التأمل
التأمل
ان التأمل هو احد الطرق العملية لتهدئة الافكار الداخلية للسماح لنا بالشعور بحقيقتنا الطبيعية، يقول الله عز وجل: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)، كما أنه اكتشاف للكثير من المعاني العميقة التي لا تتجلى بالنظرة السطحية. كما أن للتأمل طاقة إيمانية هائلة فالتفكر والتدبر في خلق الله ينزل لا إله إلا الله في القلب، ويبعث هدوءا وطمأنينة في القلب لا مثيل لها، فتأمل أخي الكريم هذه الآيات من سورة النمل وكيف تكرر فيها سؤال الحق تبارك وتعالى لعباده الذين حرموا أنفسهم من عبادة التأمل والتفكر خمس مرات، يقول الله تعالى بعد أن ساق نعمة السماء والأرض والمطر والشجر: (... أءله مع الله بل هم قوم يعدلون ) فهناك ارتباط بين التأمل وطاقة الالتزام بالحق وعدم العدول والانحراف عنه، ويقول في الآية التي تليها بعد أن ساق نعمة الأرض كقرار للإنسان ونعمة الجبال التي تثبتها والإنهار التي تجري خلالها: (... أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون)، وذلك لما يرتبط بعبادة التأمل من عمق العلم والفهم والإدراك لأبعاد الأمور، فالذي لا يتأمل يخسر ذلك كله. وبعد أن جاء ذكر نعمة الاستجابة للمضطر وكشف السوء والخلافة في الأرض أتى قوله تعالى: (... أءله مع الله قليلا ما تذكرون)، فالتذكر وقوة البصيرة واتخاذ القرار الصحيح في الأزمات والمعضلات لا يوفق له إلا المتأمل في الأحداث من حوله، وكذا تكرر السؤال بعد ذكر نعمة الهداية في الظلمات والتوفيق في السير من عند الله حيث قال عز من قائل: (... أءله مع الله تعالى عما يشركون)، فاللجوء إلى غير الله وطلب العون منه هو من تصرف غير المتأملين في قدرة الله وقوته، لذلك يشرك بالله من لا ينفعه شيئا ولا يضره، وأخيرا يأتي ذكر بداية الخلق متوجا للنعم (أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أءله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، فالتأمل في خلق الله وفي رزقه يقوي حجة المؤمن ويجعل له برهانا قاطعا في الكثير من أمور حياته، كيف لا وهو المعتمد على الله وحده، الواثق في قدرته، المتوكل عليه في رزقه، المسبح لعظمته وجلاله.
هذا موضع واحد فقط من القرآن الذي يخاطب في الكثير من آياته المتدبر حينا، والمتفكر حينا، والعاقل حينا آخر، وجميع هؤلاء ينالون من بركات طاقة التأمل مالا يناله غيرهم. فهلم بنا نتفيأ ظلال نعم الله سبحانه وتعالى ونتدبر آياته لننال ولو جزءا من هذه الطاقات لعل الله يقربنا إليه ويتقبل منا.
رحمة بنت سعيد الحارثية