هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
اضغط على وجوه الأشخاص في الصور لتتم الإشارة إليهم.
المسجد النبوي . يقع قبر النبي محمد في المبنى ذي القبة الخضراء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهجرة : بدأ محمد يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما أرسله الله به للناس. ولما كانت السنة 11 من النبوة، جاء ستة من شباب يثرب إلى مكة في موسم الحج. وقد كان يتحدث اليهود في يثرب عن نبي منهم مبعوث في ذلك الزمان يخرج فيتبعونه ويقتلون أهل يثرب. وعد الشباب الرسول بإبلاغ رسالته إلى قومهم . وعاد في موسم الحج التالي اثنا عشر رجلاً، التقى بهم النبي عند العقبة فبايعوه ما اصطلح على تسميته بيعة العقبة الأولى.
وفي موسم الحج للسنة الثالثة عشرة من النبوة (يونيو سنة 622م) حضر لأداء مناسك الحج بضعة وسبعون شخصاً من المسلمين من أهل يثرب. لما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى الاتفاق على هجرة محمد وأصحابه إلى يثرب (والتي ستحمل اسم المدينة المنورة) وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية . أذن الرسول محمد للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، فخرج من استطاع. حتى لمْ يبق مع محمد بمكة إلا أَبو بكرٍ وعلي بن أبي طالب. حسب مصادر التراث، أن المشرِكين اجتمعوا بدار الندوة واتفقوا على أن يأتوا من كل قبيلة بشاب قوي، يضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دم محمد بين القبائل. تم تنفيذ ذلك واجتمع الشباب عِند بابه، لكنه خرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد. وترك علي بن أبي طالب في مكانه ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق به.
ذهب محمد إِلى دارِ أَبِي بكرٍ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها محمد لعبد الله بن أُرَيْقِط، على أَنْ يوافيهِما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق الرسول وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، ولم يستطع المشركون إيجادهما ويؤمن المسلمون أن لذلك تدّخل من عند الله، وفي يومِ الاثنين العاشر من شهر ربيع الأول سنة 622م دخل محمد المدينة مع صاحبه الصديق، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة
تأسيس الدولة الإسلامية : عانت يثرب قبل وصول محمد من صراعات دامت قرابة مائة عام بين القبائل المختلفة التي تعيش بها، كانت آخرها حرب بُعاث التي شاركت فيها كافة القبائل. فأدرك قادة قبائل المدينة حاجتهم لقائد موحد ينظم العلاقات بين القبائل ويعمل على فض النزاعات ، مما دفعهم للقبول بمحمد كقائد للمدينة وتوفير الدعم والحماية له ولأتباعه المهاجرين.
مكث محمد في قباء أربعة عشر يوماً حسب الروايات، وانتظر محمد على مشارف المدينة إلى حين وصول علي بن أبي طالب، وحين وصل استقبله النبي ومكث معه ليلة أو ليلتين في بيت كلثوم بن هدم -وفي رواية علي بن أبي طالب مكثوا في بيت امرأة مسلمة لا زوج لها- ثم نزل إلى المدينة.
وكانت أول خطوة خطاها محمد في المدينة هي أمره ببناء المسجد النبوي حيث بركت ناقته. قام محمد بما عرف بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، واختار كل أنصاري أحد المهاجرين ليكون أخا له يأويه في بيته في خطوة توصف بأنها تهدف لإذابة العصبيات القبلية وترسيخ مبدأ التكافل الاجتماعي، فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم بل وقيل حتى الزوجات مع إخوانهم من المهاجرين، بل وصل بهم الأمر أنهم كانوا يتوارثون بهذا الإخاء في ابتداء الإسلام إرثاً مقدما على القرابة.
قام محمد بصياغة وثيقة عرفت بدستور المدينة، كانت أشبه بوثيقة تحالف بين العشائر والطوائف المختلفة بداخل المدينة وتحدد حقوق وواجبات المواطنين بالمدينة. وقد احتوت الوثيقة اثنين وخمسين بندا، خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان. وقد دون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعاثرهم حسب رغبتهم، كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة، على الرغم من التأكيد على الاستقلال المالي للقبائل المختلفة.
كان أغلب الوثنيين في المدينة قد تحولوا إلى الإسلام، حتى كبار القادة منهم مثل سعد بن معاذ، ولكن تبقى أقلية صغيرة من الوثنيين لم يكن لها تأثير واضح. إلا أن تلك الأقلية كانت معارضة لانتشار الإسلام ، فبحسب الواقدي قام بعض الشعراء الذين بقوا على وثنيتهم وهم عصماء بنت مروان وأبو عفك بنظم شعر في هجاء الرسول فأمر بقتلهما
بداية النزاع العسكري : روى مسلم عن بريدة بن الحصيب الأسلمي أن محمدا قام بتسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن. عن زيد بن أرقم : «غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة». وأما محمد بن إسحاق فقال: «كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين» وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق
الصراع مع مكة : في رمضان من السنة الثانية للهجرة الموافق مارس عام 624م؛ خرج 300 من المسلمين بقيادة محمد ليعترضوا قافلة تجارية لقريش يقودها أبو سفيان، فلمًّا علم بهم أبو سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرجوا فيما يقارب ألف مقاتل لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل من المكيين حوالي 70 قتيلا منهم أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش، في حين قتل من المسلمين ما لا يتجاوز أربعة عشر قتيلا. ذلك بالرغم من التفوق العددي لجيش مكة. كما تم أسر 70 فردا من قوات جيش مكة، تم إطلاق سراح الكثير منهم مقابل فدية.
لاحقا قام محمد بطرد يهود بني قينقاع -إحدى القبائل اليهودية الرئيسية الثلاث في المدينة- إثر قيام أحدهم بكشف عورة إحدى المسلمات في أحد الأسواق، فقام أحد المسلمين بقطع رأسه، فتكالب عليه يهود من بني قينقاع حتى قتلوه بحسب رواية ابن إسحاق، فحاصرهم المسلمون خمس عشرة ليلة.
سعت قريش للانتقام إثر هزيمتها في غزوة بدر، بسبب قتلاها في معركة بدر فجمعت من كنانة وغيرها من القبائل فخرجوا في 3000 مقاتل في 15 شوال من سنة 3 للهجرة. لما بلغ خبرهم لمحمد اجتمع باتباعه لوضع خطة الحرب فاقترح البعض أن يبقوا بالمدينة والتحصن بمعاقلها، واقترح بعض الشباب الخروج لمواجهتهم خارج المدينة، فمال محمد إلى الرأي الأخير وخرج بالمسلمين إلى أُحد. وبحسب التراث؛ انسحب عبد الله بن أبي بن سلول وثلاثمائة من أتباعه في الطريق وعادوا إلى المدينة، في حين تابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير، ووضع محمد الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة في 23 مارس. حاول فرسان جيش مكة بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدأوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش وتغيرت موازين المعركة، وأثناء ذلك، أشيع أن محمدا قتل، وانسحب محمد بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المكيون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا. قتل محموعة كبيرة من المسلمين من ضمنهم حمزة بن عبد المطلب عم محمد الذي يلقبه المسلمون السنة "سيد الشهداء" .
بعد معركة أحد كثف أبو سفيان جهوده لتشكيل تحالف من القبائل العربية لقتال محمد، في المقابل كانت سياسة محمد منع تشكيل ذلك التحالف قدر المستطاع ، فقام بقتل كعب بن الأشرف زعيم يهود بني النضير الذي قام بنظم شعر يستنفر قريشا ويدعوهم لقتال محمد انتقاما لقتلاهم في بدر وأحد. وبعد ذلك بعام قام محمد بطرد بني النضير من المدينة
حصار المدينة : بمساعدة من يهود بني النضير المنفيين، استطاع أبو سفيان حشد 10000 من الرجال من مختلف قبائل العرب، وتوجه بهم نحو المدينة. أعد محمد قوة قوامها 3000 مقاتل لمواجهة الغزو، واستخدم أسلوبا جديدا لم يكن معروفا في شبه جزيرة العرب في ذلك الحين، حيث أخذ بمشورة سلمان الفارسي وقام بحفر خندق حول المدينة وأضرم فيه النيران. حينما وصل تحالف العرب إلى المدينة يوم 31 مارس 627م فوجئوا بالخندق فقرروا محاصرة المدينة. استمر الحصار لمدة أسبوعين، بعدها قرروا العودة إلى ديارهم. يُذكر بالقرآن أن الله أرسل على الأحزاب ريحا شديدة اقتلعت خيامهم ومعداتهم مما دفعهم للرحيل.
في أثناء الحصار كان يهود بني قريظة قد دخلوا في مفاوضات مع قوات التحالف حول السماح لهم بالدخول إلى المدينة من الجزء الخاص بهم والقتال في صفوفهم، لكن المفاوضات فشلت بسبب حيلة استخدمها أحد أصحاب محمد لزرع عدم الثقة بين الجانبين. بعد أنتهاء المعركة اتهم المسلمون بني قريظة بالخيانة وقاموا بحصارهم 25 يوما, بعدها أعلن بنو قريظة استسلامهم واعترفوا بما حدث. فقام محمد بتحكيم سعد بن معاذ فيهم فحكم بقتلهم وتفريق نسائهم وأبنائهم عبيدا بين المسلمين. أمر محمد بتنفيذ الحكم وتم إعدام ما بين 700 إلى 900 شخص، واستثني من ذلك من اختار الدخول في الإسلام. من نتائج غزوة الأحزاب كذلك أن خسرت قريش تجارتها مع الشام نتيجة ضياع هيبتها بهزيمتها أمام محمد.
بعد غزوة الأحزاب قام محمد بحملتين عسكريتين إلى الشمال انتهتا بدون قتال . ولكن في طريق العودة من واحدة منهما تم توجيه تهمة الزنا لعائشة بنت أبي بكر زوجة محمد. بعدها بشهر تمت تبرئة عائشة بآيات قرآنية نزلت على محمد، وتمت معاقبة من خاضوا في عرضه بالجلد، كما نصت الآيات على ضرورة وجود 4 شهود إثبات على جريمة الزنا لكي تثبت
صلح الحديبية : في شهر ذي القعدة سنة 6 هـ في عام 628م، أمر محمد أتباعه باتخاذ الاستعدادات لأداء مناسك العمرة في مكة. فتحرك معه قرابة 1400 ويقال 1500من المسلمين. حين سمعت قريش بتحركهم، بعثوا قوة مؤلفة من 200 فارس بقيادة خالد بن الوليد لوقفهم. لكن محمدا اتخذ طريقا أكثر صعوبة وتفادى مواجهتهم، ووصل إلى الحديبية على مقربة من مكة. أرسل محمد عثمان بن عفان إلى قريش ليخبرهم أن المسلمين أتوا للعمرة وليسوا مقاتلين، وحينما تأخر في مكة سرت إشاعة بأنه قتل على يد قريش. فقرر محمد أخذ البيعة من الحجاج على قتال قريش فيما عرف ببيعة الرضوان. خلال هذا وصلت أنباء عن سلامة عثمان، فاستمرت المفاوضات مع قريش والتي أسفرت عن توقيع معاهدة عرفت بصلح الحديبية، ونصت بنودها على عدم أداء المسلمين للعمرة ذلك العام على أن يعودوا لأدائها العام التالي، كما نصت على أن يرد المسلمون أي شخص يذهب إليهم من مكة بدون إذن، في حين لا يرد المكيون من يذهب إليهم من المدينة. واتفقوا أن تسري هذه المعاهدة لمدة عشر سنوات، وبإمكان أي قبيلة أخرى الدخول في حلف أحد الطرفين لتسري عليهم المعاهدة.
كثير من المسلمين كانوا غير راضين عن بعض بنود المعاهدة حيث رأوها ظالمة للمسلمين. ومع ذلك، فإن سورة الفتح (القرآن 48: 1-29) احتوت ثناءً على المسلمين الذين بايعوا محمدا على القتال، كما وصفت الصلح بالفتح المبين. يقول ألفورد ولش إنه في وقت لاحق، سيدرك أتباع محمد الفائدة وراء هذه المعاهدة؛ وهذه المزايا تشمل إجبار المكيين على الاعتراف بمحمد كشريك وند على قدم المساواة معهم، ووقف الاقتتال لمدة طويلة من الزمن، واكتساب إعجاب بعض المكيين بإقرار شعيرة الحج في الإسلام.
توّجه محمد إلى خيبر ومعه ألف وست مئة مقاتل من المسلمين في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط محمد تحركه بسرية كاملة لمفاجأة اليهود. فوصل منطقة تدعى الرجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك. حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب. فاتفق معهم محمد على أن يعطوه نصف محصولهم كل عام على أن يبقيهم في أراضيهم.
كما بعث محمد رسائل إلى العديد من الحكام في العالم، داعيا إياهم إلى اعتناق الإسلام.[15] فأرسل رسله إلى هرقل الإمبراطورية البيزنطية (الإمبراطورية الرومانية الشرقية)، كسرى فارس، ومقوقس مصر وبعض البلدان الأخرى. وفي السنوات التي أعقبت صلح الحديبية، أرسل محمد قواته إلى الشمال فالتقوا مع القوات الرومانية في غزوة مؤتة، لكنهم انهزموا بسبب الفارق العددي الكبير
فتح مكة : دخلت قبيلة خزاعة في حلف مع محمد فسرت عليها بنود الصلح، في حين تحالف أعداؤهم بنو بكر مع مكة. بعد الصلح بعامين؛ شن بنو بكر غارة ليلية على خزاعة فقتلوا عددا منهم. وكانت قريش قد أعانت بني بكر بالسلاح وقاتل معهم جماعة منهم. فذهب عمرو بن سالم الخزاعي للاستنصار بمحمد الذي بعث برسالة إلى مكة وعرض عليهم فيها خيارات ثلاثة: إما دفع دية القتلى بين قبيلة خزاعة، أو أن تتنصل أنفسهم من بني بكر وإنهاء تحالفهم معهم، أو اعتبار صلح الحديبية منتهيا. أجابت قريش أنها لن تقبل سوى الشرط الأخير. ولكن سرعان ما أدركوا خطأهم وأرسلوا أبا سفيان لتجديد المعاهدة، وهذا ما تم رفضه من قبل محمد. وأمر محمد بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة ولعشر خلون من شهر رمضان 8 هـ سنة 630م، غادر محمد المدينة متجهاً إلى مكة، في عشرة آلاف مقاتل، ونودي بمكة «من دخل منزله فهو آمن ومن دخل الحرم فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن». فدخل مكة بدون قتال، وأعلن عفوا عاما عن كل أهل مكة، باستثناء عشرة منهم ممن قاموا بنظم الشعر لهجائه. اعتنق معظم أهل مكة الإسلام، وقام محمد في وقت لاحق بتدمير جميع تماثيل الآلهة العربية بداخل الكعبة وحولها
الصراع مع القبائل العربية : بعد وقت قصير من فتح مكة؛ تحالفت قبائل هوازن وثقيف وبني هلال ضد المسلمين. والتقى الفريقان في غزوة حنين؛ حيث قرر قائد جيشي هوازن وثقيف مالك بن عوف أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك من حماس جنوده في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات. وكان جيش المسلمين كبيراً بشكل أدخل الغرور في قلوب بعض المسلمين، حتى كان بعضهم يقول لن نهزم اليوم من قلة. ولكن في طريقهم إلى جيش هوازن وثقيف كان مالك قد نصب لهم كمينا في وادي حنين أصاب المسلمين بالصدمة والارتباك، وأشيع أن محمدا قتل، فبدأ المسلمون في الفرار والتراجع، لكن محمدا استطاع أن يعيد الثقة لجنوده وحول الهزيمة إلى نصر، وسرعان ما فر المتبقي من جيشي هوازن وثقيف إلى أماكن مختلفة.
وقعت غزوة تبوك في رجب سنة 9 هـ في أعقاب فتح مكة وانتصار المسلمين في الطائف، فوصلت محمدا أخبار من بلاد الروم تفيد أنَّ ملك الروم وحلفاءه من العرب من لخم وجذام وغسان وعاملة قد هيأ جيشاً لمهاجمة الدولة الإسلامية قبل أن تصبح خطراً على دولته. فما كان من محمد إلا أن أرسل إلى القبائل العربية في مختلف المناطق يستنفرهم على قتال الروم، فاجتمع له حوالي ثلاثين ألف مقاتل تصحبهم عشرة آلاف فرس. وبعد أن استخلف محمدٌ سباع بن عرفطة أو عبد الله بن أم مكتوم على المدينة، وعلي بن أبي طالب على أهله، بدأ الجيش تحركه، وقطعوا آلاف الأميال عانوا خلالها العطش والجوع والحر ومن قلّة وسائل الركوب، وقد سميت الغزوة "غزوة العسرة"، وقيل أنَّها جاءت عسرة من الماء وعسرة من الظهر، وعسرة من النفقة.
وبعد عام من معركة تبوك، بعث بنو ثقيف مبعوثين إلى المدينة المنورة للاستسلام لمحمد والدخول في الإسلام. وقدمت العديد من القبائل العربية على محمد لإعلان الدخول في الإسلام والتحالف مع محمد فيما عرف بعام الوفود. ومع ذلك، فإن البدو كانوا غرباء على نظام الإسلام ويريدون الحفاظ على استقلاليتهم، والعادات والتقاليد التي درجوا عليها. فكان محمد مطالبا بالتوصل إلى اتفاق عسكري وسياسي ينص على أن تعترف القبائل بسلطة المدينة، والامتناع عن الاعتداء على المسلمين وحلفائهم، ودفع الزكاة، والولاية الدينية للمسلمين
''''تحيات :[ (أبو العدل) أحمد فؤاد العدل بكفر علام]''''