بني بلعيد Beni belaid
بني بلعيد Beni belaid
قبل البدء أشير أن طبيعة المنطقة سياحية، وهي مصنفة ضمن المناطق السياحية، لها شهرة واسعة خاصة في ولايات الشرق الجزائري حيث تقصدها العائلات بكثافة....
بني بلعيد- الشاطئ الشرقي
بني بلعيد : منطقة ساحلية تقع شرق مدينة جيجل ، تبعد عنها ب 40 كم ، يحدها
من الشرق بني فرقان ومن الغرب الجناح من الشمال البحر الأبيض المتوسط
ومن الجنوب الجبالة . تابعة لإقليم بلدية خيري واد اعجول التي تضم بني مسلم
وبني بلعيد ، هذه الأخيرة يوجد بها مقر البلدية تتبع إداريا دائرة العنصر وولاية
جيجل .
بنية القبيلة : تتبع منطقة بني بلعيد البنية التي تقوم عليها القبيلة قديما وهي الانتساب إلى الجد الأكبر ثم إلى أبنائه . فالمنطقة تنتسب إلى الجد ( بلعيد )* فسميت " بني بلعيد " توزع أبناؤه وشكلوا أسرا توسعت على مر السنين لتصبح كل منها قبيلة مصغرة .. فنجد منطقة بني بلعيد تتوزع فيها مشاتي نسبت إلى أبناء بلعيد وهي : أولاد عيسى ، أولاد ادريس ، أولاد قايد ، أولاد محمد ، أولاد إيزل . أما مشتى المربع فتكون أنشئت بعد هذا التقسيم من أسر انتقلت إليها وعمرتها .
هذا النظام القبلي الذي يبدأ بـ " بني " عرفت به أغلب المناطق فنجد مثلا : بني مسلم ، بني حبيبي ، بني عيشة ، بني يدر ، بني صالح ...... ويتبع تنظيما مشابها .
ومضات تاريخية
المنطقة قبل الاحتلال الفرنسي :
كانت المنطقة تابعة لبايلك الشرق ، وأثناء الثورة التي قامت بها مناطق جيجل ضد الحكم العثماني يقودها " بلحرش ". كان بايلك الشرق تحت حكم باي قسنطينة الحاج مصطفى انغليز(1) ثم بعده الباي عصمان (2).
في أوائل 1803 انضم سكان بني بلعيد على غرار الأعراش المجاورة إلى ثورة بلحرش ضد الحكم العثماني ، وشاركوا في الهجوم على قسنطينة عاصمة الباي مع المناطق المنضمة للثورة في 10/06/1804 م (3) .
المنطقة عند دخول الاحتلال الفرنسي :
تعامل الاحتلال الفرنسي مع رجال المناطق وقادتهم من الدرجة الأولى والثانية من غرب مدينة جيجل حتى شرقها باستثناء خمسة أعراش (4) منهم عرش بني بلعيد . يذكر الكاتب علي خنوف في كتابه " تاريخ منطقة جيجل قديما وحديثا " ما يلي : ( كانت المصادر الفرنسية التي اهتمت بمنطقتهم في بداية الاحتلال 1839 1860 لا تذكرهم إلا بشراسة مقاومتهم ... وكانت تتهمهم بالتعصب والعصيان وباستقلالهم عن السلطة العثمانية ..) (5) .
وكباقي مناطق الوطن الرافضة للوجود الفرنسي في البلاد فقد تصدت مناطق جيجل إلى الاحتلال وشكلت جيوشا وفرقا لقتاله . لم تتخلف بني بلعيد عن تنظيم مقاومة على ترابها . ففي 01/07/1851 م وصل الجنرال " سانت ارنو"saint Arnaud " إلى بني بلعيد في إطار حملته على مناطق جيجل(6) ولدى وصوله اصطدم بمقاومة منظمة كانت على استعداد للقتال فدارت معركة شرسة بين الطرفين ونظرا للعدد الكبير من أفراد الجيش الفرنسي وعتاده المتطور والمتنوع استطاع التغلب على المقاومة واستشهد في تلك المعركة 40 مقاوما (7) .
وفي شهر جوان 1860 نظم الجنرال Devaux حملة ثأر مست بني بلعيد إثر مهاجمة المقاومين الثائرين لمؤسسة الغابات التابعة للمعمرين Bouk et- Delacroix الواقعة بالعنصر حيث أحرقت عن آخرها وقتل جميع المعمرين العاملين بها فقدم الجنرال إلى ضفاف الوادي الكبير لينتقم للمعمرين الذين قتلهم الثائرون فصب جام غضبه على أعراش بني بلعيد وبني مسلم ومشاط ، واعتبرهم مسؤولين عن الحادث ، فأحرق كل قراهم وقتل كل من وجده في طريقه ) .(8)
المنطقة إبان ثورة التحرير :
عانى سكان المنطقة من القهر الذي مارسه المستعمر المتمثل في :
-التجويع ، بمنع وصول التموين إلى المنطقة التي كانت مراقبة من أبراج عدة منها برج بوالدوالي و بلغيموز .. وساهم في المعاناة فيضان الوادي الكبير الذي يستمر لعدة شهور يعزل المنطقة ويقطع عنها سبل التموين وقد تسبب في غرق الكثير من البغال المحملة بالمؤن وخلال هذه المدة ينفذ ما ذخره السكان فيلجؤون إلى الطبيعة وما توفر فيها من نباتات وحيوانات .
- تهجير السكان إلى المراكز العسكرية قصد إخلاء الجبال ليسهل القضاء على المجاهدين فتم تهجيرهم مرتين إلى مركز العنصر ( 1958- 1959 ) ولكن السكان فروا منه وعادوا إلى ديارهم . في المرة الثالثة قرر المستعمر اللجوء إلى وسيلة قهرية لا يمكنهم العودة بعدها فقام بحرق المنازل والمحاصيل والمؤن وقتل المواشي مطبقا بذلك سياسة الأرض المحروقة وقام بنقل السكان إلى منطقة بني مسلم وتم توزيع العائلات على منازل في المنطقة غير أنهم لم يتقبلوا ذلك الوضع فقاموا بالهجرة الكبرى نحو مدينة قسنطينة برا بما يعرف بـ " طريق النظام " أوائل سنة 1960م ومنها إلى مختلف المدن .
بني بلعيد بعد الاستقلال :
لم تشهد بني بلعيد عودة السكان كباقي المناطق المجاورة بعد الاستقلال بالعدد الذي كان متواجدا بها إبان الثورة خاصة سكان الجبال لاستحالة العيش فيها - فغالبيتهم استوطنوا المدن ويزورون المنطقة في فصل الصيف للاستمتاع بالراحة بين أحضان البحر والجبل .
التجارة :
الحركة التجارية لا تكاد تذكر باستثناء بعض الحوانيت تعد على الأصابع تلبي حاجات السكان من المواد الغذائية ، والجمود التجاري يرجع لأسباب منها :
- بعد المنطقة عن الطريق الوطني مما يجعل النشاط في هذا الميدان أمرا غير مربح .
- عدم اهتمام سكان المنطقة بهذا المجال ، خاصة أبناؤها القاطنون في المدن ويمارسون التجارة - وأنشطة أخرى - بها باستطاعتهم الاستثمار في هذا المجال ومجالات أخرى .
- عدم وجود سوق أسبوعية تنشط الحركة التجارية .
الاستثمارات السياحية :
على الرغم من تصنيف المنطقة سياحية والإقبال الكبير على شاطئها من مختلف مناطق الوطن ظلت بعيدة عن الاستثمارات في هذا المجال الذي ظل مغلقا ليبقي المجال معرضا للفوضى بعد سحب الصلاحيات من الهيئة المحلية وجعلها بيد الوزارة الوصية .
الفلاحة :
تبلغ مساحة أراضي بني بلعيد 4151هكتار 10/1 هذه المساحة فقط يستغل في الفلاحة فالمنطقة يغلب عليها الطابع الجبلي حيث نجد الجبال مغطاة بالغابات الكثيفة وأشجار الزيتون والفلين ( البلوط ) كانت تشكل الثروة الأساسية التي تضمن حياة سكان الجبال . أما الأراضي السفلى الموازية للبحر تعتبر من أخصب الأراضي الفلاحية الممتدة من مصب الوادي الكبير إلى غاية بني مسلم .
لها نشاط فلاحي متميز ومنتوج قوي في الخضر وبعض المزروعات الموسمية خاصة البطيخ الأحمر الذي اشتهرت به المنطقة منذ القديم لجودته ، بالإضافة
إلى سقيه من مياه الآبار المنتشرة عبر الأراضي الفلاحية مما جعل الإقبال عليه كبيرا وأصبح يعرف في أسواق مختلف المدن الجزائرية بـ " دلاع بني بلعيد " إلى جانب الفراولة التي اشتهرت بها المنطقة وتكاد تغطي أسواق الشرق ، إلا أن النمط الفلاحي الطبيعي القديم استبدل بالفلاحة المغطاة ( البيوت البلاستيكية ) التي لها أثر سلبي على خصوبة التربة بعد مدة من الاستغلال .
تربية الماشية : عرفت المنطقة منذ القديم بتربية الماشية خاصة الأبقار منها واشتهرت بها لطبيعة أراضيها السهلية الصالحة لتربية الأبقار ، كان عدد الأبقار لد ى الفرد - حتى سنوات الستينات لا يقل عن 20 رأسا . ما يلاحظ أن سلالة هذه الأبقار لم تتغير عند كثير من المربين إلى اليوم وذلك لسبب اقتصادي فالسلالة القديمة لا تتطلب مصاريف العلف فهي معتادة على المراعي في السهل والجبل تخرج صباحا دون راع - في قطيع للمراعي وتعود مساء ، أما البعض فيترك معظمها في الجبل لتتكاثر فيه وكلما احتاج صاحبها لرؤوس يبيعها ذهب إلى الجبل ليحضر منها ما يشاء ، وسبب تركها في الجبل على مدار السنة يعود لعدم وجود إسطبلات وفضاءات تتسع لعددها إلى جانب عدم المقدرة على توفير علفها .
الفضاءات الطبيعية :
تتوفر منطقة بني بلعيد على غطاء نباتي واسع مشكل من أشجار الفلين والزيتون والغابات المختلفة والنباتات المتنوعة هذه الميزة قلما نجدها في المناطق المجاورة بسبب هجرة سكان الجبال من أماكن تواجدهم نحو المدن ومن بقوا منهم تمركزوا في الساحل . تمت الهجرة عبر مرحلتين :
المرحلة الأولى تمت إبان الثورة التحريرية هروبا من بطش الاستعمار بعدما تم طرد السكان من الجبال وحرق منازلهم وقتل مواشيهم وتحويلها إلى منطقة جبلية محرمة.
المرحلة الثانية كانت إثر الحريق المهول الذي وقع سنة 1984م التهم كل المنازل والأشجار والنباتات فهاجر ما تبقى من السكان ولم يعودوا إليها إلى الآن لتصبح منطقة يصعب الذهاب إليها لأنها بدون طرق أو مسالك فهي عبارة عن بساط أخضر يغطي جبالها التي تكثر فيها أنواع من الحيوانات منها : الذئب ، الثعلب ، الخنزير ، الأرانب ، الضربان ، القنفذ .
* تتوفر المنطقة على محمية طبيعية مصنفة عالميا محاذية للبحر والوادي الكبير تغطي هذه البحيرة مساحة 600هكتار، هي مثال للتنوع البيئي ووجهة لأنواع الطيور المختلفة القادمة من أوربا ومختلف مناطق العالم بالإضافة لما تتوفر عليه من حيوانات ونباتات مائية ، يقصدها الطلبة والباحثون قصد الدراسة وإنجاز بحوثهم كما يقصدها السياح والزوار في فصل الصيف خاصة .
الشاطئ : يمتد ساحل بني بلعيد من الجناح غربا إلى غاية بني فرقان (واد ازهور) شرقا على مسافة تقدر بـ 05 كم . منها شريط ممتد بطول 02 كم مخصص للسباحة والباقي تتخلله صخور يستغل لصيد الأسماك وبلح البحر- ذو النوعية الجيدة - الذي تشتهر به منطقة الساحل .
صنفت بني بلعيد ضمن المناطق السياحية يقصدها المصطافون بكثافة خاصة العائلات التي تجد فيها الراحة والأمن بالإضافة إلى المخيمات الصيفية في الهواء الطلق ، وهذا راجع لطبيعة سكان المنطقة الذين يتميزون بالطيبة والخلق الحميد ، إلى جانب جمال الشاطئ ونظافته وامتداد وسعة شريطه . لكن السياحة في المنطقة تعاني من عدم وجود هياكل الاستقبال ، فنادق ، مطاعم ، هياكل الترفيه ... وبدون هذه المرافق تظل السياحة فيها مبتورة الأطراف .
مراكز الراحة : تتوفر المنطقة على مركز لراحة المجاهدين معد بجميع المرافق الضرورية ومجهز بكل ما يتطلبه من وسائل قصد التكفل بهذه الفئة في ظروف ملائمة وصحية ، يقصده أفراد فئة المجاهدين من مختلف مناطق الوطن للراحة والاستجمام .
الهياكل الثقافية : في الجانب الثقافي تظل المنطقة بحاجة إلى مركز ثقافي أو دار للشباب تسخر لخدمة شباب المنطقة لتفريغ طاقاتهم الفكرية والإبداعية وإبراز مواهبهم في مختلف المجالات ، على الرغم من الشروع في بناء مكتبة بلدية ما تزال لم تكتمل الأشغال بها ستسهم جزئيا - في سد الفراغ الثقافي .
هياكل التعليم : ضمنت المنطقة احتياجاتها من هياكل التعليم لسنوات قادمة لن تكون بحاجة إلى المزيد منها على مدى 10 سنوات حسب عدد السكان ووتيرة النمو الديمغرافي للمنطقة ، فهي تتوفر على 03 مدارس ابتدائية بتعداد 320 تلميذ ( س/د: 2011/2012 ) بمعدل 18 تلميذ في الحجرة الدراسية ومتوسطة ، وجميعها تتوفر على الهياكل الإدارية والتربوية لتعداد سكاني لا يزيد عن 03 آلاف ساكن .
وأخيرا ... هي جمال و... آمال
أهم ما تتميز به بني بلعيد هو الهدوء وجمال الشاطئ وروعة الجبل والهواء النقي ... لهذه المزايا كثر عشاق المنطقة الذين يرتادونها على مدار السنة طلبا للهدوء والراحة . يبقى العمل على تطوير السياحة وخلق حركة تجارية ومجال اقتصادي بها... مطلب الجميع .
محـ خ ـمد
الهوامش :
* لم يعرف أصل سكان بني بلعيد ، أو من هو بلعيد .
(1) سمي بهذا الاسم انغليز لوقوعه في أسر الانجليز مدة 10 سنوات .علي خنوف " تاريخ منطقة جيجل قديما وحديثا " ص 109 .
(2) قتل من طرف أنصار بلحرش في أولاد عواط عند ملاحقته بلحرش وأنصاره .
المصدر السابق ص 90 .
(3) المصدر السابق ص 88 .
(4) الأعراش المصنفة بالتعصب والعصيان هي : بني بلعيد ، أولاد عطية ، أولاد عيدون ، بني فرقان، بني توفوت . المصدر السابق ص 105 .
(5) المصدر السابق ص 105
(6) ( تضم الحملة 9500 جندي ، 03 جنرالات ، 1450 بغلا وحصانا للفرسان وحمل المؤن والذخيرة والعتاد العسكري ) المرجع السابق ص 129 .
(7) المصدر السابق ص 143 .
(8) المصدر السابق 158 .
** زوروا مدونة بني بلعيد ** الرابط : http://histoirebel.blogspot.com
قبل البدء أشير أن طبيعة المنطقة سياحية، وهي مصنفة ضمن المناطق السياحية، لها شهرة واسعة خاصة في ولايات الشرق الجزائري حيث تقصدها العائلات بكثافة....
بني بلعيد- الشاطئ الشرقي
بني بلعيد : منطقة ساحلية تقع شرق مدينة جيجل ، تبعد عنها ب 40 كم ، يحدها
من الشرق بني فرقان ومن الغرب الجناح من الشمال البحر الأبيض المتوسط
ومن الجنوب الجبالة . تابعة لإقليم بلدية خيري واد اعجول التي تضم بني مسلم
وبني بلعيد ، هذه الأخيرة يوجد بها مقر البلدية تتبع إداريا دائرة العنصر وولاية
جيجل .
بنية القبيلة : تتبع منطقة بني بلعيد البنية التي تقوم عليها القبيلة قديما وهي الانتساب إلى الجد الأكبر ثم إلى أبنائه . فالمنطقة تنتسب إلى الجد ( بلعيد )* فسميت " بني بلعيد " توزع أبناؤه وشكلوا أسرا توسعت على مر السنين لتصبح كل منها قبيلة مصغرة .. فنجد منطقة بني بلعيد تتوزع فيها مشاتي نسبت إلى أبناء بلعيد وهي : أولاد عيسى ، أولاد ادريس ، أولاد قايد ، أولاد محمد ، أولاد إيزل . أما مشتى المربع فتكون أنشئت بعد هذا التقسيم من أسر انتقلت إليها وعمرتها .
هذا النظام القبلي الذي يبدأ بـ " بني " عرفت به أغلب المناطق فنجد مثلا : بني مسلم ، بني حبيبي ، بني عيشة ، بني يدر ، بني صالح ...... ويتبع تنظيما مشابها .
ومضات تاريخية
المنطقة قبل الاحتلال الفرنسي :
كانت المنطقة تابعة لبايلك الشرق ، وأثناء الثورة التي قامت بها مناطق جيجل ضد الحكم العثماني يقودها " بلحرش ". كان بايلك الشرق تحت حكم باي قسنطينة الحاج مصطفى انغليز(1) ثم بعده الباي عصمان (2).
في أوائل 1803 انضم سكان بني بلعيد على غرار الأعراش المجاورة إلى ثورة بلحرش ضد الحكم العثماني ، وشاركوا في الهجوم على قسنطينة عاصمة الباي مع المناطق المنضمة للثورة في 10/06/1804 م (3) .
المنطقة عند دخول الاحتلال الفرنسي :
تعامل الاحتلال الفرنسي مع رجال المناطق وقادتهم من الدرجة الأولى والثانية من غرب مدينة جيجل حتى شرقها باستثناء خمسة أعراش (4) منهم عرش بني بلعيد . يذكر الكاتب علي خنوف في كتابه " تاريخ منطقة جيجل قديما وحديثا " ما يلي : ( كانت المصادر الفرنسية التي اهتمت بمنطقتهم في بداية الاحتلال 1839 1860 لا تذكرهم إلا بشراسة مقاومتهم ... وكانت تتهمهم بالتعصب والعصيان وباستقلالهم عن السلطة العثمانية ..) (5) .
وكباقي مناطق الوطن الرافضة للوجود الفرنسي في البلاد فقد تصدت مناطق جيجل إلى الاحتلال وشكلت جيوشا وفرقا لقتاله . لم تتخلف بني بلعيد عن تنظيم مقاومة على ترابها . ففي 01/07/1851 م وصل الجنرال " سانت ارنو"saint Arnaud " إلى بني بلعيد في إطار حملته على مناطق جيجل(6) ولدى وصوله اصطدم بمقاومة منظمة كانت على استعداد للقتال فدارت معركة شرسة بين الطرفين ونظرا للعدد الكبير من أفراد الجيش الفرنسي وعتاده المتطور والمتنوع استطاع التغلب على المقاومة واستشهد في تلك المعركة 40 مقاوما (7) .
وفي شهر جوان 1860 نظم الجنرال Devaux حملة ثأر مست بني بلعيد إثر مهاجمة المقاومين الثائرين لمؤسسة الغابات التابعة للمعمرين Bouk et- Delacroix الواقعة بالعنصر حيث أحرقت عن آخرها وقتل جميع المعمرين العاملين بها فقدم الجنرال إلى ضفاف الوادي الكبير لينتقم للمعمرين الذين قتلهم الثائرون فصب جام غضبه على أعراش بني بلعيد وبني مسلم ومشاط ، واعتبرهم مسؤولين عن الحادث ، فأحرق كل قراهم وقتل كل من وجده في طريقه ) .(8)
المنطقة إبان ثورة التحرير :
عانى سكان المنطقة من القهر الذي مارسه المستعمر المتمثل في :
-التجويع ، بمنع وصول التموين إلى المنطقة التي كانت مراقبة من أبراج عدة منها برج بوالدوالي و بلغيموز .. وساهم في المعاناة فيضان الوادي الكبير الذي يستمر لعدة شهور يعزل المنطقة ويقطع عنها سبل التموين وقد تسبب في غرق الكثير من البغال المحملة بالمؤن وخلال هذه المدة ينفذ ما ذخره السكان فيلجؤون إلى الطبيعة وما توفر فيها من نباتات وحيوانات .
- تهجير السكان إلى المراكز العسكرية قصد إخلاء الجبال ليسهل القضاء على المجاهدين فتم تهجيرهم مرتين إلى مركز العنصر ( 1958- 1959 ) ولكن السكان فروا منه وعادوا إلى ديارهم . في المرة الثالثة قرر المستعمر اللجوء إلى وسيلة قهرية لا يمكنهم العودة بعدها فقام بحرق المنازل والمحاصيل والمؤن وقتل المواشي مطبقا بذلك سياسة الأرض المحروقة وقام بنقل السكان إلى منطقة بني مسلم وتم توزيع العائلات على منازل في المنطقة غير أنهم لم يتقبلوا ذلك الوضع فقاموا بالهجرة الكبرى نحو مدينة قسنطينة برا بما يعرف بـ " طريق النظام " أوائل سنة 1960م ومنها إلى مختلف المدن .
بني بلعيد بعد الاستقلال :
لم تشهد بني بلعيد عودة السكان كباقي المناطق المجاورة بعد الاستقلال بالعدد الذي كان متواجدا بها إبان الثورة خاصة سكان الجبال لاستحالة العيش فيها - فغالبيتهم استوطنوا المدن ويزورون المنطقة في فصل الصيف للاستمتاع بالراحة بين أحضان البحر والجبل .
التجارة :
الحركة التجارية لا تكاد تذكر باستثناء بعض الحوانيت تعد على الأصابع تلبي حاجات السكان من المواد الغذائية ، والجمود التجاري يرجع لأسباب منها :
- بعد المنطقة عن الطريق الوطني مما يجعل النشاط في هذا الميدان أمرا غير مربح .
- عدم اهتمام سكان المنطقة بهذا المجال ، خاصة أبناؤها القاطنون في المدن ويمارسون التجارة - وأنشطة أخرى - بها باستطاعتهم الاستثمار في هذا المجال ومجالات أخرى .
- عدم وجود سوق أسبوعية تنشط الحركة التجارية .
الاستثمارات السياحية :
على الرغم من تصنيف المنطقة سياحية والإقبال الكبير على شاطئها من مختلف مناطق الوطن ظلت بعيدة عن الاستثمارات في هذا المجال الذي ظل مغلقا ليبقي المجال معرضا للفوضى بعد سحب الصلاحيات من الهيئة المحلية وجعلها بيد الوزارة الوصية .
الفلاحة :
تبلغ مساحة أراضي بني بلعيد 4151هكتار 10/1 هذه المساحة فقط يستغل في الفلاحة فالمنطقة يغلب عليها الطابع الجبلي حيث نجد الجبال مغطاة بالغابات الكثيفة وأشجار الزيتون والفلين ( البلوط ) كانت تشكل الثروة الأساسية التي تضمن حياة سكان الجبال . أما الأراضي السفلى الموازية للبحر تعتبر من أخصب الأراضي الفلاحية الممتدة من مصب الوادي الكبير إلى غاية بني مسلم .
لها نشاط فلاحي متميز ومنتوج قوي في الخضر وبعض المزروعات الموسمية خاصة البطيخ الأحمر الذي اشتهرت به المنطقة منذ القديم لجودته ، بالإضافة
إلى سقيه من مياه الآبار المنتشرة عبر الأراضي الفلاحية مما جعل الإقبال عليه كبيرا وأصبح يعرف في أسواق مختلف المدن الجزائرية بـ " دلاع بني بلعيد " إلى جانب الفراولة التي اشتهرت بها المنطقة وتكاد تغطي أسواق الشرق ، إلا أن النمط الفلاحي الطبيعي القديم استبدل بالفلاحة المغطاة ( البيوت البلاستيكية ) التي لها أثر سلبي على خصوبة التربة بعد مدة من الاستغلال .
تربية الماشية : عرفت المنطقة منذ القديم بتربية الماشية خاصة الأبقار منها واشتهرت بها لطبيعة أراضيها السهلية الصالحة لتربية الأبقار ، كان عدد الأبقار لد ى الفرد - حتى سنوات الستينات لا يقل عن 20 رأسا . ما يلاحظ أن سلالة هذه الأبقار لم تتغير عند كثير من المربين إلى اليوم وذلك لسبب اقتصادي فالسلالة القديمة لا تتطلب مصاريف العلف فهي معتادة على المراعي في السهل والجبل تخرج صباحا دون راع - في قطيع للمراعي وتعود مساء ، أما البعض فيترك معظمها في الجبل لتتكاثر فيه وكلما احتاج صاحبها لرؤوس يبيعها ذهب إلى الجبل ليحضر منها ما يشاء ، وسبب تركها في الجبل على مدار السنة يعود لعدم وجود إسطبلات وفضاءات تتسع لعددها إلى جانب عدم المقدرة على توفير علفها .
الفضاءات الطبيعية :
تتوفر منطقة بني بلعيد على غطاء نباتي واسع مشكل من أشجار الفلين والزيتون والغابات المختلفة والنباتات المتنوعة هذه الميزة قلما نجدها في المناطق المجاورة بسبب هجرة سكان الجبال من أماكن تواجدهم نحو المدن ومن بقوا منهم تمركزوا في الساحل . تمت الهجرة عبر مرحلتين :
المرحلة الأولى تمت إبان الثورة التحريرية هروبا من بطش الاستعمار بعدما تم طرد السكان من الجبال وحرق منازلهم وقتل مواشيهم وتحويلها إلى منطقة جبلية محرمة.
المرحلة الثانية كانت إثر الحريق المهول الذي وقع سنة 1984م التهم كل المنازل والأشجار والنباتات فهاجر ما تبقى من السكان ولم يعودوا إليها إلى الآن لتصبح منطقة يصعب الذهاب إليها لأنها بدون طرق أو مسالك فهي عبارة عن بساط أخضر يغطي جبالها التي تكثر فيها أنواع من الحيوانات منها : الذئب ، الثعلب ، الخنزير ، الأرانب ، الضربان ، القنفذ .
* تتوفر المنطقة على محمية طبيعية مصنفة عالميا محاذية للبحر والوادي الكبير تغطي هذه البحيرة مساحة 600هكتار، هي مثال للتنوع البيئي ووجهة لأنواع الطيور المختلفة القادمة من أوربا ومختلف مناطق العالم بالإضافة لما تتوفر عليه من حيوانات ونباتات مائية ، يقصدها الطلبة والباحثون قصد الدراسة وإنجاز بحوثهم كما يقصدها السياح والزوار في فصل الصيف خاصة .
الشاطئ : يمتد ساحل بني بلعيد من الجناح غربا إلى غاية بني فرقان (واد ازهور) شرقا على مسافة تقدر بـ 05 كم . منها شريط ممتد بطول 02 كم مخصص للسباحة والباقي تتخلله صخور يستغل لصيد الأسماك وبلح البحر- ذو النوعية الجيدة - الذي تشتهر به منطقة الساحل .
صنفت بني بلعيد ضمن المناطق السياحية يقصدها المصطافون بكثافة خاصة العائلات التي تجد فيها الراحة والأمن بالإضافة إلى المخيمات الصيفية في الهواء الطلق ، وهذا راجع لطبيعة سكان المنطقة الذين يتميزون بالطيبة والخلق الحميد ، إلى جانب جمال الشاطئ ونظافته وامتداد وسعة شريطه . لكن السياحة في المنطقة تعاني من عدم وجود هياكل الاستقبال ، فنادق ، مطاعم ، هياكل الترفيه ... وبدون هذه المرافق تظل السياحة فيها مبتورة الأطراف .
مراكز الراحة : تتوفر المنطقة على مركز لراحة المجاهدين معد بجميع المرافق الضرورية ومجهز بكل ما يتطلبه من وسائل قصد التكفل بهذه الفئة في ظروف ملائمة وصحية ، يقصده أفراد فئة المجاهدين من مختلف مناطق الوطن للراحة والاستجمام .
الهياكل الثقافية : في الجانب الثقافي تظل المنطقة بحاجة إلى مركز ثقافي أو دار للشباب تسخر لخدمة شباب المنطقة لتفريغ طاقاتهم الفكرية والإبداعية وإبراز مواهبهم في مختلف المجالات ، على الرغم من الشروع في بناء مكتبة بلدية ما تزال لم تكتمل الأشغال بها ستسهم جزئيا - في سد الفراغ الثقافي .
هياكل التعليم : ضمنت المنطقة احتياجاتها من هياكل التعليم لسنوات قادمة لن تكون بحاجة إلى المزيد منها على مدى 10 سنوات حسب عدد السكان ووتيرة النمو الديمغرافي للمنطقة ، فهي تتوفر على 03 مدارس ابتدائية بتعداد 320 تلميذ ( س/د: 2011/2012 ) بمعدل 18 تلميذ في الحجرة الدراسية ومتوسطة ، وجميعها تتوفر على الهياكل الإدارية والتربوية لتعداد سكاني لا يزيد عن 03 آلاف ساكن .
وأخيرا ... هي جمال و... آمال
أهم ما تتميز به بني بلعيد هو الهدوء وجمال الشاطئ وروعة الجبل والهواء النقي ... لهذه المزايا كثر عشاق المنطقة الذين يرتادونها على مدار السنة طلبا للهدوء والراحة . يبقى العمل على تطوير السياحة وخلق حركة تجارية ومجال اقتصادي بها... مطلب الجميع .
محـ خ ـمد
الهوامش :
* لم يعرف أصل سكان بني بلعيد ، أو من هو بلعيد .
(1) سمي بهذا الاسم انغليز لوقوعه في أسر الانجليز مدة 10 سنوات .علي خنوف " تاريخ منطقة جيجل قديما وحديثا " ص 109 .
(2) قتل من طرف أنصار بلحرش في أولاد عواط عند ملاحقته بلحرش وأنصاره .
المصدر السابق ص 90 .
(3) المصدر السابق ص 88 .
(4) الأعراش المصنفة بالتعصب والعصيان هي : بني بلعيد ، أولاد عطية ، أولاد عيدون ، بني فرقان، بني توفوت . المصدر السابق ص 105 .
(5) المصدر السابق ص 105
(6) ( تضم الحملة 9500 جندي ، 03 جنرالات ، 1450 بغلا وحصانا للفرسان وحمل المؤن والذخيرة والعتاد العسكري ) المرجع السابق ص 129 .
(7) المصدر السابق ص 143 .
(8) المصدر السابق 158 .
** زوروا مدونة بني بلعيد ** الرابط : http://histoirebel.blogspot.com
