خولة بنت ثعلبة ( المرأة التي سمع الله قولها ) رضي الله عنها
خولة بنت ثعلبة
رضي الله عنها وأرضاها
...............
هي خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف, من ربات الفصاحة والبلاغة, تزوجها أوس بن الصامت , أخو عبادة بن الصامت, رضي الله عنهما, وهو ممن شهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنجبت منه خولة ولدهما الربيع.
وهي التي سمعها الله من فوق سبع سماوات وهي تستفتي وتجادل الرسول صلى الله عليه وسلم فيما لقيت من زوجها عندما قال لها: (أنت علي كظهر أمي )
وذلك بعد أن راجعته في شيء فغضب منها.
فقال لها الرسول صلى عليه وسلم : " ما أعلمك إلا قد حرمت عليه".
وهنا رفعت المرأة المؤمنة يديها إلى السماء وفي قلبها حزن وأسى, وفي عينيها دموع وحسرة, واتجهت إلى من لا يخيب من دعاه قائلة:
اللهم إني أشكو إليك ما نزل بي.
وما كادت تفرغ من دعائها حتى تغشى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه عند نزل الوحي , ثم سري عنه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا ثم قرأ :
بسم الله الرحمن الرحيم
( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) (1)
إلى قوله تعالى ..
(..وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (4)
المجادلة :1-4
فحرم الله تعالى الظهار , وهو أن يقول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أمي أو كظهر أختي أو ما شابه هذا القول
وبين الله تعالى أنه إثم عظيم وجرم كبير , وبين الكفارة في ذلك لمن وقع في هذا الإثم , وهي تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا
قبل أن يمس زوجته .
فخلد الله ذكر خولة بنت ثعلبة لارتباط أمرها مع زوجها بهذه الآيات الكريمات , وبهذا الحكم الجليل
وهنا لا بد من أن نذكر هذا الموقف الرائع لها رضي الله عنها مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه:
خولة بنت ثعلبة هذه المرأة المؤمنة رضي الله عنها التي رباها الإسلام توقف الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الطريق لتعظه وتنصحه قائلة:
( يا عمر عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الصبيان بعصاك, فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر, ثم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين, فاتق الله في الرعية, واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد, ومن خاف الموت خشي الفوت, ومن أيقن بالحساب خاف من العذاب)
ولكن الجارود العبيدي كان يرافق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقال لها : قد أكثرت أيتها المرأة على أمير المؤمنين.
فقال عمر: دعها , أما تعرفها؟ هذه خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سماوات فحق لعمر أن يسمع لها.
وفي رواية قال عمر رضي الله عنه: والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها إلا أن تحضر صلاة فأصليها, ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها.
هذه هي قصة المرأة المجادلة لسيد ولد آدم عليه أفضل الصلاة والسلام تحمل في طياتها من العبر والدلالات ما يجعل المرأة المسلمة ترفع رأسها عاليا بفخر واعتزاز لتقدير الإسلام لها واهتمامه بها.
فلله در نساء العقيدة الصحيحة أمثال خولة, فهي تقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مجادلة(محاورة) مستفتية, أما الاستغاثة والشكوى فلا تكون إلا لله تعالى, وهذا هو صريح الإيمان والتوحيد الذي تعلمه الصحابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم
...........