع المنجزة بها، إلا واستفاض في شرح ضعف امكانياتها، وقلة مواردها، وصعوبة تحصيل مداخيلها، وسيسرد عليك من الأسباب والمبررات ما لن تستطيع احصاءه السجلات والأسفار والمجلدات، غير أنك ستنبهر، وسيأخذك العجب والتعجب إن تابعت كيف تستنزف الجماعة نفسها امكانياتها، التي قيل لك أنها جد محدودة، إذ ستقف على الوقود يعطى للمعارف بلا حسيب ولا رقيب، والتعويض السخي عن التنقل للرئيس وزبانيته من المجلس والموظفين، وموائد الطعام المتنوعة بلحومها وخضرها وفواكهها، وقد حوت كل ما تشتهيه الأنفس وتلذ به الأعين، مهما كانت المناسبة بسيطة أو عظيمة، كما ستقف مشدوها وأنت ترى سيارة المصلحة وهي تجوب القرى والمدن ليلا ونهارا، وطيلة أيام الأسبوع، كأنها تائهة لا تعرف وجهتها، تنقل الأبناء لمدارسهم، والنساء للحمامات وصالونات الحلاقة، والعائلة لزيارة الأقارب، والأسرة للأسواق الشعبية والممتازة، والأصدقاء للمقاهي والحانات، ولا بأس في استعمالها للتنقل لمكان العمل، ومآرب أخرى الله وحده يعلمها، كما ستتفرج على شاحنات الجماعة وهي تنقل الرمال من المقالع البعيدة، ومواد البناء من المدن الكبيرة، لتشييد المباني الخاصة؛ ولن يقف استغرابك عند هذا الحد، بل سترى بأم عينك عشرات المشاريع التي تم إنجازها بتلك الامكانيات - الجد محدودة- وكلفت ميزانية الجماعة عشرات الملايين، ثم بقيت مهجورة لسنين متتالية، إما لكونها تفتقد للمواصفات والمعايير المطلوبة، أو لأنه لا جدوى منها، أو لأن القطاع الوصي رفض تسلمها بحجة أو بأخرى، وهكذا ستقف على دار للشباب لا علاقة لها بالشباب، وجسر بدون طريق تصل اليه، وخزان مائي لا تصله الشبكة، ومحطة طرقية لم تلجها سيارة ولا حافلة، وسوق سمك تباع فيه البقوليات (القزبر والمعدنوس)، ونادي نسوى لا يعرف النساء، ومدرسة أمية بلا تلاميذ، ووكالة بريدية مهجورة.... وهو حال المستوصف القروي الذي أنشأته الجماعة القروية الوردزاغ بدوار بني مومن منذ ما يقارب العقد من الزمن، وكلف ميزانيتها ما يربو على 200000 درهم (نسبة مهمة من مداخيلها السنوية)، وكان سيوفر الخدمات الصحية الخاصة بالقرب للعديد من الدواوير، ومئات السكان المجاورين، غير أن وزارة الصحة رفضت تبنيه، وإدراجه في الخريطة الصحية للمملكة، لأنه شيد دون استشارتها، أي أنها تعتبر مستوصفا لقيطا وغير شرعي، ليبقى شاهدا مع العشرات من المشاريع المماثلة له على عبث التسيير الجماعي، وحجم التخبط الذي يعرفه تدبير الشأن العام المحلي.