ادندان

بسم الله الرحمن الرحيم
تعرفه بطيبته و دماثة خلقه .... لا يحب أن يفرض نفسه في المجتمع مع أن مقامه كبير و قلبه أسير بحب أدندان .... تجده دائما في الندوات الدينية التي تعقد في المناسبات الدينية الخاصة في جمعية أدندان.... لا يتوانى في الإستجابة في طلب الحضور و إلقاء الدروس و تصحيح المفاهيم وتعليم الناس دينهم كما يجب أن يفهم ... يعتز بأبناء جلدته .. حب النوبة القديمة يجري في دمه ... لا يحب أن ينادى بلقب الدكتور و يحذف كلمة أ.د عن اسمه.... و رأيه في هذا هو أن الألقاب لن تدفن مع الإنسان يعرفه الفقير قبل الغني و الصغير قبل الكبير ... نسمع عنه طيلة عمرنا و لكننا لم نقترب من الحكاية و أصل الحكاية .... لذلك قررنا أن نكسر الحاجر الذي صنعناه بأيدينا و نزور الدكتور زهران محمد جبر لنعرف الجوانب الإنسانية في شخصه الكريم و كان معه هذه الحديث ...
1- الدكتور زهرن ... في البداية نود أن نعرف السادة القراء أكثر بسيادتكم
الإسم: زهران محمد جبر عبد الحميد
السن 64 عام
الحالة الإجتماعية: متزوج و أعول هاني و هبة و هالة)
2- نود أن نتعرف على تاريخكم الدراسي كيف بدأ و إلى ما وصل...
في البداية أود أن أوضح أن لدي سيرة ذاتية من الممكن أن أقدمها لكم لكي أختصر عليكم الوقت الذي سوف تقضونه لكتابة السيرة الذاتية لأنني بالفعل قد كتبتها من قبل و بالرغم من هذا سوف أقول سيرة مختصرة بها إضافات قليلة عن الدراسة في البلد القديمة حيث بدأت دراستي في مدرسة قسطل الإبتدائية ... واستطرد قائلاً .. كان والدي رحمه الله يهتم كثيرا بتحفيظ القرآن لأبنائه لذلك أستطيع أن أقول بأنني قد قمت بحفظ كتاب الله و أنا في السادسة أو السابعة من عمري ... و استكمل حديثه .... عندما انتهيت من الدراسة الإبتدائية ألحقني والدي رحمه الله بالمدرسة الإعدادية في محافظة أسوان و أتذكر أن الدراسة الإعدادية كان وقتها أربع سنوات و أيضاً الدراسة الثانوية كانت خمس سنوات و بعد انتهائي من الدراسة الإعدادية والثانوية التحقت بجامعة الأزهر في العام 1969 و تخرجت عام 1973 و في ذات العام كلفت لأعمل معيداً في الجامعة لأنني حصلت على درجة جيد جداً مع مرتبة الشرف و في العام 1975 حصلت على درجة الماجيستير في الأدب و النقد و في العام 1980 حصلت على درجة الدكتوراة في الأدب و النقد أيضاً .... و عن الدرجات و الترقيات الوظيفية يقول ... عينت معيدا و مدرساً مساعدا و بعد حصولي على الماجيستير ترقيت مدرساً و أستاذا مساعدا و بعد حصولي على الدكتوراة ترقيت لدرجة الأستاذ ... و أيضا عن المناصب الأخرى التي شغلها و لا يزال يشغلها يقول الدكتور زهران .... أصبحت عضو اتحاد الكتاب المصريين والعرب و رئيس لجنة الشعر في رابطة الأدب الإسلامي العالمية فرع القاهرة و المستشار العلمي للمجلة العلمية لكلية الدراسات العلمية و العربية بجامعة السلطان علي بروناي دار السلام ..... و غير ذلك الكثير و المذكور بالسيرة الذاتية ولكي لا أطيل عليكم أعدكم بأنني سوف أرسله لكم عبر البريد الإلكتروني لكي أختصر عليكم وقت الكتابة للسيرة الذاتية.
3- نريد أن نعرف أكثر عن فترة تواجدك في البلد القديم و كيف قدمت إلى القاهرة .....
البلد القديم ... ولا في الأحلام .... هكذا و صف الدكتور زهران البلد القديم موضحا استحالة تكرار مثل هذا البلد مرة أخرى و في نفس الوقت متمنياً بأن يعود النوبيون و لا يفوتوا هذه الفرصة التي بين يديهم و خاصة في هذه الحقبة المهمة من تاريخ مصر ... و يقول إذا لم يعود النوبيون الآن ... متى سيعودوا ؟ ... و عن ذكرياته يقول الدكتور زهران... إن البلد القديم هي بالفعل جنة الله في أرضه و عندما أجلس و أتذكر و أحلل ما حدث لنا كنوبيين أصل لنتيجة من الممكن أنها تكون غريبة عند البعض ... و استطرد قائلاً .. أعتقد أن النوبيين لم يكونوا على مستوى المسئولية على هذه الأرض و لم نصون نعمة الله التي قد أنعمها علينا و قد اقتلعنا الله من هذه الأرض و هذه الجنات التي كنا نحيا فيها و سط أنواع عدة من الثمار و الفواكه و التمر بجميع أنواعه و التي لا أعتقد أننا سوف نراها مرة أخرى في هذه الأرض و لكننا فقط سوف نراها في الجنة إن شاء الله
... و عندما أقوم بقراءة القرآن و أقرأ سورة الدخان حيث يقول المولى عز و جل بسم الله الرحمن الرحيم (كم تركوا من جنات و عيون و زروع و مقام كريم و نعمة كانوا فيها فاكهين كذلك و أورثناها قوماً آخرين فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منظرين) صدق الله العظيم .... وأستطيع أن أقول بكل ما أوتيت من قوة أن مصر لا تستحق التضحية الكبيرة التي ضحى بها النوبيون من أجلها لأنها و إلى اليوم لم تعترف بحق النوبيين التاريخي لأنها ضحت طواعيةً حباً و كرامة .... و يقول ... النوبة القديمة كان فيها الماء السلسبيل حيث كنا نقوم بشرب المياه المختلطة بالطمي و لم نعرف يوما المرض و كان أقصى شئ يشتكي منه الإنسان النوبي هو الصداع و كان علاجه إما اسبرين صغير أو التصفيد ليس أكثر
..و يقول .. أتذكر بأننا كنا نستعمل زيت الخروع فقط لتنظيف المعدة و علاج المعدة أيضاً عندما يكون هناك مغص و لا أنسى أننا عندما كان يأتي موسم الفيضان كنا نقوم بصيد الأسماك لا بالشباك كالمعتاد و لكن بأرجلنا و كنا نضع أرجلنا على السمك لنصطاده و ذلك من كثرته و كثرة الخير في هذا المكان و كنا نرى هذه الأسماك أشكالاً و ألوانا و كنا نقوم بعمل أفران من الطين لشوي ما نقوم بصيده من هذه الأسماك.
و عما ارتكبته الدولة من الجرم في حق النوبيين يقول الدكتور زهران ... الدولة المصرية دولة مغفلة لأنها استغنت عن ثروة هائلة من النخيل و التمر ناهيك عن الآثار التي أغرقها السد العالي فإنها خيرات و ثروات لا تقدر بثمن ... وعن هذه الآثار الفرعونية و النوبية يقول الدكتور زهران ... اتذكر أنني عندما كنت أقوم باللعب مع أقراني من الأطفال في المقابر كان هناك أماكن نشعر أن بها صوت يصدر من تحت الأرض عندما نجري عليها و كنا لا نعرف ما سبب تغير صوت الأرض من مكان لآخر و الذي عرفناه فيما بعد أنها كانت مقابر فرعونية و نوبية قديمة و كانت تحوي كنوزاً و ذهبا و فضة و زمرداً و عقيقا و لكن كل ذلك غرق تحت الماء و ضاعت أسرار كثيرة عن النوبة والآثار النوبية و دفنت تحت الماء .... و يقول الدكتور زهران ... كان يأتي إلينا في النوبة القديمة فرق البحث عن الآثار ... كان يأتي الأجانب على رأس هذه الفرق و يقوموا بالحفر بخرائط محددة كانت معهم و كانوا يستخرجون الكنوز و يأخذونها و نحن لا نعرف ما ذا يفعل هؤلاء و قد اتضح أن مصر باعت آثارها للأجانب و نحن جالسون متفرجون لا ندري ماذا يحدث حيث أننا كنا على الفطرة و أتذكر أننا كنا نقوم ببيع الزمرد و العقيق لهؤلاء الأجانب كقطع صغيرة كل قطعة بعشرة جنيهات و تخيل العشرة جنيهات في الخمسينات و أوائل الستينات كم كانت كبيرة و هذه الأحجار الكريمة كانت نساء النوبة تتحلى بها و كنا نقتطعها من شال جدتي لنقوم ببيعها لهؤلاء الأجانب ... هل تستشعر يا بني كم كنا في نعمة و كنوز لا نعلم عن قيمتها شئ لأن الحياة كانت بسيطة..... حيث عاش النوبيون و كأنهم في عصر الصحابة لأن النوبة كلها كانت جنات و حدائق حيث كانت الحياة تسير على أساس المقايضة أي أن البيع و الشراء كان باستبدال السلع بعضها ببعض و لم يكن هناك مكان للنقود و من يمتلك مليما كان يعد من أغنياء و أثرياء المكان ...و أتذكر أيضا أنه كان يو جد هناك جزر تقتلع من قوة المياه في النيل و كانت هذه الجزر تمشي في النيل بما عليها من نوبيون و أمتعة و بيت و أسرة و كانت الأسرة تستغيث بأبناء القرية لكي ينقذوهم قبل أن تبتعد الجزيرة عن المكان بما عليها من زروع و نخيل و خير كثير ... إنها بالفعل قصص غريبة و لكنها كانت تحدث فقط في النوبة القديمة ...
4- من حديثك يا دكتور أستشعر بأن النوبين قد يكونوا فعلوا مأغضب الله سبحانه و تعالى منهم .... فعاقبهم الله على فعلتهم فما رأيك؟
كلنا يعرف بأنه ليس هناك مجتمع مثالي و لا مجتمع ملائكي على وجه الكرة الأرضية حيث كان المجتمع النوبي مجتمع متدين بالفطرة و من صفاته التي تميز بها هي الطيبة ... ولكن يعاب عليه أنه عندما يستثار و يتضايق يكون شخصاً آخر غير الذي يعرفه الناس حيث كان الإنسان النوبي عندما يستثار و يغضب كان يدعو بخراب المكان و كان يقول اللهم اخرب علينا هذا المكان واقتلعنا منها !!! و كأن باب السماء كان مفتوحاً عندما دعى أحد أبناء النوبة ... و استجاب الله لدعائه ... لذا أنصحكم يأبنائي بعدم الدعوة بالشر على أحد حتى و لو كان عدوا فلا تدعو عليه.
5- هل كان المجتمع النوبي يلفظ غير النوبيين و هل كان هناك وجود للصعايدة في أماكنكم بالنوبة القديمة؟
المجتمع النوبي مجتمع طيب و يستقبل أي انسان بالترحاب و من سماته أيضاً أنه يؤثر في من يقدمون إليها ليقيموا مع أهلها و الدليل على ذلك أن معظم الصعايدة الذين ذابوا في المجتمع النوبي جاؤا إليها بعد ارتكابهم لجرائم قتل و بالتبعية كان عليهم تار في بلادهم التي كانوا يعيشون فيها فهؤلاء قدموا لمنطقة النوبه هربا من قدرهم المحتوم بالموت و القتل و عاشوا في النوبة و عندما وجدوا أهلها طيبين تطبعوا بطبعهم ...تخيل بأن من جاء بالأمس و هو قاتل قد مات قلبه و بعد أن عاش في النوبة تحول إلى انسان طيب لذلك استطيع أن أقول أن النوبة والنوبين استقبلوا غير النوبيين و طبعوهم بطباعهم و إلى اليوم تجد هؤلاء يعيشون وسط النوبيين معززين و مكرمين.
6- حدثنا عن الهجرة .. أين كنت وقتها .. و ما كان وقعها عليك و على النوبيين و هل كنت تعرف وقت التهجير أم لا..
التهجير كان بالفعل حديث الساعة و حديث الإنس والجن في ذلك الوقت .. و عن أين كنت وقتها .. كنت في أسوان أدرس في المرحلة الإعدادية و ذهبت إلى منطقة الشلال لكي استقبل أهلي و أركب معهم إلى أدندان الجديدة ... واستطرد قائلاً ... هذه الهجرة من بدايتها إلى نهايتها كانت غير انسانية و ما أتذكره هو أن النوبيين عندما هجروا كانوا يعيشون البؤس لأن الناس عندما هجروا من اماكنهم هجروا في صنادل كانت الدولة تستخدمها لنقل ذوات الأربع (الماشية) و عندما رأيتهم في أسوان كان وضعاً مأساوياً و صحبتهم إلى أدندان و كان يوماً أقل بما يوصف بأنه يوم الضياع لدرجة أن الناس عندما و صلت إلى بيوتها كانت تدخل من الباب الأمامي و تخرج من الباب الخلفي في هذه البيوت (العلب) هائمين على وجوههم و كـأن على رؤسهم الطير غير مصدقين و غير مستوعبين ما يحدث لهم ... و للعلم لقد مات معظم من هجروا من أبناء أدندان لأنهم لم يستطيعوا أن يتأقلموا مع هذا المكان البائس و الملئ بالأمراض حيث كان هناك مرض ووباء في انتظارنا و هو وباء الدبكة فكان في اليوم يموت من اثنين إلى ثلاثة أفراد من أبناء القرية ... ويقول الدكتور زهران ... بعد قيامنا بدفن أحد أبناء القرية و ما أن نعود إلى القرية كنا نسمع أن فلاناً قد توفي أيضا و كنا نذهب لندفنه و هكذا كانت أياماً عصيبة عافانا و عافاكم الله من كل سوء ..
7- حدثنا عن بعض الصعوبات التي واجهتك في حياتك العلمية والعملية..
كما ذكرت من قبل و أقولها مرة أخرى لو اتيحت الظروف التي اتيحت لي بنفس القدر و في نفس التوقيت لإنسان آخر غيري لتفوق و لأصبح أفضل مني .... الحمد لله لم يواجهني صعوبات في الدراسة فكل شئ كان سهلاً و ميسرا بفضل الله عز و جل... و ربما أراد القدر بأن يصل بي إلى ما هو مكتوب لي منذ الأزل فلقد اقتطعني والدي للأزهر بعد المرحلة الإبتدائية و رحم الله عمنا محمود صادق حيث كان يشرف عليّ و بهذه المناسبة أريد أن أذكر بأنني في المرحلة الإعدادية كنت أسكن في بيت علي أغا في أسوان و أمه هي بالفعل أمي الثانية حيث انها سافرت بي الى السودان و انا طفل و رجعت بي و سكنت معهم في اسوان.... و كل ما هنالك أنني كنت مركزا جداً على النجاح و التفوق حيث كان هناك تنافس على أشده بيننا كطلبة.
8- ألم تحدث صعوبات بعد وفاة الوالد رحمة الله عليه .....
بالطبع .... إن وفاة الوالد كان صعباً عليّ جداً و أتذكر بأنني عندما توفى والدي كنت في المرحلة الإعدادية و كنت وقتها في أسوان حيث توفى والدي في العام 1963 و انا في الصف الثالث الاعدادي حيث ابلغني الشيخ محمود صادق بأن والدي مريض و هذا لكي يعرفني بالتدريج و بينما هو يرسم خطته ليحد من وطأة الخبر علي جاءني تليغراف من البلد من أحمد حكشة ينعيني في وفاة والدي و أخذت هذه البرقية و ذهبت لعم محمود لكي أستفسر منه عن حقيقة الوضع فلما أبلغته قال لي من أبلغك و قلت له أن برقية عزاء قد وصلتني و أخذ يربت على كتفي قائلا تشجع يابني كل من عليها فان و لا شئ يدوم سوى وجه الله عز وجل ... و لكن سارت الأمور و الحمد لله و أكملت دراستي بسلاسة و الصعوبة فقط كانت تكمن في كثرة المواد التي كنا ندرسها و الكيفية التي كنا نمتحن بها هذه المواد أما عن أي صعوبات أخرى و لله الحمد لم أواجهها.
9- من وجهة نظرك ... ما هي صفات مجتمع أدندان التي لمستها من واقع حياتك في هذا المجتمع طيلة السنوات السابقة و حتى يومنا هذا...
أولاً الإعتزاز الزائد بالنفس و الإنتماء المتعصب للقبيلة (العصبية التي تتجاوز الحدود في مواقف معينة)مع أن الدين يدعو إلى غير ذلك ... واستطرد قائلاً ... هذه الظاهرة (التعصب للعرق أو القبيلة) خافتة في المجتمعات والقرى النوبية الأخرى و غير منظورة و هذا في الحقيقة له ايجابياته و سلبياته مع أنه في الحقيقة و من كثرة التداخل فيما بيننا سوف تجد صعوبة في أن تفصل أحد عن قبيلة أو عائلة و تقول أنه تبع قبيلة فلان أو علان لأننا كلنا متداخلون فيما بيننا و لكن هذا لا يمنع أن أدندان تكتظ بالنوابغ في جميع المجالات و متماسكين في الأفراح و الأطراح و ينطبق عليهم المثل القائل ( أنا و أخويا على ابن عمي و أنا وابن عمي على الغريب) حيث أن شدة الترابط هذه تؤدي إلى العصبية و هذا من الممكن أن يقودني إلى أن أدندان بها قبائل و عائلات ذات أصول عربية لذا تغلغلت هذه الصفات و ميزت أبناء أدندان عن غيرهم حيث أن السمات الشخصية لأي انسان و الفروق الشخصية يكتسبها الإنسان من عدة عوامل من ضمنها الجينات الوراثية و كلنا يعرف أن العلاقات في ظل و جود هذا التعصب تكون علاقات هرمية تبدأ بالعائلة على رأس الهرم و تنتهي بالأفراد في القاعدة و بما أن العرب يشتهرون بالتعصب للعرق و العائلة لذا توصلت إلى ذلك الإستنتاج.
و هناك أيضا سمات أخرى .. حيث أن مجتمع أدندان يعظم العقوبة و يقلل الثواب ... مما يجعلنا حريصين على عدم ارتكاب ما نستحق عليه العقوبة قدر المستطاع و هناك نصيحة أود أن أقولها إلى كل من منّ الله عليه بمنصب أو علم أو ميزة معينة ... إياك أن تبتعد عن مجتمع أدندان فإذا ابتعدت فلن تجد من يجاملك حتى و لو وصلت من المكانة الإجتماعة ما وصلت فالناس بالناس و لو تقربت للمجتمع سوف تجده قريب منك و لو ابتعدت عنهم وانشغلت بمسؤلياتك فلن تجدهم معك في أي مناسبة ....
10- هناك ظاهر غريبة في البلد و هي أ ن الأم النوبية الشابة تجبر أبناءها على التكلم بالغة العربية و تعمل على عدم تحدث الإبن بالغة النوبية فما رأيك في هذه الظاهرة؟
يقول الدكتور زهران ..هل تقصد هنا بالقاهرة؟ فقلت له لا إنني أتحدث عن القرية ... فرد عليّ قائلاً ما هذه الدونية ..... لا شك بأن اللغة العربية هي لغة القرآن و هي أيضاً لغة أهل الجنة و مع ذلك جعل الله اختلاف اللغات آية من آياته ...حيث أن اللغة النوبية توارثناها عن آبائنا و أجدادنا وإنما هي مظهر من مظاهر نعم الله علينا و يجب أن نصونها و العجب في ذلك أن الذي يتنصل بأي علة كانت مثل تعليم الأبناء هذه اللغة و بضدها تتميز الأشياء يأخي...و يقول الدكتور زهران مشبهاً هذا التوجه ... ليس من الضروري أن أكون جدياً في طائفة المعيز... فلماذا لا أتميز و يكون لدي لغة نوبية أعتز بها حيث أننا أمة قائمة بذاتها ... و تشبيها لهذا التوجه يقول الدكتور زهران ....
ذهب الذين يعاشوا في أكنافهم فبقيت في خلف كجلد أجرب
مشبهاً من يتنصل عن اللغة النوبية بالإنسان الذي يترك المستساغ و الفطرة السليمة و يذهب ليعيش مع مريض بمرض الجرب الذي يصيب الإنسان فهل يستطيع أن يعيش ؟ أعتقد أنه صعب للغاية و خطير جداً هذا التوجه الخاطئ و يجب أن نكف عن هذا.
11- ما رأيك فيما يحدث الآن داخل جمعية أدندان و المشكلات التي تحيق بها ...
يأبنائي .. إن العمل الطوعي لا يحتاج إلى كل هذا الذي يحدث على الإطلاق ... و أعتقد أن الإنسان من تلقاء نفسه عندما يجد من يخدم المجتمع أفضل منه لا بد و أن يفسح له المجال و ألا يزاحمه و يعرقل مسيرته ... إنني لا أقصد بكلامي هذا احدا من أطراف المشكلة و لكنني أتكلم عن المبدأ و الفطرة السليمة فإذا كان الهدف هو خدمة المجتمع لنتكاتف جميعا و ليتنازل كل منا للآخر و ذلك للصالح العام ... هذا و أعتقد أن هناك بعض القبليات لعبت دوراً في تأجيج هذه المشكلة و رحم الله امرء عرف قدر نفسه و كل ما نراه لا يرتقي بأن يتناطح عليه عنزتان. فعلى كل الأطراف أن يحترم الآخر و نترك من يعمل أفضل مني للصالح العام.
12- ما رأيكم في المجلس الإستشاري و الذي كان من المفترض أن ينشأ من قبل و لكن فشلت المساعي في تكوينه...
أعتقد أن أي مجلس إستشاري سوف ينتخب يجب أن يكون هناك أهداف واضحة منه و ذلك لتسهيل عملية الإختيار و التي من المفترض أن تتم على أساس الخبرة والدراية بالأهداف التي يريدوا أن يحققوها و لكن إذا كانالإختيار حسب القبيلة والعائلة فهذا بمثابة إفشال الفكرة من أساسها.
13- هل لديك الوقت لكي تعمل داخل جمعية أدندان...
يعلم الله بأنني مشغول و ليس لدي الوقت لأنني كما تعلمون أناقش رسائل الدكتوراة للطلبة و مطلوب مني أبحاث و هناك رسائل أقوم بقراءتها لذا من الصعوبة بمكان ان اجد الوقت الكافي للعمل داخل الجمعية لذلك أفسح المجل لمن هم أقضل مني للعمل في الجمعية... و استطرد قائلاً رغم ضيق الوقت و انشغالي الدائم مزاجي أن ألعب الدومينو و في هذا يحضرني أحبائي الأخ مطر و سمير كنوز من عباقرة الدومينو في الجمعية و أتذكر في يوم من الأيام وبينما وأنا ألعب و أستمتع باللعب مع أبناء بلدي جاءني أحد الناس و قال لي أنت دكتور يا زهران لماذا تلعب الدومينوا معنا و كأنني قد فقدت استاذيتي و الدكتوراة التي أحملها !!! فقلت له عندما أدخل من باب الجمعية و يدخل أي فرد إلى الجمعية يجب أن يقتلع مؤهلاته و أي شئ آخر من الممكن أن يؤثر عليه عند باب الجمعية فأنا في الأول و الآخر ابن من ابناء أدندان و مثلكم و لا أتميز عنكم بشئ فلماذا تحرمني من كل هذا و تقولبني و تضعني في قالب لا أريد أن أدخل فيه ... و هكذا يأبنائي لا تضعوا حاجزا بينكم و بين أهليكم سواء في القاهرة أو القرية فكلنا لن نأخذ أي شئ من هذه الدنيا سوى أعمالنا و لن يكون لنا أي شئ آخر. و لكن في سياق سؤالك أستطيع أن أقول بأنه إذا كان هناك أية مواهب شعرية في مجتمع أدندان أستطيع أن أحتضنها و أرعاها و أقدم لها يد العون فمرحبا به في أي وقت .
14- ما رأيك في القضية النوبية والقائمين عليها....
قضية العودة .... هي قضية القضايا ... عضوا عليها بالنواجز.. و مهما تبجح المتبجحون و مهما ادعى المدعون لا بد و أن نعود .. لقد رمانا قدرنا لكي نأكل عيش مع هؤلاء البشر :
فعين الرضا من كل عين كليلة و لكن عين السخط تبدي المساوئ
15- ما رأيك في شباب أدندان ....
شباب واعي و له حضور في جميع المناسبات و شباب طموح و الرائد يجذب أهله و أتمنى ألا تسيطر عايهم السلوكيات الظرفية و أتمنى أن يستمسكوا بسلوكيات أبناء النوبة والمجتمع النوبي.
16- هل من الممكن أن يكون للشباب دور في جمعية أدندان ... أم يجب العمل فقط من خلال الكبار
إن الشباب هم عمد المستقبل و بهم تتحقق الآمال و عليهم الجهاد الأكبر للنهوض بالمجتمع و هذا لا يختلف عليه اثنان .. فقط مع التوجيه السليم و دائما أقول أن الشباب و فكر الشباب مع حكمة الشيوخ كلاهما كفتي الميزان فإذا اختفى احد الطرفين اختل الميزان. و استطرد قائلاً ... لا يمكن للشيوخ أن يستغنوا عن فكر الشباب أو أن يتغافلوا عنه و لا يستطيع الشاب أن يكون على الطريق القويم دون توجيه الشيوخ بمعنى أن الشيوخ مع الشباب = جمعية أدندان الخيرية و العلاقة علاقة تكاملية ...
إن الشباب الذي مجد عواقبه فيه نلذ و لا لذات للشيب