أسس الحياة الزوجية الكريمة
أسس الحياة الزوجية الكريمة
أسس الحياة الزوجية الكريمة
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) .
السكون ، المودة ، الرحمة ، ثلاثة أسس متينة لحياة زوجية كريمة ، فلا صخب ، ولا عنف ، ولا قسوة .
هكذا هي نظرة القرآن الكريم ، مودة جاذبة ، ورحمة تعدِّل النسبة عند التقصير ، وسكون يبعث بالطمأنينة ، فينشر الهدوء .
وحيث أن الأمور تجري بأسبابها فإن زرع أسباب المودة والرحمة مسؤولية الزوجين معاً ، فلا ينتظران أن تنزل عليهما المحبة من السـماء إذا تنكرا للأسباب .
فهذه وصية الإمام زين العابديــن (ع) توضح لك معالم الطريق حيث يقــول : ( وأما حق زوجتك ، فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكناً وأنساً ، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب ، فإن لها عليك أن ترحمها ، لأنها أسيرتك ) .
وعند الكشف عن حقيقة العلاقة يظهر أن المسألة تقوم على أساس الحقوق والواجبات ، فواجبات الزوجة حقوق الزوج وواجبات الزوج حقوق الزوجة.
واجبات الزوج
إن قانون الحياة قائم على أساس العطاء و الجناء ، فعندما تعطي الأرض بذراً تجني ثمراً ، وعندما تزرع المودة تجني الحب ، وعندما تغرس السكون تقطف الطمأنينة ، ويحكم هذا القانون التجانس بين البذر والثمر ، فمحال على من يزرع الشوك أن يجني العنب ، وعلى من يزرع القلق أن يجني غير التعب ، وهاك بعض الواجبات :
1- احترام الزوجة
قال رسول الله (ص) : من اتخذ زوجة فليكرمها .
و قال (ص) : أخبرني أخي جبرائيل ، ولم يزل يوصيني بالنساء حتى ظننت أن لا يحل لزوجها أن يقول لها ( أف ) يا محمد : اتقوا الله عز وجل في النساء فإنهن أسيرات بين أيديكم أخذتموهن على أمانات الله .
2- منحها الإحساس بوجودها
إن المرأة تمتلك كل مقومات الإنسانية ، فهي إنسان كما الرجل ، ولها مشاعرها الخاصة ، وبالتالي فإن تهميشها في شؤون الحياة الزوجية ، يعد قتلاً لمشاعرها وأحاسيسها ، ولذا فعليك أيها الزوج الكريم أن تستشيرها فيما تراه من شؤونها حتى ولو لم يكن من نيتك أن تعمل برأيها ، فهذا هو بُعد الحديث الذي يقول : ( شاوروهن وخالفوهن ) .
كما أن عليك أن تمنحها وقتاً للحديث فيما يصلح شؤون الأسرة ، فإنها تعتبر نفسها شريكاً في صنعها .
وتجنب ما يولد في نفسها الإحساس بالتهميش ، كتركها وحيدة أثناء قيامك بسهرات طويلة ، أو رحلات ترفيهية مثلاً .
3- منحها الإحساس بالأمان
إن المرأة تمتلك شعوراً وإحساساً قوياً بضرورة كونها محمية من قبل زوجها ، فإذا صار الزوج جلاداً ، صارت الأسرة ضحية .
إن القسوة في التعاطي لهي بذرة الشقاء و الشقاق ، كما أن اللين هو طريق الأماني و الأمان ، فلا تكن أيها الزوج العزيز جلاداً يرفع سياط التقريع ، فوق رؤوس من يَعُول ويحمي ، واعتبر بوصية أمير المؤمنين (ع) لابنه الحسن (ع) حيث يقول له : لا يكونن أهلك أشقى الخلق بك .
وامنحها الإحساس بوجودك إلى جنبها ، فإنها ترى فيك الكهف الذي تلجأ إليه في الشدة .
4- منحها التقدير المخلص
إن الزوجة هي الصديق الأقرب للزوج ، وليست مجرد وسيلة للمتعة فقط ، كما أنها ليس مجرد خادمة تطبخ وتغسل وتكنس وتنظف وغير ذلك ، وكأنها آلة لا تمل ولا تكل .
فلا تكن الزوج الذي يبخل بكلمة تقدير أو تشجيع على ما تقوم به الزوجة من إنجازات تقع تحت مسؤوليتها ، وكأنك تنتظر أن يأتي أحد من خارج المنزل ليقيِّم جهودها الخفية التي لا يطلع عليها أحد غيرك .
كما لا تبخل بكلمات الشكر على ما تقدمه لك ، ولو كان ذلك من مستوى تقديم القهوة أو الماء ، فإن ذلك لو فعله أحد أصدقائك لشكرته وأثنيت ، فكيف بزوجتك وهي أقرب أصدقائك إليك .
يحكى أن امرأة قروية كانت تصنع الطعام لرجال عشيرتها مدة عشرين عاماً دون أن تسمع منهم كلمة تقدير واحدة ، وذات يوم أبدلت الطعام بعلف للماشية ، وإذا بصرخات الغضب ترتفع في وجهها ، فقابلت تلك الصرخات بقولها : ما كنت أحسب أنكم تميزون بين الطعام والعلف ، فإني لم أسمع منكم طوال عشرين عاماً كلمة شكر تدل على إنسانيتكم .
فاعتبر أيها الزوج الكريم ولا تكن كأولئك القرويين ، تغض الطرف عن الجهود العظيمة ، وتنتقد أدنى خطأ أو تقصير .
5- تجنب الانتقادات اللاذعة
اعلم أيها الزوج العزيز أن كثيراً من الأزواج يظنون أن رجولتهم إنما تتجلى في اتخاذ المواقف القاسية مع زوجاتهم ، وهذا خطأ كبير .
فهذا أمير المؤمنين (ع) يقول لك : المرأة ريحانة وليست بقهرمانة .
وهذا رسول الله (ص) يقول لك : المرأة ضلع مكسور فاجبروه .
وهذا صادق آل محمد ينقل عن جده رسول الله (ص) قوله : إنما المرأة مثل الضلع المعوج ، إن تركته انتفعت به ، وإن أقمته كسرته .
واعلم أن نسبة كبيرة جداً من حالات الطلاق وتدمير الأسر سببه النقد اللاذع الموجه من أحد الزوجين إلى الطرف الآخر .
فإذا ابتليت بما يستوجب الإصلاح فلا تنس أن تستخدم في علاجك الأدوات القرآنيـة : ( المودة والرحمة ) .
6- الاهتمام باللَّفتات الصغيرة .
إن الكلمة الطيبة كالتحية الصباحية أو المسائية ، والهدية المتواضعة حتى ولو كانت من مستوى الوردة الواحدة ، وعبارات الود والمحبة هي مفتاح القلب ، وبذرة السعادة ، فعن رسول الله (ص) : ( قول الرجل للمرأة إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً ) .
فليس من الحكمة أيها الزوج العزيز أن تغفل مثل هذه الأمور ، فإن إغفالها يحوِّل العلاقة الزوجية إلى علاقة ميكانيكية جوفاء تهتز عند أبسط الأمور .
7- حفظ أسرار الزوجة
إن إفشاء الزوج لأسرار زوجته يولد فيها الإحساس بالحذر وفقدان الثقة والطمأنينة ، مما ينعكس سلباً على أجواء الحياة الزوجية ، هذا فضلاً عن كونه محرَّماً شرعاً لما يستبطنه من خيانة أمانة ، وغيبة أو انتقاص .
ينقل عن بعض الصالحين حين أراد أن يطلِّق زوجته أنَّه سئل : أيُّ عيب رأيت منها تريد طلاقها من أجله ؟
فقال : إنَّ العاقل - في أيِّ وقت - لا يهتك زوجته .
ولما طلَّقها ، وانتهت عدَّتها ، وتزوَّجت آخر سُئِل : الآن وهي ليست زوجتك ، أي عيب كان فيها حتَّى طلَّقتها ؟
فقال : ما أنا وزوجة النَّاس ؟
معنى الهجران والضرب
قال تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً أن الله كان علياً كبيراً } النساء / 34 .
غالباً ما يتصور من يمر بهذه الآية المباركة أن ضرب الزوجة أمر مشروع ، وقد يذهب بتصوره إلى أبعد الحدود ، وهذا خطأ بالغ ، فإن الآية المباركة تتحدث عن مراحل إصلاحية تدرجية تصاعدية تبدأ بالموعظة ، وهي بعيدة كل البعد عن التشفِّي والانتقام .
فأما الهجران في المضاجع فمعناه كما عن الإمام الباقر (ع) : ( أن يحوِّل ظهره إليها ) .
وأما الضرب فيحدده الإمام الباقر (ع) بقوله : ( أنه يضربها بالسواك ) .
والسواك - كما هو معلوم - عود صغير يستخدم لتنظيف الأسنان ، لا يتجاوز حجمه حجم السيجارة .
فلا تذهب أيها الزوج الكريم إلى حدود بعيدة في معنى الهجران أو الضرب ، وتتصور أن الضرب مشروع بجميع أشكاله ، وأعلم أن الضرب أو اللطم إن كان في الوجه و نتج عنه احمرار أو اخضرار أو اسوداد ، فإن فيه الدية ، ودية الاحمرار دينار ونصف ، و الاخضرار ثلاثة دنانير ، والاسوداد ستة دنانير ، والدينار قطعة نقدية ذهبية ، تقارب ثلث الليرة الذهبية في أيامنا هذه .
عقاب الزوج السيئ
1- سوء الخلق مع الزوجة
عن أبي عبد الله الصادق (ع) قال : أُتي رسول الله (ص) فقيل : إن سعد بن معاذ قد مات ، فقام رسول الله (ص) وقام أصحابه معه ، فأمر بغسل سعد وهو قائم على عضادة الباب ، فلما حنط وكفن وحمل على سريره تبعه رسول الله (ص) بلا حذاء ولا رداء ، ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة ، ويسرة السرير مرة ، حتى انتهى به إلى القبر ، فنزل رسول الله (ص) حتى لحده ، وسوى اللِّبن عليه ، وجعل يقول ناولوني حجراً ، ناولوني تراباً رطباً يسد به ما بين اللِّبن ، فلما أن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره ، قال رسول الله (ص) : إني لأعلم أنه سيبلى ويصل البلى إليه ، ولكن الله يحب عبداً إذا عمل عملاً أحكمه .
فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد : يا سعد هنيئاً لك الجنة .
فقال رسول الله (ص) : يا أم سعد ! مه لا تجزمي على ربك ، فإن سعداً قد أصابته ضمة ( أي ضغطة في القبر ) .
قال (ع) : فرجع رسول الله (ص) ورجع الناس ، فقالوا له : يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد ؛ إنك تبعت جنازته بلا رداء ولا حذاء ؟
فقال (ص) : إن الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء ، فتأسيت بها .
قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير مرة ويسرة السرير مرة ؟
قال (ص) : كانت يدي في يد جبرائيل (ع) آخذ حيث يأخذ .
قالوا : أمرت بغسله ، وصليت على جنازته ، ولحدته في قبره ، ثم قلت : إن سعداً قد أصابته ضمة ؟!
فقال (ص) : نعم إنه كان في خلقه مع أهله سوء .
2- ضرب الزوجة
- عن رسول الله (ص) : أيما رجل لطم امرأته لطمة ، أمر الله عز وجل مالك خازن النيران فيلطمه على حر وجهه سبعين لطمة في نار جهنم .
- وعنه (ص) أيضاً : أيما رجل ضرب امرأته فوق ثلاث ، أقامه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، فيفضحه فضيحة ينظر إليه الأولون والآخرون .
3- السماح للزوجة بالتبرج
- عن أمير المؤمنين (ع) : ( صيانة المرأة أنعم لحالها وأدوم لجمالها ، و ما من رجل تطلب منه زوجته الذهاب إلى العرسات وتطلب منه الثياب الرقاق فيجيبها إلا أكبه الله على وجهه في النار ) .
إن الغيرة على العرض خصلة من الخصال التي يحبها الله ورسوله ، كما في الحديث عن الإمام الصادق (ع) قال : أُتي النبي (ص) بأسارى فأمر بقتلهم خلا رجل من بينهم ، فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا محمد ، كيف أطلقت عني من بينهم ؟
فقال (ص) : أخبرني جبرائيل (ع) عن الله عز وجل أن فيك خمس خصال يحبها الله عز وجل ورسوله : الغيرة الشديدة على حرمك ، والسخاء ، وحسن الخلق ، وصدق اللسان ، والشجاعة .
فلما سمعها الرجل أسلم وحسن إسلامه ، وقاتل مع رسول الله (ص) قتالاً شديداً حتى استشهد .
وينقل أن علياً (ع) دخل يوماً على فاطمة الزهراء (ع) فوجدها تنظف أسنانها بالسواك ، فوقف (ع) مخاطباً السواك الذي يؤخذ من شجر الأراك بقوله :
ألا خشيت يا عود الأراك أراك يا عـود الأراك حظيـت بثغرها
ما نجا مني يا سواك ســواك لو كنت من أهل القتـال قتلتك
أيها الزوج العزيز لا تسمح لعينيك أن تنزلق عن هذين البيتين ، فتمر عليهما مرور الكرام ، بل توقف عندهما ، وتأمل ما فيهما من طيب كلام ، ومشاعر حب ، وغيرة ، وإخلاص .... وكأنهما يختصران كل ما تقدم من صفات ينبغي للزوج أن يتحلى بها في مجالات حياته الزوجية .
واجبات الزوجة
1- احترام الزوج
لقد شددت الشريعة المطهرة على احترام الزوجة لزوجها لدرجة أن النبي (ص) قال : لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها .
ثم إن احترام الزوج لا يقتصر على احترامه شخصياً ، بل يشمل احترام عمله ، واحترام والديه و أقاربه وأصدقائه ، وكل من يمت إليه بصلة ، فإن احترام هؤلاء هو احترام غير مباشر للزوج ، كما أن أذية هؤلاء تُعَدُّ أذية للزوج .
2- طاعة الزوج
عن أبي عبد الله (ع) أنَّه قال : إنَّ رجلاً من الأنصار على عهد رسول الله (ص) خرج في بعض حوائجه ، فعهد إلى امرأته ألاَّ تخرج من بيتها حتَّى يقدم .
قال : وإنَّ أباها مرض ، فبعثت المرأة إلى رسول الله (ص) فقالت : إنَّ زوجي خرج وعهد إليَّ ألاَّ أخرج من بيتي حتَّى يقدم ، وإنَّ أبي قد مرض ، فتأمرني أن أعوده ؟
فقال رسول الله (ص) : لا ، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك .
قال : فثقل ، فأرسلت إليه ثانياً بذلك ، فقالت : فتأمرني أن أعوده ؟
فقال (ص) : اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك .
قال : فمات أبوها ، فبعثت إليه إنَّ أبي قد مات ، فتأمرني أن أصلِّي عليه ؟
فقال (ص) : لا ، اجلسي في بيتك وأطيعي زوجك .
قال : فدفن الرجل ، فبعث إليها رسول الله (ص) : إنَّ الله تعالى قد غفر لكِ ولأبيكِ بطاعتِكِ لزوجِكِ .
3- عدم تكليفه بما لا يطاق
قال رسول الله (ص) : لا يحل للمرأة أن تكلف زوجها فوق طاقته ، ولا تشكوه إلى أحد من خلق الله عز وجل ، لا قريب ولا بعيد .
و قال (ص) : ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من يفر من شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر كالثعلب بأشباله ، قالوا : ومتى ذلك الزمان ؟ قال : إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله ، فعند ذلك حلت العزوبة ، قالوا : يا رسول الله أمرتنا بالتزويج ! قال : بلى ولكن إذا كان ذلك الزمان فهلاك الرجل على يدي أبويه ، فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده . قيل : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ قال : يعيرونه بضيق المعيشة ويكلفونه ما لا يطيق حتى يوردوه موارد الهلكة .
4- اجتناب الانتقاد و الغيرة المفرطة
إن انتقاد الزوجة لزوجها فيما يتعلق بمظهره ، أو طريقة كلامه ، أو مشيته ، أو غيرها من سائر التصرفات يولد في نفسه شعوراً بالإحباط و الشقاء .
كما أن استخدام طريقة التحقيق معه ، أين ذهبت ؟ ومع من تحدثت ؟ ومن صادفت في الطريق ؟ ومع من جلست ؟ وماذا رأيت ؟ ولماذا تأخرت ؟ وغيرها من الأمور ، تولِّد حالة من النفور ، تنعكس سلباً على الأجواء الزوجية ، وربما تؤدي إلى ما لا تحمد عقباه .
ولا بأس هنا من إيراد هذه الحادثة الطريفة التي حدثت في لندن و نشرتها إحدى الصحف :
قام رجل أتعبته وصايا زوجته العشر ، بجلد شريكة عمره بواسطة جذع نبتة اصطناعية ، بعدما منعته من مشاهدة مسلسل تلفزيوني ، تقوم ببطولته ممثلة جميلة ، فمزق الزوج قميص زوجته لكشف ظهرها ، قبل أن يتناول قضيب النبتة ، ويجلدها به .
ولم ينكر الزوج في المحكمة تهمة ضرب زوجته ، بل اعترف بها بكل فخر ، مع التشديد على أنه سيعيد الكرة مثنى وثلاثاً ورباع .. وخماساً إذا اقتضت الحاجة ، لأنها ( ما بتنحمل ) وهلكت نعمته بغيرتها غير المبررة .
وقال الزوج للقاضي : والله العظيم يا سيدنا .. طفح الكيل ، ولم أعد أحتمل .. إنها امرأة لا تطاق .. تصور أنها تمنعني من العمل وحيداً ، وتصر على مرافقتي إلى المنازل التي أقوم بتركيب الموكيت فيها ، حتى لا أنظر إلى صاحبة البيت أو إلى الخادمة أو إلى أية امرأة أخرى يمكن أن أصادفها خلال عملي .
وأضاف : تصور يا سيدنا أنها تحرِّم عليَّ مشاهدة البرامج التلفزيونية لحد المنع من استماع نشرات الأخبار إلا إذا كان قارئها رجلاً .
وعندما سأله القاضي عما إذا كان يملك إثباتاً ، سحب الزوج من جيبه لائحة الوصايا العشر التي أعدتها له زوجته ، وقرأها بصوت عال وسط قهقهة الحاضرين ، وجاء فيها :
1- ممنوع مشاهدة البرامج التلفزيونية التي تظهر فيها نساء جميلات .
2- ممنوع النظر إلى النساء في الحانات أو التحدث معهن .
3- ممنوع مشاهدة برامج تتضمن مشاهد مثيرة .
4- ممنوع العمل في منزل صاحبته عانس أو أرملة .
5- ممنوع السكن في منزل تكثر حوله النساء الجميلات .
6- ممنوع تلقي أي اتصال هاتفي من امرأة مهما كان السبب .
7- ممنوع الخروج من المنزل إلا للذهاب إلى العمل ، وممنوع مغادرة العمل إلا للعودة إلى المنزل .
8- ممنوع التحديق في وجوه النساء في الأماكن العامة ، ووجوب طأطأة الرأس في مثل هذه الحال .
9- ممنوع بتاتاً النظر إلى الملصقات الإعلانية المثيرة .
10- ممنوع الخروج من المنزل إذا كانت الجارات تسبحن في برك السباحة الموجودة إلى جانب منازلهن .
وبعد انتهاء الزوج من تلاوة وصايا زوجته العشر ، نظر إليه القاضي وسأله بغضب : ( كيف تمكنت أيها الإنسان من الانتظار طوال هذه المدة قبل أن تقصف عمرها ؟ ) .
ومن دون أن يفسح له فرصة لإعطاء الجواب صرخ ( براءة ) من أعماق قلبه .. ومشى وهو يقول : ( يحيا العدل ) .
والملاحظ هنا أن الدافع لهذه الوصايا ليس دينياً بل هو ناتج عن الغيرة المفرطة .
5- اجتناب النكد والعناد
إن النكد والعناد مسماران حادَّان يدقَّان في نعش السعادة الزوجية ، ويهرمان المرء ويشيِّبانه قبل أوانه ، وقد كان من دعاء النبي (ص) : ( أعوذ بك من امرأة تشيبني قبل مشيبي ) .
و في قصص الأنبياء عن أبي جعفر (ع) أنَّه قال : كان في بني إسرائيل رجل عاقل كثير المال ، وكان له ابن يشبهه في الشَّـمايل من زوجة عفيفــة ، وكان له ابنان من زوجة غير عفيفة ، فلمَّا حضرته الوفاة قال لهم : هذا مالي لواحد منكم .
فلمَّا توفي قال الكبير : أنا ذلك الواحد ، وقال الأوسط أنا ذلك ، وقال الأصغر أنا ذلك ، فاختصموا إلى قاضيهم ، قـال : ليس عنـدي في أمركم شيء انطلقوا إلى بني غنام الأخوة الثلاثة .
فانتهوا إلى واحد منهم فرأوه شيخاً كبيراً فقال لهم : ادخلوا على أخي فلان فهو أكبر منيِّ فاسألوه ، فدخلوا عليه فخرج شيخ كهل ، فقال : سلوا أخي الأكبر منِّي فدخلوا على الثالث فإذا هو في المنظر أصغر ، فسألوه أوَّلاً عن حالهم ثمَّ مبيناً لهم .
فقال : أمَّا أخي الذي رأيتموه أوَّلاً فهو الأصغر ، وله امرأة سوء وقد صبر عليها مخافة أن يبتلى ببلاء لا صبر له عليه فهرَّمته .
وأما أخي الثاني فإنَّ عنده زوجة تسوؤه وتسرُّه ، فهو متماسك الشَّباب ، وأمَّا أنا فزوجتي تسرُّني ولا تسوؤني ، ولم يلزمني منها مكروه قطُّ منذ صحبتني ، فشبابي معها متماسك ، وأمَّا حديثكم الذي هو حديث أبيكم فانطلقوا اوَّلاً وبعثروا قبره واستخرجوا عظامه وأحرقوها ثمَّ عودوا لأقضي بينكم .
فانصرفوا فأخذ الصبيُّ سيف أبيه وأخذ الأخَوَان المعاول ، فلمَّا همّا بذلك قال لهم الأصغر : لا تبعثروا قبر أبي ، وأنا أدع لكم حصَّتي ، فانصرفوا إلى القاضي ، فقال: يقنعكما هذا ائتوني بالمال ، فقال للأصغر : خذ المال فلو كانا ابنيه لدخلهما من الرِّقة ما دخلك .
6- تشجيع الزوج
كم من امرأة حطمت زوجها ، بسوء تصرفاتها ، وقتلت طموحه ، وزرعت في قلبه الوهن و الفشل ، وكم من امرأة صنعت من زوجها رجلاً تاريخياً ، حتى قيل : إن وراء كل رجل عظيم امرأة .
فهذا سيد العظماء محمد (ص) كان يواجه في بداية دعوته المآسي و المحن و الصعاب بقلب ثابت ، وعزم ثاقب ، وكانت من خلفه خديجة (رض) تمنحه الدعم والتشجيع ، فتقول : ( يا رسول الله ثابر على ما نهضت به ، فان الله ناصرك ، وخاذل أعداءك ) .
وبعد رحيلها عن دار الدنيا كان النبي (ص) يذكرها ويبكي ويقول : خديجة وأين مثل خديجة ، صدّقتني حين كذّبني الناس ، وآزرتني على دين الله وأعانتني بمالها ، إن الله عز وجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لا صخب فيها ونصب .
وصية أم لابنتها
لمَّا خطب عمرو بن حجر الكنديِّ إلى عوف بن محلم الشيباني ابنته أم إياس وأجابه إلى ذلك ، أقبلت عليها أمُّها ليلة دخوله بها توصيها ، فكان ممَّا أوصتها به أن قالت : أي بنيَّة إنَّك مفارقة بيتك الذي منه خرجتِ وعيشك الذي منه درجتِ إلى رجل لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه ، فكوني له أمة ليكون لك عبداً واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً :
فأمَّا الأولى والثانية : فالرِّضا بالقناعة وحسن السمع له والطاعة .
وأمَّا الثالثة والرابعة : فالتفقُّد لمواقع عينيه وأنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشمَّ أنفه منك إلاَّ أطيب الرِّيح .
وأمَّا الخامسة والسادسة : فالتفقُّد لوقت طعامه ومنامه ، فإنَّ شدَّة الجوع ملهبة، وتنغيص النَّوم مغضبة .
وأمَّا السابعة والثامنة : فالإحراز لماله ، والإرعاء على حشمه وعياله ، فالأولى من حسن التقدير والثانية من حسن التدبير .
وأمَّا التاسعة والعاشرة : فلا تعصي له أمراً ولا تفشي له سرّاً ، فإن خالفتِ أمره أوغرتِ صدره ، وإن أفشيتِ سرَّه لم تأمني غدره .
وإيَّاك الفرح بين يديه إذا كان مغتمّاً ، والكآبة لديه إذا كان فرحاً ، فإن الخصلة الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير .
وكوني أشد الناس له إعظاماً يكن أشدهم لك إكراماً ، واعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وهواه على هواك ، فيما أحببت وكرهت ، والله يخير لك .
فقبلت وصيَّة أمِّها ، فأنجبت وولدت له الحرث بن عمرو جدَّ امرئ القيس الملك الشاعر .
خير النساء وشر النساء
ورد عن رسول الله (ص) أنه قال : إن خير نسائكم الولود ، الودود ، العفيفة ، العزيزة في أهلها ، الذليلة مع بعلها ، المتبرجة مع زوجها ، الحصان على غيره ، التي تسمع قوله وتطيع أمره ، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ، ولم تبذل كتبذل الرجل .
ثم قال : ألا أخبركم بشرار نسائكم ؟ الذليلة في أهلها ، العزيزة مع بعلها ـ العقيم الحقود ، التي لا تورع من قبيح ، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها ، الحصان معه إذا حضر ، لا تسمع قوله ، ولا تطيع أمره ، وإذا خلا بها تمنعت منه ، كما تمنع الصعبة من ركوبها ، لا تقبل له عذراً ولا تغفر له ذنباً .
وعنه (ص) : ما استفاد امرؤ فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها ، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله .
نساء قادرات تتظاهرن بالعجز
يحكى أنه : نشب خلاف بين رجل وزوجته ، فخشيت المرأة أن يعمد زوجها إلى طلاقها ، فذهبت إلى حكيم مجرب ، وطلبت منه أن يكتب لها كتاباً أو يصنع لها حجاباً يعيد إليها محبة زوجها ، فطلب الحكيم منها أن تحضر له سبع شعرات من شارب الضبع ليصنع بها حجاباً لها ، فمضت المرأة ورجعت إليه بعد عشـرة أيام ومعها الشـعرات التي طلبـها ، فقال لها : وكيف حصلت عليها ؟
فقالت : حملت كمية من اللحم ، وتوجهت إلى خربة كنت أعلم أنه يعيش هنالك ضبع عتيق ، وعندما اقترب مني رميت له قطعة اللحم فالتهمها ، ولقد أعدت الكرة ستة أيام ، وفي اليوم السابع كان الضبع قد تعود عليَّ فاقتربت منه ، ورحت أناوله اللحم ، وأداعبه بالمسح فوق جبينه وتحت ذقنه حتى أسلم نفسه لنوم عميق على ركبتي ، فمددت يدي إلى شاربيه وقلعت شعراته .
فقال الرجل : ويحك إن كنت تستطيعين تنييم الضبع على ركبتيك ، فكيف تعجزين عن تنييم زوجك على مخدتك .
عقاب الزوجة السيئة
ينقل أن الحولاء ( وهي امرأة من أحسن أهل زمانها ) كانت قد أغضبت زوجها وحاولت أن تسترضيه فلم يرض ، فتوجهت إلى دار رسول الله ، وقصت عليه القصة ، فكان مما قال (ص) لها :
1- يا حولاء ما من امرأة ترفع عينها إلى زوجها بالغضب إلا كحلت برماد من نار جهنم .
2- يا حولاء ما من امرأة ترد على زوجها إلا علقت يوم القيامة بلسانها وسمرت بمسامير من نار .
3- يا حولاء ما من امرأة تخرج من بيتها بغير إذن زوجها تحضر عرساً إلا أنزل الله عليها أربعين لعنة عن يمينها وأربعين لعنة عن شمالها ، وترد اللعنة من قدامها فتغمرها .
4- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ، خليفة الله جل ذكره الرجل على المرأة ، فإن رضي عنها رضي الله عنها ، وإن سخط عليها ومقتها سخط الله عليها ومقتها وغضب عليها وملائكته .
5- يا حولاء لا تبدي زينتك لغير زوجك فإنه لا يحل لامرأة أن تظهر معصمها وقدمها لرجل غير بعلها ، وإذا فعلت ذلك لم تزل في لعنة الله وسخطه ، وغضب الله عليها ولعنتها ملائكة الله .
6- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً لقد بعثني ربي المقام المحمود ، فعرضني على جنته وناره ، فرأيت أكثر أهل النار النساء ، فقلت : حبيبي جبرائيل ولم ذلك ؟ فقال : بكفرهن . فقلت : يكفرن بالله عز وجل ؟ قال : لا ، ولكنهن يكفرن النعمة ، فقلت : وكيف ذلك ؟ فقال : لو أحسن إليها زوجها الدهر كله ، ثم يبدو منه إليها سيئة ، قالت : ما رأيت منه خيراً قط .
و قد ورد عن رسول (ص) أيضاً : من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر ... وعلى الرجل مثل ذلك الوزر إذا كـان مؤذياً ظالماً .
ثواب الزوجة الحسنة التبعل
عن رسول الله (ص) :
1- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً كل امرأة صبرت على زوجها في الشـدة والرخاء ، وكانت مطيعة له ولأمره ، حشـرها الله تعالى مع امرأة أيوب .
2- يا حولاء ما من امرأة تستخرج ماء طيب لزوجها ، إلا خلق الله لها في الجنة من كل لون ، فيقول لها : كلي واشربي بما أسلفت في الأيام الخالية .
3 - يا حولاء ما من امرأة تحمل من زوجها كلمة إلا كتب الله لها بكل كلمة ما كتب من الأجر للصائم المجاهد في سبيل الله عز وجل .
4- يا حولاء والذي بعثني بالحق نبياً ورسولاً ومبشراً ونذيراً ، ما من امرأة تحمل من زوجها ولداً إلا كانت في ظل الله عز وجل حتى يصيبها طلق ، يكون لها بكل طلقة عتق رقبة مؤمنة ، فإذا وضعت حملها وأخذت في رضاعه ، فلها بكل رضعة نور ساطع بين يديها يوم القيامة ، يعجب من رآها من الأولين والآخرين ، وكتبت صائمة قائمة ، وإن كانت مفطرة كتب لها صيام الدهر وقيامه ، فإذا فطمت ولدها قال الحق جل ذكره : يا أيتها المرأة قد غفرت لك ما تقدم من الذنوب ، فاستأنفي العمل .
وقد ورد عن رسول الله (ص) أيضاً : أيما امرأة خدمت زوجها سبعة أيام ، أغلق الله عليها سبعة أبواب النيران ، وفتح لها أبواب الجنان الثمان ، تدخل من أيها شاءت .
وعنه (ص) أيضاً : من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثل ثواب آسية بنت مزاحم.
وفي الحديث : ما من امرأة تسقي زوجها شربة من ماء إلا كان خيراً لها من عبادة سنة .