الكبائر السبع للاتحاد الاشتراكي في حكومة التناوب
سبق لجريدة التجديد أن اتهمت الاتحاد الاشتراكي بارتكابه لعدد من الكبائر عددت منها سبعة في عددها الصادر في 25 شتنبر 2002، واليوم والحديث يجري عن التحالفات قبيل وبعد الانتخابات التشريعية المبكرة حق لنا أن نعيد قراءة هذا المقال لنرى إن كان هناك إمكانية لحصول تحالف بين حزب العدالة والتنمية أو أي حزب إسلامي آخر والاتحاد الاشتراكي المتهم من قبل تلك الأحزاب بمحاولة علمنة الدولة بكل وسائل الخداع والتضليل، وحتى في حالة التحالف فإلى أي حد سيكون.
وهذا نص المقال:
الكبائر السبع للاتحاد الاشتراكي في حكومة التناوبهي سبع كبائر علينا أن نتذكرها جيدا ونحن نتوجه إلى صناديق الاقتراع يوم الجمعة 27 شتنبر حتى لا نمنح الفرصة لتكرارها في السنوات الخمس المقبلة، وسيذكر التاريخ أن حكومة التناوب كما فشلت في محاربة الفقر وإصلاح القضاء والإدارة وإنعاش الاستثمار وحل مشكلة البطالة وإصلاح التعليم، كانت لها كبائر عظمى فضحت حقيقة المشروع العلماني المتساهل مع الجهات الفرنكوصهيونية ببلادنا، وهي كبائر أكثر من أن تعد وتحصى، ولا نقدم منها إلا ما انفضح وانكشف فما خفي أعظم.
الكبيرة الأولى:استضافة الصهاينة والتغطية على مشاريع الاختراق الصهيوني بالمغرب.
برزت هذه الكبيرة في محطات عدة وذلك منذ انطلاق حكومة التناوب كعدم تحريك أي ساكن أمام قيام بعثة تجارية صهيونية بزيارة المغرب في النصف الثاني من شتنبر 2000، إلا أن الفضيحة كانت قوية في ثلاث محطات كبرى، أولاها عندما تم الإصرار على استضافة حزب العمل الصهيوني المشارك في حكومة شارون والذي لم تجف أيديه بعد من مجزرة جنين، وإلى جانبه حزب ميرتز في مؤتمر الأممية الاشتراكية بالدار البيضاء وذلك يوم الجمعة 13 ماي 2002، على الرغم من احتجاج عموم القوى الوطنية واليسارية والإسلامية بالمغرب، والأنكى من ذلك خرج مجلس الأممية الاشتراكية بتوصية تضمنت كارثة وطنية وإسلامية بالنسبة للحق العربي والإسلامي في أرض فلسطين، حيث تم القبول بالقيام بتسوية في موضوع اللاجئين يتم على أساس اعتماد مبدأ الصندوق الدولي لتعويضه، وهي فكرة صهيونية تعارضها مختلف القوى الفلسطينية وكانت أحد أسباب فشل قمة كامب ديفيد الثانية في يوليوز 2000، وهي تعارض جذريا حق العودة لكافة الفلسطينيين إلى أرضهم المغتصبة، والغريب أن هذه التوصية لم تنطلق من تثبيت هذا الحق كما نص عليه القرار الأممي 194، وما يؤكد الجوهر الصهيوني للفكرة هو أن الدولة الصهيونية تعتبر نفسها غير مسؤولة عن دفع تلك التعويضات بل ينبغي أن تدفع من صندوق دولي مرغم أن جرائم الاغتصاب والترحيل والطرد والاستيطان قد تمت من طرفها.
أما المحطة الثانية فظهرت في الاستماتة في رفض مقترح القانون الذي قدم إلى مجلس النواب من أجل منع التعامل التجاري استيرادا وتصديرا مع العدو الصهيوني، وقد عمل فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب على إدراج المقترح ضمن التعديلات المطروحة على القانون المالي الخاص بسنة 2002، وقد تواطأت الحكومة والأغلبية سواء داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية أو في الجلسة العامة ليوم 13نونبر 2001 من أجل إجازته والضغط من أجل سحبه، وبعد أن تقرر إدراجه في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، حصل التسويف المتكرر في البت فيه إلى أن انقضت الولاية التشريعية.
وفي المحطة الثالثة ظهر موقف كتابة الدولة لدى الوزير الأول المكلفة بالبريد وتقنيات المواصلات والإعلام والتي يرأسها الاتحادي نصر حجي، وذلك بخصوص عملية التطبيع التي تقوم بها اتصالات المغرب مع شركة العدو الصهيوني ومؤسساته، مما يمثل تهديدا خطيرا لأمن المعلومات والاتصالات ببلادنا، وذلك في جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الأربعاء 29 نونبر 2002، وعوض أن يقوم المسؤول بالعمل على فتح تحقيق حول هذه العمليات نجده يدافع ويغطي على الشركة قائلا "لم تقم اتصالات المغرب بإبرام أي عقد مع شركة "كونفيرس" أو أي شركة إسرائيلية أخرى"، هذا في الوقت الذي قدم له الفريق أسماء شركات إسرائيلية تتعامل مع اتصالات المغرب مثل "جيلطيك" وشركة "راد" فضلا عن "كونفيرس" التي تقوم بمهام الصيانة. ونختم بكازينو مالاباطا ـ طنجة الدولي للقمار، والذي تم افتتاحه في عز انتفاضة الشعب الفلسطيني.
الكبيرة الثانية: العمل على تعميم الربا
حيث أقدمت حكومة التناوب بدعوى محاربة الفقر على طرح قانون السلفات الصغيرة والذي يجعل عملية القرض مشروطة بالفائدة الربوية المحرمة، وقد أصرت حكومة التناوب وخاصة المرتبطين من أعضائها بالاتحاد الاشتراكي برفض قبول التعديل الذي تقدمت به المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية والذي يقضي بإدراج صيغ تمويل لاربوية ضمن هذا القانون، وتمت إجازة هذا القانون بتاريخ 7 يناير 9991 بصيغة وحيدة في التمويل وهي الصيغة الربوية رغم أن الله سبحانه وتعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فاذنوا بحرب من الله ورسوله).كما أن الحكومة مانعت طوال هذه الولاية التشريعية في الترخيص بالمعاملات المالية الإسلامية وللبنوك اللاربوية.
الكبيرة الثالثة: إشاعة الخمور
تتعدد هنا خطوات الحكومة في تيسير إشاعة الخمر والتي جعلت مداخيل رسوم الخمر ترتفع من سنة 1998 إلى سنة 2001 بـ 26% كما جعلت مداخيل رسوم الجعة ترتفع بـ 41% في نفس الفترة دون أن يكون ذلك ناتجا عن رفع قيمة الرسوم أي أن الاستهلاك هو الذي ارتفع. ونعتبر أن المسؤول الأول عن هذه الوضعية هو حكومة التناوب أولا لأنها هي التي قامت بإنقاذ شركة "سانكومار" لصناعة وإنتاج الخمور والذي صادقت اللجنة الوزارية التي رأسها الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي في 17 ماي 1999 بإقرار تخلي الدولة من 4 ملايير سنتيم من ديونها الجبائية وكذا مساهمة شركة "صوديا" بـ 2 مليار درهم غي رأسمال الشركة، وذلك بدعوى إنقاذ الشركة وضمان ماشتمراريتها وفعاليتها باعتبارها من أهل شركات الصناعة الغذائية بالمغرب، مع الإشارة إلى أن هذه الشركة كان قد بلغ مجموع ديونها 28مليار سنتيم، مما جعلها على حافة الإفلاس باعتراف من الحكومة نفسها.
والحكومة مسؤولة ثانيا عن هذه الوضعية باعتبار تماطلها في التعاطي بإيجابية مع مقترح القانون الذي تقدم به الفريق الاستقلالي ودعمه فريق العدالة والتنمية حول منع المشروبات الكحولية أو الممزوجة بالكحول والمعاقبة على صنعها وتقطيرها ونقلها وبيعها واستيرادها وتناولها والدعاية لها، بل إنها لجأت إلى الفصل 51 من الدستور لاستعماله في مواجهة هذا المقترح باعتباره يحد من الموارد المالية للدولة، وقد تعرض هذا المقترح لعمليات تأجيل وتماطل حتي انتهت الولاية التشريعية دون أن يبت مجلس النواب فيه، كما أن الحكومة مسؤولة باعتبارها متماطلة في تحريك النصوص القانونية المتعلقة بمنع متعاطي الخمور من طرف المسلمين، بل عرف عهد حكومة التناوب منح تراخيص لمؤسسات كثيرة تقوم بترويج الخمور، فضلا عن التغاضي عن عمليات الإشهار المفضوحة التي تتم لها.
الكبيرة الرابعة التواطؤ لإفساد المجتمع المغربي وتمرير مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية
رغم تملص الاتحاد الاشتراكي من مسؤولية مشروع الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية وإلصاقها بحزب التقدم والاشتراكية واعتباره المسؤول عن اعتمادها وتوريط الحكومة فيها، إلا أن المؤكد أن يوم الإعلان عن الخطة عرف تبنيا لها من طرف الوزير الأول حيث عرفت مدينة الدار والبيضاء يوم 19 مارس 1999 حفل هذا الإعلان والذي خطب فيه الوزير الأول معتبرا هذه الخطة مكسبا للمرأة ومفتخرا بها، وذلك قبل انفجار فضيحة مصادمتها للشريعة الإسلامية فيما اقترحته من بنود حول مدونة الأحوال الشخصية، فضلا عن الإجراءات التي تضمنتها بخصوص الصحة الإنجابية والتي برز فيها تشجيع للعلاقات غير الشرعية بين الجنسين.
وقد برزت مسؤولية الحكومة واضحة عندما أعلن الوزير الأول عبد الرحمن اليوسفي يوم 71 يناير 2000 عن فتح حوار حول الخطة، إلا أنه فشل قبل أن ينطلق بسبب الطريقة التي جرى بها تعيين أعضاء هذه اللجنة من جهة، ولاستمرار الحكومة في الترويج والدعاية للخطة مما أدى لتنظيم مسيرة وطنية بالدار البيضاء لمواجهة هذا الإصرار الحكومي على هذا المشروع التغريبي التبعي، ورغم التعديل الحكومي الذي تم في شتنبر 2000 وأدى إلى ذهاب المسؤول الحكومي المعني بالملف ومجيء مسؤول جديد منتمي للاتحاد الاشتراكي إلا أن هاتين السنتين عرفتا استمرارا في تطبيق المقتضيات الخاصة بالمقاربة حسب النوع والصحة الإنجابية ضدا على ما تم إقراره في المخطط الخماسي.
الكبيرة الخامسة: محاولة منع بيع المصحف الكريم بالمعرض الدولي للكتاب
حيث فوجئ المغاربة بإقدام مسؤولي المعرض الدولي للكتاب لسنة 2000 عن توجيه رسائل لعدد من دور النشر تعلن فيها "نظرا لما تعرفه السوق المغربية مباشرة بعد المعرض خاصة في مجال بيع المصحف الكريم فقد تقرر عدم بيعه بالمعرض". وبعد انكشاف هذه السابقة الخطيرة أصدرت وزارة الاتصال والثقافة والتي يقف على رأسها وزير اتحادي بيانا تقول فيه: "أن الوزارة رفضت السماح لبعض تجار الكتب بإغراق المعرض والسوق المغربية عموما بالمصحف الكريم بقراءة حفص" مما دل على جهل فظيع في الفرق بين رواية حفص ورواية ورش المنتشرة في صفوف المغاربة، وبعد مساجلات حادة سواء في البرلمان أو على مستوى الشارع السياسي، تراجعت الوزارة عن هذا القرار المشؤوم والذي لم يسبق أن جرؤ أحد على اتخاذه.
الكبيرة السادسة: قمع الحريات
فقد عرفت الولاية التشريعية 1997 ـ 2002 انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان نذكر منها الأمثلة التالية:
ـ القمع والاعتقال والاضطهاد الذي عرفته عدد من المدن المغربية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان وذلك يومي 9 و10 دجنبر 2000 وأدت إلى اعتقالات عشوائية بسبب إقدام الجمعية المغربية لحقوق الإنسان يوم 9 دجنبر على تنظيم وقفة احتجاجية بالرباط ثم بعدها إقدام جماعة العدل والإحسان على تنطيم ثمان مسيرات يوم 10 دجنبر بثمانية مدن.
ـ عمليات الحجز والمنع المتوالية للصحف المغربية وخصوصا منع كل من أسبوعيات "الصحيفة"و "لوجورنال" ومجلة "دومان" يوم 2 دجنبر 2000، فضلا عن عمليات الحجز والمصادرة التي تمت في حق كل من "رسالة الفتوة" و"العدل والإحسان" و"المستقل" و"الصحيفة" وغيرها...
ـ استمرار عدم الترخيص للهيئات السياسية والجمعوية مثل ما حصل مع جمعية البديل الحضاري ثم حزب البديل الحضاري.
ـ المنطق الانتقائي في تصفية الملفات العالقة من الاعتقال السياسي بالمغرب، حيث مازالت الملفات المرتبطة بكل من مجموعة 1975وبعض الأفراد من مجموعتي 71 و26 ـ مجموعة وجدة ـ، و12 معتقلا من مجموعة طلبة وجدة، وستة من مجموعة المحاكمة العسكرية لسنة 4991، وسبعة من مجموعة المحاكمة العسكرية لسنة 1996، إضافة إلى حالة محمد بوصوف لسنة 1999.
ـ الاعتداءات المتواصلة على المجازين والمعطلين المعتصمين وخصوصا أثناء تظاهرهم أمام الباب والرئيسي لمجلس النواب، وذلك مثلما حصل في أواسط يونيو 2001 و15 أكتوبر 2001و14 نونبر 2001، هذا التاريخ الأخير الذي عرف واعتداءا شنيعا على الشغيلة التعليمية التي نظمت وقفة احتجاجية على إثر إضرابها أمام وزارة الاقتصاد والمالية وتعهد وزير الاتصال بفتح تحقيق في هذا الاعتداء إلا أن الرأي العام لم ير أي نتيجة لهذا التحقيق.
ـ عودة أساليب الاختطاف والتعذيب في مواجهة المواطنين ودون احترام الإجراءات الدولية لضمان المتابعة والمحاكمة العادلة، وهو ما عرفته بلادنا في هذا الصيف وخصوصا في شهري يونيو ويوليوز 2002.
ـ الاحتكار الحكومي لوسائل الإعلام العمومي وهيمنة حزب الاتحاد الاشتراكي بالأساس على البرامج الإعلامية الحوارية بالقناتين الأولى والثانية.
الكبيرة السابعة: تعميق أزمة التشغيل والبطالة والمديونية العمومية
في الحملة الانتخابية لسنة 997، قدم الاتحاد الاشتراكي سلسلة إجراءات بلغت 750 إجراءا في مجالات شتى معلنا عن قدرته على الحل التدريجي لمشكلة البطالة، وصرح بعد ذلك وزيره في الفلاحة الحبيب المالكي عن إمكانية تشغيل 180 ألف مواطن في السنة أي أن الحصيلة المفترضة بعد أربع سنوات ونصف هي 810 ألف منصب شغل، إلا أن الواقع خلاف ذلك، فقد ارتفع معدل البطالة في الوسط الحضري إلى 19.5% سنة 2001، بعد أن كان سنة 1997 بمعدل 16.9 % مع الإشارة إلى أنه في سنة 1999 ارتفع إلى 22% ، وفي سنة 2000 بلغ 5.12% ، مع الإشارة إلى أن نسبة حاملي الشهادات العاطلين تصل إلى أزيد من 82%، وهي كلها مؤشرات رقمية تفضح حقيقة الإنجاز الحكومي في القضاء على الأوضاع الاجتماعية المتأزمة ومحاصرة البطالة المتفشية.
أما عن مستوى المديونية فلقد تباهت الحكومة وباستمرار بقدرتها على تخفيض الدين الخارجي إلى 14.1مليار دولار سنة 2001، بعد أن كانت في سنة 19.1997 مليار دولار، إلا أن هذا التخفيض كان على حساب المديونية الداخلية حيث أن المديونية العمومية الإجمالية الداخلية والخارجية ارتفعت من 270 ميار درهم سنة 1998 إلى 293.5 مليار درهم سنة 2001 مما كان لذلك انعكاس بالغ على الاستثمار الداخلي واستنزاف السيولة المالية في تدبير نفقات الدولة، مما فاقم من أزمة الاقتصاد الوطني.
خلاصة
إنها فقط بضعة كبائر في سجل هذه الحكومة إجمالا، وسجل الاتحاد الاشتراكي تحديدا لم نرد أن ندمج فيها بعض فضائح وزرائه في الحكومة والامتيازات الخيالية التي استفاد منها بعض أعضائها، مما يضرب في العمق أحاديث ميثاق حسن التدبير، ولنا أن نتحداهم أن يكشفوا تصاريح ممتلكاتهم بين 1997و2002.