الصخرة الموروثة
قصة قصيرة
الصخرة الموروثة
خرج سيزيف القرن العشرين من بطن أمه ؛ ليرث الصخرة عن جده سيزيف الأول .لقد كان قبل الخروج إلى عالم التعب ...نائما في عالم تحجبه عن الشمس ظلمات ثلاث ، متكئا على ذراعه الأيمن لايفكر في أكل و لا في ملبس ... ولا ...الكل جاهز وتحت الطلب .لكن حياة القصر لم تعمر طويلا ، لقد كانت تسعة أشهر فقط . ثم خرج إلى حيث وجد عددا من السيزيفات يئن تحت وطأة الصخرة .
فكر سيزيف مرة ، ثم قدر أخرى ، أراد أن يفر ، خطر بباله أن يستأنف الحكم حتى تمدد فترة البلاط . كل المحاكم ساخطة عليه ، على وجوده ، على وقوفه في قفص المطالبة بحقوقه . لم يكن لسيزيف محام كخاصة الناس ، كانت أثوابه رثة ممزقة ، كان جاهلا ، يتلعثم في الكلام ، كان كطفل فقد أباه في شوارع " البيضاء " ...
تعلم سيزيف أن الاتحاد قوة ؛ فتوسط إخوته في حمل الصخرة ؛ نزل عليه أكبرقسط من الثقل ؛ فبعض السيزيفات كان يتملص من تحت الصخرة ليمسك بطرف منها متظاهرا بالمشاركة لإخوانه ...يتصاعد الصراخ والعويل ...الكل لاالجزء كان يحسب أنهم في الهم شرق ، لا أحد خارج المعضلة ، هكذا " تحالف الشيطان و الإنسان فصعب التمييز بين الأقنعة " .
تأكد سيزيف أن التغلب على الصخرة محال ، فكر في تفتيتها ، خاف أن تسقط بعض الشذرات في عيو ن إخوانه فينضاف بذلك العمى إلى التعب ... تذهب هذه الخاطرة مع جداول العرق المتصبب ، يمتزج الثقل بالخوف من آن يموت فينتهي بعض السيزيفات أو يتملص البعض . تحذوه رغبة أكيدة في جمع السيزيفات تحت قوة واحدة فينزلون نزلة رجل واحد على الصخرة فتتفتت وتذهب وطأتها إلى غير عودة .لكن كيف وقد اختلف السيزيفات ، وظهرت رغبة البعض في الاستراحة على حساب الكل . حاول سيزيف القرن العشرين أن يقنع الجزء المتهرب أن الصخرة لا مفر منها ؛ فهي صخرة موروثة ، وأن الخلاص لا يكون إلا باستئصال عومل الاراثة . تعلم سيزيف أن الصبر والكلمة الطيبة هما السبيل ، وأنه بازدياد الصبر يزداد الابتلاء حتى الموت " إن موتي انتصار " كان يقول : إن موتي شعلة للآخرين و تأجيجا لنارهم الخامدة .تتوالى الليالي و الأيام ، يسري دم الحياة في عروق السيزيفات ، تتجمع كلمتهم و تتقوى ، يزيد طموحهم فيغالب ثقل الصخرة .
يتصارع في هذه اللحظة الخوف والألم و الحب إن أحلك ساعات الليل هي الساعات التي تكون قبل الفجر مباشرة توجد مع ذلك الرغبة فتدفع إلى الحب . يتم الانتصار ؛ فتينع حديقة المودة ، ويتطاير حمام السلام ويستريح بعد أن تجبرت أجنحته المتكسرة من جراء قضبان الأقفاص ..يرعى الذئب مع الغنم فلا يؤذيها ؛ فقد اخذ كل واحد حقه فقنع .تعم الفرحة السيزيفات ، يهتفون : انه الخلاص ، انه الخلاص .
بقلم عبد الحق السالكي .