فضاءات شنهور

شنهور

فضاء القرآن الكريم والسنة النبوية

العضو الأكثر فعالية على مستوى الـبلدة
الطيب سيد أحمد محمد
مسجــل منــــذ: 2011-02-13
مجموع النقط: 1458.41
إعلانات


( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )

بسم الله الرحمن الرحيم

( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )

صدق الله العظيم

امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الشتائم والسِبابَ من كافة طبقات المجتمع، فقد هجاه الشعراء، وسخر منه سادة قريش ، ونال منه السفهاء بالضرب بالحجارة، وقالوا عنه ساحر ومجنون وغير ذلك من صور الأذى التي كان يتلقاها رسول الله بسعة صدر وعفو وحلم وتسامح ودعاء لمن آذاه بالمغفرة والرحمة، ولقد صدق الله حيث مدحه بعظم الخلق إذ يقول:

{ وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) وقال تعالى: { فبما رحمة من اللَّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } (آل عمران:159).

وإن استقراء صور العفو والحلم في سيرته صلى الله عليه وسلم أمر يطول فنكتفي بذكر بعض تلك الصور من حياته :-

1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من أذى قومه ، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل منهم ، بل قابله ساداتها بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل عليه السلام قائم عنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري ،

فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه الصلاة و السلام.؟؟

2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين،فأجاب أصحابه قائلاً لهم:

( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم .

3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على أهله( قبيلة دوس ) لكفرهم وعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبلا القبلة قائلا : ( اللهم اهد دوساً )

رواه البخاري .

4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب، حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على عنقه عليه الصلاة و السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي : يا محمد , مُر لي من مال الله الذي عندك ، فإنك لا تعطيني من مالك ولا من مال أبيك , فقابله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر، يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من بيت مال المسلمين.

5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج منها وهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً:

( ما تظنون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : ( خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ) ، فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) :

{ لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين } (يوسف:92)،

( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) رواه البيهقي .

6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه الصلاة والسلام، أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة،ولا دابة ولا شيئا , ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أو البدن ، بل كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .

7 – و عن جابر رضي الله عنه قال : ( نزلنا مع رسول الله بذات الرقاع – وسميت بذلك لأنهم نزلوا فيها على أرض تشبه رقاع الجلد – وكان يوما شديد الحر , فلما أتينا إلى ظل سمرة , تركناها لرسول الله ليستريح تحتها , فعلق سيفه عليها ثم نام , فجاء يهودي فاخترط سيف النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا محمد إني قاتلك , فقال النبي : لا

قال : ومن يمنعك مني ؟

قال : الله

فسقط السيف من يد اليهودي

فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم

وقال لليهودي : إني قاتلك

قال : كن خير آخذ

قال : ومن يمنعك مني ؟

قال : لا أحد

فقال صلى الله عليه وسلم : تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله

فقال اليهودي : لا

ولكنني أعاهدك على ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك

فعفا عنه وخلى سبيله

فعاد اليهودي إلى قومه فقال : جئتكم من عند خير الناس .

8- حبر اليهود زيد بن سعنة وكان له دين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء إليه مطالبا بحقه , فعنف له القول وأغلظ له الكلام , وقال : يا محمد وفي إلي حقي , فوالله إنكم يا بني عبد المطلب قوم مطل ( أي لا توفون لصاحب الحق حقه )

فقام عمر بن الخطاب غاضبا , وأمسك به , وقال يا رسول الله ائذن لي أن أقتله

فقال صلى الله عليه وسلم ( يا عمر لقد كنا أنا وهو أحو منك إلى غير هذا , أن تأمرني بحسن الأداء وتأمره بحسن الطلب )

ثم قال : يا عمر , وف إليه دينه , وزده صاعا بما روعته ( أي زد له على دينه صاعا لأنك أخفته )

فقال الحبر : ( ما بقي من علامات النبوة شيء قرأته في كتب آبائي وأجدادي إلا وقد رأيته في محمد إلا علامة واحدة ,

( يسبق حلمه جهله ولا تزيده شدة الجهل إلا حلما ) , والآن قد عرفتها في محمد , فإني أشهد بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

9 – دخل أعرابي المدينة متوشحا سيفه ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم , فوقع في يد الصحابة فأمسكوا به وأوثقوه أي ربطوه في سارية بالمسجد , فلما أصبح رسول الله دخل المسجد فوجده موثقا , فقال من هذا ؟ قال يا رسول الله : جاء ليقتلك

فقال : هل أعددتم له طعاما ؟

قالوا : لا

فأمر بحل وثاقه , وجاء إليه باللبن وسقاه بيديه الشريفتين

ثم قال له : أتشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله

فقال : لا

فتركه وأذن له في العودة

وبعد أن خرج الأعرابي خارج حدود المدينة عاد مرة أخرى ليعلن إسلامه بين يدي رسول الله وأصحابه

فقال : الآن أشهد أنه لا إله إلا الله وأنك رسول الله

فسأله : لم لم تقلها وأنت هنا .. وبعد أن عفوت عنك ؟

قال : لو قلتها وأنا هنا لقالوا قالها خوفا من محمد

ولو قلتها بعد أن عفوت عني لقالوا قالها شكرا لمحمد

فلما أن خرجت خارج المدينة وأصبحت في أمن منك ومن أصحابك قلتها لتكون خالصة لله رب العالمين

10 – ومرة أخرى أمسك الصحابة رجلا معه خنجر وقد دخل المسجد ليقتل به المصطفى صلى الله عليه وسلم , فأمسكوا به وأحكموا عليه وقادوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقالوا : يا رسول الله , إن هذا جاء ليقتلك

فارتعد الرجل خوفا ورعبا

فلاطفه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : لن تراع لن تراع ( أي لن تخاف ) ولو أنك سلطت على قتلي لما استطعت

( وهذه ثقة منه صلى الله عليه وسلم في قول الله تعالى : والله يعصمك من الناس )

ثم تركه وخلى سبيله .

فما أحوجنا إلى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم في هذا الخلق الكريم، والطبع النبيل،

( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )


تقييم:

0

0
مشاركة:


التعليق على الموضوع


لم يسجل بعد أي تعليق على هذه المشاركة !...

...........................................

=== إضافة تعليق جديد ===
الإسم:

نص التعليق:

انقل محتوى صويرة التحقق في الخانة أسفله:
الصورة غير ظاهرة