تاريخ المدينة
تقع مدينة تبرسق على سفح جبل الرحمة نسبة إلى وليّ صالح يعلوه. و تبرسق اليوم هي وريثة Thubursicum Bure حسب ما تشهد به آثارها القديمة و نقائشها المتناثرة هنا وهناك في المعالم القديمة و الحديثة, و قد اُعتنى بجمعها الرحالة و الأثريون و الملاحظ أنّ الاسم القديم لتبرسق قد ذكر بأشكال متعدّدة: Thubursicum Bure, Thubusicuburensis وأيضا Thubursicensis Bure كما ورد في محاضر جلسات مؤتمر قرطاج سنة 411 م. ومهما تعدّدت أشكال الرسم فلا شك أنّ اسم تبرسق القديم غير لاتيني رغم محاولة بعض المؤرّخين تقريبه من اليونانية بمعنى سوق الجلود. و هناك نظرية أخرى تعتبر أنّ اللفظ المضاف Bure اسم لكامل الجهة موجود في أسماء قراها, فهو موجود في اسم تبرسق ودجبة و تيبار, لرفع الالتباس مع شبيهاتها في التسمية التي تضاف إليها عبارة Regia مثل Bulla Regia و Thimida Regia أو التي تضاف إليها عبارة Numidarum مثــل Thubursicum Numidarum, ويرجّح هذه النظرية وجود القرى الحاملة لنفس الإضافة Bure متقاربة غربي وشمالي جبل القراعة. و يميل الأستاذ محمد فنطر إلى إسناد أصل بربري لاسم تبرسق في انتظار أن يتمكّن باحث عارف باللهجات البربرية من حلّ لغز هذا الاسم. و في انتظار ذلك يلاحظ أنّ حرف التّاء المبدوءة به عدّة أسماء مدن في جهة الشمال الغربي مثل: Tchilla أي «تستور», Thignica أي «عين طنقة» و Thibaris أي «تيبار» وكذلك Thigibba أي «دجبة» هو حرف التأنيث الذي يكون في بداية الأسماء البربرية. فهذا إذا منطلق لمواصلة البحث في أصل بربري لوبي لاسم تبرسق. و من المؤسف أنّ الرحالة الذين زاروا تبرسق و كذلك الباحثين لم يعثروا على ما يشفي الغليل من الآثار المساعدة على كتابة تاريخ المدينة, منذ القديم, لأنّه لم يعد يظهر منها غير بقايا جدران القلعة البيزنطية المخمّسة و أجزاء من أسوار المدينة العتيقة و قد لاصقتها المنازل الجديدة من الداخل و الخارج حتّى أنّه لا يمكن تتبّع تلك الأسوار- فيما بقي منها إلا بالمشي على السطوح المجاورة.
و إذا كنّا لا نعرف كثيرا عن الحياة الاقتصادية في تبرسق القديمة, فإنّ موقعها الطّبيعي لأي أرض خصبة ذات عيون و أنهار ترشّح اعتمادها أساسا على الفلاحة و تربية الماشية, كما هو شأنها اليوم, و قد عثر في تبرسق في نهاية القرن الماضي و بالذات سنة 1896 على قبر بوني, به تحف جنائزية, منها أربع قطع نقدية, كما عثر في سنة 1904 على كنز به حوالي ألف قطعة نقدية برنزية, كما كشف قبر محارب روماني على عدّة قطع جنائزية من فخار و برنز يحمل بعضها صور الإله Mercure و حصان بحري, و هناك مقبرة رومانية خلف معصرة كسّار بالإضافة إلى القبرين المكتشفين قرب المدينة. و تدلّ دراسة هذه الآثار المقبرية على تداخل العناصر الحضارية الثلاثة المكوّنة لثقافة تبرسق, و هي العنصر اللّوبي أي البربري, و العنصر البوني أي الفينيقي, و العنصر الروماني, كما تدلّ أنّ تبرسق القديمة لم تكن مجرّد قرية فلاحية بل كان لها نظام بلدي و مؤسّسات دينية و مدنية ومعابد و ملعب وحمامات, تدلّ النقائش على ارتقائها إلى رتبة بلدية في بداية القرن 3م ما بين سنتي 209 و 219 م, ثم أصبحت مستعمرة رومانية سنة 261م. كما تدل المشاهد المقبرية على وجود معبد للإله Saturne في تبرسق و كذلك على عبادة للإله Tanit, ومعروف أنّ بعض نصب تبرسق نقلت إلى متحف باردو, و عرضت بعض القطع الأثرية اليوم في فضاء عند الجانب المرئي من أسوار المدينة و قلعتها البيزنطية. و إلى جانب هذا فقد عثر في تبرسق على مجموعة هامة من المشاهد المقبرية, عند حفر أسس دار الشعب سنة 1965م, في موقع الكنيسة المهجورة بأعلى ربوة طاحونة الريح. و قد اعتنى الأستاذ فنطر بدراستها و تصنيفها ضمن مشاهد مكتوبة باللاتينية و أخرى مكتوبة بالبونية الجديدة. و قد تم نقلها إلى المعهد الوطني للتراث في الإبان. و يبدو أنّ موضعها, في تبرسق, المقدّس من قبل المسيحيين الفرنسيين في شكل الكنيسة التي بنوها إنّما كان يستمدّ قداسته من العصور الغابرة عندما كان يحتضن معبدا للإله بعل, و كانت تقدّم إليه القرابين البشرية أو ما يعوّضها و قد ذكرت في بعض المشاهد عبارة من العهد القديم, كما تدلّ تلك المشاهد بكتاباتها و صورها على بداية رومنة المدينة, تشهد بذلك الأسماء الرومانية التي عوّضت أسماء الأعلام البربرية أو الفينيقية.
اشتهرت مدينة تبرسق بعيونها التي لا تنفك تدفق ماءا مدرارا إلى يومنا هذا و خاصة : عين كرمة عين نشرة العين الرومانية عين مسكة عين لملومة .
داخل السور البيزنطي توجد المدينة العتيقة ذات الطابع المتميز بأسواقها القديمة وبطرقها القديمة الملتوية وهي تحمل في نقش أحجارها دلائل حضارات عابرة بربرية بونيقية ورومانية. و إلى جانب هذه العمارة القديمة تتقمّص المدينة حضارات مختلفة تعاقبت عليها مرورا بالفتح الإسلامي حيث فتحت على يد الصحابي معبد ابن العباس وذلك سنة 639م وازدهرت المدينة في العهد الأغلبي وازدادت أهميّة في العهد الفاطمي ثم في العهد الصنهاجي حتى وصل الأندلسيون حيث أعادوا بناء هذه المدينة ( من أهم آثارهم الجامع الأندلسي) .
و قد مرّ بها الرسّام و الرحالة العالمي Alexandre Roubtzoff في شهر نوفمبر من عام 1915 فرسم نهج منارة تبرسق(مدخل السوق حاليا) و هذه اللّوحة موجودة الآن بمتحف Bagnarès de Bigorre بفرنسا.
تزخر المنطقة بالمنتوج المحلّي للصّناعات التقليدية و خاصّة صناعة الأغطية الصّوفية كالزرابي و "المرقوم", كذلك صناعة الخزف التقليدي بمادّة الطّين. كما لا يزال أغلب المتساكنين يحافظون على عاداتهم و تقاليدهم و لعلّ من أبرزها الفولكلور الشعبي, إذ لازالت توجد إلى الآن فرق من "القصّابة" التي تتغنّى بمجموعة كبيرة من الأغاني الشعبية التي تنفرد بها المدينة, إضافة إلى فرق السلامية و التي تكوّن جميعها نسيجا فولكلوريا وثقافيا تبتهج لها المدينة خاصّة في المناسبات الوطنية و الدينية.
و إذا كنّا لا نعرف كثيرا عن الحياة الاقتصادية في تبرسق القديمة, فإنّ موقعها الطّبيعي لأي أرض خصبة ذات عيون و أنهار ترشّح اعتمادها أساسا على الفلاحة و تربية الماشية, كما هو شأنها اليوم, و قد عثر في تبرسق في نهاية القرن الماضي و بالذات سنة 1896 على قبر بوني, به تحف جنائزية, منها أربع قطع نقدية, كما عثر في سنة 1904 على كنز به حوالي ألف قطعة نقدية برنزية, كما كشف قبر محارب روماني على عدّة قطع جنائزية من فخار و برنز يحمل بعضها صور الإله Mercure و حصان بحري, و هناك مقبرة رومانية خلف معصرة كسّار بالإضافة إلى القبرين المكتشفين قرب المدينة. و تدلّ دراسة هذه الآثار المقبرية على تداخل العناصر الحضارية الثلاثة المكوّنة لثقافة تبرسق, و هي العنصر اللّوبي أي البربري, و العنصر البوني أي الفينيقي, و العنصر الروماني, كما تدلّ أنّ تبرسق القديمة لم تكن مجرّد قرية فلاحية بل كان لها نظام بلدي و مؤسّسات دينية و مدنية ومعابد و ملعب وحمامات, تدلّ النقائش على ارتقائها إلى رتبة بلدية في بداية القرن 3م ما بين سنتي 209 و 219 م, ثم أصبحت مستعمرة رومانية سنة 261م. كما تدل المشاهد المقبرية على وجود معبد للإله Saturne في تبرسق و كذلك على عبادة للإله Tanit, ومعروف أنّ بعض نصب تبرسق نقلت إلى متحف باردو, و عرضت بعض القطع الأثرية اليوم في فضاء عند الجانب المرئي من أسوار المدينة و قلعتها البيزنطية. و إلى جانب هذا فقد عثر في تبرسق على مجموعة هامة من المشاهد المقبرية, عند حفر أسس دار الشعب سنة 1965م, في موقع الكنيسة المهجورة بأعلى ربوة طاحونة الريح. و قد اعتنى الأستاذ فنطر بدراستها و تصنيفها ضمن مشاهد مكتوبة باللاتينية و أخرى مكتوبة بالبونية الجديدة. و قد تم نقلها إلى المعهد الوطني للتراث في الإبان. و يبدو أنّ موضعها, في تبرسق, المقدّس من قبل المسيحيين الفرنسيين في شكل الكنيسة التي بنوها إنّما كان يستمدّ قداسته من العصور الغابرة عندما كان يحتضن معبدا للإله بعل, و كانت تقدّم إليه القرابين البشرية أو ما يعوّضها و قد ذكرت في بعض المشاهد عبارة من العهد القديم, كما تدلّ تلك المشاهد بكتاباتها و صورها على بداية رومنة المدينة, تشهد بذلك الأسماء الرومانية التي عوّضت أسماء الأعلام البربرية أو الفينيقية.
اشتهرت مدينة تبرسق بعيونها التي لا تنفك تدفق ماءا مدرارا إلى يومنا هذا و خاصة : عين كرمة عين نشرة العين الرومانية عين مسكة عين لملومة .
داخل السور البيزنطي توجد المدينة العتيقة ذات الطابع المتميز بأسواقها القديمة وبطرقها القديمة الملتوية وهي تحمل في نقش أحجارها دلائل حضارات عابرة بربرية بونيقية ورومانية. و إلى جانب هذه العمارة القديمة تتقمّص المدينة حضارات مختلفة تعاقبت عليها مرورا بالفتح الإسلامي حيث فتحت على يد الصحابي معبد ابن العباس وذلك سنة 639م وازدهرت المدينة في العهد الأغلبي وازدادت أهميّة في العهد الفاطمي ثم في العهد الصنهاجي حتى وصل الأندلسيون حيث أعادوا بناء هذه المدينة ( من أهم آثارهم الجامع الأندلسي) .
و قد مرّ بها الرسّام و الرحالة العالمي Alexandre Roubtzoff في شهر نوفمبر من عام 1915 فرسم نهج منارة تبرسق(مدخل السوق حاليا) و هذه اللّوحة موجودة الآن بمتحف Bagnarès de Bigorre بفرنسا.
تزخر المنطقة بالمنتوج المحلّي للصّناعات التقليدية و خاصّة صناعة الأغطية الصّوفية كالزرابي و "المرقوم", كذلك صناعة الخزف التقليدي بمادّة الطّين. كما لا يزال أغلب المتساكنين يحافظون على عاداتهم و تقاليدهم و لعلّ من أبرزها الفولكلور الشعبي, إذ لازالت توجد إلى الآن فرق من "القصّابة" التي تتغنّى بمجموعة كبيرة من الأغاني الشعبية التي تنفرد بها المدينة, إضافة إلى فرق السلامية و التي تكوّن جميعها نسيجا فولكلوريا وثقافيا تبتهج لها المدينة خاصّة في المناسبات الوطنية و الدينية.