( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) .. الأعرابي مع الأصمعي
"وفي السماء رزقكم وما توعدون"
.........
حكى الأصمعي فقال: أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة إذ طلع أعرابي جلف جاف على قعود له متقلدا سيفه وبيده قوسه ،
فدنا وسلم وقال : ممن الرجل ؟
قلت : من بني أصمع .
قال : أنت الأصمعي ؟
قلت : نعم .
قال : ومن أين أقبلت ؟
قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن .
قال : وللرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟
قلت : نعم .
قال : فاتل علي منه شيئا فقرأت" والذاريات ذروا" إلى قوله : "وفي السماء رزقكم وما توعدون" فقال : يا أصمعي حسبك ! !
ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها ، وقال : أعني على توزيعها ففرقناها على من أقبل وأدبر ، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما ووضعهما تحت الرحل وولى نحو البادية وهو يقول : وفي السماء رزقكم وما توعدون" فمقت نفسي ولمتها ، ثم حججت مع الرشيد ، فبينما أنا أطوف بالبيت إذا أنا بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحل مصفر ، فسلم علي وأخذ بيدي وقال : اتل علي كلام الرحمن ، وأجلسني من وراء المقام ، فقرأت "والذاريات ذروا" حتى وصلت إلى قوله تعالى : "وفي السماء رزقكم وما توعدون" فقال الأعرابي : لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقا ، ثم قال : وهل غير هذا ؟ قلت : نعم يقول الله تبارك وتعالى : "فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" قال : فصاح الأعرابي وقال : يا سبحان الله ! من الذي أغضب الجليل حتى حلف ! ألم يصدقوه في قوله حتى ألقى إليهم اليمين ؟ قالها ثلاثا , ثم فاضت روحه
.......