منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول
منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول
الشيخ حافظ بن أحمد حكمي
ترجمة صاحب المنظومة
مولده ونشأته: ولد الشيخ حافظ في 24/9/1342هـ بقرية (السلام) التابعة لمدينة (المضايا) الواقع في الجنوب الشرقي من مدينة (جازان). ونشأ حافظ في كنف والديه نشأة صالحة، تربى فيها على العفاف والطهارة وحسن الخلق.
طلبه للعلم: عندما بلغ حافظ من العمر سبع سنوات أدخله والده مع شقيقه الأكبر محمد مدرسة لتعليم القرآن الكريم بقرية (الجاضع) فقرأ على مدرسه بها جزأي (عم، وتبارك) ثم واصل قراءته مع أخيه حتى أتم قراءة القرآن مجوَّدة خلال أشهر معدودة، ثم أكمل حفظه حفظاً تاماً بعيد ذلك.
علمه: مكث حافظ يطلب العلم على يد شيخه الجليل عبدالله القرعاوي، ويعمل على تحصيله، ويقتني الكتب القيمة والنادرة من أمهات المصادر الدينية واللغوية والتاريخية وغيرها ويستوعبها قراءة وفهماً. وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره -ومع صغر سنة- طلب منه شيخه أن يؤلف كتاباً في توحيد الله، يشمل على عقيدة السلف الصالح، ويكون نظماً ليسهل حفظه على الطلاب، فصنف منظومته (سلم الوصول إلى علم الأصول- في التوحيد) التي انتهي من تسويدها سنة 1362هـ وقد أجاد فيها، ولاقت استحسان شيخه والعلماء المعاصرين له. ثم تابع التصنيف بعد ذلك فألف في التوحيد وفي السيرة النبوية وفي مصطلح الحديث وفي الفقه وأصوله وفي الفرائض وفي السيرة النبوية وفي الوصايا والآداب العلمية، وغير ذلك نظماً ونثراً.
وفاته: بعد انتهائه من أداء فريضة الحج سنة 1377هـ لبى نداء ربه بمكة المكرمة على إثر مرض ألم به وهو في ريان شبابه، إذ كان عمره آنذاك خمساً وثلاثين سنة ونحو ثلاثة أشهر، ودفن بمكة المكرمة، رحمه الله تعلى.
منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول
في توحيد الله واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم
رَاضٍ بِـهِ مُـدَبِّر مُعِينَـا
إلى سَبِيـلِ الْحَقِّ واجْتَبَانا
ومِن مَسَاوِي عَمَلي أسْتَغفِـرُهْ
وأسْتَمِدُّ لُطفَهُ في مَا قَضَى
شَهادَةَ الإخلاصِ أنْ لا يُعْبَدْ
مَنْ جَلَّ عَن عَيْبٍ وعَنْ نُقْصَانِ
مَنْ جاءنَا بالْبَيِّنَات والْهُدَى
بالنُّورِ والْهُدَى ودِينِ الْحَقِّ
واْلآلُ وَالْصَّحْبُ دَوَاماً سَرْمَدَا
لِمَنْ أرَادَ مَنْهجَ الرَّسُـول
منِ امْتِثَالِ سُؤلْهِ الْمُمْتَثَـل
مُعْتَمِداً على الْقَدِيرِ الْبَاقِـي
- أبْدَأُ باسْمِ الله مُسْتَعِينــا
- والْحَمْدُ لله كَمَا هَدَانَــا
- أحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ وأشْـكُرُهْ
- وأسْتَعِِينُهُ عَلى نيْلِ الرِّضَـا
- وبعدُ: إِني بِالْيقِينِ أشْهَـد
- بالْحَقِّ مأْلُوهٌ سِوَى الرَّحْمن
- وأن خيْرَ خَلْقِهِ محمَّــدا
- رسـوله إلى جَمِيعِ الْخَلْق
- صَلَّى عَلَيْهِ رَبُّنَـا وَمجَّـدا
- وَبَعْدُ: هَذَا النَّظمُ في الأُصولِ
- سأَلَنِي إيَّاهُ مَنْ لا بُــدَّ لِي
- فَقُلْتُ مَع عَجْزي ومَع إِشفَاقِي
مقدمة
تُعرِّف العبد بما خُلِق له، وبأول ما فرض الله تعالى عليه <وبما
أخذ الله عليه به الميثاق في ظهر أبيه آدم، وبما هو صائر إليه.
لَمْ يَتْرُكِ الْخَلْقَ سُدَى وَهَمَلاَ
وَبِالإلهِـيَّـــةِ يُفردُوهُ
آدم ذُرِّيَّتَــهُ كَـالـذَّرِّ
لاَ رَبَّ مَعْبُودٌ بحقٍّ غَيْـرَهُ
لَهُمْ وَبالْحَقِّ الْكِتَابَ أنْزَلاَ
وَيُنذِرُوهُمُ وَيُبَشِّرُوهُــم
لله أعْلَى حُجَّة عَزَّ وَجَـلْ
فَقَدْ وَفَى بِذَلِكَ الْمِيثَـاقِ
وَذَلِكَ الْوَارِثُ عُقبَى الدَّارِ
وَلاَزَمَ الإعْرَاضَ عَنهُ والإبَا
مُسْتَوجِبٌ لِلخِزي في الدَّارَيْن
- إعْلَمْ بأَنَّ الله جَل وَعَــلاَ
- بَلْ خَلَقَ الْخَلْقَ لِيعْبُــدُوهُ
- أخْرَجَ فيمَا قد مَضَى مِن ظَهْرِ
- وأخَذَ العَهْدَ عَلَيْهِمْ أنَّـــهُ
- وَبَعْدَ هَذَا رُسْلَهُ قَـدْ أرْسَلاَ
- لِكَيْ بِذَا الْعَهدَ يُذَكِّرُوهُـمْ
- كِيْ لاَ يَكُونَ حُجة للنَّاسِ بَلْ
- فَمَنْ يُصَدِّقْهُمْ بِلاَ شِقَــاقِ
- وَذَاكَ نَاجٍ مِن عَذَابِ النَّـارِ
- وَمَنْ بِهِمْ وَبالْكِتَـابِ كَذِّبَا
- فَذَاكَ نَاقِـضٌ كِلاَ العَهْدَيْنِ
فصل
في كون التوحيد ينقسم إلى نوعين
وبيان النوع الأول، وهو توحيد المعرفة والإثبات.
مَعْرِفَةُ الرَّحْمَنِ بِالتَّوْحِيـدِ
وَهُوَ نَوْعَانِ أيَا مَن يَفْهَـمُ
أسْمَائِهِ الْحُسْنَى صِفَاتِهِ العُلَى
الْخَالِقُ الْبَارِىءُ وَالْمُصَـوِّرُ
مُبْدِعُهُمْ بِلاَ مِثالٍ سَابِـقِ
والآخِرُ الْبَاقِي بِلاَ انْتِهَـاءِ
الصَّمَدُ الْبَرُّ الْمُهَيْمِنُ العَلِيّ
جَلَّ عَنِ الأضْدَادِ وَالأعْوَانِ
عَلَى عِبَادِهِ بِلاَ كَيْفِـيَّـهْ
بعلْمِهِ مُهَيْمنٌ عَلَيْهِـــمُ
لَمْ يَنْفِ لِلْعُلُوِّ وَالْفَوْقِيــهْ
وَهُوَ الْقَريِبُ جَلَّ في عُلُوِّهِ
وَجَلَّ أَنْ يُشْبِهُهُ الأنَــامُ
وَلاَ يُكَيِّفُ الْحِجَا صِفَاتِـهِ
وَلاَ يَكُونُ غَيْرَ مَا ُيرِيــدُ
وَحَاكِمٌ -جَلَّ- بِمَــا أرَادَهْ
وَمن يَشَأْ أضَلَّهُ بِعَدْلِــهِ
وَذَا مُقَرَّبٌ وَذَا طَريــدُ
يَسْتَوْجبُ الْحَمْدَ عَلَى اقتِضَاهَا
في الظُّلُمَاتِ فَوْقَ صُمِّ الصَّخْرِ
بِسَمْعِهِ الْوَاسِعِ لِلأَصْـوَاتِ
أحَاطَ عِلْما بالْجَليِّ وَالْخَفِـي
جَلَّ ثَنَاؤُهُ تَعَالى شَأنُــهُ
وَكُلُّنَا مُفْتَقِرٌ إِلَيْــــهِ
وَلَمْ يَزَلْ بِخَلْقِهِ عَلِيمَــا
وَالحَصْرِ وَالنَّفَادِ وَالْفَنَــاءِ
وَالبَحْرُ تُلقَى فِيهِ سَبْعُ أبْحُرِ
فَنَتْ وَلَيْسَ القَوْلُ مِنهُ فَانِ
بِأنَّهُ كَلامُهُ الْـمُنَــزَّلْ
لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ ولا بِمُفْتَرَى
يُتْلَى كَمَا يُسْمَـعُ بالآذَانِ
وَبِالأيَادِي خَطُّهُ يُــسَطَّرُ
دُونَ كَلامِ بَارِيءِ الْخَلِيقَةْ
عَنْ وَصْفِهَا بِالْخَلْقِ وَالْحَدثَانِ
لكنَّمَا الْمَتلُوُّ قَوْلُ الْبَـارِي
كَلاَّ وَلاَ أصْدَقُ مِنهُ قِيـلا
بِأنَّهُ ّزَّ وَجَلَّ وَعَـــلا
يَقُولُ هَلْ مِن تَائِب فَيُقبِِلُ
يَجِدْ كَرِيماً قَابِلاً لِلْمَعْذِرَهْ
وَيَسْتُرُ العَيْبَ ويُعْطِي السَّائِلْ
كَمَا يَشَاءُ لِلْقَضاءِ الْعَـدْلِ
في جَنَّةِ الفِرْدَوْسٍ بِالأبصَارِ
كَمَا أتَى في مُحْكَمِ القُرآنِ
مِنْ غَيْرِ مَا شَكٍّ وَلا إِبْهَـــامِ
كَالشَّمْسِ صَحْواً لاَ سَحَابَ دُونَهَا
فَضِيلَةَ وَحُجِبُوا أَعْــدَاؤُهُ
أثْبَتَهَا في مُحْكَمِ الآيَـاتِ
فَحَقُّهُ التَّسلِيمُ وَالقَبُــولُ
مَعَ اعْتِقَادِنَا لمَا لَهُ اقْتَضَتْ
وغَيْرِ َكْيِيف وَلاَ تَمْثيـلِ
طُوبَى لِمَنْ بهَدْيِهِِمْ قَد اهْتـدَى
تَوْحِيدَ إثْبَاتٍ بِلا تَرْدِيـدِ
فَاْلتَمِسِ الْهُدَى الْمُنِيَر منهُ
غَاوٍ مُضِلٍّ مَارِق مُعانِــدِ
مِثْقَالُ ذَرَّة مِنَ الإيمَــان
- أوَّلُ وَاجِبٍ عَلى الْعَبِيــد
- إذْ هُوَ مِن كُلِّ الأَوَامِر أعْظَمُ
- إثْبَاتُ ذَاتِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلاَ
- وَأنَّهُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ الأكْبَـرُ
- بَاري الْبَرَايَا مُنْشِىءُ الْخَلائِقِ
- الأوَّلُ الْمُبدِي بِـلاَ ابْتِدَاءِ
- الأحَدُ الفَرْدُ الْقَـدِيرُ الأزَليّ
- عُلُوَّ قَهرٍ وَعُلُوَّ الشَّـــانِ
- كَذَا لَهُ الْعُلُوُّ والفَوْقِـيَّـهْ
- وَمَعَ ذَا مُطَّلِعٌ إلَيْهِـــمُ
- وَذِكرُهُ لِلقُرْبِ وَالْمَعِيَّــةْ
- فَإِنَّهُ الْعليُّ في دُنُـــوِّهِ
- حَيٌّ وَقَيُّومٌ فَلاَ يَنَـــامُ
- لاَ تَبْلُغُ الأوْهَامُ كُنْهَ ذَاتـِهِ
- باقٍ فَلاَ يَفْنَي وَلاَ يَبِيــدُ
- مُنفَرِدٌ بِالْخَلْــقِ وَالإرَادَهْ
- فَمَنْ يَشَأْ وَفَّقَهُ بِفَضْلِــهِ
- فَمِنْهُمُ الشَّقِيُّ والسَّعِيــدُ
- لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ قَضَاهَـــَا
- وهُوَ الَّذِي يَرَى دَبِيبَ الذَرّ
- وَسَامِعٌ لِلْجَهْرِ وَالإِخفـَاتِ
- وَعِلْمُهُ بِمَا بَدَا وَمَا خَفِـي
- وَهُوَ الْغَنِيُّ بِذَاتِهِ سُبْحَانَـهُ
- وكُلُّ شَيْءٍ رِزْقُهُ عَليْــهِ
- كَلَّمَ مُوسَى عَبْدَهُ تَكْليِمَـا
- كَلاَمُهُ جَلَّ عَنِ الإِحْصَـاءِ
- لَوْ صَارَ أَقلاَماً جَميعُ الشَّجَرِ
- وَالْخَلْقُ تَكتُبْهُ بِكُــلِّ آنِ
- وَالْقَوْلُ في كِتَابِهِ المُفَصَّـلْ
- عَلَى الرَسُولِ المُصْطَفَى خَيْرِ الوَرَى
- يُحْفَظُ بِالقَلْبِ وَبِاللَّسَـانِ
- كَذَا بِالأَبْصَارِ إِلَيْهِ يُنْظَــرُ
- وَكُلُّ ذِي مَخلُوقَة حَقِيقَـهْ
- جَلَّتْ صِفَاتُ رَبِّنَا الرَّحْمنِ
- فَالصوْتُ والأَلْحَانُ صَوتُ الْقَارِي
- مَا قَاَلهُ لاَ يَقبَلُ التَّبْدِيــلاَ
- وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ عَن خَيْرِ المَـلاَ
- في ثُلُثِ اللِّيْلِ الأخِيرِ يَنْـزِلُ
- هَلْ مَنْ مُسِيءٍ طالِبٍ للْمَغْفِرَهْ
- يَمُنُّ بِالْخَيْرَاتِ وَالْفَضَائِـلْ
- وَأنَّهُ يَجِيءُ يَوْمَ الفَصْــل
- وأنَّهُ يَرَى بِلاَ إنْكَـــارِ
- كلٌّ يَرَاهُ رُؤيَةَ العِيَـــانِ
- وَفي حَديـثِ سَيِّدِ الأنَـامِ
- رُؤْيَةَ حَقٍّ لَيْسَ يَمْتَرُونَهَـا
- وَخُصَّ بالرُّؤيَــةِ أوْلِياؤُهُ
- وَكلُّ مَا لَهُ مِنَ الصِّفَـاتِ
- أوْ صَحَّ فيمَا قَالَهُ الرَّسُـولُ
- نمِرُّهَا صَرِيحَةً كَمَا أتَــتْ
- مِنْ غَيْرِ تَحْرِيف وَلاَ تَعْطِيلِ
- بَلْ قَوْلُنَا قَوْل أئمةِ الهـدَى
- وَسَمِّ ذَا النَّوْعِ مِنَ التَّوحِيد
- قَدْ أفْصَحَ الوَحيُ المُبين عَنْهُ
- لاَ تَتَّبِعْ أقوَالَ كلِّ مَـارِدِ
- فَلَيْسَ بَعْدَ رَدِّ ذَا التِّبْيَـانِ
فصل
في بيان النوع الثاني من التوحيد
وهو توحيد الطلب والقصد، وأنه هو معنى لا إله إلا الله
إفْرادُ رَبِّ الْعرْشِ عنْ نَديدِ
مُعْتَرِفاً بِحَقِّهِ لاَ جَاحِــدَا
رُسْلَهُ يَدْعُونَ إلَيْــهِ أولا
مِن أجْلِهِ وَفَرَقَ الْفُرْقَانَــا
قِتَالَ مَن عَنْهُ تَوَلَّى وَأبَـى
سِرّاً وَجَهْرَاً دِقَّةُ وَجِلَّــهُ
بذَا وَفي نصِّ الْكِتَابِ وُصِفُــوا
فَهِيَ سَبِيلُ الْفَوْزِ وَالسَّعَادَهْ
وَكَانَ عَامِلاً بِمُقْتَضَاهَــا
يُبْعَثُ يَوْمَ الْحَشرِ نَاجٍ آمِنَا
دَلتْ يَقِينا وَهَدَتْ إِلَيْــهِ
إلاَّ الإلهُ الوَاحِدُ المُنْفَــرِدُ
جَلَّ عَنِ الشَّريِكِ وَالنَّظِيـرِ
وَفي نُصُوصِ الوَحْيِ حَقاً وَرَدَتْ
بِالنُّطْقِ إلاَّ حَيْثُ يَسْتَكْمِلُهَا
وَالانْقِيَادُ فَادْرِ مَا أقُــولُ
وَفَّقَكَ الله لِمَا أحَبَّـــه
- هذا وَثَانِي نَوعَي التوْحِيـدِ
- أنْ تَعْبُدَ الله إلهاً وَاحِــدَا
- وَهوَ الَّذي به الإله أرْسَـلا
- وأنْزَلَ الْكِتَابَ والتِّـبْـيَانَاً لَهُ
- وكَلفَ الله الرَّسُولَ الْمُجْتَبَى
- حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ خَالِصا
- وَهَكَذَا أمَّتُهُ قَدْ كُلِّفُــوا
- وَقَدْ حَوَتْهُ لَفْظَةُ الشَّهَـادَهْ
- مَن قَالَهَا مُعْتَقِداً مَعْنَاهــا
- في القَوْلِ والفِعْلِ ومَاتَ مُؤمِناً
- فَإِن مَعْنَاهَا الَّذِي عَلَيْـــهِ
- أن لَيْسَ بِالْحَقِّ إِلهٌ يُعْبَــدُ
- بِالْخَلقِ وَالرِّزْقِ وَبالتَّدْبِيـرِ
- وَبِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ قَدْ قُيِّـدَتْ
- فَإنَّهُ لَمْ يَنتَفِعْ قَائِلُهَــــا
- الْعِلمُ وَالْيَقِينُ وَالقَبُـــولُ
- وَالصِّدْقُ وَالإِخْلاَص وَالْمَحَبَّة
فصل
في العبادة، وذكر بعض أنواعها
وأن من صرف منها شيئاً لغير الله فقد أشرك
لِكُلِّ مَا يَرضَى الإلهُ السَّامِع
خَوْفٌ تَوَكُّلٌ كَذَا الرَّجَـاءُ
وَخَشيَـةٌ إنَابَـة خضُوع
كَذَا اسْتِغَاثةٌ بهِ سُبْحَانَـهْ
فَافْهَمْ هُدِيْتَ أوْضَـحَ الْمَسَالِك
شِرْكٌ وَذَاكَ أقْبَحُ الْمَنَاهِـي
- ثُمَّ الْعِبَادَةُ هيَ اسْمٌ جَامِـعُ
- وَفِي الْحَدِيثِ مُخُّهَا الدُعَاءُ
- وَرَغْبَة وَرَهْبَةٌ خشــوعُ
- وَالاسْتِعَاذَةُ ولاسْتِعَانَــهْ
- وَالذَّبْحُ وَالنَّذْرُ وَغَيْرُ ذَلِـكَ
- وَصَـرْفُ بَعْضِهَا لغَيْرِ الله
فصل
في بيان ضد التوحيد وهو الشرك
وأنه ينقسم إلى قسمين: أصغر وأكبر، وبيان كل منهما
بهِ خُلودُ النَّارِ إذْ لاَ يُغْفَـرُ
نِدّاً بهِ مُسَوِّياً مُضَاهِــي
لِجَلْبِ خَيْرٍ أوْ لِدَفْعِ الشرِّ
عَلَيْهِ إلاَّ الْمَالِكُ الْمُقتَـدِرُ
أوِ المُعَظَّمِ أوِ المرْجُـــوِّ
عَلَى ضَمِيرِ مَنْ إلَيْهِ يَفْـزَعُ
فَسَّرَهُ بِهِ خِتَامُ الأنْبِيَـــا
كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأخْبَارِ
- وَالشِّرْكُ نَوْعَانِ: فَشِرْكٌ أَكْبَرُ
- وَهُوَ اتِّخَاذُ الْعَبْدِ غَيْرَ اللـهِ
- يَقْصُدُهُ عِنْدَ نَزَولِ الضُّــرِّ
- أوْ عِنْدَ أيِّ غَرَضٍ لاَ يَقـدِرُ
- مَعْ جَعْلِهِ لِذَلِكَ الْمَدَعُــوِّ
- في الْغَيْبِ سُلْطَاناً بهِ يَطَّلـعُ
- وَالثَّانِ شِركٌ أصْغَرُ وَهُوَ الرِّيَا
- وَمِنهُ إقسَامٌ بِغَيْرِ البَـاري
فصل
في بيان أمور يفعلها العامة
منها ما هو شرك، ومنها ما هو قريب منه. وبيان حكم الرقى والتمائم
أوْ حَلْقَةٍ أوْ أعْيُنِ الذِّئَـابِ
أوْ وَتَرٍ أو ترْبَةِ القُبُــورِ
وَكَلَهُ الله إلى ما عَلَّقَــهْ
فَإنْ تكُنْ مِنْ خَالِصِ الوَحْيَيْنِ
وَذَاكَ لاَ اخْتِلافَ في سُنِّيَتِهِ
فَذَاكَ وِسْوَاسٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
شِرْكٌ بِلا مِرْيَةٍ فَاحْذَرْنَّـهْ
لَعَلهُ يَكُونُ مَحْضَ الكُفْـرِ
عَلَى العَوامِ لبَّسُوهُ فَالْتَبَـسْ
لا تَعْرِف الْحَقَّ وَتَنْأى عَنْهُ
إن تَكُ آياتٍ مُبَيِّنــاتِ
فَبَعْضُهُمْ أجَازَها والْبَعْضُ كَفْ
فإنَّهَا شِرْكٌ بِغَيْرِ مَيْـــنِ
في الْبُعدِ عَن سِيمَا أُولي الإِسْلاَمِ
- وَمَنْ يَثِقْ بوَدْعَةٍ أوْ نَــابِ
- أوْ خيْط أوْ عُضْوٍ منَ النُّسُورِ
- لأيِّ أمْرٍ كائِنٍ تَعَلّقَـــهْ
- ثُم الرُّقَى منْ حُمَةٍ أوْ عَيْنٍ
- فَذَاكَ مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ وشِرْعَتِهِ
- أمَّا الرُّقَى الْمَجْهُولَةُ الْمَعانِي
- وَفِيهِ قَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ أنَّـهُ
- إذْ كُلُّ مَنْ يَقولُهُ لا يَـدْرِي
- أوْ هُو مِنْ سحْرِ الْيَهُودِ مُقْتَبَسْ
- فَحذراً ثمَّ حَذَارِ مِنْـــهُ
- وفي التَّمَائِمِ الْمُعَلَّقَــاتِ
- فَالاخْتِلاَفُ وَاقِعٌ بَيْنَ السَّلَفْ
- وإنْ تَكُنْ مِمَّا سوَى الوَحْيَيْنِ
- بَلْ إنَّهَا قَسيْمَــةُ الأزْلاَمِ
فصل
من الشرك فعل من يتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها
يتخذ ذلك المكان عيدا.وبيان أن الزيارة تنقسم إلى سنية وبدعية وشركية
مِنْ غَيْرِ مَا تَرَدُّدٍ أوْ شَـكِّ
لَمْ يَأذَنِ الله بِأنْ يَعَظَّمَــا
أوْ قَبْرِ مَيْت أوْ بِبَعْض الشَّجَرِ
عِيداً كَفِعْلِ عَابِدِي الأوْثَانِ
ثَلاثَةٍ يَا أُمَّةَ الإسْـــلامِ
في نَفْسِهِ تَذْكِرَةً بالآخِـرَهْ
بِالعَفْوِ والصفْحِ عَنِ الزَّلاَّتِ
وَلَمْ يقُلْ هَجْراً كَقَوْلِ السُّفَهَا
في السُّنَنِ المُثْبَتَة الصَّحِيحَهْ
بِهِمْ إلى الرَّحْمَنِ جَلَّ وَعَلاَ
بَعيْدَةٌ عَنْ هَدْيِ ذِي الرِّسَالَهْ
أشْرَكَ بِالله الْعَظِيْمِ وَجَحَدْ
صَرْفاً وَلا عَدْلاً فَيَعْفُوا عَنْهُ
إلاَّ اتِّخَاذ النِّدِّ للرحْمــنِ
- هَذَا ومِنْ أعْمَالِ أهْلِ الشِّرْكِ
- مَا يَقْصُدُ الجُهَّالُ مِنْ تَعْظِيمِ مَا
- كَمَنْ يَلُذْ بِبقعَةٍ أوْ حَجَـرِ
- مُتَّخِذَاً لِذَلِكَ المَكَـــانِ
- ثُمَّ الزِّيارَةُ عَلَى أقْسَــامٍ
- فإنْ نَوَى الزَّائِرُ فيمَا أضمَرَهُ
- ثُمَّ الدُّعَا لَهُ ولِلأَمْــوَاتِ
- وَلَمْ يَكُنْ شَدَّ الرِّحَالِ نَحْوَها
- فَتِلْكَ سُنَّةٌ أتَتْ صَرِيحَــهْ
- أوْ قَصَدَ الدُّعَاءَ وَالتَّوَسّـلاَ
- فَبِدْعَةٌ مُحْدَثَةٌ ضَلاَلــه
- وإنْ دَعا الْمَقبُورُ نَفْسَهُ فَقَدْ
- لَنْ يَقْبَلَ الله تَعَالى مِنْـــهُ
- إذْ كُلُّ ذَنْبٍ مُوشكُ الغُفْرَانِ
فصل
في بيان ما وقع فيه العامة اليوم مما يفعلونه عند القبور
وما يرتكبونه من الشرك الصريح والغلو المفرط في الأموات
أوِ ابْتَنى عَلَى الضَّرِيحِ مَسْجِداً
لِسُنَنِ الْيَهُودِ والنصَـارَى
فَاعِلهُ كَمَا رَوَى أهْلُ السُّنَنْ
وَأَنْ يُزَادَ فِيهِ فَوْقَ الشِّبْـر
بِأَنْ يُسَوَّى هَكَذَا صَحَّ الْخَبَرْ
فَغَرَّهُمْ إبْلِيسُ باسْتِجْرائِـهِ
ما قدْ نَهَى عَنْهُ ولَمْ يَجْتَنِبُوا
وَرَفَعُوا بنَاءََهَا وَشَــادُوا
لا سيَّمَا في هَذِه الأعْصَـارِ
وَكَمْ لِوَاءٍ فَوْقَهَا قَدْ عَقَدُوا
وَافْتَتَنُوا بِالأعْظمِ الرُّفَـاتِ
فِعْلَ أُولي التَّسْيِيبِ والْبَحَائِرِ
وَاتَّخَذُوا إلَهَهُمْ هَوَاهُــمْ
بَلْ بَعْضُهُمْ قَدْ صَارَ منْ أفْرَاخِه
بِالْمَالِ والنَّفْسِ وبِاللِّسَـانِ
وَأوْرَطَ الأُمَّةَ في المَهَالِـكْ
إلَيْكَ نَشْكُوا مِحْنَةَ الإسْلاَمِ
- ومَنْ عَلَى القَبْرِ سِراجاً أوقَدَا
- فإنّه مُجَدِّدٌ جِهَــــارا
- كَمْ حَذَّرَ الْمُخْتَارُ عَنْ ذَا وَلَعَنْ
- بلْ قَدْ نَهَى عَن ارْتِفَاعِ الْقَبْرِ
- وَكلُّ قَبْرٍ مُشرِفٍ فَقَدْ أمَـرْ
- وحذْرَ الأُمَّةَ عَنْ إطْرَائِــهِ
- فَخَالَفوهُ جَهْرَةً وارْتَكَبُــوا
- فَانْظُرْ إليْهِمْ قَدْ غَلوْا وَزَادُوا
- بالشِّيدِ والآجُرِّ وَالأحْـجَارِ
- وَلِلْقَنَادِيلِ عَلَيْهَا أوْقَــدُوا
- وَنَصَبُوا الأعْلاَمَ وَالرَّايَـات
- بَلْ نَحَروا في سَواحِهَا النَّحَائِرْ
- والْتَمَسُوا الْحَاجَاتِ مِنْ مَوْتَاهُم
- قَدْ صَادَهُمْ إبْليِسُ في فِخَاخَه
- يَدْعوا إلى عِبَادَةِ الأوْثَــانِ
- فَلَيْتَ شِعْري مَنْ أبَاحَ ذَلِكْ
- فَيَا شَدِيدَ الطُّولِ والإِنْعَـامِ
فصل
في بيان حقيقة السحر وحد الساحر
وأن منه علم التنجيم، وذكر عقوبة من صدق كاهناً
لكِنْ بِما قَدَّرَهُ الْقَدِيــر
في الْكَوْنِ لا في الشِّرعَةِ الْمُطَهَّرَهْ
وَحَدُّهُ القَتْلُ بِلا نَكِيــرِ
مِمَّا رَوَاهُ التِّرْمِذِي وَصَحَّـحَهْ
أمرٌ بِقَتْلِهِمْ رُوِي عَنْ عُمَر
مَا فِيهِ أقْوَى مُرْشِدٍ للسالِكِ
عِلْمُ النُّجُومِ فَادْرِ هَذَا وَانْتَبِهْ
أمَّا بِسحْرٍ مِثْله فَيُمْنَــعُ
بِمَا أتَى بِهِ الرَّسُولُ المُعْتَبَـرْ
- وَالسحْرُ حَقٌّ وَلَهُ تَأْثِيــرُ
- أعْنِي بِذَا التَّقْدِيـرِ مَا قَدْ قَدَّرَهُ
- واحْكُمْ عَلَى السَّاحِرِ بِالتكْفِيرِ
- كَمَا أتَى في السُّـنَّةِ المُصَرَّحَةْ
- عَنْ جُنْدُبٍ وَهَكَذَا في أثَـر
- وَصَحَّ عَنْ حَفْصَةََ عِندَ مَالِكِ
- هَذَا وَمِنْ أنْوَاعِهِ وَشُعَبِــه
- وَحِلُّهُ بِالْوَحْي نَصّاً يُشْرَعُ
- وَمَنْ يُصَدِّقْ كَاهناً فَقَدْ كَفَرْ
فصل
يجمع معنى حديث جبريل المشهور في تعليمنا الدين
وأنه ينقسم إلى ثلاث مراتب:
الإسلام والإيمان والإحسان، وبيان أركان كل منها
فَاحْفَظْهُ وَافْهَمْ مَا عَلَيْهِ ذَا اشْتَمَلْ
إذْ جَاءَهُ يَسْأَلُهُ جِبْرِيــلُ
جَاءَتْ عَلَى جَمِيعِه مُشتَمِلَهْ
ولْكُلُّ مَبْنِيٌّ عَلَى أرْكَـانِ
عَلَى خَمْسٍ، فَحَقِّقْ وَادْرِ مَا قَدْ نُقِلا
وَهُوَ الصِّراطُ المُسْتَـقِيمُ الأقوَمُ
بالْعُرْوة الْوُثْقَى الَّتي لا تَنْفَصِمْ
وَثَالِثاً تَأْدِيَةُ الزَّكَـــاةِ
وَالْخَامِسُ الحَجُّ عَلَى مَنْ يَسْتَطعْ
سِتَّةُ أرْكَانٍ بِلاَ نُكْــرَانِ
وَمَا لَهُ مِنْ صِفَةِ الْكَمَـال
وَكُتْبهِ الْمُنْزَلَةِ الْمُطَهَّــرَهْ
مِن غَيْرِ تَفْرِيقٍ ولا إيهَـامِ
أنَّ مُحَمَّداً لَهُمْ قَدْ خَتَمَـا
في سُورَةِ الأحْزَاب والشُّورَى تَلا
ولا ادَّعَا عِلْمٍ بِوَقْتِ الْمَوْعِدِ
بِكُلِّ مَا قَدْ صَحَّ عَنْ خَيْرِ الْوَرَى
وَهِي عَلامَاتٌ وَأشْرَاطٌ لَها
مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْعِبَادِ حُتِمَا
مَا الرَّبُّ مَا الدِّينُ وَمَا الرَّسُولُ؟
بِثَابِتِ الْقَولِ الَّذينَ آمَنُـوا
بِأنَّ مَا مَوْرِدُهُ الْمَهَالِــك
وَبِقِيَامِنَا مِنَ القُبُـــورِ
يَقُولُ ذُو الكُفْرَانِ: ذَا يَوْمٌ عَسِرْ
جَمِيعُهُمْ عُلْوِيُّهُمْ والسُّفْلِي
وَيَعْظُمُ الْهَوْلُ بِهِ والْكَرْبُ
وَانْقَطَعَتْ عَلائِقُ الأَنْسَابِ
وانْعَجَمَ الْبَلِيغُ في الْمَقَـالِ
وَاقْتَصَّ مِنْ ذِي الظُّلْمِ لِلْمَظْلُومِ
وَجِيءَ بِالكِتَابِ والأَشْهَادِ
وَبَدَتِ السَّوْءَاتُ والْفَضَائِحُ
وانكَشَفَ الْمَخْفِيُّ في الضَّمَائِرْ
تُؤْخَذُ باليَمِينِ والشِّمَالِ
كِتَابَهُ بشرَى بِحُورٍ عِـينِ
وَرَاءَ ظهْرٍ لِلْجَحِيمِ صَـالِي
يُؤْخَذُ عَبْدٌ بِسِوَى مَا عَمِلاَ
وَمُقْرِفٍ أوْبَقَهُ عُدْوَانُــهُ
كَمَا أتَى في مُحْكَمِ الأنْبَاءِ
بِقَدْرِ كَسْبِهِمْ مِنْ الأعْمَالِ
وَمُسْرِفٍ يُكَبُّ في النـيرَانِ
مَوْجُودَتَانِ لا فَنَاء لَهُمَـا
يَشْرَبُ في الأُخْرَى جَمِيعُ حِزْبه
وَتَحْتَهُ الرُّسْلُ جَمِيعَاً تُحْشَرُ
قَدْ خصَّهُ الله بِهَا تَكَرُّمَـا
كُلُّ قُبُوريٍّ عَلَى الله افْتَرَى
فَصْل القَضَاءِ بَيْنَ أهْل الْمَوْقِفِ
كُلِّ أُولِي العَزْمِ الهُدَاةِ الفُضَــلا
دَارِ النَّعِيمِ لأُوليِ الْفَـلاحِ
قَدْ خَصَّتَا بِهِ بِلا نُكـرَان
مَاتُوا عَلَى دينِ الهُدَى الإسْـلامِ
فَأُدْخِلُوا النَّارَ بِذَا الإجْـرَامِ
بِفَضلِ رَبِّ العَرْضِ ذِي الإحْسَانِ
وَكُلُّ عَبْد ذِي صَلاحٍ وَوَلي
جَمِيعَ مَنْ مَاتَ عَلَى الإيمَانِ
فَحْمَاً فَيَحْيَوْنَ وَيَنْبِتُونَــا
حَبُّ حَمِيلِ السِّيْلِ في حَافَاتِهِ
فَأيْقِنَنْ بِهَا ولا تُمَــارِ
والكُلُّ في أُمِّ الكِتَابِ مُسْتَطَرْ
عَمَّا قَضَى الله تَعَالى حِوَلاَ
كَمَا بذَا أخْبَرَ سَيِّدُ الْبَشَـرْ
وَتِلكَ أعْلاَهَا لَدَى الرَّحْمَنِ
حَتَّى يَكُونَ الْغَيْبُ كَالْعَيْنَان
- إعْلَمْ بِأَنَّ الدينَ قوْلٌ وعَمَلْ
- كَفَاكَ مَا قَدْ قَالَهُ الرَّسُـولُ
- عَلَى مَرَاتِبٍ ثَلاَثٍ فَـصَّلَهْ
- الإسْلاَمُ والإيمَانُ والإحْسَانِ
- فَقَدْ أتَى:الإسْلاَمُ مَبْنِيٌّ
- أوَّلُهَا الرُّكْنُ الأسَاسُ الأعْظَمُ
- رُكن الشَّهَادَتَيْنِ فَاثْبُتْ وَاعْتَصِمْ
- وثَانِياً إقَامَةُ الصَّـــلاَةِ
- وَالرَّابِعُ الصِّيَامُ فَاسْمَعْ وَاتَّبعْ
- فَتِلْكَ خَمْسَةٌ. وللإيمَــانِ
- إيمَانُنَا بِالله ذِي الْجَــلاَل
- وَبالْمَلائِكةِ الْكِرَامِ الْبَـرَرَة
- ورُسْلِهِ الهُدَاةِ لِلأَنَـــامِ
- أوَّلُهُمْ نُوحٌ بِلا شِكٍّ كَمـَا
- وَخَمْسَةٌ مِنْهُمْ أُوُلُو الْعَزْمِ الأُلَى
- وَبالْمَعَادِ أيْقَنَ بلاَ تَـرَدُّدِ
- لكِنَّنَا نُؤْمِنْ مِنْ غَيْرِ امْتِـرَا
- مِنْ ذِكْرِ آيَاتٍ تَكُونُ قَبْلَهَا
- وَيَدْخُلُ الإيمَانُ باِلْمَوْتِ وَمَا
- وَأَنَّ كُلاٍّ مُقْعَدٌ مَسْـؤُولُ:
- َعِنْدَ ذَا يُثَبِّتُ الْمُهَيْمِـنُ
- وَيُوقِنُ الْمُرْتَابُ عِنْدَ ذَلِـكَ
- وَبِاللِّقَا والْبَعْثُ والنُّشُــورِ
- غُرْلاً حُفَاةً كَجَرادٍ مُنْتَشِـرْ
- وَيُجْمَعُ الْخَلْقُ لِيَوْمِ الْفَصْلِ
- في مَوْقِف يَجِلُّ فِيهِ الْخَطْبُ
- وأُحْضِرُوا للْعَرْضِ والْحِسَابِ
- وارْتَكَمَتْ سَجَائِبُ الأهْوَالِ
- وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْقَيُّــومِ
- وَسَاوَتْ الْمُلُوكِ لِلأَجْنَـادِ
- وَشَهِدَت الأَعْضَاءُ وَالْجَوَارِحُ
- وَابْتُلِيَتْ هُنَالِكَ السَّرَائـِرْ
- ونُشِرَتْ صَحَائِفُ الأَعْمَالِ
- طُوْبَى لِمَنْ يَأْخُذُ بِالْيمِـينِ
- وَالْوَيْلُ لِلآخِذِ بالشِّمَــالِ
- وَالْوَزْنُ بِالقِسْطِ فَلاَ ظُلْمَ وَلا
- فَبَيْنَ نَاجٍ رَاجِح مِيْزَانُــهُ
- وَيَنْصِبُ الْجِسْرُ بِلاَ امْتِـرَاءِ
- يَجُوزُهُ النَّاسُ عَلَى أحْـوَالِ
- فَبَيْنَ مُجْتَازٍ إلى الجِنَــانِ
- والنَّارُ والْجَنَّةُ حَقٌ وَهُمَـا
- وَحَوْضُ خَيْرِ الْخَلْقِ حَقٌّ وبِهِ
- كَذَا لَه لِوَاءُ حَمْد يُنْشَــرُ
- كَذَا لَهُ الشَّفَاعَةُ العُظْمَى كَمَا
- مِنْ بَعْد إذن الله لا كَمَا يَرَى
- يَشْفَعُ أوَّلاً إلى الرَّحْمَـنِ في
- مِن بَعْدِ أنْ يِطْلُبهَا النَّاسُ إلى
- وثَانِياً يَشْفَعُ في اسْتِفْتَـاحِ
- هذَا وَهَاتَانِ الشَّفَاعَتـَان
- وثَالِثاً يَشْفَــعُ في أقْوَامٍ
- وأوْبَقَتْهُمْ كَثْرَةُ الآثَــامِ
- أنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا إلى الْجِنَانِ
- وَبَعْدَهُ يَشْفَعُ كُلُّ مُرْسَـل
- وَيُخْرِجُ الله مِنَ النِّيْــرَانِ
- في نَهْرِ الْحَيَاةِ يُطْرَحُونَــا
- كَأنَّمَا يَنْبُتُ في هَيْئَاتِــهِ
- والسَّادِسُ الإيمَانُ بِالأقْـدَارِ
- فَكُلُّ شَيْءٍ بِقَضَاءٍ وَقَـدَرْ
- لا نَوْءَ لا عَدْوَى ولا طِيَرَ وَلا
- لاَ غَوْلَ لاَ هَامَةَ لاَ ولاصَفَرْ
- وثَالِثٌ مَرْتَبَةُ الإحْسَــانِ
- وَهُوَ رُسُوخُ الْقَلْبِ في الْعِرْفَانِ
فصل
في كون الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
وأن فاسق أهل الملة لا يكفر بذنب دون الشرك إلا إذا استحله وأنه تحت المشيئة، وأن التوبة مقبولة ما لم يغرغر.
وَنَقْصُهُ يَكُونُ بَالــزلاَّتِ
هَلْ أنْتَ كَالأمْلاكِ أوْ كَالرُّسُل
لَمْ يُنْفَ عَنهُ مُطلَقُ الإيمَانِ
إيْمَانهُ مَا زالَ في انْتِقَـاصِ
مُخَلَّدٌ، بَلْ أمْرُهُ للْبَــارِي
إنْ شَا عَفَا عَنْهُ وإنْ شَا آخَذَهْ
يُخْرَجُ إنْ مَاتَ عَلَى الإيْمَانِ
وَمَنْ يُنَاقَشِ الْحِسَابَ عُذِّبَـا
إلا مَعَ اسْتِحْلاَلِهِ لماَ جَنَـى
كَمَا أتَى في الشَّرْعَةِ الْمُطَهَّرَة
فَبطلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا
- إيْمَاننَا يَزِيدُ بِالطَّاعَــاتِ
- وَأهْلُهُ فيهِ عَلَى تَفَاضُــلِ
- وَالْفَاسِقُ الْمَلِّيُّ ذُو الْعِصْيَانِ
- لَكنْ بقَدْر الْفِسْقِ والْمعَاصِي
- ولاَ نَقُولُ إنَّهُ في النَّــارِ
- تَحْتَ مَشِيئَةِ الإلهِ النَّافِـذَهْ
- بِقَدْرِ ذَنْبِهِ، إلى الجِنَــانِ
- والْعَرْضُ تَيْسِيرُ الْحِسَابِ في النَّبَا
- ولا تُكَفِّرْ بِالْمَعَاصِي مُؤْمِنَاً
- وَتُقْبَلُ التَّوْبَة قَبْلَ الغَرْغَـرَه
- أمَّا مَتَى تُغلَقُ عَنْ طَالِبِهَـا؟
فصل
في معرفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتبليغه الرسالة
وإكمال الله لنا به الدين، وأنه خاتم النبيين، وسيد ولد آدم أجمعينوأن من ادعى النبوة بعده فهو كاذب
إلى الذَّبِيحِ دُونَ شَكِّ يَنْتَمِي
وَرَحْمَةً للعَالَمِينَ وَهُـدَى
هجْرَتُهُ لطَيْبَةَ الْمُنَــوَّرَهْ
ثُمَّ دَعَا إلى سَبِيِلِ رَبِّــهِ
رَبّاً تَعَالى شَأْنُهُ وُوُحِّـدُوا
يَخْلُو بِذِكْرِ رَبِّهِ عَنِ الوَرَى
مَضَتْ لعُمْرِ سَيِّدِ الأنَـامِ
وَفَرَضَ الخَمْسَ عَلَيْهِ وَحَتَمْ
مِنْ بَعْدِ مِعْرَاجِ النَّبِيِّ وانقَضَتْ
مَعَ كُلِّ مُسْلِمٍ لَهُ قَدْ صَحِبَا
لِشيعَة الْكُفْرَانِ والضَّـلاَلِ
وَدَخَلُوا في السّلْمِ مُذْعِنِينَـا
وَاسْتَنقَذَ الْخَلْقَ مِنَ الْجَهَالَهْ
وقَام دِينُ الْحَقِّ وَاسْتَقَامَـا
سُبْحَانَهُ إلى الرَّفِيقِ الأعْلَى
بِأنَّهُ الْمُرْسَلُ بِالِكِتَــابِ
بِهِ وَكُلُّ مَا إليْهِ أُنْـــزِلاَ
نُبُوَّةً فَكَاَذِبٌ فِيمَا ادَّعَـى
وأفضَلُ الْخَلْقِ عَلى الإطلاَقِ
- نَبُّينَا مُحَمَّدٌ مِنْ هَاشِــمٍ
- أرْسَلَهُ الله إليْنَا مُرْشِــدَا
- مَوْلِدُهُ بَمَكَّةَ الْمُطَهَّــرَهْ
- بَعْدَ ارْبَعِينَ بَدَأَ الْوحَيُ بِـهِ
- عَشذرَ سِنِينَ أيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
- وَكَانَ قَبْلَ ذَاكَ في غَارِ حِرَا
- وَبَعْدَ خَمْسِينَ مِنَ الأعْوَامِ
- أسْرَى بِهِ الله إليِهِ في الظُّلَمْ
- وَبَعْدَ أعْوَامٍ ثَلاثَةٍ مَضَـتْ
- أُوذِنَ بِالْهِجْرَةِ نَحْوَ يَثْرِبَا
- وَبَعْدَهَا كُلِّفَ بِالقِتَــالِ
- حتى أتَوْا للدِّينِ مُنْقَادِينَـا
- وَبَعْدَ أنْ قَدْ بَلَّغَ الرِسَالَـهْ
- وأكْمَلَ الله بِهِ الإسْلاَمـَا
- قَبَضَهُ الله العَليُّ الأعْلَـى
- نَشْهَدُ بِالْحَقِّ بِلاَ ارْتِيَـابِ
- وأنَّهُ بَلَّغَ مَا قَدْ أُرْسِــلاَ
- وكُلُّ مَنْ مِن بَعْدِهِ قَدِ ادَّعى
- فَهْوَ خِتَامُ الرُّسْل بِاتِّفَــاقِ
فصل
فيمن هو أفضل الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم
وذكر الصحابة بمحاسنهم والكف عن مسائهم وما شجر بينهم
نِعْمَ نَقِيبُ الأُمَّةِ الصِّدِّيـقُ
شَيْخُ الْمُهاجرينَ والأنْصَارِ
جِهَادَ مَنْ عَنِ الْهُدَى تَولَّى
الصَّادِعُ النَّاطِقُ بِالصَّـوَابِ
مَنْ ظَاهَرَ الدِّينَ الْقَويمَ ونصَرْ
وَمُوسِعُ الْفُتُوحَ في الأمْصَارِ
ذو الْحِلمِ والْحَيَا بِغَيْرِ مَيْنِ
مِنْهُ اسْتَحَتْ مَلائِكُ الرَّحْمَنِ
بِكَفِّهِ فِي بَيْعَةِ الرِّضْــوَانِ
أعْنِي الإماَمَ الْحَقَّ ذا الْقَدْرِ الْعَلي
وَكُلِّ خِبٍّ رافِضِي فَاسِـقِ
هَارُونَ مِنْ مُوسَى بِلاَ نُكْرَان
يَكْفَي لِمَنْ مِنْ سُوْءِ ظَنٍّ سَلِمَا
وَسَائِرُ الصَّحْبِ الكِرَامِ الْبَرَرَهْ
وَتَابِعُوهُ السَّادَةُ الأَخيَــارُ
أَثنَى عَلَيْهمْ خَالِقُ الأكْوَانِ
وَغَيْرَهَا بِأكْمَلِ الْخِصـَالِ
صِفَـاتُهُمْ معلومةُ التفصيل
قَدْ سَارَ سَيْرَ الشَّمس في الأقْطَارِ
بَيْنَهُـمْ مِنْ فِعْلِ مَا قَدْ قُدِّرَا
وَخَطَؤُهُمْ يَغْفِرُهُ الوَهَّـابُ
- وَبَعْدَهُ الْخَلِيفَةُ الشَّفِيــقُ
- ذَاكَ رَفِيقُ المُصْطَفَى في الْغَارِ
- وهُوَ الَّذِي بِنَفْسِهِ تَوَلَّــى
- ثَاِنيه في الفَضْلِ بِلاَ ارْتياب
- أعني بِهِ الشَّهْمَ أبَا حَفْص عُمَرْ
- الصَارِمُ الْمنكِي عَلَى الكُفَّار
- ثَالِثُهُمْ عُثمانُ ذُو النُّورَيْـنِ
- بَحْرُ الْعلُومِ جَامِعُ الْقُـرْآنِ
- بَايَعَ عَنْهُ سَيِّدُ الأَكــوَانِ
- والرَّابِعُ ابْنُ عَمِّ خَيْرِ الرُّسُلِ
- مُبِيدُ كُلِّ خَارِجيٍّ مَـاِرقِ
- مَن كَانَ للرَّسُولِ في مَكَانِ
- لاَ في نُبوَّةٍ فَقَدْ قَدمْتَ مَـا
- فَالسِّنَّةُ الْمَكَمِّلُونَ الْعَشـرَهْ
- وأهْلُ بَيْتِ الْمُصْطَفَى الأطْهَاِر
- فَكُلُّهُمْ في مُحْكَمِ القُـرْآنِ
- في الفْتَحِ والْحَدِيدِ والْقِتَالِ
- كَذَاكَ في التَّوْرَاةِ والإنْجِيلِ
- وذكرُهم في سنَّة المختـارِ
- ثم السُّكُوتُ واجِبٌ عَما جَـرَى
- فَكُلُّهُمْ مُجْتَهِدٌ مُثَــابُ
خاتمة
في وجوب التمسك بالكتاب والسنة
والرجوع عند الاختلاف إليهما، فما خالفهما فهو رد
فِيهِ إصَابَةٌ وإخْلاَصٌ مَعَـا
مُوَافِقَ الشَّرْعَ الَّذِي ارْتَضَاهُ
فَإنَّهُ رَدٌّ بِغَيْرِ مَيْــــنِ
فَرَدُّهُ إليْهِمَا قَدْ وَجَبَـــا
ليْسَ بِالأوْهَامِ وَحَدْسِ الْعَقْل
وَتَمَّ مَا بِجَمْعِهِ عُنِيــتُ
إلى سَمَا مَبَاحِثِ الأصُـوُلِ
كَمَا حَمِدْتُ الله في ابْتِدَائي
جَمِيعِهَا وَالسِّتْرَ لِلعُيُـوبِ
تَغْشَى الرَّسُولَ الْمُصْطَفَى مُحَمَّداً
السَّادَةِ الأئِمَّةِ الأبْــدَالِ
مَا جَرَتْ الأقْلاَمُ بِالْمِـدَادِ
جَمِيعهمْ مِنْ غَيْرِ مَا اسْتثْنَاءِ
تَأْرِيخُهَا(الْغفْـرَانُ) فَافْهَمْ وَادْعُ لي
- شَرْط قُبُولِ السَّعْي أنْ يَجْتَمِعَا
- لله رَبَّ العَرْشِ لا سِــوَاهُ
- وَكُلُّ مَا خَالَفَ لِلوَحْيَيْـنَ
- وكُلُّ مَا فِيهِ الخِلاَفُ نَصَبَـا
- فَالدِّينُ إنَّمَا أتَى بِالنَّقْــلِ
- ثُمَّ إلى هُنَا قَدْ انْتَهَيْــتُ
- سَمَّيْتُهُ بِسُلمِ الوُصُـــولِ
- والْحَمْدُ لله عَلَى انتِهَائِــي
- أسْأَلُهُ مَغْفِرَةَ الـــذُّنُوبِ
- ثُمَّ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أبَــدَا
- ثُمَّ جَمِيعُ صَحْبِــهِ والآلِ
- تَدُومُ سَرمَدَا بِلا نَفَـادِ
- ثُمَّ الدُّعَــا وَصيَّةُ القُـرَّاءِ
- أبْيَاتُهَا (يُسْر) بِعَدِّ الْجُمـَلِ
1362هـ
الحمد لله رب العالمين