بالعلم نحيا ونتقدم"
"بالعلم نحيا ونتقدم"
ليس هناك من سلاح يمكن للأمم أن تتسلح به، وأن يكون لها سياجا وواقيا كمثل العلم، ولـلأهمية القصوى للعلم كان أول ما نزل من الكتاب الخالد كلمة تعتبر من أعظم مفاتيح العلم وهي القراءة كما في بداية سورة العلق، ثم حمل الكتاب العزيز في ثناياه الكثير من الآيات التي ترغب في العلم وتحث عليه، بل وتنظمه في بعض الأحيان، وفي الجانب الآخر جاءت السنة النبوية الشريفة حافلة بالحث على طلب العلم وبيان فضله، ومنزلة أهله ورفعة شأنهم.
ونحن نرى أن عجلة الزمن دائمة الدوران منذ أن خلق الله تعالى الخلق، إلى أن يأذن العلي القدير ببعث الكون، ونرى من خلال ذلك التقدم الكبير الذي شهدته الإنسانية، في كل المجالات وشتى الجوانب، فمنذ أن وطأت قدما أب البشر آدم ـ عليه السلام ـ بدأ الإنسان بالعمل الدؤوب لتسخير مقدرات هذا الكون لتكون تحت تصرفه، وليستطيع استغلالها لتوفير حياة هانئة، وليستعين بغيره من المخلوقات لتذليل هذه الصعاب، وهذا لا يكون إلا بالعلم والمعرفة، فلا بد أن يعرف الإنسان طبيعة الشيء الذي يريد ليتعامل معه وفيما يريده، وهذا لا يتحصل بطبيعة الحال إلا بالعلم والمعرفة، وهكذا ظلت الأمم في حقب التاريخ المتلاحقة تتوغل في بحر العلم الواسع وكانت على ذلك وما زالت.
فكل أمة تعلم أن لا سبيل لرقيها أو رفعة شأنها إلا بالعلم، فسبيل القوة لا يدوم، ولا يمكن أن يكون هو المقياس، فما جدوى الأحمق من قوته؟! لذلك فالعلم لا بد أن يكون في الأساس الذي تبذل فيه الأمم والشعوب دون كلل أو بخل أو تكاسل، ولا بد أن تكون العيون ساهرة لأجل تطويره وجعله قويا كفاية، يربط الأمم بماضيها ويمهد الطريق لمستقبلها، لا بد أن يكون التعليم الذي نرجو منه النتيجة في الغد قويا في منهجيته، غنيا بمادته العلمية، مرتبطا بالواقع وأن لا يكون النظام التعليمي يغني وحيدا خارج السرب، وهنا أعني أنه لا بد التقييم الفعلي والجدي على فترات متقاربة لسير عملية التعليم وفق المنهج العلمي الرصين، وأن نأخذ في الاعتبار معطيات الثقافة والإرث الحضاري العميق لا أن نختزلها في مشهد أو مشهدين، وفي هذا الدور تشترك كل المؤسسات العلمية والإعلامية ولا بد أن نشرك المجتمع لتكون له كلمته في ذلك لأنه هو المحظن الذي يمكن أن ينمي ويرعى كل ذلك.
ولا ننسى أن نحمل المتعلم أيضا دوره لأنه في الحقيقة هو الحلقة التي تدور حولها كل المؤسسات على مختلف خدماتها التي تقدمها، ولنكن على يقين أنه إذا كان العلم في أي مؤسسة يحتل المقام الأول وتطوير العاملين في مقدمة الاهتمامات واستيعاب هذه القدرات بأفكارها الشابة والجريئة وإفساح المجال لهم لتطبيق ما تعلموه من جديد على أرض الواقع، وأن يكون همنا الوحيد هو الرقي بالمؤسسة، والسعي الحثيث والجاد للاستفادة من تجارب الآخرين الذين قد يكونوا قد سبقونا بالخبرة هنا وهناك، فلا من ضخ دماء جديدة من الأفكار والتجارب والخبرات، وكل يدلي بدلوه، وكل يسعي للرقي من جانبه. فإذا كان العلم والخبرة هما المقياسان لكل الأمور، فبلا شك أن سبيل التقدم هو الذي ينتظر المجتمع الواعد.
كتبه / مصطفى بن ناصر الناعبي
mustafaalnaeebi@yahoo.com