بئر زمزم
بئر زمزم
أشهر بئر على وجه الأرض، لمكانته الروحية المتميزة، وارتباطه في وجدان المسلمين عامة بمشاعر الحج والعمرة. وهي البئر المباركة التي فجّرها جبريل عليه السلام لإسماعيل وأمه -عليهما السلام-، حيث تركهما خليل الله إبراهيم -عليه السلام- في ذلك الوادي القَفر، الذي لا زرع فيه ولا ماء. فنفد ما معهما من زادٍ وماء، وجهدت هاجر وأتعبها البحث، ساعية بين الصفا والمروة، ناظرة في الأفق البعيد علها تجد مغيثاً يغيثها، فلما يئست من الخلق أغاثها الله -عز وجل- بفضله ورحمته.
فضل ماء زمزم
عن جابر وابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماء زمزم لِما شُرب له"
(أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي، وهو حديث حسن).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطُعم، وشفاء السقم"،
وطعام الطُعم، أي يَشبع الإنسان من مائها إذا شربه، كما يشبع من الطعام إذا أكله. وشفاء السقم: أي يزيل المرض، ويبرئ العلة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ماء زمزم في القِرَب،
وكان يصب على المرضى ويسقيهم"
رواه الترمذي والبخاري.
وعن حبيب بن أبي ثابت قال: سألت عطاء: أأحمل ماء زمزم؟
فقال: قد حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وكان الصحابة والسلف الصالح (رضوان الله عليهم) يُتحِفون ضيوفهم بماء زمزم.
وعن مجاهدٍ أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان إذا نزَل به ضيف سقاه من ماء زمزم،
ولا أطعم قوماً طعاماً إلا سقاهم بعده من ماء زمزم.
يقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه:
لقد لبثتُ ثلاثين ليلة ويوماً، ما كان لي طعام إلا ماء
زمزم؛ فسمنت حتى تكسرت عُكَنُ بطني
(أي انطوت ثنايا البطن من السُّمنة) وما وجدت على كبدي سخفة جوع
(رواه مسلم).
(وسخفة الجوع: ما ينشأ عن الجوع من ضعف وهزال).
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن ماء زمزم:
سيدُ المياه وأشرفها، وأجلُّها قدرًا، وأحبها إلى النفوس،
وأغلاها ثمنًا، وأنفَسُهَا عند الناس. وقد جربتُ،
أنا وغيري، الاستشفاء بماء زمزم واستشفيت به من عدة أمراض.
سبب التسمية
سميت بئر زمزم بهذا الاسم لكثرة مائها، وقيل: لاجتماعها؛ لأنه لما فاض منها الماء على وجه الأرض قالت هاجر للماء: زَم زِمْ، أي: اجْتَمِعْ، فاجتمعَ، فسميت زمزم.
قصة بئر زمزم
قدِمَ إبراهيم -عليه السلام- إلى مكة هو وأم إسماعيل،
وكان إسماعيل طفلاً رضيعًا، وترك أم إسماعيل وابنها
في مكان زمزم، وكان معها وعاء ماء؛
فأخذت تشرب منه وتدر على ولدها حتى انتهى ماء الوعاء؛ فانقطع
درها؛ فجاع ابنها واشتد جوعه حتى نظرت إليه وهو يبكي بحرقة،
فظنّت أم إسماعيل أنه يموت؛ فجعلت من حيرتها تمشي بين الصفا والمروة،
حتى كان مشيها بينهما سبع مرات، ثم رجعت إلى ابنها فسمعت صوتًا؛
فقالت: أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير،
فضرب جبريل الأرض؛ فظهر الماء،
فجعلت أم إسماعيل ترمي الرمل على الحفرة، حتى تمنع الماء من الخروج.
وقد روى البخاري -رضي الله عنه- هذه الواقعة
مطولة جدًّا في صحيحه.
وكانت زمزم هي مقدمة العمران بمكة؛ فقد ذكر الأزرقي في أخبار مكة، والطبري في تاريخ الرسل والملوك:
أن ركبًا من (جُرْهم) مَرُّوا من بلاد الشام؛ فرأى الركبُ الطيرَ على الماء؛ فقال بعضهم: ما كان بهذا الوادي
من ماء ولا أنيس؛ فأرسلوا رجلين لهما حتى أتيا أم إسماعيل فكلماها ثم رجعا إلى ركبهما فأخبراهم بمكانها؛
فرجع الركب كله ونزلوا على الماء بعد استئذان أم إسماعيل.
وأخذ العمران يزداد بمكة بعد بناء سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل للبيت الحرام،
واستمرت "جرهم" تلي أمر البيت الحرام وزمزم فترة من الزمن إلى أن قدمت قبيلة يمنية هاجرت من الجنوب بعد تهدم (سد مأرب)،
وهي قبيلة خزاعة. وتقاتلت "خزاعة" مع "جرهم" وانتصرت "خزاعة" ووليت أمر البيت، وخرجت
"جرهم" عن وادي مكة ومنها خرج أبناء إسماعيل،
وتفرقوا في تهامة، ثم ولي أمرها بعد ذلك قصي بن
كلاب في القرن الخامس الميلادي بعد أن أجلى خزاعة من مكة،
وفرض سلطانه على كنانة، وأنزل قريشًا
مكة وقسّمها بين بطونها (أي بين أقسام قبيلة قريش)،
وكانت زمزم في تلك الأثناء قد أُهمِلَت إلى أن دَرَسَت
واختفت معالمها، وظلت على ذلك حينًا حتى حفرها عبد المطلب بن هاشم جد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكان حفر عبد المطلب لزمزم عقب حادثة الفيل بعد أن رأى في منامه هاتفاً:
"احفر زمزم"، فلما استيقظ
عبد المطلب، ذهب إلى المسجد الحرام، وحفر هناك فجاءته قريش:
فقالت له: ما هذا الصنيع، لِمَ تحفر في
مسجدنا؟ فقال عبد المطلب: إني حافر هذه البئر،
ومجاهدٌ مَن صَدَّني عنها؛ فطفق هو وابنه الحارث وليس له
ولد يومئذ غيره، فسفه عليهما يومئذ أناسٌ من قريش؛
فنازعوهما وقاتلوهما، وتناهى عنه أناس آخرون لما
يعلمون من عتاقة نسبه حتى اشتد عليه الأذى؛
فنذر إن رُزق بعشرة من الولد أن ينحر أحدهم، ثم استمر
الحفر حتى أدرك سيوفًا ذهبية في زمزم؛
فلما رأت قريش السيوف قالت له: يا عبد المطلب أَجَزْنَا ما وجدتَ
فقال: هذه السيوف لبيت الله الحرام؛
فحفر حتى خرج الماء في أسفل الحفرة.
ثم تزوج عبد المطلب حتى وُلِدَ له عشرة ذكور فهمَّ بنحر أحدهم،
وأصابت القرعة عبد الله والد النبي -صلى
الله عليه وسلم- فكرروا القرعة عشر مرات إلى أن افتدى عبد الله بمائة ناقة.
أشهر بئر على وجه الأرض، لمكانته الروحية المتميزة، وارتباطه في وجدان المسلمين عامة بمشاعر الحج والعمرة. وهي البئر المباركة التي فجّرها جبريل عليه السلام لإسماعيل وأمه -عليهما السلام-، حيث تركهما خليل الله إبراهيم -عليه السلام- في ذلك الوادي القَفر، الذي لا زرع فيه ولا ماء. فنفد ما معهما من زادٍ وماء، وجهدت هاجر وأتعبها البحث، ساعية بين الصفا والمروة، ناظرة في الأفق البعيد علها تجد مغيثاً يغيثها، فلما يئست من الخلق أغاثها الله -عز وجل- بفضله ورحمته.
فضل ماء زمزم
عن جابر وابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ماء زمزم لِما شُرب له"
(أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي، وهو حديث حسن).
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطُعم، وشفاء السقم"،
وطعام الطُعم، أي يَشبع الإنسان من مائها إذا شربه، كما يشبع من الطعام إذا أكله. وشفاء السقم: أي يزيل المرض، ويبرئ العلة.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل ماء زمزم في القِرَب،
وكان يصب على المرضى ويسقيهم"
رواه الترمذي والبخاري.
وعن حبيب بن أبي ثابت قال: سألت عطاء: أأحمل ماء زمزم؟
فقال: قد حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وكان الصحابة والسلف الصالح (رضوان الله عليهم) يُتحِفون ضيوفهم بماء زمزم.
وعن مجاهدٍ أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان إذا نزَل به ضيف سقاه من ماء زمزم،
ولا أطعم قوماً طعاماً إلا سقاهم بعده من ماء زمزم.
يقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري رضي الله عنه:
لقد لبثتُ ثلاثين ليلة ويوماً، ما كان لي طعام إلا ماء
زمزم؛ فسمنت حتى تكسرت عُكَنُ بطني
(أي انطوت ثنايا البطن من السُّمنة) وما وجدت على كبدي سخفة جوع
(رواه مسلم).
(وسخفة الجوع: ما ينشأ عن الجوع من ضعف وهزال).
ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله عن ماء زمزم:
سيدُ المياه وأشرفها، وأجلُّها قدرًا، وأحبها إلى النفوس،
وأغلاها ثمنًا، وأنفَسُهَا عند الناس. وقد جربتُ،
أنا وغيري، الاستشفاء بماء زمزم واستشفيت به من عدة أمراض.
سبب التسمية
سميت بئر زمزم بهذا الاسم لكثرة مائها، وقيل: لاجتماعها؛ لأنه لما فاض منها الماء على وجه الأرض قالت هاجر للماء: زَم زِمْ، أي: اجْتَمِعْ، فاجتمعَ، فسميت زمزم.
قصة بئر زمزم
قدِمَ إبراهيم -عليه السلام- إلى مكة هو وأم إسماعيل،
وكان إسماعيل طفلاً رضيعًا، وترك أم إسماعيل وابنها
في مكان زمزم، وكان معها وعاء ماء؛
فأخذت تشرب منه وتدر على ولدها حتى انتهى ماء الوعاء؛ فانقطع
درها؛ فجاع ابنها واشتد جوعه حتى نظرت إليه وهو يبكي بحرقة،
فظنّت أم إسماعيل أنه يموت؛ فجعلت من حيرتها تمشي بين الصفا والمروة،
حتى كان مشيها بينهما سبع مرات، ثم رجعت إلى ابنها فسمعت صوتًا؛
فقالت: أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير،
فضرب جبريل الأرض؛ فظهر الماء،
فجعلت أم إسماعيل ترمي الرمل على الحفرة، حتى تمنع الماء من الخروج.
وقد روى البخاري -رضي الله عنه- هذه الواقعة
مطولة جدًّا في صحيحه.
وكانت زمزم هي مقدمة العمران بمكة؛ فقد ذكر الأزرقي في أخبار مكة، والطبري في تاريخ الرسل والملوك:
أن ركبًا من (جُرْهم) مَرُّوا من بلاد الشام؛ فرأى الركبُ الطيرَ على الماء؛ فقال بعضهم: ما كان بهذا الوادي
من ماء ولا أنيس؛ فأرسلوا رجلين لهما حتى أتيا أم إسماعيل فكلماها ثم رجعا إلى ركبهما فأخبراهم بمكانها؛
فرجع الركب كله ونزلوا على الماء بعد استئذان أم إسماعيل.
وأخذ العمران يزداد بمكة بعد بناء سيدنا إبراهيم وولده إسماعيل للبيت الحرام،
واستمرت "جرهم" تلي أمر البيت الحرام وزمزم فترة من الزمن إلى أن قدمت قبيلة يمنية هاجرت من الجنوب بعد تهدم (سد مأرب)،
وهي قبيلة خزاعة. وتقاتلت "خزاعة" مع "جرهم" وانتصرت "خزاعة" ووليت أمر البيت، وخرجت
"جرهم" عن وادي مكة ومنها خرج أبناء إسماعيل،
وتفرقوا في تهامة، ثم ولي أمرها بعد ذلك قصي بن
كلاب في القرن الخامس الميلادي بعد أن أجلى خزاعة من مكة،
وفرض سلطانه على كنانة، وأنزل قريشًا
مكة وقسّمها بين بطونها (أي بين أقسام قبيلة قريش)،
وكانت زمزم في تلك الأثناء قد أُهمِلَت إلى أن دَرَسَت
واختفت معالمها، وظلت على ذلك حينًا حتى حفرها عبد المطلب بن هاشم جد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكان حفر عبد المطلب لزمزم عقب حادثة الفيل بعد أن رأى في منامه هاتفاً:
"احفر زمزم"، فلما استيقظ
عبد المطلب، ذهب إلى المسجد الحرام، وحفر هناك فجاءته قريش:
فقالت له: ما هذا الصنيع، لِمَ تحفر في
مسجدنا؟ فقال عبد المطلب: إني حافر هذه البئر،
ومجاهدٌ مَن صَدَّني عنها؛ فطفق هو وابنه الحارث وليس له
ولد يومئذ غيره، فسفه عليهما يومئذ أناسٌ من قريش؛
فنازعوهما وقاتلوهما، وتناهى عنه أناس آخرون لما
يعلمون من عتاقة نسبه حتى اشتد عليه الأذى؛
فنذر إن رُزق بعشرة من الولد أن ينحر أحدهم، ثم استمر
الحفر حتى أدرك سيوفًا ذهبية في زمزم؛
فلما رأت قريش السيوف قالت له: يا عبد المطلب أَجَزْنَا ما وجدتَ
فقال: هذه السيوف لبيت الله الحرام؛
فحفر حتى خرج الماء في أسفل الحفرة.
ثم تزوج عبد المطلب حتى وُلِدَ له عشرة ذكور فهمَّ بنحر أحدهم،
وأصابت القرعة عبد الله والد النبي -صلى
الله عليه وسلم- فكرروا القرعة عشر مرات إلى أن افتدى عبد الله بمائة ناقة.