دور المثقفين
من الصديق السعيد ابراهيم ميت طريف
دور المثقفين
لقد وضعت ثورة يناير الشعب المصري بكامل طوائفه في موقف فاصل يتطلب فهما جديدا لأهمية القرارات التي سنتخذها في هذا الموقف الحرج ، وضعتنا جميعا في موقف حرج ليس بالمعنى الذي اعتاد أن يتشدق به المستغلون لمجرد تمرير الموقف دون تصحيح ، نحن بالفعل في موقف حرج لأن المعادلة المطروحة أمامنا صعبة وربما تكون مستعصية ، كيف ذلك ؟
إن الثورة قد وضعتنا أمام حتمية اتخاذ قرار جرئ بتصحيح مسار حياتنا وفتحت... الطريق أمامنا على مصراعيه وهذا هو الطرف الأول للمعادلة ، لكن طريق البناء يحتاج لقرار جرئ بالتخلى عن سلبيات الماضي والنظر للمستقبل بشكل مختلف ، وهذا هو الطرف الثاني للمعادلة ، وهما طرفان متضاربان ومتضادان كما نرى ، مما أوقعنا في مطب كبير حين اكتشفنا أننا لا نملك أدوات هذا القرار الجرئ ، وتبين لنا أن هذا القرار يحتاج إلى :
1 - إرادة حقيقية و قد سلبت منا طويلا حتى اعتدنا غيابها .
2 - فهم يساعد على إدراك المعطيات وقد غيبت عنا الحقائق - عمدا - حتى لا نفهم .
3 - ثقافة في شئوننا العامة وقد اقتصرت ثقافتنا فيما مضى - عن عمد أيضا - على الكرة والفن .
4 - خبرة لا تتكون إلا بالممارسة العملية وقد حرمنا من هذه الممارسة واختزلنا في مجموعة من الانتهازيين تحكمت في مقدراتنا وغيبّت الشرفاء وحاصرتهم .
القرار كما نرى لا تتوفر أدواته ، فما العمل ؟ هل نسلم أنفسنا مرة أخرى للا نتهازيين الذين عصفوا بكل ما كان جميلا في حياتنا ؟ أو نترك المستقبل غير واضح وننتظر ما تأتي به الرياح لتوجه شراع سفينتنا إلى حيث ترسو بها على شاطئ المجهول ؟
لا أظن أن أي أمة حية تقبل لنفسها أيا من الخيارين ، فكلاهما لا يليق بأمة تمتلك ولو قدر يسير من الإحترام لنفسها وتاريخها وتحتفظ لنفسها ولو بقدر يسير أيضا من الحلم بحياة محترمة ، فما العمل أمام هذا الموقف الحرج ؟
أرى الصورة قاتمة ولكنها بفضل الله ليست سوداء ، و اعتقادي أن دور المثقفين هنا هو بارقة الأمل التي قد تجعلنا نستطيع أن نقرر أن ترسو سفينة مستقبلنا - على الأقل - بالقرب من طموحاتنا وآمالنا ، وأعني بالمثقفين كل المثقفين تحت كل المسميات لأنهم في اعتقادي مهما اختلفت مسمياتهم بينهم توافق نابع من قدرتهم على إدراك ما يحيط بنا من مخاطر ، ولأننا جميعا في مركب الوطن التي تحتضن الجميع دون تفرقة ، وحين يكون مركبنا معرض للخطر لا يجب أبدا التجادل حول قضايا أخرى فرعية أو حتى مهمة ، لأن المركب إذا غرقت - لا سمح الله - سيضيع المتجادلون والقضايا التي جادلوا بشأنها وتيقى مسئولية التفريط تحيط برقابهم جميعا أمام الله .
إذا ما اتفقنا على ذلك يأتي النساؤل : من يخرج هؤلاء من عزلتهم التي فرضت عليهم طويلا ؟ وافتقدوا المساندة التي تحفزهم على استمرار البذل ، مما أصابهم بشئ من اليأس والملل ، إنها مسئوليتنا جميعا فهم مثل الذهب ما إن تنفض عنه غبار الزمن حتى يعود لبريقه وتألقه يذهل به الناظرين ويضفي على الحياة قيمة وبهجة . وها أنذا أدق أجراس التنبيه إلى كل مثقف من أبناء شعبنا متمنيا على الجميع أن يدقوا أجراسهم ليرتفع صوت النداء ويصل إلى كل ربوع بلادنا موقظا قادتنا وملهمينا لينهضوا بدورهم في توجيه دفة المستقبل بتوعية المواطنين ، فقد اقتربت الانتخابات واقتربت معها ساعة الصفر .