الانتظاراتالشعبية بالجماعة القروية بني أحمد اموكزان
الانتظرات الشعبية بالجماعة القروية بني أحمد اموكزان على مستوى التنمية
شهد المغرب في الآونة الأخيرة استحقاقات تشريعية سابقة لأوانها تبوأ فيها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي الرتبة الأولى ، بعد حملة انتخابية شرسة في المناطق المؤطرة سياسيا ودينيا وإيديولوجيا ، وباهتة في الهوامش والقرى النائية ، المعزولة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ، إذ لا يزورها عادة السادة المرشحون أو من ينوب عنهم إلا في فترات معلومة لاستجداء أصواتهم مقابل وعود معسولة لم يعد يصدقها أحد ، أو تقديم خدمات مكشوفة فاضحة مفضوحة . وقد نالت الجماعة القروية اموكزان نصيبها الوافر من هذه الوعود والخدمات ، إذ تفضل بعض المرشحين كعادتهم بزيارة القبيلة للتواصل مع الأهالي، والاستماع إلى مطالبهم والتعرف على انتظار اتهم ، ففاجأهم الشباب بخطاب جديد لم يألفوه ، وصراحة صادقة صارمة صادمة لم يتعودوا عليها من قبل ، ولاسيما بإمكزن عرين الأحرار والثوار المناضلين الأشاوس . والآن ها هي الانتخابات قد وضعت أوزارها ، فاز من فاز وخسر من خسر ، فاز من وعد بالممكن ، وخسر من كذب وافترى . فما هي مشاكل السكان الحقيقية التي طالبوا وما زالوا يطالبون بإيجاد حلول لها. وبم تتعلق انتظار اتهم ؟
المشاكل وسط العالم القروي تبقى موحدة ، وإيجاد حلول لها ليس بالضرورة بيد السلطات الجماعية والمحلية وحدهما ، بل لا بد من قوة مراقبة ضاغطة تتمثل في جمعيات المجتمع المدني المنعدمة بقبيلتنا مع الأسف ، وسلطة سياسية تفاوضية تتجسد في الأحزاب التي لا نحس بوجودها هي الأخرى إلا في أوقات معلومة ، لاستجداء أصوات الناخبين ، أما السلطة الجماعية التي يفترض فيها أن تكون خير سند للسكان فقد دخلت في صراع مرير وجدال عقيم مع فئة عريضة من بنات وأبناء المنطقة الأحرار، الذين لا يطالبون إلا بنصيب الجماعة من خيرات البلاد ، وبالحكامة الجيدة ، والشفافية والوضوح في التسيير، ومحاربة الفساد والمفسدين ، لأنهم أدركوا أن منطقتهم مغبونة في الكرامة والصحة والتعليم والسكن والشغل و... هذه هي انتظار اتهم التي يتمنون أن تتحقق على المدى القريب . وستتحقق إن شاء الله إذا بادرنا بتأسيس جمعيات تعنى بالشأن المحلي ، لديها تصور متكامل للتنمية ، تعتمد أسلوب الجرأة والصراحة في مواجهة المشاكل ، مع تقديم يد العون للحالات الاجتماعية التي تعيش مشاكل المرض والسكن والزواج والتعليم والشغل والتعسف ... فلو كانت لنا مثلا جمعية تهتم بصحة المرأة والطفل لما عانينا ما عانيناه من قبل وما زلنا نعانيه إلى الآن ، على مستوى التأطير والتطبيب والتمريض والتتبع وشح الدواء ، ألا تستحق عشرة آلاف نسمة طبيبا مقيما وثلاثة من الممرضين والممرضات على الأقل ، وكمية محترمة من الأدوية الضرورية الأساسية توزع بالمجان على الساكنة خصوصا حينما تسوء الأحوال الجوية ويرتفع منسوب المياه في الشعاب والأودية وتشتد البرودة وتتراكم الثلوج فوق البيوت والممرات وتتفشى الأمراض الموسمية وغيرها ؟ وبالنسبة للتعليم ، كلنا نتمنى ونأمل أن تحظى فلذات أكبادنا بتعليم جيد أو قريب من الجيد ، لكن في المقابل ماذا أعددنا لهذا العليم الجيد ، حتى جمعية الآباء والأمهات غير موجودة وإن وجدت فعلى الورق فقط ، علما بأن دورها أساسي ومهم جدا ، إذ بإمكانها معرفة ما يروج ويسود داخل أسوار المدرسة وخارجها ، من مشاكل ومعاناة المدرسين والتلاميذ والإدارة ، وبتدخلها في الوقت المناسب تصحح كثير من الاختلالات التي تعرفها المدرسة المركزية والفرعيات ، فينعس ذلك إيجابا على مستوى التحصيل المدرسي ، وتعود الثقة ، ويتصالح الناس مع المدرسة ، فيزوروها كلما دعت الضرورة إلى ذلك للاطلاع على نتائج أبنائهم أول للتشكي والاستماع إلى نصائح وإرشادات السادة الأساتذة وتوجيهاتهم ، ولو علمت السلطات العليا أن بالجماعة جمعيات وازنة ضاغطة مراقبة لما توانت كل هذه المدة لإحداث إعدادية طالب بها الأهالي منذ سنين يكمل فيها أبناؤهم وبناتهم تعليمهم الأساسي الذي هو إلزامي إجباري كما هو معروف ومتداول بين الخاص والعام . ومن أوجب الواجبات علينا أيضا تأسيس جمعية تعنى بالبيئة ، فمنطقتنا كانت تتوفر على كمية هائلة من الأشجار الغابوية والمثمرة ، وتزخر بأعداد هائلة من الوحيش ، والآن الغابة والوحيش كلاهما خطر ، في طريقهما إلى الانقراض ، وإذا لم نبادر نحن سكان المنطقة اليوم قبل غد وقبل غيرنا لرعاية وصيانة هو موجود ، وتعويض ما اجتث من أشجاربعفوية ساذجة أو بعشوائية ظالمة ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ستحل بالمنطقة ولا شك كارثة كبيرة وخيمة العواقب ، سنتحمل وزرها وتبعاتها نحن لا غيرنا ، أما أطر المياه والغابات الذين يحموننا من ظلم أنفسنا ، فينظر إليهم من طرف البعض نظرة غير بريئة ، ويعتبرونهم خصوما وأعداء وظلمة، وما هم بأعداء ولا خصوم ، كما يحاول من اضطرتهم الحاجة استمالتهم بطريقة أو بأخرى ليتواطؤوا معهم بغض الطرف عما يقترفونه من جرم في حق الغابة بإبادتها واستغلال فضاءاتها استغلالا عشوائيا .علما بأن مهمة أولئك الأطر الأساسية هي توعيتنا وإرشادنا وتعليمنا كيف نحافظ على ثرواتنا وكيف نصونها ونحميها حتى من أنفسنا لكي لا نسيء إليها أو نفرط في استغلالها ، لا تعنيفنا وقهرنا وحرماننا منها ، نعم الأرض أرضنا والغابة غابتنا ، هي رئتنا ومأوانا وملاذنا ، من ثمارها نأكل ، وبأغصانها نستدفئ ، بها نحيا وعليها وفي سبيلها نموت ، نعتز بها لأنها مظهر من مظاهر جمال منطقتنا ورمز من رموزنا ، إلا أننا أحيانا نعتدي عليها مضطرين مكرهين ، أذكر في مستهل الثمانينيات أنني حضرت ندوة حول الغابة بنادي ترجيست شارك فيها أطر من المياه والغابات ، وقد جاء في معرض تدخل أحدهم : (طبيعة عملي تفرض علي أن أتواجد بالغابة غالبا وأحتك بالأهالي كلما اقتضى الأمر ذلك ، وقد تبين لي أن الهواية المفضلة لنساء هذه المنطقة هو خروجهن كل يوم زرافات ووحدانا إلى الغابة لقطعها ، ثم جمعها في رزم كبيرة يحملنها على ظهورهن لتكديسها قرب منازلهن ، وهن يرددن أغاني وأهازيج محلية ، والمرأة المقتدرة الكفءة في نظرهم هي التي تجمع أكبر كمية من الأغصان قرب مسكنها ) أحرجته كثيرا ردود الحاضرين ، إلا أنه تقبلها بصدر رحب وبروح رياضية عالية . سامحه الله ، نسي أو تناسى ما كانت تعانيه المرأة القروية عموما آنذاك ، وخصوصا القاطنات منهن بالمغرب العميق ، من تهميش وقهر وحرمان وإقصاء ، وما رآه أو لاحظه ما هو إلا مظهر من مظاهر صمودها وشموخها وعزتها وأنفتها وعدم رضوخها للأمر الواقع ، ساهمت مثل الرجل إن لم أقل أكثر في تنمية المنطقة بأكملها ، وحضنت أبناءها كما يجب ، وربتهم أحسن تربية ، على حساب صحتها ورغباتها وأنوثتها ، وربما يعلم أو لا يعلم أن تلك الرزم المشؤومة التي كانت تحملها على ظهرها تسببت قي الكثير من الحوادث المأساوية ، فكم من طفل تيتم بسببها ، وكم من عاهة مستديمة نتجت عنها ، إن ما رآه وحسبه \'\' هواية " ما هو إلا وصمة عار في جبين المسؤولين الذين أداروا ظهورهم لهؤلاء البسطاء مدة طويلة ، لا تعليم ولا تأهيل ولا تنمية ، واعتمدوا المقاربة الأمنية والعقوبات الزجرية لحماية الغابة وتدبير الشأن العام ، فزاد الطين بلة وتفشى الفقر والعوز والجهل والأمية والكره والحقد ، وازداد الشنآن بين حراس الغابة والأهالي ، وانعدمت الثقة بينهم ن وصاروا كالقط والفأر . نتمنى صادقين ، أن تتضافر الجهود ، ويسود الود والتفاهم والتحاور والتشاور ، لإيجاد وسائل بديلة للسكان المرتبطين بالغابة كوسيلة للمحافظة عليها ، وإحياء الميت منها ، فلم يعد مقبولا السكوت على ما نراه من عشوائية ، ولا مجال لإبقاء الوضع على ما هو عليه . كما نأمل أن تعمل هذه الجمعيات وغيرها على استرجاع الثقة المفقودة في الجماعة ، بسبب عنادها وتعنتها ، وما راكمته من أخطاء منذ عقدين من الزمن ، ولن يتأتى لها ذلك إلا بمشاركة السكان في كل عمل تنموي ، وهذا دور المنتخبين أيضا إن أحسن اختيارهم ، فالتنمية كما هو معلوم عملية تحتية تتطلب مساندة الجميع ، وضرورة حضارية وإستراتيجية تعبيرية عن الحياة الديمقراطية ، والمستشار الجماعي يعتبر اللبنة الأساسية في البناء التنموي ، فعندما تفرز الانتخابات مستشارا متميزا يعرف مشاكل جماعته ، يتسم بالجدية والكفاءة والمروءة والإحساس بالانتماء إليها، ويظهر استعداده اللامشروط لخدمتها والدفاع عن مصالحها والرفع من مستواها الثقافي والاجتماعي والتنموي ، نكون قد اكتسبنا عنصرا أساسيا للتنمية ، إذ من معوقات العمل التنموي المحلي الجماعي عدم توفر جل المنتخبين على الخبرة الكافية لممارسة مهامهم ، مع غياب التواصل بين المستشارين فيما بينهم من جهة، والناخبين والمنتخبين من جهة أخرى ، وكذلك غياب التوعية لدى الناخبين بعدم حضورهم الجلسات العمومية ، فلو حضر المشاركون في الحراك الشعبي الذي عرفته القبيلة لعدة شهور الاجتماعات العمومية الجماعية لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه ولما بقي الوضع كما كان بل صار أسوأ مما كان عليه ، ولتغيرت العقليات . ولنكن على يقين أنه عندما تكون لنا جماعة قادرة على صياغة مخططها الإستراتيجي وبرنامجها التنموي ، وتعتمد أسلوب الجرأة والصرامة لمواجهة المشاكل كما قلت سابقا ، وتقدم العون للحالات الاجتماعية التي تعيش مشاكل الفقر والمرض والسكن و.... يمكن أن نخرج من عنق الزجاجة ومن الحصار الذي نعيشه رغما عنا ، فالبحبوحة التي نعيشها مؤقتة ليس إلا ، والتنمية التي ننشدها تتوقف حببنا أم كرهنا على مجهودنا الذاتي . ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العلي العظيم .
محمد السليماني
Solimani50@hotmail.com
شهد المغرب في الآونة الأخيرة استحقاقات تشريعية سابقة لأوانها تبوأ فيها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي الرتبة الأولى ، بعد حملة انتخابية شرسة في المناطق المؤطرة سياسيا ودينيا وإيديولوجيا ، وباهتة في الهوامش والقرى النائية ، المعزولة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ، إذ لا يزورها عادة السادة المرشحون أو من ينوب عنهم إلا في فترات معلومة لاستجداء أصواتهم مقابل وعود معسولة لم يعد يصدقها أحد ، أو تقديم خدمات مكشوفة فاضحة مفضوحة . وقد نالت الجماعة القروية اموكزان نصيبها الوافر من هذه الوعود والخدمات ، إذ تفضل بعض المرشحين كعادتهم بزيارة القبيلة للتواصل مع الأهالي، والاستماع إلى مطالبهم والتعرف على انتظار اتهم ، ففاجأهم الشباب بخطاب جديد لم يألفوه ، وصراحة صادقة صارمة صادمة لم يتعودوا عليها من قبل ، ولاسيما بإمكزن عرين الأحرار والثوار المناضلين الأشاوس . والآن ها هي الانتخابات قد وضعت أوزارها ، فاز من فاز وخسر من خسر ، فاز من وعد بالممكن ، وخسر من كذب وافترى . فما هي مشاكل السكان الحقيقية التي طالبوا وما زالوا يطالبون بإيجاد حلول لها. وبم تتعلق انتظار اتهم ؟
المشاكل وسط العالم القروي تبقى موحدة ، وإيجاد حلول لها ليس بالضرورة بيد السلطات الجماعية والمحلية وحدهما ، بل لا بد من قوة مراقبة ضاغطة تتمثل في جمعيات المجتمع المدني المنعدمة بقبيلتنا مع الأسف ، وسلطة سياسية تفاوضية تتجسد في الأحزاب التي لا نحس بوجودها هي الأخرى إلا في أوقات معلومة ، لاستجداء أصوات الناخبين ، أما السلطة الجماعية التي يفترض فيها أن تكون خير سند للسكان فقد دخلت في صراع مرير وجدال عقيم مع فئة عريضة من بنات وأبناء المنطقة الأحرار، الذين لا يطالبون إلا بنصيب الجماعة من خيرات البلاد ، وبالحكامة الجيدة ، والشفافية والوضوح في التسيير، ومحاربة الفساد والمفسدين ، لأنهم أدركوا أن منطقتهم مغبونة في الكرامة والصحة والتعليم والسكن والشغل و... هذه هي انتظار اتهم التي يتمنون أن تتحقق على المدى القريب . وستتحقق إن شاء الله إذا بادرنا بتأسيس جمعيات تعنى بالشأن المحلي ، لديها تصور متكامل للتنمية ، تعتمد أسلوب الجرأة والصراحة في مواجهة المشاكل ، مع تقديم يد العون للحالات الاجتماعية التي تعيش مشاكل المرض والسكن والزواج والتعليم والشغل والتعسف ... فلو كانت لنا مثلا جمعية تهتم بصحة المرأة والطفل لما عانينا ما عانيناه من قبل وما زلنا نعانيه إلى الآن ، على مستوى التأطير والتطبيب والتمريض والتتبع وشح الدواء ، ألا تستحق عشرة آلاف نسمة طبيبا مقيما وثلاثة من الممرضين والممرضات على الأقل ، وكمية محترمة من الأدوية الضرورية الأساسية توزع بالمجان على الساكنة خصوصا حينما تسوء الأحوال الجوية ويرتفع منسوب المياه في الشعاب والأودية وتشتد البرودة وتتراكم الثلوج فوق البيوت والممرات وتتفشى الأمراض الموسمية وغيرها ؟ وبالنسبة للتعليم ، كلنا نتمنى ونأمل أن تحظى فلذات أكبادنا بتعليم جيد أو قريب من الجيد ، لكن في المقابل ماذا أعددنا لهذا العليم الجيد ، حتى جمعية الآباء والأمهات غير موجودة وإن وجدت فعلى الورق فقط ، علما بأن دورها أساسي ومهم جدا ، إذ بإمكانها معرفة ما يروج ويسود داخل أسوار المدرسة وخارجها ، من مشاكل ومعاناة المدرسين والتلاميذ والإدارة ، وبتدخلها في الوقت المناسب تصحح كثير من الاختلالات التي تعرفها المدرسة المركزية والفرعيات ، فينعس ذلك إيجابا على مستوى التحصيل المدرسي ، وتعود الثقة ، ويتصالح الناس مع المدرسة ، فيزوروها كلما دعت الضرورة إلى ذلك للاطلاع على نتائج أبنائهم أول للتشكي والاستماع إلى نصائح وإرشادات السادة الأساتذة وتوجيهاتهم ، ولو علمت السلطات العليا أن بالجماعة جمعيات وازنة ضاغطة مراقبة لما توانت كل هذه المدة لإحداث إعدادية طالب بها الأهالي منذ سنين يكمل فيها أبناؤهم وبناتهم تعليمهم الأساسي الذي هو إلزامي إجباري كما هو معروف ومتداول بين الخاص والعام . ومن أوجب الواجبات علينا أيضا تأسيس جمعية تعنى بالبيئة ، فمنطقتنا كانت تتوفر على كمية هائلة من الأشجار الغابوية والمثمرة ، وتزخر بأعداد هائلة من الوحيش ، والآن الغابة والوحيش كلاهما خطر ، في طريقهما إلى الانقراض ، وإذا لم نبادر نحن سكان المنطقة اليوم قبل غد وقبل غيرنا لرعاية وصيانة هو موجود ، وتعويض ما اجتث من أشجاربعفوية ساذجة أو بعشوائية ظالمة ، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، ستحل بالمنطقة ولا شك كارثة كبيرة وخيمة العواقب ، سنتحمل وزرها وتبعاتها نحن لا غيرنا ، أما أطر المياه والغابات الذين يحموننا من ظلم أنفسنا ، فينظر إليهم من طرف البعض نظرة غير بريئة ، ويعتبرونهم خصوما وأعداء وظلمة، وما هم بأعداء ولا خصوم ، كما يحاول من اضطرتهم الحاجة استمالتهم بطريقة أو بأخرى ليتواطؤوا معهم بغض الطرف عما يقترفونه من جرم في حق الغابة بإبادتها واستغلال فضاءاتها استغلالا عشوائيا .علما بأن مهمة أولئك الأطر الأساسية هي توعيتنا وإرشادنا وتعليمنا كيف نحافظ على ثرواتنا وكيف نصونها ونحميها حتى من أنفسنا لكي لا نسيء إليها أو نفرط في استغلالها ، لا تعنيفنا وقهرنا وحرماننا منها ، نعم الأرض أرضنا والغابة غابتنا ، هي رئتنا ومأوانا وملاذنا ، من ثمارها نأكل ، وبأغصانها نستدفئ ، بها نحيا وعليها وفي سبيلها نموت ، نعتز بها لأنها مظهر من مظاهر جمال منطقتنا ورمز من رموزنا ، إلا أننا أحيانا نعتدي عليها مضطرين مكرهين ، أذكر في مستهل الثمانينيات أنني حضرت ندوة حول الغابة بنادي ترجيست شارك فيها أطر من المياه والغابات ، وقد جاء في معرض تدخل أحدهم : (طبيعة عملي تفرض علي أن أتواجد بالغابة غالبا وأحتك بالأهالي كلما اقتضى الأمر ذلك ، وقد تبين لي أن الهواية المفضلة لنساء هذه المنطقة هو خروجهن كل يوم زرافات ووحدانا إلى الغابة لقطعها ، ثم جمعها في رزم كبيرة يحملنها على ظهورهن لتكديسها قرب منازلهن ، وهن يرددن أغاني وأهازيج محلية ، والمرأة المقتدرة الكفءة في نظرهم هي التي تجمع أكبر كمية من الأغصان قرب مسكنها ) أحرجته كثيرا ردود الحاضرين ، إلا أنه تقبلها بصدر رحب وبروح رياضية عالية . سامحه الله ، نسي أو تناسى ما كانت تعانيه المرأة القروية عموما آنذاك ، وخصوصا القاطنات منهن بالمغرب العميق ، من تهميش وقهر وحرمان وإقصاء ، وما رآه أو لاحظه ما هو إلا مظهر من مظاهر صمودها وشموخها وعزتها وأنفتها وعدم رضوخها للأمر الواقع ، ساهمت مثل الرجل إن لم أقل أكثر في تنمية المنطقة بأكملها ، وحضنت أبناءها كما يجب ، وربتهم أحسن تربية ، على حساب صحتها ورغباتها وأنوثتها ، وربما يعلم أو لا يعلم أن تلك الرزم المشؤومة التي كانت تحملها على ظهرها تسببت قي الكثير من الحوادث المأساوية ، فكم من طفل تيتم بسببها ، وكم من عاهة مستديمة نتجت عنها ، إن ما رآه وحسبه \'\' هواية " ما هو إلا وصمة عار في جبين المسؤولين الذين أداروا ظهورهم لهؤلاء البسطاء مدة طويلة ، لا تعليم ولا تأهيل ولا تنمية ، واعتمدوا المقاربة الأمنية والعقوبات الزجرية لحماية الغابة وتدبير الشأن العام ، فزاد الطين بلة وتفشى الفقر والعوز والجهل والأمية والكره والحقد ، وازداد الشنآن بين حراس الغابة والأهالي ، وانعدمت الثقة بينهم ن وصاروا كالقط والفأر . نتمنى صادقين ، أن تتضافر الجهود ، ويسود الود والتفاهم والتحاور والتشاور ، لإيجاد وسائل بديلة للسكان المرتبطين بالغابة كوسيلة للمحافظة عليها ، وإحياء الميت منها ، فلم يعد مقبولا السكوت على ما نراه من عشوائية ، ولا مجال لإبقاء الوضع على ما هو عليه . كما نأمل أن تعمل هذه الجمعيات وغيرها على استرجاع الثقة المفقودة في الجماعة ، بسبب عنادها وتعنتها ، وما راكمته من أخطاء منذ عقدين من الزمن ، ولن يتأتى لها ذلك إلا بمشاركة السكان في كل عمل تنموي ، وهذا دور المنتخبين أيضا إن أحسن اختيارهم ، فالتنمية كما هو معلوم عملية تحتية تتطلب مساندة الجميع ، وضرورة حضارية وإستراتيجية تعبيرية عن الحياة الديمقراطية ، والمستشار الجماعي يعتبر اللبنة الأساسية في البناء التنموي ، فعندما تفرز الانتخابات مستشارا متميزا يعرف مشاكل جماعته ، يتسم بالجدية والكفاءة والمروءة والإحساس بالانتماء إليها، ويظهر استعداده اللامشروط لخدمتها والدفاع عن مصالحها والرفع من مستواها الثقافي والاجتماعي والتنموي ، نكون قد اكتسبنا عنصرا أساسيا للتنمية ، إذ من معوقات العمل التنموي المحلي الجماعي عدم توفر جل المنتخبين على الخبرة الكافية لممارسة مهامهم ، مع غياب التواصل بين المستشارين فيما بينهم من جهة، والناخبين والمنتخبين من جهة أخرى ، وكذلك غياب التوعية لدى الناخبين بعدم حضورهم الجلسات العمومية ، فلو حضر المشاركون في الحراك الشعبي الذي عرفته القبيلة لعدة شهور الاجتماعات العمومية الجماعية لما آلت الأمور إلى ما آلت إليه ولما بقي الوضع كما كان بل صار أسوأ مما كان عليه ، ولتغيرت العقليات . ولنكن على يقين أنه عندما تكون لنا جماعة قادرة على صياغة مخططها الإستراتيجي وبرنامجها التنموي ، وتعتمد أسلوب الجرأة والصرامة لمواجهة المشاكل كما قلت سابقا ، وتقدم العون للحالات الاجتماعية التي تعيش مشاكل الفقر والمرض والسكن و.... يمكن أن نخرج من عنق الزجاجة ومن الحصار الذي نعيشه رغما عنا ، فالبحبوحة التي نعيشها مؤقتة ليس إلا ، والتنمية التي ننشدها تتوقف حببنا أم كرهنا على مجهودنا الذاتي . ( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) صدق الله العلي العظيم .
محمد السليماني
Solimani50@hotmail.com