قصيدة الفرذدق في مدح زين العابدين
ميمية الفرذدق في مدح زين العابدين بن الحسين بن علي
- رضي الله عنهم جميعا -
أنشدها مخاطبا بها هشام بن عبد الملك
في البيت الحرام
.....
كان هشام بن عبد الملك قد قدم إلى الحج في جمع من ذويه وكبار رجاله
وفي أثناء وجوده بالبيت الحرام رأى رجلا وقد تزاحم الناس حوله
و تسابقوا للسلام عليه
فتعجب لأمره ( من يكون هذا الذي يحتفي به الناس كل هذا الاحتفاء ؟ )
وكأنه استكثر عليه هذا الذي لم يصنعه الناس به وهو صاحب الملك والسلطان
فسأل : من هذا ؟ .. فقيل له : هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي
فقال الفرذدق : إن كنت لا تعرفه فأنا أعرفه
ثم أنشده قائلا :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته : و البيت يعرفـه و الحـل و الحـرم
هذا ابن خير عباد الله كلهـم : هـذا التقـي النقـي الطاهـر العلـم
هذا ابن فاطمـة إن كنـت جاهلـه : بجـده أنبيـاء الله قـد ختمـوا
وليس قولك من هذا بضائره : العرب تعرف مـن أنكـرت و العجـم
كلتا يديـه غيـاث عـم نفعهمـا : يستوكفـان ولا يعروهمـا عـدم
سهل الخليقة لا تخشى بوادره : يزينه اثنان حسن الخلـق و الشيـم
حمال أثقال أقوام إذا اقتدحـوا: حلـو الشمائـل تحلـو عنـده نعـم
ما قال لا قـط إلا فـي شهادتـه : لـولا التشهـد كانـت لاءه نعـم
عم البرية بالإحسان فانقشعت : عنها الغياهـب و الإمـلاق و العـدم
إذا رأته قريـش قـال قائلهـا : إلـى مكـارم هـذا ينتهـي الكـرم
يغضي حياء ويغضي مـن مهابتـه: فـلا يكلـم إلا حيـن يبتسـم
بكفه خيزران ريحه عبـق : مـن كـف أروع فـي عرنينـه شمـم
يكاد يمسكه عرفان راحتـه : ركـن الحطيـم إذا مـا جـاء يستلـم
الله شرفه قدمـا و عظمـه : جـرى بـذاك لـه فـي لوحـه القلـم
أي الخلائـق ليسـت فـي رقابهـم : لأوليـة هـذا أو لـه نـعـم
من يشكر الله يشكر أولية ذا : فالدين مـن بيـت هـذا نالـه الأمـم
ينمى إلى ذروة الدين التي قصرت : عنها الأكف و عـن إدراكهـا القـدم
من جده دان فضل الأنبيـاء لـه : وفضـل أمتـه دانـت لـه الأمـم
مشتقة من رسول الله نبعتـه : طابـت مغارسـه و الخيـم و الشيـم
ينشق ثوب الدجى عن نور غرته : كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم
من معشر حبهم دين و بغضهم : كفـر و قربهـم منجـى و معتصـم
مقدم بعد ذكـر الله ذكرهـم : فـي كـل بـدء و مختـوم بـه الكلـم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم : أو قيل من خير أهل الأرض قيل هـم
لا يستطيع جـواد بعـد جودهـم : ولا يدانيهـم قـوم و إن كرمـوا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت : و الأسد أسد الشرى و البأس محتـدم
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم : سيان ذلك إن أثروا و إن عدمـوا
يستدفع الشر و البلوى بحبهم : و يستـرب بـه الإحسـان و النعـم