عبد الرحمن العشماوي ( هل غادر الرؤساء من متردم ؟ ))
قصيدة للشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي
يعارض بها معلقة عنترة بن شداد
وفيها يسلط الضوء على واقع الأمة الإسلامية والعربية .
.....
هل غادر الرؤساء من متردم : أم هل عرفت حقيقة المتكلم
سنة على سنة تراكم فوقها : تعب الطريق وسوء حال المسلم
سنة على سنة وأمتنا على : جمر الغضى والحزن يشرب من دمي
قمم تُشَيَّدُ فوق أرض خضوعنا : أرأيت قصراً يُبتنى في قمقم؟!
يا دار مأساة الشعوب تكلمي : وعمي صباح الذل فينا واسلمي
إنا على المأساة نشرب ليلنا : سهراً وفي حضن التوجس نرتمي
ما بين مؤتمر ومؤتمر نرى : شبحاً يعبر عن خيال مبهم
التوصيات تنام فوق رفوفها : نوم الفقير أمام باب الأشأم
شجب وإنكار وتلك حكاية : ماتت لتحيا صرخة المستسلم
أ أبا الفوارس وجه عبلة شاحب : وأمام خيمتها حبائل مجرم
أ أبا الفوارس صوت عبلة لم يزل : فينا ينادي : ويك عنتر أقدم
ترنو إليك الخيل وهي حبيسة : تشكو إليك بعبرة وتحمحم
هلاّ غسلت السيف من صدأ الثرى : وعزفت في الميدان ركض الأدهم
هلاّ أثرت النقع حتى ينجلي : عن قبح وجه الخائن المتلثم
وأرحتنا من كل صاحب زلة : يوحي إليك بقصة ابني ضمضم
أ أبا الفوارس أمطرت من بعدكم : سحب الهدى غيثاً هنيء الموسم
لو أبصرت عيناك وجه محمد : ورأيت ما يجري بدار الأرقم
ورأيت مكة وهي تغسل وجهها : بالنور من آثار ليل مظلم
وفتحت نافذة لتسمع ما تلا : جبريل من آي الكتاب المحكم
ورأيت ميزان العدالة قائماً : يُقتص فيه ضحىً من ابن الأيهم
ورأيت كيف غدا بلال سيداً : ومضى الطغاة إلى شفير جهنم
لو أن عينك أبصرت إسلامنا : لخرجت من كهف الضلال المعتم
وحملت عبلة والحجاب يزيدها : شرفاً وأطفأت اللظى في زمزم
لو عشت في الإسلام ما عانيت من : لون السواد ولا نضحت بمنشم
أ أبا الفوارس قد عرفتك حافظا ً: حق الجوار تغض طرف الأكرم
ولقد رأيتك في خيالي والوغى : تشتد حين كررت غير مذمم
فأَدَرْتُ دولاب الأماني أن أرى : في عصرنا وجه الشجاع المقدم
لكنَّ دولاب الأماني لم يدر : إلا بصورة خائف متوهم
كم فارس من قومنا لما رأى : لهب الرصاص أدار مقلة غيلم
ترك الضحايا خلفه وسعى إلى : قبو ليغمض مقلتيه ويحتمي!!
أ أبا الفوارس قف مكانك إننا : لنعيش في زمن الخداع المبرم
لم يدرك العربي في أيامنا : كرم الجدود ولا يقين المسلم
طُعِنَت كرامة أمتي في قلبها : ليس الكريم على القنا بمحرّم
وصراخ أسئلتي يجسد ما حوى : قلبي من الجرح العميق المؤلم
يا أمة الإسلام هل لك فارس : يغشى الوغى ويعف عند المغنم
إني ذكرتكِ والجراح نواهل : مني وحرفي قد تلجلج في فمي
فوددت تمزيق الحروف لأنها : وجمت وجوم جبينكِ المتورم
يا أرض ( داكار ) اسألي عن حالنا : إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
يخبرك مَنْ شهد الهزيمة أننا : بتنا على حال الأصم الأبكم
يا أرض داكار المشوقة ربما : رَفَعَت إليك الريح صوت اليُتَّم
ولربما فتحت لكِ الباب الذي : زمن السكوت بسرّه فتفهمي
وتأملي كل الوجوه ورددي : ما تسمعين من الهتاف، ونغّمي
وإذا رأيت بشائر الفرح التي : ماتت لدينا فاصرخي وتكلمي
يا قادة الدول التي لم تتخذ : لغة موحدة أمام المجرم
في الكون دائرتان واحدة لها : ألق وأخرى ذات وجه أسحم
يا قادة الدول التي لولا الهوى : وخضوعها لعدوها لم تهزم
القمة الكبرى، صفاء قلوبكم : من قبضة الدنيا وأسر الدرهم
القمة الكبرى، انتشال شعوبكم : وبناء صرح إخائنا المتهدم
أما مطاردة السراب فإنها : وهم يجرعنا كؤوس العلقم
مدوا إلى الرحمن أيديكم فما : خابت يد تمتد نحو المنعم