الاكتئاب عند المرأه
يختلف الاكتئاب عن حالات الضيق والحزن التي يعاني منها الناس من وقت إلى آخر في انه يؤثر على الأداء الوظيفي والعلاقات ألاجتماعيه والتحصيل العلمي . ويزيد الاكتئاب من خطر الإصابة بالأمراض ألجسديه المختلفة, وقد يكلف الاكتئاب الشخص المكتئب حياته بأقدامه على الانتحار .
واهم أعراض الاكتئاب هي قلة الطاقة والنشاط وفقدان الشهية للطعام أو الأكل الزائد والأرق أو زيادة في النوم والإحساس بالألم في مواضيع مختلفة من الجسم ومن الأعراض أيضا صعوبة في التركيز والمزاج المكتئب والشعور بالإحباط واليأس وتأنيب الضمير وعدم الثقة بالنفس وفقدان الاستمتاع في أمور الحياة أليوميه وأفكار حول الموت والانتحار .
وحسب التصنيف الرابع لجمعية الأطباء ألنفسيين الامريكيه فأنه لا يشترط توفر جميع الأعراض السابقة وإنما يكفي توفر خمسه منها على أن يكون عدم الاستمتاع أو المزاج المكتئب واحدا منها . ورغم أن معيار التشخيص لا يختلف في كلا الجنسين ألا أن الأعراض ومسار الاكتئاب قد يختلف في المر أه بعض الأحيان .
فالاكتئاب الشتوي يصيب المر أه أكثر وأعراض الاكتئاب غير ألنمطي والتي تتمثل بزيادة النوم والأكل والاشتياق لأكل النشويات وزيادة الشعور بالاكتئاب في المساء, بالاضافه إلى أن أعراض القلق واضطرا بات الأكل تحدث في المر أه أكثر وكذلك نقص افرازات الغدة الدرقية والتي تسبب الاكتئاب ولهذا فأنه من الضروري أن يتم فحص هرمونات الغدة الدرقية عند المر أه المصابة بالاكتئاب.
والاكتئاب يصيب حوالي 20 % من النساء مقارنة بـ 10 % من الرجال أي نسبة 1:2 ويعزى السبب في أن الاكتئاب يصيب المر أه أكثر من الرجل إلى عوامل بيولوجيه ونفسيه واجتماعيه .
- العوامل البيولوجية :
أن للهرمونات ألجنسية دور في حدوث الاكتئاب في المر أه ويدعم ذلك بأن أعراض ومتلازمة الاكتئاب تكون مصاحبه مع فترات حدوث تغيرات واضحة في الهرمونات ألجنسيه خلال فترة ما قبل الدورة الشهرية وفترة ما بعد الولادة وفي بداية سن اليأس .
والتغيرات الهرمونية في هذه الفترات تحفز التغيرات في النواقل ألعصبيه داخل الجهاز العصبي المركزي أو ألاماكن الأخرى مثل الغدة الدرقية والتي لها علاقة بحدوث الاكتئاب مثل السيروتونيين في المر أه ألمعرضه للاصابه بأضطرابات المزاج .
- الجينات :-
يحدث الاكتئاب عادة في عائلات أكثر من غيرها وان الاكتئاب يحدث أكثر في الأقرباء من الدرجه الأولى (الأب, ألام ,الاخوه) . وقد وجد الباحثون في دراستهم لتحديد علاقة الجينات في حدوث الاكتئاب بان الاكتئاب يحدث في النساء من ألدرجة الأولى والثانية بنسبة أعلى من الرجال .
- العوامل ألنفسيه والاجتماعية
- ضغوطات الحياة والأعباء الزائد على المر أه: أن وجود الأحداث الضاغطة تؤثر بشكل واضح في حدوث الاكتئاب عند المر أه, وأوضحت الدراسات بان 80% من حالات الاكتئاب تسبق بأحداث ضاغطة ومحن شديدة وان النساء اللاتي يصبن بالاكتئاب في مواجهة الأحداث الضاغطة هي ثلاثة أضعاف الرجال , وان الضغوطات الصادمة مثل الإساءة ألجنسيه للأطفال والاعتداءات الجنسية على الكبار والعنف الأسري من قبل الشريك كانت قد ارتبطت بمعدلات عالية من الاكتئاب مع الأشكال المزمنة الأخرى للضغوطات الشديدة مثل الغيرة وعدم المسا واه .
والأعباء الزائدة على المر أه قد تزيد من حدوث الاكتئاب عندها, فالمر أه تعمل خارج البيت وهي نفسها التي تقوم بالأعمال ألمنزليه لعائلتها داخل البيت , بالاضافه إلى ان المر أه معرضه لان تكون الضحية لجرائم العنف مثل الاغتصاب والعنف العائلي أكثر من الرجل .
و أكدت النظريات بأن عدم توكيد ألذات والاعتماديه والميل إلى نكران ألذات تضع الفرد في خطر الإصابة بالمرض, ولان هذه الصفات هي أكثر في المر أه منها في الرجل فأن النساء تكون أكثر عرضه للإصابة بالاكتئاب, والاحتياجات المتضاربة تسبب الانزعاج والقلق للعديد من النساء, فالمر أه عليها أن تكون مستقلة وقويه في العمل مربيه ومعتنية في البيت , وعليها أن تقابل الأفكار الحالية والجديدة عن الجمال.
- الشكل المعرفي للتفكير :
هناك شكل من التفكير يشارك في زيادة خطر الإصابة بالاكتئاب في النساء وهو اجترار الأفكار السليبة (تركيز عقلي متكرر وسلبي على أعراض ألمشكله وأسبابها ألمحتمله وما سوف تؤول أليه) . وهذه الطريقة في التفكير تؤدي إلى حدوث الاكتئاب و تؤدي إلى انخراط اقل في أي سلوك يمكن أن يساعد المريض لاستعادة السيطرة, أضافه إلى أن نوبة الاكتئاب تكون لفترة أطول والأعراض تكون اشد .
العوامل التي تزيد من إصابة المر أه بالاكتئاب :-
- وجود تاريخ مرضي لاضطرا بات المزاج في ألعائله .
- فقدان احد الوالدين قبل سن العاشرة .
- وجود تاريخ للاساءه ألجسدية والجنسية أثناء الطفولة .
- استخدام حبوب منع الحمل وخاصة التي تحتوي على هرمون البروجسترون .
- استخدام منشطات التبويض والتي تستخدم في علاج العقم عند النساء .
- وجود ضغوطات نفسيه واجتماعيه بشكل مستمر .
- فقدان نظام الدعم الاجتماعي أو التهديد بفقده .
أن الاكتئاب هو عامل خطر في سلوك الانتحار في كلا الجنسين, والنساء اللاتي تقل أعمارهن عن 30 سنة هن أكثر عرضه لمحاولة الانتحار والرجال الذين ينتحرون فعليا هم أكثر .
وان نسبة الرجال إلى النساء الذين ينجحون في أتمام عملية الانتحار هي 1:4 وذلك لان المر أه تختار طرق غير قاتله ولا تؤدي إلى الموت بالاضافه فأن المر أه تحاول الانتحار لتغير ديناميكية العلاقة
بين الأفراد.
واهم العوامل ألخطره والتي تؤدي إلى عملية الانتحار في المرأة هي :-
* أن يكون عمرها اقل من ثلاثين سنه .
*أن تكون مهدده بفقد علاقات حميمة .
* أن تعيش لوحدها .
* ضغوطات نفسيه اجتماعيه مثل أن تفقد عملها .
* سوء استخدام العقاقير المخدرة .
* اضطرا بات الشخصية مثل اضطراب الشخصية الحدية .
وبالنسبة للذين يتمون عملية الانتحار فان أهم هذه العوامل هي:
* وجود اكتئاب شديد مصاحب بأعراض ذهانيه .
* ووجود محاولات سابقه للانتحار .
* الإحساس بالإحباط .
* وجود نوبات فزع مصاحبه للاكتئاب .
* طلاق أو أن ترمل (موت الزوج) .
* وجود مرض جسدي أو أكثر.
* عند وجود أعراض قلق شديدة مصاحبه للاكتئاب .
العلاج :-
إن الإدخال إلى المستشفى قد يكون ضروريا في حالة الاكتئاب الشديد المصاحب بأعراض ذهانيه والاكتئاب المصاحب بالإدمان على المخدرات أو عندما لا يكون هناك دعم اجتماعي أو إبداء أفكار انتحارية أو جود خطه للانتحار . وهؤلاء يحتاجون إلى علاج ورعاية تحت إشراف طبيب نفسي.
والعلاج خارج المستشفى قد يكون مناسب للمرضى الذين يعانون من اكتئاب اقل شدة, وعلى المعالج أن يحدد وجود أي علاقة بين الاكتئاب والدورة الشهرية والحمل والولادة وسن اليأس والعلاقة ألمحتمله بين الاكتئاب وتناول بعض الأدوية, وعند اكتشاف أي سبب للاكتئاب يجب معالجته أولا .
والعلاج النفسي الاجتماعي يجب أن يركز على المواضيع المتعلقة بالمر أه الصراع, والعلاج لنفسي يجب أن يركز على تصحيح الخلافات بين الأفراد ويساعد المرأة في تكوين مهارات للتعامل مع الأفراد , والعلاج السلوكي المعرفي لتصحيح الأفكار السلبية التلقائية ,والسلوك الناتج عن هذه الأفكار والعلاج العائلي والزوجي لتقليل الخلافات ألزوجيه.
ويمكن أن يستخدم العلاج النفسي لوحده لعلاج حالات الاكتئاب البسيط والمتوسط ,إلا انه قد ثبت من خلال الخبرة العملية والدراسات العلمية بان استخدام العلاج الدوائي مصاحبا للعلاج النفسي يعطي نتائج أفضل. ويجب التنبه عند علاج المرأة بالأدوية المضادة للاكتئاب ما يلي : أن امتصاص مضادات الاكتئاب في المرأه هو أسرع وان نسبتها في الدم تكون أعلى والأعراض ألجانبيه للادويه تكون أكثر وخاصة الأعراض الجنسية, وان معظم النساء لا تسجل هذه الأغراض ألا إذا سئلت بشكل محدد عنها, لذلك يجب تقليل الجرعة في المر أه وقد تحتاج المرأة إلى العلاج لفترة أطول . ولان إفراز العصارة ألمعديه يكون اقل في المر أه منه في الرجل والعبور( النقل خلال الجهاز الهضمي يكون ابطىء في المر أه) لذلك نجد بان الامتصاص لمضادات الاكتئاب يعزز ويزيد.
وان ألنسبه العالية للدهون إلى العضلات في جسم المر أه تزيد من حجم التوزيع للعديد من الأدوية في الجسم بنسبه عالية وبما أن هرمون البروجسترون يزيد من نشاط إنزيم المنوامين اوكسيديز وان الاستروجين يقلل من نشاط هذا الأنزيم وبالتالي فانه تؤثر على عملية الأيض(التمثيل الغذائي) للادويه المضادة للاكتئاب لذلك نجد بان تركيز مضادات الاكتئاب في المرأه أعلى .
د فائق الزغاري استشاري الطب النفسي