الوعود السخية
عدا المرجعيات المختلفة والكثيرة التي ظهرت كالفقاقيع من خلال الومضات الانتخابية على التلفزيون والإذاعات، من انتساب إلى البورقيبية أو التوجهات الإسلامية أو الليبيرالية المقترنة دوما بنفحة من التصورات الاجتماعية، استوقفتنا مرجعية أخرى عديدة مناسبات ورودها في خطاب انتخابي مسطح بل أعمق غالبا، ومخطئ في المناسبة التي يتحدث عنها وهي انتخابات تأسيسية وليست انتخابات تشريعية أو حتى رئاسية، هذه المرجعية هي المرجعية اليوسفية التي تطل برأسها بعد 50 سنة من اغتيال الرجل في فرانكفورت على خلفية العداوة التي قامت بينه وبين بورقيبة. وبأوامر من الرئيس الأسبق ، وهو ما يعد خطأ سياسيا ثقيلا من جانبه خاصة لما رافقه من اعتراف بتلك الجريمة وما بدا أنه تفاخر بها.
وعموما فإن القوميين من بعثيين وناصريين وغيرهم يتخذون من هذه المرجعية اليوسفية قاعدة للمنطلق السياسي الذي يعتمدونه، محاولين عبرها نيل تعاطف وتأييد الجماهير، ولا يعني صالح بن يوسف بالنسبة إلى الكثير منهم بحكم السن شيئا ذا بال سوى أنهج أطلق اسمه عليها بعد 7 نوفمبر 1987.
وما من شك في أن صالح بن يوسف يمثل رمزا من رموز هذه البلاد كان له قسط كبير في الكفاح الوطني، وهو الذي هيكل الحركة الوطنية في النصف الثاني من الأربعينيات، أثناء منفى بورقيبة في مصر ، وهو الذي كان وراء قيام ما سمي آنذاك بالمنظمات القومية التي كانت رافدا مهما للكفاح الوطني .
غير أن ذلك عموما لا يمكن أن يكون اليوم قطبا جاذبا في الغالب.
على أن ما ينبغي التوقف عنده عدا هذه الناحية هو ذلك السخاء في الوعود الانتخابية ، مما يعتبر ديماغوجيا، فإضافة إلى أن هذه الانتخابات المنتظرة لا تشكل الوقت ولا المكان المناسب لتلك الوعود، فإنها من الناحية العملية مستحيلة.
وكما قال لنا أحد المرشحين من رؤساء القائمات ممن تجنب إطلاق أي وعود كانت، فإن تمويل هذه الوعود بسخائها المفرط يحتاج إلى ميزانية في حجم ميزانية دولة مثل فرنسا للوفاء بها.
أما الميزانية التونسية وهي بحجم 20 مليار دينار ، فإنها أعجز حتى عن الوفاء بالتزاماتها المقررة، بل إن الكثير مما تقرر خلال الأشهر الأخيرة من زيادات في الأجور أو مجازاة البعض ممن قاموا بالثورة ، في زمن تدهورت فيه الموارد بسبب انكماش النشاط الاقتصادي، يدفع إلى التساؤل عن كيفية الاستجابة الفعلية لكل تلك القرارات.
وهنا لا بد من أحد أمرين، فإما زيادة الموارد، وهي غير مطاطة ولا مرنة ، وباعتماد الواقع لا يمكن إلا أن تأتي عن طريق رفع محاصيل الضرائب وذلك مستحيل دون أن يكون له أثر سيء على النشاط الاقتصادي ، وإما باستخدام السحب الفوضوي للأوراق النقدية ، ما يؤدي سريعا إلى اشتعال الأسعار لتصبح فوق طاقة المستهلك وبشكل من شأنه أن يغضب الناس.
لقد قيل مرارا وتكرارا أن الإقتصاد لا يمكن أن يعيش مع الوعود المتصنعة والوهمية، وتلك حقيقة لا مراء فيها، ومن هنا فإن الوعود الإنتخابية التي لا يقدر أحد على الوفاء بها، قد تستهوي بعض الناس ، غير أن المدرك، ونحن أول من يعتقد أن الشعب التونسي على درجة كبيرة من الوعي، لا يمكن أن ينجر وراءها، لأنه يعرف أنها لا تمت للواقع بصلة، وأن أصحابها إن وصلوا إلى سدة السلطة لا يقدرون عليها ولا حتى على نصفها أو ربعها، لما يمكن أن تشكله من عبء كبير غير واقعي.
ولو ذهبنا هذا المذهب لجرى لنا ما جرى لعدة بلدان عرفت نسب تضخم عالية جدا بلغت المئات في المائة وأصبحت تشهد ارتفاعا في ثمن الرغيف صباحا وعند القيلولة وفي المساء، ووصل سعر ذلك الرغيف إلى عشرات الآلاف بأي عملة كانت.
إذن فرفقا بالشعب بالامتناع عن وعده بما نعتقد أن الواعدين أنفسهم يعرفون استحالة الإيفاء به.
وعموما فإن القوميين من بعثيين وناصريين وغيرهم يتخذون من هذه المرجعية اليوسفية قاعدة للمنطلق السياسي الذي يعتمدونه، محاولين عبرها نيل تعاطف وتأييد الجماهير، ولا يعني صالح بن يوسف بالنسبة إلى الكثير منهم بحكم السن شيئا ذا بال سوى أنهج أطلق اسمه عليها بعد 7 نوفمبر 1987.
وما من شك في أن صالح بن يوسف يمثل رمزا من رموز هذه البلاد كان له قسط كبير في الكفاح الوطني، وهو الذي هيكل الحركة الوطنية في النصف الثاني من الأربعينيات، أثناء منفى بورقيبة في مصر ، وهو الذي كان وراء قيام ما سمي آنذاك بالمنظمات القومية التي كانت رافدا مهما للكفاح الوطني .
غير أن ذلك عموما لا يمكن أن يكون اليوم قطبا جاذبا في الغالب.
على أن ما ينبغي التوقف عنده عدا هذه الناحية هو ذلك السخاء في الوعود الانتخابية ، مما يعتبر ديماغوجيا، فإضافة إلى أن هذه الانتخابات المنتظرة لا تشكل الوقت ولا المكان المناسب لتلك الوعود، فإنها من الناحية العملية مستحيلة.
وكما قال لنا أحد المرشحين من رؤساء القائمات ممن تجنب إطلاق أي وعود كانت، فإن تمويل هذه الوعود بسخائها المفرط يحتاج إلى ميزانية في حجم ميزانية دولة مثل فرنسا للوفاء بها.
أما الميزانية التونسية وهي بحجم 20 مليار دينار ، فإنها أعجز حتى عن الوفاء بالتزاماتها المقررة، بل إن الكثير مما تقرر خلال الأشهر الأخيرة من زيادات في الأجور أو مجازاة البعض ممن قاموا بالثورة ، في زمن تدهورت فيه الموارد بسبب انكماش النشاط الاقتصادي، يدفع إلى التساؤل عن كيفية الاستجابة الفعلية لكل تلك القرارات.
وهنا لا بد من أحد أمرين، فإما زيادة الموارد، وهي غير مطاطة ولا مرنة ، وباعتماد الواقع لا يمكن إلا أن تأتي عن طريق رفع محاصيل الضرائب وذلك مستحيل دون أن يكون له أثر سيء على النشاط الاقتصادي ، وإما باستخدام السحب الفوضوي للأوراق النقدية ، ما يؤدي سريعا إلى اشتعال الأسعار لتصبح فوق طاقة المستهلك وبشكل من شأنه أن يغضب الناس.
لقد قيل مرارا وتكرارا أن الإقتصاد لا يمكن أن يعيش مع الوعود المتصنعة والوهمية، وتلك حقيقة لا مراء فيها، ومن هنا فإن الوعود الإنتخابية التي لا يقدر أحد على الوفاء بها، قد تستهوي بعض الناس ، غير أن المدرك، ونحن أول من يعتقد أن الشعب التونسي على درجة كبيرة من الوعي، لا يمكن أن ينجر وراءها، لأنه يعرف أنها لا تمت للواقع بصلة، وأن أصحابها إن وصلوا إلى سدة السلطة لا يقدرون عليها ولا حتى على نصفها أو ربعها، لما يمكن أن تشكله من عبء كبير غير واقعي.
ولو ذهبنا هذا المذهب لجرى لنا ما جرى لعدة بلدان عرفت نسب تضخم عالية جدا بلغت المئات في المائة وأصبحت تشهد ارتفاعا في ثمن الرغيف صباحا وعند القيلولة وفي المساء، ووصل سعر ذلك الرغيف إلى عشرات الآلاف بأي عملة كانت.
إذن فرفقا بالشعب بالامتناع عن وعده بما نعتقد أن الواعدين أنفسهم يعرفون استحالة الإيفاء به.