أجانب يشتكون من عراقيل تمنعهم من اعتناق الإسلام في الجزائر
بين الإشهار في الصحف والإعلان الرسمي وبيروقراطية الوثائقأجانب يشتكون من عراقيل تمنعهم من اعتناق الإسلام في الجزائر2011.11.19 ناصر - عصام بن منية
تصوير _ الشروق اليومي
تشهد الجزائر في السنوات الأخيرة تواجدا معتبرا للأجانب من مختلف الجنسيات في إطار مهني وأيضا اجتماعي بعد أن منحت وسائل الاتصال الاجتماعي العصرية مثل الفايس بوك الفرصة للكثير من الأجانب لزيارة الجزائر، وعقد قران مع بعض العائلات، خاصة في المدن الداخلية...
- وأصبحت معظم العائلات الجزائرية حتى إذا تعلق الأمر بزواج جزائري من أجنبية تشترط على الفتاة اعتناق الدين الإسلامي العلني أمام جمع من الناس في المسجد، لتعلن الأفراح ويستدعى الأهل والأقارب، وهو ما صار يُشكل بعض الحرج على معتنقي الإسلام من الجنسين بسبب الصعوبات التي قد تواجهه عندما يعود إلى بلاده سواء من بعض الحكومات المعادية صراحة للإسلام أو من طرف أهله الذين تصلهم أصداء اعتناق إسلامهم التي تنشرها الكثير من الصحف بالاسم الحقيقي لمعتنق الإسلام وجنسيته، وأحيانا بالصور، كما حدث لمعتنق للإسلام من فرنسا من مدينة تولوز الذي زار الجزائر لأول مرة بدعوة من صديق مهاجر، وعندما ارتبط بشابة جزائرية واقتنع أيضا بالدين الإسلامي وجد نفسه أمام الأمر الواقع، فاقترح أن يبقى إعلانه لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، سرّية بينه وبين خالقه مع علم عائلة الفتاة التي طلبها للزواج، ولكن نظارة الشؤون الدينية رفضت إعطاء موافقة لعقد القران المدني، إلا بوثيقة اعتناقه الإسلام وعندما سار على هذا النهج الإداري ظهرت صورته في إحدى الصحف المحلية، وتداولتها بعض شبكات التواصل الاجتماعي فبلغت أهله الذين أعلنوا مقاطعته، واشترطوا أن يعلن ردّته في كنيسة بتولوز، وأن لا يتزوج من الجزائرية، كما اتضح أنه متزوج من شابة فرنسية وتعقدت حياته نفسيا بالخصوص، ولم يجد من حل يُقنع به أهله، رغم أنه تمسك بدينه وأيضا بزوجته الأوراسية، أما عن الشروط المطلوبة لدى معتنقي الإسلام في الجزائر فإن الذي يطلب اعتناق الإسلام مطالب بتقديم طلب خطي لمديرية الشؤون الدينية في فرع التوجيه الديني والتعليم القرآني الموجود في كل نظارة أوقاف، غالبا ما يتم ترجمته للعربية لأن غالبية موظفي وزارة الشؤون الدينية لا يتقنون سوى اللغة العربية، إضافة إلى نسخة من شهادة الميلاد الأصلية التي يجد أيضا صعوبة في استخراجها من هنا في الجزائر، وتُطلب منه شهادة الجنسية الحالية وشهادة الحالة العائلية وشهادة الإقامة في الجزائر، واستمارة الإقامة وصور شمسية ومحضر اعتناق الإسلام ونسخة مطابقة من جواز السفر ضمن ملف ضخم لم يتعوّد على ثقله وبيروقراطيته في بلده الأصلي، خاصة إذا كان بريطاني أو من الدول الاسكندنافية، حيث لا يستخرج مثل هذه الشهادات طوال حياته ..
- أما عن الاستمارات التي يجب أن يملأها فتُطرح اللغة هنا، حيث أنها أنجزت باللغة الفرنسية وهي من ثلاث صفحات كاملة أولاها عن أمور تخص معتنق الإسلام وعن زوجته، أو زوجها إن كانت إمرأة وعن الأطفال، تشمل أزيد عن أربعين معلومة لتبدأ الصفحة الثانية والثالثة بمساءلة معتنق الإسلام عبر 13 سؤالا تخص علاقته بديانته الأولى، ولماذا اختار الدين الإسلامي وعلاقته ورأيه في المجتمع الجزائري، وتٌختتم هذه المعلومات بتعهد شرفي بالصدق في جميع المعلومات، ولا تكتفي نظارة الشؤون الدينية بهذه الإجراءات الإدارية التي يرى بعض الأجانب أنها مرهقة، خاصة أنه لا يمكنهم القيام بها من دون مساعدة أصدقائهم الجزائريين، ليتم تحويل الملف إلى المصالح الأمنية التي تتحرى عن الشخص الراغب في اعتناق الدين الإسلامي، خاصة أن الاعتناق سيكون في الغالب متبوعا بأمور اجتماعية تُمكنه بعد ذلك من الزواج من مسلمة أو من الميراث في حالة وفاة الزوجة، وأيضا في أداء مناسك العمرة والحج، وركز المعتنقون للإسلام على ضرورة تحرير استمارات بلغات أخرى مثل الإسبانية والألمانية والانجليزية وحتى العربية لأنه يوجد عرب من سوريا ولبنان وفلسطين يعتنقون المسيحية.
- أكثر معتنقي الإسلام في الجزائر لا يُشهرون إسلامهم
- وتعترف مصالح الشؤون الدينية والأوقاف ، بأن أرقام حالات إعتناق الإسلام في الجزائر لا تعكس الحقيقة الكاملة، ففي الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الشؤون الدينية بأن عدد حالات إعتناق الإسلام قد بلغ 134 حالة منذ مطلع السنة الجارية إلى غاية الخريف الحالي، فإن الواقع يؤكد أن هذه الأرقام تبقى بعيدة كل البعد عن الحقيقة، بعدما اكتشفت الشروق اليومي أن عددا معتبرا من الأجانب، يكتفون باعتناق الإسلام دون توثيق ذلك بصفة رسمية، نظرا للإجراءات الإدارية المعقدّة من جهة، والتي لا تكفي فترة إقامتهم في الجزائر لإتمامها، حيث يعلنون الشهادتين ويمارسون بعضا من الشعائر الدينية في المساجد على طبيعتهم دون ترسيم ذلك في الوثائق الإدارية، وهو ما جعلهم يسقطون من الإحصائيات الرسمية لمصالح وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وكذا لعد حاجتهم للوثيقة المسلمة إليهم من وزارة الشؤون الدينية والتي تؤكد اعتناق الإسلام، والتي لا يحتاجها إلا المقبلون على الزواج من جزائريات من جهة أخرى. الشروق حاولت البحث عن الأسباب والخلفيات الحقيقية لعزوف بعض الأجانب عن ترسيم اعتناقهم الإسلام في الوثائق الإدارية، قبل أن تكتشف أن الأغلبية منهم يملكون ثقافة إسلامية واسعة أخذوها من قراءتهم لبعض الآيات القرآنية المترجمة إلى لغاتهم، أو من خلال معاشرتهم لأفراد الجاليات المسلمة في بلدانهم الأصلية. بل أكثر من ذلك فإن البعض منهم يشرع في ممارسة بعض الشعائر الدينية حتى قبل دخوله الجزائر. مثلما حدث خلال شهر رمضان الماضي عندما التقينا الشاب الفرنسي نيكولا فريمة غيوم فينسون الذي أقدم على صيام شهر رمضان كاملا على الرغم من أن مجيئه إلى الجزائر لم يكن إلا بعد عشرة أيام من بداية شهر رمضان، أين نزل ضيفا لترسيم اعتناقه الدين الإسلامي وللزواج من إحدى الجزائريات.
- حالة هذا الشاب الفرنسي لا تنطبق على كل الأجانب الذين يعتنقون الإسلام، حيث يكتفي أغلبيتهم من غير الراغبين في الزواج باعتناق الإسلام دون ترسيمه إداريا، بسبب تلك الإجراءات التي يصفونها بالمعقدة، والتي تستغرق وقتا طويلا لإتمامها، ليأخذ الشخص الراغب في اعتناق الدين الإسلامي رحلة شاقة وصعبة بين مختلف المصالح الإدارية، انطلاقا من سحب إستمارة الرغبة في اعتناق الإسلام من مصالح مديرية الشؤون الدينية والأوقاف، واستخراج نسخا من كل وثائق إثبات الهوية للشخص الأجنبي والمصادقة عليها من طرف مصالح البلدية، مرفوقة بشهادة الميلاد الأصلية، وهي التي تتطلب وقتا طويلا لاستخراجها من القنصليات، قبل إخضاع كامل الملف إلى تحقيقات أمنية وأخرى إدارية معمقة، يجيب خلالها الشخص المعني باعتناق الإسلام إجباريا على جملة من الأسئلة، المتعلقة بجوانب من حياته الشخصية، مع ضرورة تصريحه بديانته السابقة، والدوافع والأسباب التي جعلته يفكر في اعتناق الدين الإسلامي، وغيرها من تلك الأسئلة التي تنطلق منها المصالح الأمنية المختصة في تحرياتها وتحقيقاتها الجدية لكشف هوية الأجانب الذين قد يتسترون وراء اعتناق الدين الإسلامي للقيام بمهام من شأنها المساس بحرمة المساجد أو حتى أمن الدولة. بل أكثر من ذلك فإن مصالح وزارة الشؤون الدينية والأوقاف تتمسك بضرورة القيام بتلك الإجراءات من طرف كل أجنبي يرغب في اعتناق الإسلام قبل تسليمه الشهادة التي تُرسّم اعتناقه الدين الإسلامي ولا تستخرج إلا من الوزارة التي تتلقى الملف الإداري مرفوقا بالتقرير الأمني حول سيرة الشخص المعني في بلده الأصلي، للتأكد من صدق نواياه وظروف إقدامه على اعتناق الإسلام.