تعريف موجز بالطريقة القادرية البودشيشية
تعريف موجز بالطريقة القادرية البودشيشية
نبذة عن الطريقة القادرية البودشيشية
تنتسب الطريقة القادرية البودشيشية إلى الشيخ مولاي عبد القادر الجيلاني الذي ظهر في القرن الخامس الهجري. أما لقب البودشيشية، فقد اكتسبته بواسطة الشيخ سيدي علي بن محمد الذي حمل لقب "سيدي علي بودشيش" لكونه كان يطعم الناسـ أيام المجاعةـ طعام "الدشيشة" بزاويته.
شيوخ الطريقة
من بين شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية في المغرب الشيخ سيدي المختار بن محي الدين (ت 1914 ) والشيخ سيدي أبو مدين بن المنور (ت 1955 ). الذي أخرج الطريقة من مرحلتها التبر كية إلى السلوك التربوي، وقد حصل على الإذن بالتربية الذي حصله بعد بحث ومجاهدة روحية شاقة.
وقد تابع بعده هذه الوظيفة التربوية كل من سيدي الحاج العباس ثم ابنه سيدي حمزة (الشيخ الحالي للطريقة) باعتبارهما الوارثين الروحيين لسيدي أبي مدين؛ وقد عملا على تجديد الطريقة فانتشرت انتشارا متميزا.
فقبيل وفاة سيدي أبي مدين سنة 1955، أبلغ سيدي العباس أنه وارث سره، وقد كان هذا الأخير مثالا للتواضع ونكران الذات فلم يعلن هذا الأمر، واستمر في خدمته للطريق سنوات، إلى أن اضطر إلى الاضطلاع بمهام ومقتضيات المشيخة.
وقد كان سيدي حمزة ابن العباس مؤهلا ومأذونا من قبل سيدي أبي مدين للقيام بمهام التربية والإرشاد، كما أكد ذلك والده سيدي العباس؛ إلا أنه بقي مريدا لوالده تأدبا معه وامتثالا لإشارته في إخفاء الأمر حتى يحين وقته. وبعد وفاة سيدي العباس سنة 1972 أصبح سيدي حمزة شيخ الطريقة المربي كما نصت على ذلك وصية سيدي العباس المكتوبة والموقع عليها من قبل كبار الطريق آنذاك.
منهاج التربية الروحية
لعل ما يميز الطريقة القادرية البودشيشية، أثر الإذن التربوي الخاص الذي يظهرعلى مريديها، والمناخ الروحي الذي يحيون فيه بتوجيهات الشيخ سيدي حمزة ورعايته القلبية لهم.
لمّا كان كل شيخ مرب يختار من وسائل التربية ما يناسب عصره، وكان طابع هذا العصرهو اشتداد الغفلة وطغيان المادة، فقد نهج سيدي حمزة سبيل التحبيب والتيسير بدلالتشديد والتنفير، فسار يأخذ بيد تلاميذه ليتذوقوا حلاوة الإيمان فيتخلوا تلقائياعن كل عصيان.
وفي هذاالإطار يقول سيدي حمزة "إن من أهل الله من يدعو إلى التخلي قبل التحلي, ومنهم من يدعو إلى التحلي قبل التخلي. ودعوتنا تبدأ بالتحلي ثم التخلي. ومعنى التحلي تذوق حلاوة كل عبادة، والنفوذ إلى أسرار كل قربة يتقرب بها إلى الله، وتذوقا لحلاوة يقابله وجود المرارة أو انعدام الطعم، وما لا طعم له لا يترك إلا لما هوحلو، وما هو أحلى يقدم على غيره. وهكذا تتفاضل الأعمال حسب أثرها في ذوق الإيمان،إلى أن يجد المدعو نفسه قد تخلى عن كل عمل قبيح, وتلبس بكل عمل مليح، عن طريق الذوق والتجربة المعيشة، وليس بمجرد التخمين والتقليد".
ويقول كذلك إن "دعوتنا تبدأ من القلب، فإذا صح القلب، هان ما يليه من الجوارح, وإذا بقي فساده، فلا عبرة بالمظاهر "إنما يتقبل الله من المتقين"، فكم من مصل ليس له من صلاته إلا الركوع والسجود، وكم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، ومن لا يستطيع أن يصلح قلبك، ويوجهه إلى الله عز وجل، ويداوي أمراضه وأسقامه، لا عبرةعند المحققين بدعوته".
لذلك يحتل إصلاح القلب الركن الأساسي في هذا المنهاج التربوي الرباني. فالقلب أشبه بالغرفة المظلمة، إذ لا يمكن ترتيب متاعها وتنظيفه إلا بعد إضاءتها بإشعال النور فيها أولا، وهذا هو أسلوب سيدي حمزة بلعباس في التربية الروحية.
الشيخ سيدي الحاج حمزة بن العباس
ازداد سنة 1922 م أطال الله عمره
أعاد الله على يديه مجد التصوف وعزته.
سلك سنة 1942 م هو ووالده سيدي العباس بن المختار- بعد تحصيله للعلوم الشرعية طريق التحقيق على يد الولي الكبير سيدي أبي مدين بن المنور القادري البودشيشي.
اشتهرت طريقته في الأمصار، وانتمى إليها العلماء والمفكرون والمثقفون من العرب والعجم.
أتت على يديه الهداية، وأخرج الناس من ضيق الجهالة إلى نور المعرفة.
التحصيل العلمي لسيدي حمزة بن العباس
أطال الله عمره
نشأ في عفاف وحفظ وصيانة.
حفظ القرآن الكريم صغيرا.
أخذ علوم الشريعة بزاوية أسرته أولا، وذلك عن الفقهاء:
- الفقيه العلامة سيدي أبي الشتاء الجامعي
- الفقيه العلامة سيدي محمد بن عبد الصمد التجكاني
- الفقيه العلامة سيدي علي العروسي اليزناسني
- الفقيه العلامة سيدي حميد الدرعي
تابع التحصيل والتكوين بالمعهد الإسلامي بوجدة التابع أنذاك لجامعة القرويين وأخذ فيه :
- علوم البلاغة والعروض والمعلقات السبع على يد الأستاذ أبي بكر بنزكري ناظر الأحباس أنذاك.
- النحو من خلال " متن الأجرومية " و " الألفية " بالإعتماد على شرح المكودي وشرح ابن عقيل على يد الأستاذ سيدي عبد السلام بنزكري.
- التفسير والحديث على يد الفقيه العلامة سيدي محمد الفيلالي.
- فقه الأحكام الشرعية على يد فقهاء أجلاء كسيدي محمد بن إبراهيم اليزناسني وسيدي الحبيب سيناصر.
- اعتنى بدراسة الفقه المالكي من خلال منظومة " ابن عاشر " و " متن الرسالة " ومختصر الشيخ خليل...
وبزاوية أسلافه الكرام ثانية، يزداد نجمه، رضي الله عنه، في سماء العلم، وذلك منذ سنة 1940 م تحت إشراف العلامة المحقق سيدي محمد الكبداني، فيضطلع العالم اليافع بمهمة التدريس والتذكير خاصة في علوم النحو والفقه والسيرة النبوية ...
لازال حفظه الله إلى أيام الإسعاد هذه قائما بالله موليا وجهته إلى الله معتصما بحبله المتين راجيا رضا ورضوانه.
الشيخ سيدي المختار
توفي سنة 1914 م
· يتصل سنده بالشيخ الأكبر سيدي محي الدين عبدالقادر الجيلاني إلى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· اشتهرت زاويته بإطعام وإيواء المحتاجين وعابري السبيل, وكان يطعم بالقصاع الكبار أيام المجاعة والناس يتعجبون من إفراط كرمه والزمان زمن قحط .كما كانت زاويته تقصد لالتماس البركة .
· قاد حركة الجهاد في قبائل بني يزناسن ضد المستعمر إلى أن قبض عليه من طرف الجنرال ليوطي نفسه وكان من ألد أعدائه. ونجد في وثيقة فرنسية سحبت من قسم الوثائق بباريس ما يلي وقع القبض على الولي السيد المختار بودشيش أحد خصومنا الأكثر تعصبا، والذي تحقق بالقبض عليه هدوء في المنطقة بأسرها، لأنه المحرك الحقيقي للحركة المضادة لفرنسا.)
· آلت الدلالة من بعده في طريق التربية والإرشاد إلى ابن عمه سيدي أبي مدين بن المنور مجدد الطريقة القادرية البودشيشية.
الشيخ سيدي أبي مدين بن المنور
توفي سنة 1375ه/1955م
كان رضي الله عنه ورعا عابدا ناسكا زاهدا، وكان آية في الاجتهاد، يعتكف الأيام والليالي خصوصا في شهر رمضان حيث لا يرى أحدا، يتفرغ لعبادة ربه، ويختلي بمولاه. وكان إذا خرج من خلوته وأقبل على فلاحته تظنه من أهل الدنيا، وإذا تحدث عن البيع والشراء حسبته من كبار الملاكين.
اشتهر بجهاده ضد المستعمر إلى جانب ابن عمه سيدي المختار والذي اعتمد عليه في طريق التصوف.
كان كثيرا ما يقصد أهل الفضل والصلاح، فأخذ علوم الحقيقة عن سيدي بلعريان وسيدي محمد لحلو.
اشتهر بتفانيه في إتباع الشريعة والهيام بالحقيقة. وكان من كثرة اجتهاده وقيامه يتكحل بالملح كلما غلبه النوم حتى يسهر ليله كاملا في مناجاة ربه. قال سيدي حمزة: ( ما رأيت أعبد ولا أكثر اجتهادا ومحبة لأمور الآخرة منه، وكنت أنا وأبي سيدس العباس أكثر الفقراء خدمة له والتصاقا به، فنلنا والحمد لله من اجتهاده حظا وفيرا).
أذن في التربية وعلوم الحقيقة للشيخ سيدي العباس بن المختار وولده سيدي حمزة بن العباس.
سيدي العباس بن المختار
الشيخ سيدي الحاج العباس بن سيدي المختار
توفي سنة 1972م
هو سيدي العباس بن المختار المجاهد.
تميز بكثرة جوده وسخائه وكرمه، ما وجد شريفا إلا أهداه، ولا رجل فضل إلا أعطاه، ولا فقيرا أو مسكينا أو يتيما إلا أفاء عليه. بل عرف عنه أنه جاد بنفسه وفلسه في طريق الدعوة إلى الله وخدمة أهل الله، قال عنه سيدي حمزة: " لقد حصل بالسخاء ما لم يحصله بالعبادة والرياضة".
قام بمهمة التربية والإرشاد وإيقاظ قلوب العباد بإذن شيخه.
إلتحق بالرفيق الأعلى تاركا وصية رسمية لخلفه مجدد التصوف والسلوك سيدي حمزة بن العباس
وصية الشيخ سيدي العباس لسيدي حمزة القادري بودشيش
هذه وصية من الفقير إلى مولاه الغني به، الحاج العباس بن سيدي المختار القادري البوتشيشي، شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية، و الساكن بزاوية مداغ العامرة، أوصى بها في حياته و ذلك ليؤدي بها ما عليه من أمانة طُوِق بها، و ليبلغها للناس بقصد أن يخرج من عبء مسؤوليتها، كما يؤدي معها شهادة لله تعالى: يقسم بالله العلي القدير أنها حق و صدق. مضمنها أن الحاج العباس القادري البوتشيشي يشهد أنه تلقى إذنا كريما من الحضرتين حقيقيا نورانيا لا شك فيه و لا ريب، محتواه أن الله سبحانه و تعالى قد أعطاه سر الاسم المفرد، و أكرم طريقته بالحال و العلم و الصلاح، و أمره بأن يصدع بأمر ربه، و بهداية خلقه إلى طريق الحق و الرشاد و وعده بالنصر و التمكين، و ظهور بهذا الحق في الشرق و الغرب. و أحاطه علما في هذا الإذن المبارك بأن وارث سره و خليفته من بعده - مع العلم بأن الموت و الحياة بإذن الله، و أن العبد لا يدري متى يباغته أجله هو ابنه البار الحاج حمزة بدون معارض و منازع، و بأن هذه الطريقة ستنتشر في عهده انتشارا واسعا و سيقوى سرها و يعم علمها و صلاحها. لذلك كله كان من الواجب على الموصي الحاج العباس أن يوصي المريدين خاصة، و المسلمين عامة أن يتمسكوا بهذا الحق، و أن يسيروا على ضوء هذه الوصية الرشيدة فينفذوا محتوياتها معتصمين بحبل الله المتين، متعاضدين متآخين، سالكين الصراط المستقيم. كما يوصي ابنه الحاج حمزة أن يهتدي بهدي الإسلام و يسير على ضوء تعاليمه السامية. و أن يكون ناصرا للحق، ساعيا جهده في جمع كلمة المسلمين متفقدا لأحوال المريدين، أنى كانوا، شفوقا عطوفا عليهم، محترما للعلماء ورثة الأنبياء، مقتديا بهديهم، مؤيدا لهم في كل ما فيه صلاح المسلمين. كما أوصيه بأن يصل قرابته و يواسيهم و يكون خير معين لهم. فهذه هي وصية الحاج العباس القادري البوتشيشي فمن عمل بها فقد وفى بالعهد وأجره على الله تعالى، و من نقض العهد فحسبه الله تعالى و هو نعم المولى و نعم النصير. كتبها خادم الفقراء و راجي رحمة ربه يحيى بن محمد العتيقي مدير مدرسة سيدي مزيان بوجدة بعد أن سمعها من شيخه رضي الله عنه و أرضاه، و بعد أن قرأها عليه ووافق عليها، و قد وقع إمضاءه الشريف عليها. نسأل الله تعالى أن يوفقنا و يلهمنا رشده و يهدينا إلى صراطه القويم. آمين و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه أجمعين.
و حرر بوجدة بتاريخ 13 ذي القعدة سنة 1387 هـ الموافق 19 فبراير سنة 1968م
إمضاء الحاج العباس القادري البوتشيشي شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية كان الله له : العباس بن المختار
اطلع عليه لتحقيق إمضاء السيد الحاج العباس القادري البوتشيشي شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية والساكن بدوار أولاد العامري جماعة مذاغ. الموضوع قبلته امامنا والسلام
السعيدية في 3 أبريل سنة 1968
عن المريد خالد فنون
نبذة عن الطريقة القادرية البودشيشية
تنتسب الطريقة القادرية البودشيشية إلى الشيخ مولاي عبد القادر الجيلاني الذي ظهر في القرن الخامس الهجري. أما لقب البودشيشية، فقد اكتسبته بواسطة الشيخ سيدي علي بن محمد الذي حمل لقب "سيدي علي بودشيش" لكونه كان يطعم الناسـ أيام المجاعةـ طعام "الدشيشة" بزاويته.
شيوخ الطريقة
من بين شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية في المغرب الشيخ سيدي المختار بن محي الدين (ت 1914 ) والشيخ سيدي أبو مدين بن المنور (ت 1955 ). الذي أخرج الطريقة من مرحلتها التبر كية إلى السلوك التربوي، وقد حصل على الإذن بالتربية الذي حصله بعد بحث ومجاهدة روحية شاقة.
وقد تابع بعده هذه الوظيفة التربوية كل من سيدي الحاج العباس ثم ابنه سيدي حمزة (الشيخ الحالي للطريقة) باعتبارهما الوارثين الروحيين لسيدي أبي مدين؛ وقد عملا على تجديد الطريقة فانتشرت انتشارا متميزا.
فقبيل وفاة سيدي أبي مدين سنة 1955، أبلغ سيدي العباس أنه وارث سره، وقد كان هذا الأخير مثالا للتواضع ونكران الذات فلم يعلن هذا الأمر، واستمر في خدمته للطريق سنوات، إلى أن اضطر إلى الاضطلاع بمهام ومقتضيات المشيخة.
وقد كان سيدي حمزة ابن العباس مؤهلا ومأذونا من قبل سيدي أبي مدين للقيام بمهام التربية والإرشاد، كما أكد ذلك والده سيدي العباس؛ إلا أنه بقي مريدا لوالده تأدبا معه وامتثالا لإشارته في إخفاء الأمر حتى يحين وقته. وبعد وفاة سيدي العباس سنة 1972 أصبح سيدي حمزة شيخ الطريقة المربي كما نصت على ذلك وصية سيدي العباس المكتوبة والموقع عليها من قبل كبار الطريق آنذاك.
منهاج التربية الروحية
لعل ما يميز الطريقة القادرية البودشيشية، أثر الإذن التربوي الخاص الذي يظهرعلى مريديها، والمناخ الروحي الذي يحيون فيه بتوجيهات الشيخ سيدي حمزة ورعايته القلبية لهم.
لمّا كان كل شيخ مرب يختار من وسائل التربية ما يناسب عصره، وكان طابع هذا العصرهو اشتداد الغفلة وطغيان المادة، فقد نهج سيدي حمزة سبيل التحبيب والتيسير بدلالتشديد والتنفير، فسار يأخذ بيد تلاميذه ليتذوقوا حلاوة الإيمان فيتخلوا تلقائياعن كل عصيان.
وفي هذاالإطار يقول سيدي حمزة "إن من أهل الله من يدعو إلى التخلي قبل التحلي, ومنهم من يدعو إلى التحلي قبل التخلي. ودعوتنا تبدأ بالتحلي ثم التخلي. ومعنى التحلي تذوق حلاوة كل عبادة، والنفوذ إلى أسرار كل قربة يتقرب بها إلى الله، وتذوقا لحلاوة يقابله وجود المرارة أو انعدام الطعم، وما لا طعم له لا يترك إلا لما هوحلو، وما هو أحلى يقدم على غيره. وهكذا تتفاضل الأعمال حسب أثرها في ذوق الإيمان،إلى أن يجد المدعو نفسه قد تخلى عن كل عمل قبيح, وتلبس بكل عمل مليح، عن طريق الذوق والتجربة المعيشة، وليس بمجرد التخمين والتقليد".
ويقول كذلك إن "دعوتنا تبدأ من القلب، فإذا صح القلب، هان ما يليه من الجوارح, وإذا بقي فساده، فلا عبرة بالمظاهر "إنما يتقبل الله من المتقين"، فكم من مصل ليس له من صلاته إلا الركوع والسجود، وكم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش، ومن لا يستطيع أن يصلح قلبك، ويوجهه إلى الله عز وجل، ويداوي أمراضه وأسقامه، لا عبرةعند المحققين بدعوته".
لذلك يحتل إصلاح القلب الركن الأساسي في هذا المنهاج التربوي الرباني. فالقلب أشبه بالغرفة المظلمة، إذ لا يمكن ترتيب متاعها وتنظيفه إلا بعد إضاءتها بإشعال النور فيها أولا، وهذا هو أسلوب سيدي حمزة بلعباس في التربية الروحية.
الشيخ سيدي الحاج حمزة بن العباس
ازداد سنة 1922 م أطال الله عمره
أعاد الله على يديه مجد التصوف وعزته.
سلك سنة 1942 م هو ووالده سيدي العباس بن المختار- بعد تحصيله للعلوم الشرعية طريق التحقيق على يد الولي الكبير سيدي أبي مدين بن المنور القادري البودشيشي.
اشتهرت طريقته في الأمصار، وانتمى إليها العلماء والمفكرون والمثقفون من العرب والعجم.
أتت على يديه الهداية، وأخرج الناس من ضيق الجهالة إلى نور المعرفة.
التحصيل العلمي لسيدي حمزة بن العباس
أطال الله عمره
نشأ في عفاف وحفظ وصيانة.
حفظ القرآن الكريم صغيرا.
أخذ علوم الشريعة بزاوية أسرته أولا، وذلك عن الفقهاء:
- الفقيه العلامة سيدي أبي الشتاء الجامعي
- الفقيه العلامة سيدي محمد بن عبد الصمد التجكاني
- الفقيه العلامة سيدي علي العروسي اليزناسني
- الفقيه العلامة سيدي حميد الدرعي
تابع التحصيل والتكوين بالمعهد الإسلامي بوجدة التابع أنذاك لجامعة القرويين وأخذ فيه :
- علوم البلاغة والعروض والمعلقات السبع على يد الأستاذ أبي بكر بنزكري ناظر الأحباس أنذاك.
- النحو من خلال " متن الأجرومية " و " الألفية " بالإعتماد على شرح المكودي وشرح ابن عقيل على يد الأستاذ سيدي عبد السلام بنزكري.
- التفسير والحديث على يد الفقيه العلامة سيدي محمد الفيلالي.
- فقه الأحكام الشرعية على يد فقهاء أجلاء كسيدي محمد بن إبراهيم اليزناسني وسيدي الحبيب سيناصر.
- اعتنى بدراسة الفقه المالكي من خلال منظومة " ابن عاشر " و " متن الرسالة " ومختصر الشيخ خليل...
وبزاوية أسلافه الكرام ثانية، يزداد نجمه، رضي الله عنه، في سماء العلم، وذلك منذ سنة 1940 م تحت إشراف العلامة المحقق سيدي محمد الكبداني، فيضطلع العالم اليافع بمهمة التدريس والتذكير خاصة في علوم النحو والفقه والسيرة النبوية ...
لازال حفظه الله إلى أيام الإسعاد هذه قائما بالله موليا وجهته إلى الله معتصما بحبله المتين راجيا رضا ورضوانه.
الشيخ سيدي المختار
توفي سنة 1914 م
· يتصل سنده بالشيخ الأكبر سيدي محي الدين عبدالقادر الجيلاني إلى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
· اشتهرت زاويته بإطعام وإيواء المحتاجين وعابري السبيل, وكان يطعم بالقصاع الكبار أيام المجاعة والناس يتعجبون من إفراط كرمه والزمان زمن قحط .كما كانت زاويته تقصد لالتماس البركة .
· قاد حركة الجهاد في قبائل بني يزناسن ضد المستعمر إلى أن قبض عليه من طرف الجنرال ليوطي نفسه وكان من ألد أعدائه. ونجد في وثيقة فرنسية سحبت من قسم الوثائق بباريس ما يلي وقع القبض على الولي السيد المختار بودشيش أحد خصومنا الأكثر تعصبا، والذي تحقق بالقبض عليه هدوء في المنطقة بأسرها، لأنه المحرك الحقيقي للحركة المضادة لفرنسا.)
· آلت الدلالة من بعده في طريق التربية والإرشاد إلى ابن عمه سيدي أبي مدين بن المنور مجدد الطريقة القادرية البودشيشية.
الشيخ سيدي أبي مدين بن المنور
توفي سنة 1375ه/1955م
كان رضي الله عنه ورعا عابدا ناسكا زاهدا، وكان آية في الاجتهاد، يعتكف الأيام والليالي خصوصا في شهر رمضان حيث لا يرى أحدا، يتفرغ لعبادة ربه، ويختلي بمولاه. وكان إذا خرج من خلوته وأقبل على فلاحته تظنه من أهل الدنيا، وإذا تحدث عن البيع والشراء حسبته من كبار الملاكين.
اشتهر بجهاده ضد المستعمر إلى جانب ابن عمه سيدي المختار والذي اعتمد عليه في طريق التصوف.
كان كثيرا ما يقصد أهل الفضل والصلاح، فأخذ علوم الحقيقة عن سيدي بلعريان وسيدي محمد لحلو.
اشتهر بتفانيه في إتباع الشريعة والهيام بالحقيقة. وكان من كثرة اجتهاده وقيامه يتكحل بالملح كلما غلبه النوم حتى يسهر ليله كاملا في مناجاة ربه. قال سيدي حمزة: ( ما رأيت أعبد ولا أكثر اجتهادا ومحبة لأمور الآخرة منه، وكنت أنا وأبي سيدس العباس أكثر الفقراء خدمة له والتصاقا به، فنلنا والحمد لله من اجتهاده حظا وفيرا).
أذن في التربية وعلوم الحقيقة للشيخ سيدي العباس بن المختار وولده سيدي حمزة بن العباس.
سيدي العباس بن المختار
الشيخ سيدي الحاج العباس بن سيدي المختار
توفي سنة 1972م
هو سيدي العباس بن المختار المجاهد.
تميز بكثرة جوده وسخائه وكرمه، ما وجد شريفا إلا أهداه، ولا رجل فضل إلا أعطاه، ولا فقيرا أو مسكينا أو يتيما إلا أفاء عليه. بل عرف عنه أنه جاد بنفسه وفلسه في طريق الدعوة إلى الله وخدمة أهل الله، قال عنه سيدي حمزة: " لقد حصل بالسخاء ما لم يحصله بالعبادة والرياضة".
قام بمهمة التربية والإرشاد وإيقاظ قلوب العباد بإذن شيخه.
إلتحق بالرفيق الأعلى تاركا وصية رسمية لخلفه مجدد التصوف والسلوك سيدي حمزة بن العباس
وصية الشيخ سيدي العباس لسيدي حمزة القادري بودشيش
هذه وصية من الفقير إلى مولاه الغني به، الحاج العباس بن سيدي المختار القادري البوتشيشي، شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية، و الساكن بزاوية مداغ العامرة، أوصى بها في حياته و ذلك ليؤدي بها ما عليه من أمانة طُوِق بها، و ليبلغها للناس بقصد أن يخرج من عبء مسؤوليتها، كما يؤدي معها شهادة لله تعالى: يقسم بالله العلي القدير أنها حق و صدق. مضمنها أن الحاج العباس القادري البوتشيشي يشهد أنه تلقى إذنا كريما من الحضرتين حقيقيا نورانيا لا شك فيه و لا ريب، محتواه أن الله سبحانه و تعالى قد أعطاه سر الاسم المفرد، و أكرم طريقته بالحال و العلم و الصلاح، و أمره بأن يصدع بأمر ربه، و بهداية خلقه إلى طريق الحق و الرشاد و وعده بالنصر و التمكين، و ظهور بهذا الحق في الشرق و الغرب. و أحاطه علما في هذا الإذن المبارك بأن وارث سره و خليفته من بعده - مع العلم بأن الموت و الحياة بإذن الله، و أن العبد لا يدري متى يباغته أجله هو ابنه البار الحاج حمزة بدون معارض و منازع، و بأن هذه الطريقة ستنتشر في عهده انتشارا واسعا و سيقوى سرها و يعم علمها و صلاحها. لذلك كله كان من الواجب على الموصي الحاج العباس أن يوصي المريدين خاصة، و المسلمين عامة أن يتمسكوا بهذا الحق، و أن يسيروا على ضوء هذه الوصية الرشيدة فينفذوا محتوياتها معتصمين بحبل الله المتين، متعاضدين متآخين، سالكين الصراط المستقيم. كما يوصي ابنه الحاج حمزة أن يهتدي بهدي الإسلام و يسير على ضوء تعاليمه السامية. و أن يكون ناصرا للحق، ساعيا جهده في جمع كلمة المسلمين متفقدا لأحوال المريدين، أنى كانوا، شفوقا عطوفا عليهم، محترما للعلماء ورثة الأنبياء، مقتديا بهديهم، مؤيدا لهم في كل ما فيه صلاح المسلمين. كما أوصيه بأن يصل قرابته و يواسيهم و يكون خير معين لهم. فهذه هي وصية الحاج العباس القادري البوتشيشي فمن عمل بها فقد وفى بالعهد وأجره على الله تعالى، و من نقض العهد فحسبه الله تعالى و هو نعم المولى و نعم النصير. كتبها خادم الفقراء و راجي رحمة ربه يحيى بن محمد العتيقي مدير مدرسة سيدي مزيان بوجدة بعد أن سمعها من شيخه رضي الله عنه و أرضاه، و بعد أن قرأها عليه ووافق عليها، و قد وقع إمضاءه الشريف عليها. نسأل الله تعالى أن يوفقنا و يلهمنا رشده و يهدينا إلى صراطه القويم. آمين و الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين و على آله و صحبه أجمعين.
و حرر بوجدة بتاريخ 13 ذي القعدة سنة 1387 هـ الموافق 19 فبراير سنة 1968م
إمضاء الحاج العباس القادري البوتشيشي شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية كان الله له : العباس بن المختار
اطلع عليه لتحقيق إمضاء السيد الحاج العباس القادري البوتشيشي شيخ الطريقة القادرية البوتشيشية والساكن بدوار أولاد العامري جماعة مذاغ. الموضوع قبلته امامنا والسلام
السعيدية في 3 أبريل سنة 1968
عن المريد خالد فنون