الشيقارة

سم الله الرحمن الرحيمالجزء الأول
الحمد لله و الصلاة والسلام على أشرف خلق الله و على آله وصحبه و من والاه ,ثم أما بعد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أحبتي في الله
ليس من عادتي التلصص على الأدباء في مجالسهم, ولا التجسس على الشعراء في نواديهم,ولا المؤرخين في رحلاتهم, وإن كانت هذه خصلة حميدة,لكن نفسي أردتني قتيل غروري,فسولت لي الجرأة على الكتابة,وأن أعلق لكل متعالم حجابه ,كي لا أبوء بإثم السكوت,بالرغم من أنه على الأحمق جوابه,ومن جهة أخرى الساكت عن الحق شيطان أخرس,ولست أعتذر لأني سأكتب في باب الأدب وما أنا بفاعل, بل لأنه من واجبي الإعتذار لأهل الفن ,ولأني أؤمن بالتخصص,لذلك من وجد مني خطأ يغتفر يصوبه لي من غير تقريع,ولا يتعب نفسه في كشف ما يختلج في صدره,لأن هوى الإنسان يدفعه دائما إلى ,محو عمل الآخر و إثبات عمله.
وأجدني مضطرا لأن أكشف عن موضوعي الأساسي,الذي اخترت أن يكون في السير,فعادة ما تكتب السير عن الذين ودعوا هذه الدار ,لكني قررت أن أكتب فيمن ودعوها بطريقة أخرى وهم فيها,في زمن نحن في أمس الحاجة فيه إلى من يقف في وجه هؤلاء الأقوام,الذين يريدون بناء ذواتهم بهدم ذوات الآخرين.
- طبعا أنا ابن بلدية الشيقارة ,وأعرف تركيبتها السكانية جيدا,عشت فيها اكثر مما عشته خارجها, الحلو و المر ,وهذا الأخير أكبر, وكما تعلمون أن الأحداث التي تمر على الإنسان في الصغر, تبقى راسخة في ذهنه تماما كالنقش على الحجر, لكن أهم مراحل حياتي عشتها هناك, فلا يظنن ظان بأني أجهل ما أقول.
- أعود إلى الشخصية التي ,قررت الحديث عنها, شخصية يشهد لها الأعداء قبل الأحباء, شخصية ستبقى نقطة مضيئة في تاريخ هذه البلدية, بل تلك الولاية ,بل الجزائر ككل ,لكن كما سبق وأن قلت:( في زمن وضع السيف في غير محله ظاهر, والناس أصبحت تسعى خلف المظاهر ,لأن الرويبضة احتلوا الساحة,وتقدم الأقزام على حساب الأعلام,والجهلة على حساب الطلبة.والسفهاء من الناس أصبحوا لا يتورعون في إلقاء التهم,والكيل لكل واحد بما لا يصح فيه , كيف لا يحدث ذلك,و الذي كان بالأمس ـ سارقا أو زانيا أو,أو مرابيا أوزائغا.ـ يلتزم حسب زعمه ـ ولا نشك في إيمانه ـ , ثم بعد ذلك مباشرة يبدأ,بالسب و الشتم.و الوقيعة في أعراض الناس, أليس هذا هو التدين المغشوش؟).
- الأخ عمر بن مبارك ابن رمضان ابن عيسى تلكم هي الشخصية التي كنت أتحدث عنها, أحد طلبة العلم المبرزين في فنه.ولد في 30/مارس/1964 وترعرع ,ببلدية الشيقارة, درس في صغره,بجامع الزيتون على يد عمه محفوظ ابن يوسف,ـ وكان مدرسا للقرآن الكريم آنذاك رحمه الله رحمة واسعة ـ ثم التحق بالمدرسة الإبتدائية ل عين بلزرق,ثم المتوسطة هناك أيضا,لينتقل بعدها إلى الثاوية العامة لعبد الحفيظ بوالصوف بميلة,فالجامعة الإسلامية ( الأمير عبد القادر ) بقسنطينة ودرس على يد الشيخ محمد الغزالي رحمه الله و غفر له , وقد كان في كافة مراحل حياته متفوقا على أقرانه,فحاز بذلك السبق في كثير من الأحيان,وهذا بشهادة أهله ورفقائه,وأساتذته و زملائه,كل هذا في ظروف أقل ما يقال عنها أنها ظروف قاسية, فالفقر و الحرمان أخذا حقهما,لكن فضل الله عليه كبير,أن وفقه وسدده لطلب العلم الشرعي ,هذا الذي يقرب البعيد,ويرفع الوضيع,ويعز الذليل,ويقوي الضعيف.
- كما لا ننسى فضل والديه الكريمين عليه أيضا, خاصة الأم المجاهدة, التي خاضت الحروب الثلاثة, حرب ضد فرنسا, وحرب ضد الفقر و الفاقة, وحرب أخيرة ضد الأزمة السياسية التي عصفت بالجزائر, وعصفت بابنيها و زملائهما, وهذا بفعل فاعل................ وللحديث بقية سنوافيكم بها في الأيام القادمة بحول الله تعالى مع الجزء الثاني .